أفلام قصيرة وطويلة وتربوية تكشف عن الجريـــمة وتقدّم التوعية

سينما تواجه التحرّش الجنسي بالأطفال

«لا تلمسني».. يؤكد ضرورة البوح إذا تعرض الطفل للتحرش. من المصدر

حماية الطفل حق، مثل حقه في اللعب والتعليم والصحة، ولكن على الرغم من ذلك، الا أن مجتمعات عدة لاتزال تشهد انتهاكات لحقوق الاطفال، وهناك قصص يومية تتعلق بقضايا الطفل. قبل أيام نشرت الصحافة المحلية قصة طفلة تعرضت لتحرش جنسي من عامل في مدرستها، وبالمحاكم في كل البلدان، قضايا تتعلق بانتهاكات متعددة الأشكال ضد الطفولة. ولأن الاساليب كثيرة في طرق حماية الأطفال من الاعتداءات، لم تكن السينما غائبة هي الأخرى عن ذلك، بالرغم من قلة الإنتاجات السينمائية العربية في تناول هذه القضايا. لكن فيلم «رقصة الوحش» للمخرج المغربي حسن بن جلون الذي عرض في الدورة الـ‬13 من مهرجان طنجة، كسر «تابو» الحديث عن المحظور، كرسالة يراد منها الوصول الى كل دار. كما عرضت الدورة الـ‬20 لمهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال فيلماً بعنوان «فيلم مهم جداً» تحت فئة الأفلام القصيرة للمخرج أحمد فوزي، اعتمد فيه على رسم الكرتون. وبالرغم من الانتقادات الواسعة التي تعرض له، إلا أنه بالنهاية أراد أن يحمي الأطفال. كما انتشر فيلم، أخيراً، عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، وتم ارساله عبر الهواتف الذكية حمل عنوان «كيف تلمسني؟»، وهو أقرب الى الفيلم التعليمي منه الى السينمائي، اعتمد فيه على صور ايضاحية لأطفال من مختلف الجنسيات، وتعليق بصوت طفولي حول المناطق التي لا يجب لمسها.

موجع

لمشاهدة المزيد من المواضيع عن الفن السابع، يرجى الضغط على هذا الرابط.

«فيلم مهم جداً»، فيلم كرتوني من إنتاج المركز المصري لحقوق المرأة، لا تزيد مدة عرضه على التسع دقائق، حول الطفلة «سلمى» في الصف الثاني الابتدائي. يأتي هذا التعريف من خلال مصور يقوم برصد تحركاتها اينما ذهبت، ويحكي معها، ينذرها في بعض الوقت، ويتساءل أحياناً كثيرة حول تصرفات تعرضت «سلمى» لها.

ومع أن الفيلم يضع الطفل في محاولات جاهدة ومستمرة في القلق من «الآخر»، الا انه استطاع أن يوصل الفكرة بسلاسة، إذ إن «سلمى» بعقلها الطفولي وخيالها الواسع، تدرب نفسها على معرفة المعنى المراد ايصاله من «الآخر» عبر النظرة والكلمة واللمسة والإشارة.

ففي البداية يأتي السؤال «هل تذهبين الى المدرسة وتعودين الى المنزل وحدك؟»، فتجيبه «نعم». ثم يشجعها ويدعمها، لكن بطريقة حذرة، لينتقل المشهد الى وقت الغداء في منزل أهل سلمى، لا حوار على الطاولة، ونظرة غريبة من قبل الأم عندما بدأت سلمى بمحاولة الحديث عن يومها المدرسي. وهنا اشارة على ما يبدو الى طريقة تعاطي الأهالي مع أطفالهم في عدم اعطائهم المجال والفسحة للحديث، لتبدأ سلمى بشرح النظرة للمصور، الذي هو عملياً الرقيب «هذه النظرة نظرة غضب»، فيسترسل الرقيب على ضرورة شرح المعنى في أن النظرات ليست كلها طيبة. يلحق سلمى الى البقالة لشراء الحلوى، فتصادف جارهم الذي يرد عليه سلامها بجملة «إيه الحلاوة دي يا سلمى»، فتقف سلمى مرتبكة، فهي لم تفهم وقع الجملة عليها، لكن الاحساس جيد. وتبدأ باستخدام هذه الجملة من قبل الآخرين لتوضح وجهة نظرها عن كيف للكلمة أن تكون خطيرة وغير محببة وتقع تحت تصرف التحرش الجنسي.

لينتقل المشهد داخل البقالة، فهي طفلة قد تتعرض للمس تحبباً من قبل اشخاص، وقد تتعرض للمس بسوء من قبل ضعفاء النفوس، فتجد امرأة تربت على شعرها وتثني عليها. تنظر إليها سلمى، لكنها تشعر أن اللمسة لم تؤذِها، وبعد ذلك تتعرض لموقف آخر من قبل امرأة عنيفة، حيث قامت بإلقائها أرضاً، وهذه اللمسة هي ردة فعل من قبل البالغ، لكنها غير مؤذية على الصعيد النفسي، وتنسى في لحظتها، الى أن يأتي رجل يقف الى جانبها ويبدأ بلمس شعرها تدريجياً الى أسفل جسدها الصغير، فتتجمد سلمى في مكانها، والخوف يملأ عقلها وقلبها، فتصرخ وتهرب.

هي تقدم الحل، الصراخ فالهرب، في ثلاثة محاور يجب تعليم الأطفال فهمها، النظرة ليست دائماً طيبة، والكلمة ليست دائماً وقعها جميل، حتى لو كانت مقرونة بابتسامة، واللمس عندما يشعر الطفل انه يريد ان يبكي يجب أن يدرك أنه في خطر.

وينتهي الفيلم بنصيحة من قبل الرقيب، بأن التعرض الجنسي ليس مقتصراً على الأطفال الاناث، بل يشمل الذكور، واننا نعيش في عالم مملوء بالبشر من مختلف الأنواع، ليسوا بالضرورة يحملون مشاعر طيبة ، ويؤكد أن الصراخ ومن ثم الهرب هو الحل.

توضيح

في الفيلم التعليمي «لا تلمسني» الذي انتجته قناة «حجازي للأطفال» وانتشر أخيرا على المواقع الاجتماعية وتم تناقله عبر الهواتف الذكية، عبارة عن صور لاطفال من جنسيات مختلفة. يمر شريط صورهم مع تعليق بصوت طفل، يعرف اقرانه عبر صور اين هي المناطق الحساسة، فيقول لهم: «تستطيع ان تلمس يدي عندما نلعب ونصفق، وتستطيع أن تلمس ظهري عندما نجري ونلعب، وتستطيع أن تمسك يدي وذراعي عندما نصطف ونلعب، وتستطيع أن تلمس خدي، وتستطيع أن تلمس أذني، وتستطيع أن تضع المرطب على وجهي للوقاية من الشمس، وتستطيع أن تساعدني في ارتداء ملابسي عندما أطلب منك ذلك». ويسألهم «من يستطيع أن يلمسني بهذا الشكل؟»، لتكون الاجابة عبر صورة تضم العائلة المكونة من الأب والإخوة والمعلمة والطبيب والأصدقاء بالعمر نفسه.

وبعد ذلك يقول لهم: «لكن لا يحق لك لمس الأجزاء التي أغطيها بملابسي الداخلية»، وتبدأ الصور بعد ذلك بايضاح أين هي المناطق الحساسة التي لا يجب لمسها عند الأطفال عبر وضع اشارة عليها، سواء كانت للذكور أو الاناث.

ويؤكد هذا الفيلم ضرورة البوح اذا ما تعرض الطفل للتحرش، بأن يخبر الوالدين او المعلمة او الشرطة، لأن الصمت سيفاقم المشكلة، وسيعرض طفلاً آخر للتحرش.

فيلم مغربي

أما بالنسبة للأفلام الروائية الطويلة، فيعتبر الفيلم المغربي «رقصة الوحش» للمخرج حسن بن جلون، والذي عرض في الدورة ‬13 من مهرجان طنجة، واحداً من الافلام العربية يناقش قضية التحرش الجنسي للأطفال بشكل مباشر، من خلال سيناريو كتبته آمال التمار، تعالج فيه موضوع التحرش الجنسي للأطفال، خصوصاً أطفال الشوارع.

الفيلم من بطولة عبدالله شكيري، وآمال التمار، وعبدالقادر مطاع، وفاطمة عاطف، وعبدالرحيم المنياري، وحسن بنبديدة، ومجموعة كبيرة من الأطفال، حيث تعمل امرأة في حقوق الطفل ترصد الحالات التي يتعرض لها الأطفال في الشوارع والمدارس للتحرش الجنسي، وشخصية رجل متحرش جنسياً يعتقد نفسه فوق القانون. وهذه المعادلة التي تضم طرفين غير متساويين بالقوة ولا بالبنية الجسمانية ولا الوعي، فهناك رجل وهناك طفل خائف مرتعب من وقع الفعل عليه في الدرجة الأولى المصحوب بعد الفعل بالتهديد اذا ما باح بالأمر.

يرصد الفيلم مشاعر الخوف والقلق وحالة الانكار للمغتصب أو للعائلة اذا ما عرفت بالأمر.

مشاهد أغلبيتها قاتمة اللون من قتامة الموضوع نفسه، فالموضوع عندما يتعلق بالأطفال عبر فيلم مؤلم، لكنه ضروري، كنوع من مجابهة مجرمين يعيشون في مجتمعات متعددة.

تويتر