صاحب "المريود" وعاشق إيقاع "المردوم الكردفاني"

رحيل أيقونة الموسيقى والتراث الفنان السوداني عبدالقادر سالم

غيب الموت صباح اليوم الفنان السوداني الكبير عبدالقادر سالم عن عمر ناهز 79 عاما بعد صراع طويل مع المرض، وبعد مسيرة امتدت لعقود في الغناء والبحث الموسيقي.

ويُعد عبدالقادر سالم أحد أعمدة الأغنية السودانية منذ سبعينيات القرن الماضي، إذ اشتهر كمطرب وملحن، وارتبط اسمه بتوثيق الموسيقى التراثية السودانية وتقديمها للجمهور المحلي والدولي بأسلوب مبتكر وفي قوالب حديثة جعلته مرجعا فنيا وتراثيا، كما حول الراحل المخزون الشعبي لإقليم كردفان بغرب السودان إلى مشروع غنائي متكامل، محافظا على الأصالة مع انفتاح واعٍ على التجديد.

كان عبدالقادر سالم أكثر من مجرد فنان، فهو باحث في التراث السوداني عمل على توثيق الموسيقى السودانية، وعرف وأشتهر على مستوى السودان وخارجها منذ العام 1971م، وله من الإنتاج الفني ما يزيد عن أربعين أغنية مسجلة بالإذاعة السودانية كما له نحو العشر أغنيات مسجلة على طريقة الفيديو كليب، تم تصويرها بمنطقة كردفان وغيرها محفوظة بالتلفزيون القومي.

ولم يقتصر عطاؤه على الأداء الفني، بل برز أيضا كباحث أكاديمي في الموسيقى الشعبية، مقدّما دراسات وندوات وأوراقا علمية أسهمت في توثيق التراث السوداني. وحصل خلال مسيرته على عدد من الأوسمة والجوائز، أبرزها وسام العلوم والآداب الفضي عام 1976، وجائزة الدولة التشجيعية عام 1983. وامتد حضور عبدالقادر سالم إلى الساحة العالمية، حيث شارك في مهرجانات دولية منذ عام 1984 في أوروبا وآسيا وإفريقيا، ممثلاً السودان في محافل موسيقية مرموقة.

وبرحيل عبدالقادر سالم، خسرت الساحة الفنية السودانية فنانا أسهم بفاعلية في إبراز ثقافات السلام والهامش في المشهد القومي، وصوتا شكل جزءا من هوية السودان الموسيقية الحديثة،وباحثا أسهم في حفظ تراثه الغنائي، تاركا بصمة عميقة في جيل الفنانين الشباب الذين اتخذوا من مسيرته نموذجا للالتزام الفني والصدق الإنساني.

ولد سالم في عام 1946 في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان غربي السودان، حيث عاش وترعرع، بدأ حياته المهنية كمعلم، ثم اتجه إلى صقل موهبته الأكاديمية والفنية وأصبح رمزا للإبداع الفني والتراث الثقافي في السودان وخارجه.

التحق الراحل بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح عام 1970 وحصل على درجة البكالوريوس. واستكمل دراساته العليا في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، حيث نال درجة الماجستير عام 2002 عن أطروحته حول "الغناء والموسيقى لدى قبيلة الهبانية بجنوب كردفان"، ثم حاز الدكتوراه عام 2005 عن بحثه حول "الأنماط الغنائية في إقليم كردفان ودور المؤثرات البيئية في تشكيلها".

من أبرز أعمال عبدالقادر سالم الفردية التي ارتبطت بالوجدان الشعبي "مقتول هواك يا كردفان"، "عمري ما بنسى"، "جافاني"، "بسامة"، و"المريود". وأسهم في أعمال عالمية مثل ألبوم "أصوات السودان" ، وألبوم "نجوم الليل". كما قدّم تجارب متفردة، مثل ألبوم "ملوك المردوم يعزفون أغاني الحب" الذي قدم فيه إيقاع المردوم الكردفاني بقالب حديث، وألبوم "بلوز الخرطوم" الصادر عام 1999، الذي مزج فيه بين البلوز الغربي والنغم السوداني الأصيل.

 

 

تويتر