نبرتا العمل لا تنسجمان وتتصادمان في المشهد الأخير

«ثور: راغناروك».. الفيلم الأقل إبداعاً في «عالم مارفل السينمائي»

صورة

ما كان جديداً بداية هذا العقد أصبح مستهلكاً اليوم، المقصود هو «عالم مارفل السينمائي» Marvel Cinematic Universe الذي انطلق بقوة من فيلم «ذا آفنجرز» عام 2012، وجمع عدداً ضخماً من الأبطال الخارقين (سوبر هيروز)، أصبح اليوم مكرراً ومتهالكاً ولا طعم له.

 

• الفيلم دليل على إفلاس أفلام القصص المصوّرة عندما تلتزم بحدود منطقة الأمان.

• المؤثرات الخاصة لا تحمل جديداً أو إبهاراً.. بل تبعث على التثاؤب والنوم.

أفلام تسخر من نفسها

منذ 20 عاماً شاهدنا أفلاماً هزلية من بطولة الراحل ليزلي نيلسون، تسخر من أفلام أخذت نفسها بجدية شديدة، أما اليوم فأفلام مارفل تسخر من نفسها، وهذه إشارة واضحة إلى أن «راغناروك» أو الدمار سيصيب عالم مارفل السينمائي أو ظاهرة أفلام الأبطال الخارقين، لو لم تتدارك الأمر وتقدم فيلماً يحترم عقول الناس ويستحق وقتهم، بدل هذه المهزلة.

إلى حد كبير، هذه نهاية محتومة لأي سلسلة سينمائية استمرت ما قارب عقداً من الزمن، وأعطت كل ما عندها، واليوم وصلت مرحلة السخرية من نفسها؛ رغم الجدية الموجودة في القصة. وهذا ما حدث عندما وصلت أفلام القاتل المتسلسل إلى نهايتها في آخر الثمانينات، فأخذت تسخر من نفسها، واستمر الوضع كذلك حتى في التسعينات.

فيلم Thor: Ragnarok، أو «الدمار»، الفيلم الثالث في سلسلة أفلام «ثور»، بشكل إنسان وهو من عالم آخر، والخامس لو احتسبنا أفلام «آفنجرز» التي ظهر «ثور» في بعض لقطاتها. يبدأ الفيلم باكتشاف ثور (كريس هيمسورث) أن أخاه لوكي (توم هدلستون) لم يمت! ومن يجرؤ على الموت في هذا العالم، حيث إن الموت مجرد اختفاء مؤقت للشخصية! فلو ماتت لاضطر المنتجون إلى إيجاد وظائف أخرى!

والد ثور ولوكي، أودين (أنثوني هوبكنز) متقاعد في نيويورك، بينما لوكي (مخلوق يتحوّل إلى أي شكل يشاء) متخف في شخصية والده ومستمتع بالحكم. يتفق ثور ولوكي على الذهاب إلى كوكب الأرض للعثور على والدهما بمساعدة دكتور سترينج (بينيديكت كمبرباتش).

أودين يخبر الأخوين أن لديهما أختاً كبرى لم يعلما عنها من قبل (على وتر الأفلام الهندية في الثمانينات) يجري إطلاق سراحها، وقبل أن يستوعبا - ونحن معهما - ما قاله، تخرج هيلا (كيت بلانشيت - في أحد أسهل وأتفه أدوارها)، وتحطم مطرقة ثور، وتنفيه مع لوكي إلى عوالم أخرى. وتتفرغ لتدمير عالمها آزغارد.

يعلق ثور في عالم ساكار وهو ملوث بالقمامة وتصطاده مرتزقة (تيسا تومبسون) وتبيعه إلى زعيم عالم القمامة (جيف غولد بلام - في أحد أسهل وأتفه أدواره). زعيم القمامة يحب تنظيم مباريات مصارعة في حلبة على شاكلة مصارعة عهد الإمبراطورية الرومانية، ويقرر دفع ثور إلى مبارزة بطله «هلك»، أو الرجل الأخضر (مارك روفالو) صاحب ثور في أفلام آفنجرز، طبعاً كل شيء سهل التخمين لأي شخص شاهد أفلام عالم مارفل السينمائي أو حتى لم يشاهدها، ثور سيتحالف مع الرجل الأخضر للهروب من كوكب القمامة، وسيقنعان المرتزقة بتوصيلهما بمركبتها إلى آزغارد للتصدي لهيلا، وطبعاً لوكي موجود ليتحالف مع هذا الجانب أو ذاك.

دعم الشخصية

«راغناروك» الفيلم الأقل إبداعاً منذ انطلاق «عالم مارفل السينمائي»، الذي يعكس عدم استعداد مارفل لتقديم جديد أو جريء، أو على الأقل شيء يرسخ في الذاكرة بعد الخروج من الصالة. من الواضح أن مارفل لا تثق بشخصية ثور في فيلم مستقل، خصوصاً أن الفيلمين السابقين عامي 2011 و2013 لم يحققا النجاح المطلوب (بمعايير مارفل يجب أن يكسر حاجز المليار دولار). لذا لجأت مارفل إلى دعم ثور بشخصية الرجل الأخضر لجذب عشاق الشخصيتين معاً. الفيلم دليل على إفلاس أفلام القصص المصورة عندما تلتزم بحدود منطقة الأمان، فالمفاجآت مقتصرة على ظهور ممثلين مشهورين في مشاهد قصيرة جداً، والفيلم معتمد على الكوميديا والأكشن بشكل أساسي، بالضبط كما كان فيلم Guardians of the Galaxy «حراس المجرة».

لا يمكن تصنيف الفيلم كمنفرد، أي عن شخصية واحدة، ولا يمكن تصنيفه ضمن أفلام التمازج التي تزج كل الشخصيات في قصة واحدة، هنا الخلطة مختلفة لكنها مشتتة؛ إذ تبدأ الأحداث بالربط بأفلام «آفنجرز» عندما ذهب ثور للبحث عن الصخور الأبدية، بعد ذلك ذهب الفيلم في اتجاه غريب عندما انقسم إلى سيناريوهين متوازيين.

الأول: قصة استيلاء هيلا على آزغارد والثورة ضدها، وقمعها تلك الثورة وتدمير ذلك العالم، وهي قصة حربية بامتياز لو أعطيت جدية لكان هذا فيلماً أفضل بكثير من هذه المهزلة. الثاني: قصة مباراة مصارعة على كوكب ساكار بطلها ثور في مزاج تهريجي كوميدي والرجل الأخضر ببلاهته التي ستضحك المراهقين حتماً، وكل من لم يشاهد كثيراً من الكوميديا في حياته.

نبرتا الفيلم لا تنسجمان معاً مطلقاً، والأسوأ أن النبرتين تلتقيان أو تتصادمان في المشهد الأخير الذي يمكن أن نصفه بسعيد وحزين في الوقت نفسه! أو فلنقل إعلان شخصية خبراً سعيداً، وفي الخلفية وطنها يدمر! لم نفسد شيئاً، دمار كوكب ثور في عنوان الفيلم نفسه.

الكوميديا نسبية، فما يجده شخص مضحكاً، قد يكون عند آخر سخيفاً، والأكشن لا يحمل جديداً، فكل الأمر أن مخرج الفيلم النيوزيلندي تيكا ويتيتي صوّر لقطاته في بضعة أشهر، ثم أمضى عاماً كاملاً في الإشراف على المؤثرات الخاصة، التي لا تحمل جديداً أو إبهاراً كذلك وهي تبعث على التثاؤب والنوم، لأنك تعرف ما سيحدث أو غير مهتم بما يجري، كما هي الحال مع أفلام «ترانزفورمرز».

لماذا نهتم؟

كي نهتم بأي معركة يجب أن تكون لها روح وخطر محدق وعواقب وخيمة، لكن ما نشاهده في مشهد المعركة هو بطل ينكت، ورجل أخضر أبله، بينما عالم ثور يتعرض للدمار، كل الشخصيات المعنية في مزاج فكاهي رغم وجود هيلا الشريرة أمامهم، نعلم أن الفيلم لا يأخذ نفسه بجدية، لذلك السؤال هو لماذا نهتم؟

لماذا نهتم عندما يهجم الرجل الأخضر على كلب ضخم أو ذئب ونحن نعلم من المزاج العام للمشهد أن الهجمة ستنتهي بطريقة كوميدية؟ لماذا نهتم عندما نعلم أن كل شيء سينتهي كما هو متوقع، عندما نعلم ألا أحد سيتألم أو سيخسر أو سيموت؟ لماذا نهتم بأي شخصية عندما لا نجد أنفسنا فيها؟ ولماذا نهتم بوحش ومخلوقات زومبي شاهدنا أمثالها كثيراً في أفلام سابقة؟ ما أهمية الفيلم عندما لا يأتينا بجديد؟

تويتر