يعتمد على عامل الخوف من المجهول

«بلير ويتش»..العثور على اللقطات المفقودة وضياع القصة

صورة

على الرغم من أن فيلم كانيبال هولوكوست عام 1980، للإيطالي روجيرو ديوداتو، كان أول فيلم رعب من صنف Found Footage أو «لقطات تم العثور عليها» حسب مؤرخي السينما، إلا أن فيلم «ذا بلير ويتش بروجيكت» عام 1999، هو الذي أطلق هذا الاتجاه الفرعي في سينما الرعب، بالصورة المتعارف عليها حالياً بين الناس.

16

يكمل المخرج آدم وينغارد خلف الكاميرا، في هذا الفيلم، القصة التي حدثت منذ 16 عاماً، لإرضاء عشاق الفيلم الأصلي، أو بكلمات أخرى هو فيلم للعب على عامل النوستالجيا.

أمنيتان

نتمنى من وينغارد، أو ممن سيخلفه في الجزء الثالث من «بلير ويتش»، أن يصنع لنا فيلماً نشاهده من خلال مقاطع فيديو «سناب شات»، فلربما عجزت الساحرة عن تعطيله كما عطلت التقنية في هذا الفيلم.

نتمنى كذلك من الشخصيات، قبل أن تموت، أخذ صورة «سيلفي» مع الساحرة، لعل شكلها يلهم هوليوود لتجديد سينما اللقطات المكتشفة، أو لنقلها لسينما الشياطين والأشباح، حتى تتمكن هوليوود من عملية التجديد، دون أن تدهمهم الساحرة!

في القرن الـ21، وتحديداً في العقد الماضي، ازدهر هذا الاتجاه ازدهاراً شديداً، وكان سبباً في تراجع أفلام Slasher (أفلام القتل بالسكين)، التي هيمنت على سينما الرعب لعقدين من الزمن تقريباً، من 1984 حتى نهاية عقد التسعينات.

اليوم.. هذا الاتجاه قد بدأ في الخفوت لسبب رئيس هو المعادلة المستهلكة أو فلنقل المهترئة، فمرة تكون اللقطات المكتشفة في الأدغال مثل هذا الفيلم، أو مفرغة من كاميرات المراقبة المنزلية مثل «بارانورمال آكتفيتي»، أو لقطات مكتشفة على الكمبيوتر مثل «أنفريندد».

كان آخر فيلم من هذه النوعية هو «الزيارة»، للمخرج الشهير إم نايت شيامالان العام الماضي، الذي ترك توقيعه عليه بمفاجأة النهاية وهو ما لم يحدث سابقاً، لكن ذلك لم يكن كافياً، وليس حتى محاولة تجديد كون المخرج والصنف في حالة أفول معاً.

إعادة إحياء

اليوم لدينا «بلير ويتش» - أصلاً كان بعنوان «ذا وودذ» أو الأدغال، قبل أن يعلن ربطه بفيلم ذا بلير ويتش بروجيكت - هو الجزء الثاني مباشرة من الفيلم الأصلي، وهو يتجاهل أحداث ما كان يعتبر جزءاً ثانياً بعنوان «ذا بووك أوف شادوز»، خصوصاً أن الهدف منه إعادة إحياء السلسلة. في هذا الفيلم نحن مع شقيق هيذر دوناهو، جيمس (جيمس آلين مكون)، الذي يكتشف وجود فيلم جديد عن بلير ويتش (الساحرة بلير)، انتشر على الإنترنت وفيه يظهر كوخ غامض، ما شجعه على القيام برحلة إلى الموقع الذي اختفت فيه شقيقته في أدغال ولاية ميريلاند، لعله يعثر عليها بعد 20 عاماً، على اعتبار أن أحداث الفيلم الأول وقعت عام 1994.

ينضم إلى جيمس مجموعة من أصدقائه المقربين، بيتر (براندون سكوت)، وآشلي (كوربن ريد)، وليزا (كالي هيرنانديز)، وهي صديقة جديدة مهتمة بالرحلة، لغرض تصويرها لمشروع التخرج.

حسب الفيلم، فإن المحققين مشطوا الأدغال حيث اختفت هيذر، ولم يعثروا على ذلك الكوخ الذي ظهر في الفيلم، فقرر جيمس الرجوع إلى لين وتاليا (ويس روبنسون وفالوري كوري)، وهما الشخصان اللذان وجدا الفيلم الأخير، وطلب منهما أن يدلاه على المكان الذي عثرا فيه على الفيلم.

لضمان ألا يتعرض هو وأصدقاؤه لمصير شقيقته نفسها، فإن جيمس ومجموعته يتزودون بأحدث الأجهزة والمعدات مثل جهاز تحديد المواقع «جي بي إس»، ونظارات الرؤية الليلية، وطائرة دون طيار، لكن رغم ذلك فإنهم يتعرضون للمصير نفسه! وإلا فلن نشاهد هذا الفيلم!

هذا النوع من الأفلام يعتمد بشدة على عامل الخوف من المجهول ليس إلا، ولا يكلف نفسه شرح المجهول إنما يترك كل شيء لتفسير الشخصيات للظاهرة الحاصلة، أو أساطير وخرافات المشاهد لا يصدقها في البداية، لكنه يصدم بمشاهدتها تحدث لشخصيات الفيلم.

لعب على النوستالجيا

المخرج آدم وينغارد خلف الكاميرا في هذا الفيلم (أخرج فيلماً جميلاً بعنوان «الضيف» منذ عامين)، الذي يكمل القصة التي حدثت منذ 16 عاماً، لإرضاء عشاق الفيلم الأصلي، أو بكلمات أخرى هو فيلم للعب على عامل النوستالجيا.

وينغارد - صرح بأن هذا أصعب فيلم أخرجه - لا يخذلهم تحديداً لأنه يعطيهم بالضبط ما يريدون مشاهدته، لكنه لا يكلف نفسه عناء إضافة جديد لهذا الاتجاه الذي بدأ فعلا بالاهتراء. الفيلم لا يحوي دراما مؤثرة أو شخصيات نهتم بها، بل يذهب مباشرة إلى شرح أسطورة الفيلم، عن طريق حوارات طويلة تحتل مساحة كان من الممكن الاستفادة منها بصورة أفضل، خصوصاً أن الفيلم مدعوم بميزانية أكبر بكثير من الفيلم الأصلي.

ما يفعله وينغارد على صعيد القصة مفهوم، وهو التأسيس لأجزاء لاحقة متقاربة زمنياً في الطرح، وقد نجح تماماً في هذا الجانب، لكن على الجانب النفسي لم يوفق بالدرجة نفسها، إذ اعتمد على الكليشيهات بشكل يفوق التصور، وكذلك على عامل الإفزاع الرخيص المخادع المعتمد على الصوت فقط، فمثلاً نرى شخصية تبحث عن أخرى في الظلام، فتظهر شخصية أخرى من خلفها بصورة مفاجئة، وظهور هذه الأخيرة لا هدف له سوى إفزاع المشاهد. وبمقارنة سريعة مع الفيلم الأصلي، نجد أن عامل الخوف هناك كان مرتكزاً على الأصوات الصادرة من بعيد، ما ولد الخوف لدى المشاهد من شعور بالضياع، وسط غابة ضخمة.

بالطبع هناك العامل الذي لا مفر منه، وهو أن الساحرة أذكى من الشخصيات، رغم كل الأجهزة الحديثة التي لديهم! كيف لا وهو عالمها الذي دخلوا إليه، وهي ستظل أذكى منهم حتى لو دخلت عالمهم! وهذا جزء من المعادلة المهترئة.

لماذا؟

نتساءل لماذا جازف جيمس بالدخول إلى المكان الذي اختفت فيه شقيقته، وهو يعلم (نحن نتحدث عن المنطق هنا) أن تلك المنطقة المعزولة تماماً عن العمران غير مغطاة بشبكة الهاتف المحمول؟ وهناك مشهد في الفيلم تستغرب فيه إحدى الشخصيات عندما يعمل هاتفها فجأة! بالطبع الهاتف كان يعمل على شبكة عالم الساحرة!

ألم يكن أجدر جلب هاتف يعمل بالأقمار الاصطناعية، كالذي يحمله الصيادون في البحار، والجنود في الكهوف؟ لماذا تتعطل الطائرة بدون طيار فجأة؟ ولماذا يصبح جهاز تحديد المواقع عاجزاً عن أخذ الشخصيات إلى الموقع الذي يريدون الذهاب إليه بمجرد دخولهم الأدغال؟ لماذا لا يتعطل فجأة نتيجة انعدام التغطية بدلاً من أن يعمل بطريقة خاطئة؟ كل هذه تساؤلات منطقية لا يعطينا وينغارد أي إجابات لها، لأنه مشغول جداً بشخصيات ماتت تباعاً وفقاً للمعادلة المهترئة.. عفواً وفقاً للساحرة التي تظهر من خلال لقطات سريعة جداً.

تويتر