«التجاري للعقارات»: اتخاذ إجراءات مشدّدة بحق أي مستأجر حال ثبوت مخالفته الــــــــقانون

عائلات في أبوظبي تتضرر من ممــارسات سكان «الباطن»

مستأجرون في أبوظبي يؤجرون شققهم لعزاب لتحقيق مكاسب مالية. تصوير: إريك أرازاس

شكت عائلات تسكن في شقق تديرها شركة أبوظبي التجاري للعقارات، المسؤولة عن بنايات دائرة المباني التجارية سابقاً، أو ما تعرف بـ «لجنة خليفة»، تقسيم بعض المستأجرين شققهم وتأجيرها من الباطن لعزاب سواء فتيات أو رجال بالمخالفة لتعليمات الشركة، ما يؤدي إلى وقوع ممارسات تخل بخصوصية السكن العائلي لمن يقطن هذه البنايات، وذلك يحدث في ظل غياب الرقابة، لافتين إلى أن حراس البنايات يتقاضون مبالغ شهرية من المؤجرين نظير غض الطرف عنهم، وترك الوضع على ما هو عليه.

من جانبه، أكد نائب رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي التجاري للعقارات، عبدالله خليفة السويدي، أن «عقود الشركة مع المستأجرين لا تسمح لهم بتأجيرها من الباطن وفي حال تلقي أية شكاوى من سكان البناية بوجود عزاب أو ممارسات تؤثر في خصوصية السكن العائلي، يتم الاتصال بالمستأجر ومطالبته بإخلاء الشقة ودياً من العزاب والعودة للاستقرار فيها»، لافتاً إلى وجود إجراءات قانونية يتم اتخاذها حال ثبت اصرار المستأجر على تأجير الشقة من الباطن، تنتهي بسحب الشقة منه.

وتفصيلاً، قال المستأجر محمود السعدي، إنه «يسكن مع عائلته في بناية بمنطقة الخالدية منذ أربع سنوات في شقة مكونة من غرفتين وصالة، ومنذ نحو عام انتقل للسكن بجواره أحد موظفي دائرة حكومية هو وأسرته وبعد مرور ثلاثة أشهر فوجئ بوجود ستة شباب يترددون بشكل منتظم على الشقة، وعند سؤاله عن هؤلاء الشباب عرف أنهم استأجروا الشقة من الباطن بالاتفاق مع حارس البناية الذي يتقاضى مبلغاً شهرياً».

وأوضح أن «جاره أعاد أسرته إلى بلده الأصلي واكتفى بالسكن في جزء من الشقة وأجر بقية الغرف لعزاب من الباطن»، لافتاً إلى أن وجود شباب عزاب مقابل شقته أفقده وأسرته خصوصية السكن العائلي.

وأفاد مستأجر آخر، عمر المهدي، بأن بدل السكن الذي تمنحه بعض الجهات الحكومية للموظفين يغري كثيرين للاستفادة منه بتأجير جزء منه لآخرين، موضحاً أن «جاره يسكن هو وزوجته وطفلان في إحدى غرف الشقة المجاورة ويؤجر الغرفتين الباقيتين لفتيات مقابل 1200 درهم شهرياً لكل فتاة ويتقاسم الجميع مطبخ الشقة، مبدياً استياءه من ممارسات العزاب التي تسيء للعائلات».

وأكد (م.س) أنه يتضرر هو وعائلته من سلوكيات العزاب، لافتاً إلى أن «مداهمة هذه الحالات تتطلب أمرا قضائيا بعد سلسلة من الإجراءات تبدأ بفتح بلاغ في الشرطة، ورفع قضية وكثير من الإجرءات، والمؤجرون من الباطن يعلمون ذلك ويعتمدون على تضامن حراس البنايات معهم مقابل مبالغ مالية»، مؤكداً أن الأبعاد الاجتماعية لهذه الظاهرة خطرة، إذ تحد من حرية العائلات وتزيل الشعور بالأمان لوجود أشخاص يمكن أن يرتكبوا أي أخطاء أو جريمة والهروب من دون امكانية ملاحقتهم، لأن أوضاعهم غير قانونية.

بدوره قال مستأجر من الباطن (س.ع) إن «هذا الوضع شائع في أبوظبي، موضحاً أن أغلبية العزاب الذين يقطنون أبوظبي لا يمكنهم التأجير من شركة أبوظبي التجاري للعقارات، لأنها تشترط وجود عقد زواج، والمتاح لديها لنا هو الأستوديو وأسعاره مرتفعة وتراوح بين 40 و50 ألف درهم سنوياً، ما يجعل العزاب يبحثون عن مشاركة آخرين غرفاً من الباطن لقاء 1000 أو 1200 درهم شهرياً».

وأفاد ناصر ابراهيم (مستأجر) بأن «شخصاً عرض عليه استئجار شقته في وسط أبوظبي، مقابل 55 ألف درهم، وهو مبلغ يقل عما تعرضه شركة أبوظبي التجاري للمساحة نفسها، بنحو 15 ألف درهم، وأوضح أن هذه الشقة ايجار قديم قيمته 36 ألف درهم، ومستأجرها يقيم في شقة أخرى ويحتفظ بها لدواعي الاستثمار»، مضيفا أنه طلب مهلة للتفكير وعاد بعد أسبوع ليجد الشقة مقسمة وبها شباب وفتيات من دول آسيوية.

وذكرت مستأجرة من الباطن، هدى أحمد، أنها تشارك فتاتين السكن في غرفة مقابل 1000 درهم شهرياً لكل منهن، لافتة إلى أن «مستأجر الشقة يطلب منهن كل فترة مبلغ 200 درهم إضافية بحجة منحها لمفتش يمر على الشقق، بهدف غض الطرف عن الوضع غير القانوني، دون أن يحدد أية جهة يتبعها هذا المفتش».

يذكر أن جهات ودوائر حكومية عدة رفعت بدل السكن المقدم لموظفيها قبل عام 2008 بسبب طفرة الايجارات التي شهدتها الدولة إبان ذلك، وبعد تراجع قيمة الإيجارات وُجد فائض كبير لبدلات السكن يغري صاحبه للبحث عن استثماره.

من جانبه، أفاد نائب رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي التجاري للعقارات، عبدالله خليفة السويدي، بأن أهم أسباب تأجير الباطن هو ارتفاع الأسعار، وبعد تراجعها لم يعد هناك ما يبرر لجوء الأفراد إلى مخالفة القانون، مؤكداً أن «عقود الشركة مع المستأجرين لا تسمح لهم بتأجيرها من الباطن وفي حال تلقي أية شكاوى بوجود عزاب أو ممارسات تؤثر في خصوصية السكن العائلي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية حال ثبوت صحة الشكوى، وقد تنتهي بسحب الشقة من المستأجر المخالف».

وأضاف أن «هناك أبعادا اجتماعية وإنسانية يتم مراعاتها قبل اتخاذ اجراءات قانونية، حرصاً على الاستقرار»، موضحاً أن هناك عشرات الحالات تم حلها ودياً مع المستأجرين لضمان عدم وجود عزاب داخل البنايات العائلية.

وأشار إلى أن الشركة تدير آلاف الوحدات ولا يتسنى لها معرفة مثل هذه المخالفات إلا عن طريق الشكاوى، مطالباً العائلات بالإبلاغ عن أية مخالفات من هذا القبيل، متابعاً أن الشركة وفقت أوضاع عائلات مستأجرة من الباطن، بعدما حصل المستأجر الأصلي على قيمة الايجار وترك الدولة نهائياً.

وأضاف السويدي أن «تقاضي حراس مبالغ مالية من السكان ممنوع تحت أي بند، وإذا ثبت وجود رشا أو ما شابه ذلك يتم فوراً اتخاذ إجراءات قانونية مشددة ضد المخالف»، مشيراً إلى أنه يتم تغيير حراس البنايات كل ستة أشهر، ما يجعل هناك سيطرة على مثل هذه الممارسات الخاطئة التي تعد حالات فردية، لا يمكن القياس عليها أو تعميمها. وأكد أن «الاشتراك في مبادرة (توثيق) بالتعاون مع البلدية أسهم كثيراً في الحد من هذه الظاهرة، إذ لا يُعترف في أي جهة رسمية لإنهاء المعاملات إلا بالعقود الموثقة».

تويتر