المصائر التي تشكّلها أفغانستان

«أخوة».. البطولة والفشل اسمان لمدلول واحد

العلاقة الإنسانية عنوان لفيلم المخرج جيم شيردان. آوت ناو

عندما تنسج علاقة إنسانية بحذافيرها والتباساتها، بصعودها وهبوطها، فأنت على الأقل ستضمن أنك أمام دراما متأتية من صراع ما، ففي العلاقة - أي علاقة - صراع، وفجوات سرعان ما تنادي ما يملأها من أحداث، وهنا ستتداخل العناصر المؤثرة داخلية أو خارجية، وفي اتباع لخطوات نفسية أو اجتماعية أو غيرها مما يؤسس لهذا الصراع والخروقات التي ستتطال الشخصيات وتضعها أمام خيارات، وعلى شيء يجعلها - أي هذه الخيارات - مصيرية في السينما، لها أن تفضي إلى تأزيم وتصعيد ومن ثم حل أو لا حل إن ترك الأمر للنهايات المفتوحة بعد مفترق الخيارات سابق الذكر.

في فيلم Brothers (أخوة) الذي عُرض في دور العرض المحلية، تأتي العلاقة الإنسانية عنواناً للفيلم نفسه، ولعل فعل مشاهدته سيكون تتبعاً لما ستكون عليه علاقة الأخوة وما يعتريها، ونحن المشاهدين سنكون شهوداً على افتراقها وتشعبها من اللحظة الأولى من الفيلم.

سام (توبي ماغوير) كابتن في الجيش، متزوج، أب لبنتين، وهو في طريقه لاستقبال أخيه توني (جاك جيلنهال) الخارج من السجن، ومن ثم الكحولي، العاطل عن العمل، دون مستقبل وكل أمله تمضية الوقت بالتلسية ورفقة البشر الذين يتعرف إليهم هنا وهناك، وعليه سنكون ومن البداية أمام افتراق أولي بين الشخصيتين، وكل ما يجمعهما هو الأخوة، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من رابط مدهش بقدرته على تجاوز كل شيء وانتصارها كقيمة مدججة بكل أنواع المشاعر النبيلة وفي تسيد أكبر للحب.

لكن خروج توني سيكون متبوعاً بذهاب سام إلى أفغانستان، وبعد اتضاح خصائص كل شخصية من الشخصيتين، وكيف لوالدهما (سام شيبرد) أن يكون في صف سام ضد توني، على اعتباره ضابطاً سابقاً يجد في خيارات ابنه سام كل الصواب، والطريق المشرف والممجد للبطولة، التي سرعان ما يتساءل عنها توني في العشاء المخصص لوداع سام، وهو يشير بسخرية إلى بطولة أن نذهب إلى أرض الآخرين ونقتلهم وتحديداً أن ابنة سام الصغيرة تقول إن والدها سيقتل الأشرار.

حسناً، الدراما أو نقطة التحول في المصائر ستكون بانقلابها، بحيث يمسي خيار سام مدمراً، كونه يُقتل في أفغانستان، ويمسي توني هو أمل غريس زوجة سام (نتالي بورتمان)، وعلى شيء يصل بهما - أي توني وغريس - إلى مشارف الوقوع في غرام بعضهما بعضاً، الأمر الذي يسعيان بكل استطاعتهما إلى تجنبه وعدم الوقوع فيه، لكن سرعان ما نكتشف أن سام أسير في أفغانستان، وهناك سيضطر إلى قتل رفيقه لكي ينجو بنفسه تحت تهديدات معتقليه الذين يصورون بوصفهم وحوشاً لكن بهيئة بشر، وعندما يتم تخليص سام فإنه سيعود كائناً مهشماً لا شيء يشغله سوى معرفة إن كانت زوجته أقامت علاقة مع أخيه، على شيء يدفع بابنتيه إلى الخوف منه، وفي مسار تصاعدي يصل في صراعه مع زوجته وأخيه إلى حد الجنون، هو المتيم بزوجته التي تمتد علاقته بها إلى المراهقة.

الدراما الكلمة المفتاح للفيلم، الأخوة والحب، ومن ثم الحرب بوصفها عاملاً خارجياً مدمراً لسام ولكل من حوله، الحرب التي سيستثمرها كاتب سيناريو الفيلم جيم سيردان لتكون عاملاً حاسماً في مصائر من يخوضونها ومن ثم كل من حولهم، إنه خيار البطولة الزائفة، وهي كذلك كما سنرى ما يحل بسام في عالم لا تكون فيه البطولة إلا لمن ينجو بحياته، ولئلا تسمى جبناً فيطلق عليها بطولة.

الفيلم الذي أخرجه جيم شيردان صاحب «باسم الأب» و«بوكسر» رهانه الأكبر على علاقة سام بتوني، وتبادلهما المواقع، بحيث يمسي نجاح الأول فشلاً، وفشل الثاني نجاحاً، وفي وفاء مطلق لمشكلات المصائر وإملاءات الحياة التي لا نعرف في أحيان كثيرة إلى أين تقودنا.

تويتر