الفيلم الروائي الأول لخديجة السلامي

«أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة».. القبيلة تنتصر

صورة

تشارك المخرجة اليمنية خديجة السلامي بفيلمها الروائي الطويل الأول «أنا نجوم بنت العاشرة.. ومطلقة»، في مسابقة جوائز المهر العربي ضمن فعاليات الدورة الـ11 من مهرجان دبي السينمائي الدولي، ومن الواضح أن السلامي لم تخرج من حسها الوثائقي في صناعة فيلمها الروائي وهي مخرجة أفلام وثائقية نالت العديد من الجوائز، وتعد أوّل مخرجة سينمائية يمنية، في رصيدها 25 فيلماً وثائقياً.

الفيلم يتناول قصة أصغر مطلقة في اليمن واسمها نجود، بعد أن رفض والدها اقتراح شقيقتها الكبرى بأن يسميها نجوم، لأنها حينها كانت تعد النجوم وأمها في المخاض، ومع ذلك ظلت أسرتها تناديها نجوم باستثناء والدها، ومن هذا الاسم تستطيع الدخول الى حياة «نجوم» المتمردة منذ الصغر والقريبة الى قلب والدها كثيراً، وعلاقتها المميزة مع شقيقها، كل هذه الظروف تؤكد أن «نجوم» فتاة مدللة من الجميع، وتعيش حياة سعيدة في قريتها، تساعد شقيقتها على رعاية الغنم، وتختلس بعض الوقت للعب مع شقيقها.

هروب.. «فلاش باك»

الفيلم يبدأ فعلياً بمشهد «نجوم» وهي تهرب من منزل والدها قاصدة المحكمة، تشكو قصتها إلى القاضي، و«الفلاش باك» في سرد القصة هو حكاية الفيلم، يتعاطف القاضي معها ويقرر اصطحابها إلى منزله الذي تتعرف فيه إلى ابنته وتدرك أن ثمة حياة كاملة مختلفة لها علاقة بالعلم والدراسة لم تكن قريبة منها.

تتغير المعادلة كلياً، حين تتعرض شقيقتها الكبرى للاغتصاب من ابن رجل ذي نفوذ في القبائل، يحاول الأب بعد أن ثار غضبه وقرر قتله أن يلجأ الى شيخ القبائل في منطقته، لكن الحل لم يكن لمصلحته أو لمصلحة كرامة ابنته، فيضطر إلى الرحيل من القرية والتوجه الى المدينة صنعاء.

لا تخفى طريقة الحس الوثائقي الذي تملكه المخرجة صاحبة فيلم «أمينة» من تفاصيل ادارة الكاميرا مع الممثلين، الذين لم يكونوا على قدر عال من الكفاءة باستثناء الطفلة التي أدت دور «نجوم» ومع ذلك تشعر في داخلك أنك تتابع فيلماً وثائقياً ركيكاً وليس درامياً محترفاً، فالتجربة الأولى للسلامي في صنع فيلمها الروائي الطويل لم تصل الى مستوى صناعتها السابقة لأفلام وثائقية عدة حصدت جوائز عالمية.

وللعودة الى الفيلم، الذي يخلق مشاعر متضاربة تجاه كل شخصية فيه، حتى شخصية الأب الذي تحول فجأة الى خائف من حالة اغتصاب أخرى تتعرض لها احدى بناته، وسوء الحال المعيشية التي وصل اليها بعد أن ترك رزقه في قريته، كأنما وبطريقة غير مباشرة تجتمع هذه الأسباب لتبرير فعلته التالية حين قرر تزويح ابنته نجوم التي تبلغ من العمر 10 سنوات لرجل ثلاثيني وقبض مهرها.

الفيلم يبدأ فعلياً بمشهد «نجوم» وهي تهرب من منزل والدها قاصدة المحكمة، تشكو قصتها الى القاضي، و«الفلاش باك» في سرد القصة هو حكاية الفيلم، يتعاطف القاضي معها ويقرر اصطحابها الى منزله الذي تتعرف فيه إلى ابنته وتدرك أن ثمة حياة كاملة مختلفة لها علاقة بالعلم والدراسة لم تكن قريبة منها.

«نجوم» اعتقدت أن الزواج هو عبارة عن فستان زفاف يشبه فستان جارتهم الجميلة، وحلمت بأن ترتديه بعد أن علمت بقرار والدها تزويجها وهي التي لم تبلغ الحيض، لكن حتى فستان الزفاف الأبيض لم تنله، وبدأت بالبكاء مطالبة بالفستان دون جدوى، هنا تريد المخرجة اثبات أن نجوم طفلة، بطرق كثيرة مبالغ فيها لأن نجوم بالفعل طفلة مازالت تلهو مع قريناتها وتلعب معهن، حتى إنها باعت خاتم جدتها الذي أهدته لها أمها لتشتري لعبة به، وبالحديث عن الأم فقد كان دورها بارداً وباهتاً ليس له علاقة بمشاعر أم اغتصبت ابنتها الكبرى عنوة، وستغتصب الثانية تحت مسمى الزواج.

ردة فعل نجوم الطفلة بعد ليلتها الأولى مع رجل ثلاثيني، كانت من أجمل لقطات الفيلم فنياً، فقد جسدت الخوف والقلق وعدم فهم أي شيء من حولها، حتى الطلقات النارية من الخارج، وكلام حماتها لها، وكل هذه الزينة، الخوف، عدم الدراية، الشوق لحض الأم، الدماء التي تسيل منها، الألم، العمل الشاق الذي تطلبه منها حماتها، النظرات الى الفراغ، تريد أجوبة عن أسئلة كثيرة، ولا مجيب.

تتذكر صراخ شقيقتها الكبرى وهي تغتصب، وتدرك أنها تغتصب كل ليلة، تحاول أن تقول لوالدتها إن الرجل الذي تسميه زوجها، يفعل معها أفعالاً شائنة، فتستغرب الأم من كلامها بمشهد لا يدل على مفهوم الأمومة ابداً، وكل استنكارها أنها وصت زوج ابنتها ألا يدخل عليها قبل بلوغها، برود الأم كان نقطة ضعف كبيرة في فيلم السلامي، فلا أداء يذكر ولا فن فيه.

تتصاعد وتيرة الأحداث لكن بملل كبير، وتعود الحكاية الى أروقة المحاكم، بعد أن يقرر القاضي فتح القضية، تنتقل الحبكة فيها هذه المرة الى مواجهة بين سلطة القضاء وسلطة القبائل، اضافة الى سلطة الإعلام الذي قرر الوقوف الى جانب نجوم. المواجهة بين اشخاص يمثلون قانون العشائر أمام قانون القضاء، كان مشهداً ركيكاً، حيث أظهرت السلامي أن الرجل الثلاثيني الذي كان يضرب زوجته الطفلة كل ليلة لتمارس معه الجنس، مصدوم من وجوده خلف القضبان، الى جانب والد نجوم، الذي برر فعلته بسبب الخوف من أن تغتصب نجوم كما اغتصبت شقيقتها، يقول زوج نجوم «الشيخ عقد قراني عليها بموافقة الأب، وهذا الشيخ يفهم في الدين»، يسأله القاضي «ماذا قرأت في الدين» يجيبه «أنا لا أقرأ ولا أكتب لكني اسمع»، يظهر الزوج بمظهر الضحية لجهله المتمسك بقانون قبيلته، وزاد قوة عندما جاء شيخ قبيلته ومعه الأسلحة مقتحماً غرفة القضاء والمحكمة، آمراً ومهدداً القاضي بضرورة اخلاء سبيل الزوج وعودة الطفلة نجوم اليه، يحاول القاضي ببرود أن يهدّئ من غضب شيخ القبيلة ويطلب منه سماع القصة، وينهي شيخ القبيلة القضية بطلبه من الزوج تطليق نجوم، وبناء عليه يأمر القاضي بالطلاق.

والسؤال الذي يطرح نفسه لو أن شيخ القبيلة لم يأمر الزوج بتطليق نجوم، ماذا كان سيفعل القاضي؟ سؤال لم يجب عنه فيلم خديجة السلامي.

تويتر