«الفيلم» يوظّف المؤثرات الخاصة في 90% من اللقطات

«ريدي بلاير وان» يعيد ستيفن سبيلبيرغ إلى سينما الخيال العلمي

صورة

ستيفن سبيلبيرغ، صانع الأفلام الأميركي الأسطورة الفريد من نوعه، نعم هو غني عن التعريف بالمعنى التقليدي، فأمامنا الرجل الوحيد في هوليوود والعالم، الذي يستطيع صنع فيلم وهو مشغول بآخر.

إنه الرجل الوحيد الذي يستطيع صنع فيلمين في الوقت نفسه، يصور أحدهما ويسلمه إلى فريق المؤثرات الخاصة، ثم ينتقل لتصوير الآخر وينجزه ببراعة في فترة قياسية، ويسلمه ليس للموزع فقط، وإنما للمنافسة على أوسكار أفضل فيلم، بالإضافة إلى جوائز أخرى، نتحدث عن Ready Player One وفيلم «ذا بوست».

هو سبيلبيرغ حائز «الأوسكار» ثلاث مرات، الذي يصنع أفلاماً في كل التصنيفات.. سمِّ ما شئت، تجده في الخيال العلمي والدراما والتاريخ والسياسة والجاسوسية والأنيمشن، ينتقل بينها بسلاسة شديدة كأنها مجرد تمارين وليست تحديات، وليست له أفلام سيئة إنما تراوح بين جيدة وتحفة. حتى عندما يخونه النص أحياناً، فإن براعة الرجل هي التي تنقذ الفيلم. هذا هو سبيلبيرغ، مخترع سينما البلوكباستر، رقم واحد بلا منازع في هوليوود والعالم، منذ السبعينات إلى اليوم.

في مستقبل قاتم

رد مباشر على «نتفليكس»

صرح سبيلبيرغ، الأسبوع الماضي، بأن «(ريدي بلاير وان) صنع فقط للعرض على الشاشة الكبيرة، في عصر أفلام الإنترنت». وهو رد مباشر على خدمة «نتفليكس» لعرض الأفلام عبر الإنترنت، التي شرعت في إنتاج أفلام خاصة بها، تعرض في صالات سينما محدودة، من أجل استيفاء شروط التأهل لجوائز الأوسكار.


لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.



• 13 عاماً، فترة غياب سبيلبيرغ عن هذه النوعية من الأفلام.

• بالفيلم إشارات لأفلام وشخصيات من السبعينات والثمانينات والتسعينات، وهو بذلك موجّه إلى عشاق ألعاب الكمبيوتر.

سبيلبيرغ يعود في «ريدي بلاير وان» إلى سينما الخيال العلمي، بعد غياب 13 عاماً، إذ كان آخر فيلم له كمخرج في هذا التصنيف «حرب العوالم» مع توم كروز عام 2005.

«ريدي بلاير وان»، المقتبس من رواية لإرنست كلاين، يضع أحداثه في مستقبل قاتم (مثل كل أفلام الخيال العلمي، ولم نشاهد مستقبلاً من نوع آخر في السينما)، تحديداً في ولاية أوهايو عام 2045، إذ تعيش الناس في عشوائيات متراكمة بعضها فوق بعض، بسبب تكدس العالم بالسكان والفقر والفساد والتغير المناخي.

للتخلص من الحياة الكئيبة، تلجأ الناس إلى أجهزة الواقع الافتراضي، إذ تضع تلك النظارات التي تغطي نصف الوجه، وتدخل عالماً آخر يختار كل فرد فيه جنسه وشكله وما يريد فعله، بالضبط كما ألعاب الكمبيوتر. هذا العالم الخيالي يسمى «أويسز»، وصنعه خبير البرمجة جيمس هاليداي (مارك رايلانس)، وأوغدين مورو (سايمون بيغ).

بعد موت هاليداي، يترك تسجيلاً يقول فيه: «لو شاهدت هذا الفيديو، فأنا ميت»! (كليشيه رسائل الموت في السينما)، ويضع ألغازاً لو حلها المشارك في «أويسز»، يحق له امتلاك هذا العالم الافتراضي.

بطل الفيلم ويد واتس (تاي شيريدان) يدخل إلى العالم، كغيره من الباحثين عن مفتاح تملك العالم اللعبة، يشكل واتس فريقاً مع فتاة يقع في حبها تدعى سامانثا (أوليفيا كوك)، وينطلقان في رحلة حل الألغاز، وما يحدث داخل العالم الخيالي له عواقب في العالم الحقيقي.

نولان سورينتو (بين مينديلسون) رئيس مؤسسة «آي أو آي»، يريد السيطرة على «أويسز» ليستغلها تجارياً. يطلق سورينتو أتباعه للوصول إلى الهدف قبل واتس وفريقه، وفي الوقت نفسه يحاول إيذاء واتس في العالم الحقيقي.

منطق الألعاب

الفيلم جيد جداً وسريع الأحداث، ويعمل بمنطق ألعاب الكمبيوتر، ويوظف المؤثرات الخاصة في أكثر من 90% من اللقطات.

في الحقيقة سبيلبيرغ وظّف المؤثرات الخاصة لتعرض على الشاشة الكبيرة فقط، وليس على التلفاز أو الأصغر منه شاشة جهاز لوحي. هذه الطريقة طبقها كريستوفر نولان في فيلم «دنكيرك»، والمقصود أنه لو كانت هناك عيوب في النص، فستغطيها فنيات الفيلم المخصصة للعرض على شاشة سينما فقط ومع مؤثرات سمعية خاصة، وأيضاً لصنع ظروف مساعدة في اندماج المشاهد مع الفيلم.

يحوي الفيلم إشارات لأفلام وشخصيات شهيرة من عقود مختلفة، أبرزها السبعينات والثمانينات والتسعينات، وهو بذلك موجّه لعشاق ألعاب الكمبيوتر وأيضاً أولئك الذين كبروا مع نشوء وانتشار الثقافة الشعبية الحديثة في السينما.

الفيلم أساساً عن بشر يلعبون لعبة، أي أن منطقه منطق ألعاب، وهنا نستطيع توظيف آلية اللاتصديق في العقل لنتمكن من مشاهدته. عكس الكلام الذي قيل بخصوص فيلم «تومب ريدر»، المقتبس من لعبة عن أن «إعمال العقل في هذه النوعية من الأفلام غير مطلوب، وما على المشاهد إلا التخلي عن المنطق والتحليل والاستسلام للعبة».

ونرد على هذا الكلام بأن «ريدي بلاير وان» عن بشر يلعبون لعبة، ويخضعون لمنطقها؛ حتى إنهم عندما يموتون يمنحون حياة جديدة داخل اللعبة، والمنطق نفسه نجده في فيلم «جومانجي»، لكن «تومب ريدر» هو اقتباس من لعبة وليس لعبة، أي أنه خرج من منطق اللعبة إلى الواقعية، ويخاطب المشاهد بلغة الواقع ومنطقه، وبما أنه كذلك فصعب جداً النظر إليه وقراءته بتوظيف آلية اللاتصديق، وعليه فإنه خاضع للمنطق والتحليل، حتى لو كان الغرض منه ترفيهاً بحتاً.

بين عالمين

العلاقة الرومانسية بين ويد وسامانثا مدعومة بشكل جميل بالانسجام التام بين شيريدان وكوك، وصحبتهما غطت على كثير من نواقص الشخصيتين في الفيلم. الشخصيتان المجسدتان للبطل والبطلة داخل (أويسز)، وهما (بارزيفال وأرتيميس)، مكتوبتان بصورة أفضل من شخصياتهما الآدمية.

جزء من الخلل المتعلق بدوافع الشخصيات مرتبط بالعمود الفقري للفيلم، إذ إننا نرى عالمين متوازيين: الأول حقيقي، والثاني وهمي أو افتراضي (أويسز)، ما يحدث في الأول له عواقب وخيمة ووقع أثقل مما يحدث في الثاني؛ وبالتالي نحن نهتم بطبيعتنا كبشر أكثر لما يحدث في العالم الأول الحقيقي.

الشخصيات تمضي جل الفيلم في العالم الافتراضي، وعندما تموت فإنها تخرج من اللعبة أو تمنح حياة جديدة داخلها، ولو انتهى (أويسز) فلن يحدث شيء سوى العودة إلى كآبة الحياة خارجه، ولن يتأثر مصير البشر. لهذا، دوافع الشخصيات منذ بداية الفيلم ليست قوية، ومع ذلك فإن الفيلم جيد جداً، وترفيهي لأبعد الحدود.

والفيلم يوجه انتقادات بشكل لافت لأخلاقيات الأفراد المتعلقة بالتقنية المتمثلة في اختراعه التقني «أويسز» الذي صنع مجتمعاً افتراضياً على حساب المجتمع الحقيقي.

عانى سبيلبيرغ إخفاق كل أفلام المغامرات، التي صنعها بعد «إنديانا جونز 4» عام 2008، ما دفع البعض للتساؤل إن كان الرجل فقد قدرته على صنع أفلام الترفيه العائلي، خصوصاً بعد الإخفاق المالي لـ«مغامرات تين تين» عام 2011، وكذلك The BFG منذ عامين. وهو هنا يستثمر رأسمال إبداعياً ضخماً في مؤثرات خاصة، ستبهر حتماً من يبحثون عن هذه النوعية من الأفلام.

تويتر