محاولة يائسة لتقليد «داي هارد»

«سكايسكريبر»... نجومية دوين جونسون تنقذ ناطحة السحاب

صورة

من «جومانجي» في نوفمبر الماضي، إلى «رامبيج» في أبريل، واليوم Skyscraper «ناطحة سحاب»، الفيلم الثالث للنجم الأميركي، دوين جونسون، الملقب بـ«ذا روك»، في ثمانية أشهر، وهذا لا يدل على نشاط الرجل بقدر ما يدل على أن أفلامه سهلة الإنجاز، على الأقل من ناحية الانتهاء من لقطاته.

في الطائرة .. وبدون سماعات !

«سكايسكريبر» يريدنا أن نأخذه بجدية وهو لا يقدم سوى الهراء، حتى لو وظفنا آلية اللاتصديق في عقولنا فلن تعمل. في الحقيقة «سكايسكريبر» لا يستحق أن تشاهده في السينما، بل في المنزل، خصوصاً وأنت مشغول بشيء آخر، أو في الطائرة ودون سماعات!


ليس فيلماً غبياً كما يبدو من الفيديو الترويجي، لكن عليك كمشاهد  أن تُعطّل عقلك بشكل كامل لأنه لن يحترم ذكاءك.

«سكايسكريبر»، الغارق في كليشيهات بالية، ليس فيلماً غبياً كما يبدو من الفيديو الترويجي، لكن عليك كمشاهد أن تعطل عقلك بشكل كامل لأنه لن يحترم ذكاءك.

ويل سوير (جونسون) - النجم الوحيد الذي قدمته هوليوود في القرن 21، من ناحية جذب الجماهير إلى شباك التذاكر - جندي سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالية، يتعرض لحادث يفقد فيه قدمه، وأثناء علاجه يقع في حب طبيبته سارة (نيف كامبل)، ثم يتحول إلى مستشار أمني.

في هونغ كونغ يطلب الملياردير الصيني زاو (السنغافوري تشين هان)، من سوير تقييم النظام الأمني في برجه المسمى «اللؤلؤة»، قبل افتتاحه، وهو أطول برج في العالم حسب الفيلم، وأطول بثلاث مرات من الـ«إمباير ستيت» في نيويورك. يستمر زاو في شرح مزايا البرج العجيبة، التي تجعله حسب وصفه أعجوبة العالم الثامنة. وفي فيلم ليس غبياً لكنه لا يحترم ذكاء المشاهد، فذلك لا يعني سوى أن زاو عليه الخروج من برجه لاستكشاف العالم أكثر! يعطي زاو سوير وعائلته سكناً داخل البرج، ثم يحدث شيء لن نكشفه لأننا أذكى من الفيلم، ويجد سوير نفسه خارج البرج مطارداً من الشرطة، بينما تسيطر عصابة من مرتزقة أوروبيين - للأسف ليس بينهم هانز غروبر أو شقيقه سايمون - على نظام البرج، وتدخله وتشعل النار في الطابق 95، بينما يختبئ زاو في الطابق 220 وتبقى عائلة سوير في شقتها بانتظار قدومه لإنقاذهم.

ماذا تريد عصابة الفيلم بزعامة كوريس بوثا (الدنماركي رولاند مولر)؟ وحدة تخزين معلومات بحوزة زاو. ماذا تحوي الوحدة؟ أنت أذكى من أن تعرف. من المستحيل أن تشاهد فيلم Skyscraper «ناطحة سحاب» ولا تتذكر فيلم Die Hard الشهير عام 1988 - تصادف هذا الشهر الذكرى السنوية الـ30 لطرحه - الذي غيّر قواعد اللعبة في سينما الأكشن. لا تصح المقارنة أصلاً بين تلك الكلاسيكية التي حولت بروس ويليس من ممثل كوميدي إلى نجم أفلام أكشن، وبين فيلم لا يحترم عقل مشاهديه. «سكايسكريبر» ليس ذكياً، ولا منظماً، ولا يحقق أي ترابط عاطفي مع المشاهد كما يفعل «داي هارد». «سكايسكريبر» فيلم من أجل الإبهار البصري فقط، وحتى هذه لم يكن موفقاً فيها بالدرجة التي نتخيلها.

كاتب ومخرج الفيلم روسون مارشال ثوربر (أخرج سنترال إنتلجنس منذ عامين مع جونسون ونحن ميلرز عام 2013)، ترك الكوميديا في الفيلمين السابقين وانتقل إلى هذا الأكشن، وهي تجربة لا بأس بها، وإن كانت غير ناضجة في سياق الصنف. سينما الأكشن اليوم ليست بحاجة إلى فيلم تقليدي، لولا وجود نجم بحجم جونسون لما وجد موزعاً سينمائياً، وهو في أفضل أحواله يصنف ضمن أفلام الدرجة الثانية التي كنا نشاهدها العقد الماضي وفي التسعينات. سينما الأكشن بحاجة إلى تجديد أو إضافة تثريها وترتقي بها، بحاجة إلى مخرج مؤلف أو موهوب يصنع لها قوالب جديدة ويرفع سقف المنافسة فيها، وأبرز مثال لدينا في آخر أربع سنوات، هو أفلام جون ويك الشهيرة: 2014 و2017 والجزء الثالث العام المقبل.

ثوربر غير متمكن من أدواته بالشكل الصحيح، وصنع الفيلم من أجل توظيف المؤثرات الخاصة، لذا جاءت القصة ضعيفة، والحوارات مبتذلة، ومعظم لقطات الفيلم مستنسخة من «داي هارد».

يحوي الفيلم لقطة يمشي فيها جونسون على حواف البرج الخارجية من الطابق 98 باستخدام شريط لاصق، أي مستخدماً الشريط ليبقى ملتصقاً بالبرج ولا يقع (على طريقة سبايدر مان)! نعم، مجرد شريط لاصق يُبقي جونسون العملاق مفتول العضلات ملتصقاً بالبرج كأنه فراشة! بالمناسبة اللقطة مملة جداً، ويتصادف أن المصور، هو روبرت إلسويت الذي صور «مهمة مستحيلة: بروتوكول الشبح»، وفيه نرى لقطة شبيهة لكن رائعة لتوم كروز يجري رأسياً على برج خليفة، متعلقاً بحبل في مشهد حقيقي بالكامل، لأن كروز يعشق مشاهد المجازفة.

أجمل لقطة في «سكايسكريبر» المواجهة بين المرايا الرقمية، وهي الوحيدة التي تكاد تخرج الفيلم من صنفه وتدخله إلى خانة الخيال العلمي. اللقطة مستلهمة من مشهد أيقوني أروع منها في فيلم The Lady From Shanghai لأورسون ويلز عام 1947، وأيضاً هناك لقطة شبيهة في «جون ويك 2» عام 2017.

في فيلم «سنترال إنتلجنس» شاهدنا لقطة يتقاتل فيها جونسون المتسلح بموزة ضد عميل الاستخبارات المتسلح بسكين جزار، وقلنا في قراءتنا: «الفيلم يعرّف نفسه في هذا المشهد فيقول ليس ضرورياً أن تأخذوني على محمل الجد، لكن استمتعوا بوقتكم بمشاهدة رجل يهزم الآخر بقطعة موز!».

الفرق أن «سكايسكريبر» يريدنا أن نأخذه بجدية وهو لا يقدم سوى الهراء، حتى لو وظفنا آلية اللاتصديق في عقولنا فلن تعمل، لأن «سكايسكريبر» بحاجة إلى تعطيل العقل بأكمله. في الحقيقة «سكايسكريبر» لا يستحق أن تشاهده في السينما، بل في المنزل، خصوصاً وأنت مشغول بشيء آخر، أو في الطائرة ودون سماعات!

ملاحظة أخيرة تتعلق بالفقرة الأولى، رأينا ثلاثة أفلام لجونسون من نوعية بلوكباستر في ثمانية أشهر، كلها توظف المؤثرات الخاصة في أكثر من 90% من لقطاتها، وهذا ما يفسر طرحها متقاربة، لأن بمجرد انتهاء جونسون من تصوير مشاهده ينصرف للفيلم التالي، بينما يتسلم الفيلم فريق المؤثرات الخاصة.

بكلمات أخرى، جونسون صوّر ثلاثة أفلام في الاستوديو أمام الخلفية الخضراء، من دون أدنى فكرة عن شكل المشهد في المنتج النهائي (نقترح عليه وضع الفيديو الترويجي لحملته الانتخابية في الخلفية المرة القبلة)! من حسنات جونسون أنه يحول أي فيلم هراء إلى قابل للمشاهدة بسبب نجوميته، لكن ربما حان الوقت ليترك أفلام المراهقين والعمل في فيلم أكشن حقيقي، مع مخرج متمكن من أدواته مثل جون مكتيرنان أو بول غرينغراس أو تشاد ستاهلسكي.

 

تويتر