جناحها يعرف الزوّار بكنوز الأرخبيل العربي

مهرجان روائح في «إكسبو دبي».. بعبق الفانيلا وزهور «القُمر»

صورة

ما بين عبق الفانيلا و«زهرة الزهور» الأشهر حول العالم، وتحت شعار: «زهرة تتفتح»، يعيد جناح جمهورية القُمر المتحدة في منطقة الاستدامة بـ«إكسبو 2020 دبي»، تعريف العالم بسحر البلد العربي الصغير الواقع في المحيط الهندي، على مقربة من الساحل الشرقي لإفريقيا، والمنفتح اليوم على أنظار زوارٍ يجهل كثيرون منهم ما يزخر به هذا الأرخبيل ليس فقط من إرث تاريخي وحضاري فحسب، ولكن من فرص استثمارية واعدة وتعاون معزز لمعالجة قضايا الاستدامة.

من تجربة الصناعات الشعبية التي تحتل ركناً واسعاً من أركان الجناح، لتغري الزوار باقتناء بعض التذكارات الصغيرة، وانتهاء بالتطريز وعرض الملابس التقليدية ذات التصاميم الفريدة والألوان الزاهية، يعكس جناح «القُمر» من أول وهلة، فخر هذا الشعب بالهوية الثقافية والحضارية العربية والإسلامية ومن ثم الإفريقية، خصوصاً، عبر نافذة اللباس المحلي المعروف باسم «تشيروماني»، والشهير بتصاميمه المعقدة وصعوبة تنفيذ نقوشه وأشكاله المتداخلة على أقمشة حريرية تزدان بألوانها البرّاقة.

وتزدهر في الجناح تجسيدات الهوية الثقافية لهذا البلد، من خلال استعراض جزء كبير من حياة سكانه وعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية اليومية التي قدمت بعض تفاصيل تقليد حفلات «العرس الكبير» الشهيرة التي توارثها أهل «القُمر» عبر التاريخ إلى أن باتت تقليداً اجتماعياً راسخاً يعكس المكانة الاجتماعية لأصحابه.

نسمات

كلما تقدمت خطوات الزائر في تفاصيل الجناح، تضوع بين جنبات المكان، نسمات مختلطة لا يمكن تمييزها، تتمازج فيها روائح التوابل وزهور القرنفل مع عبق زهرة «الإيلانغ لانغ» الصفراء الفوّاحة، والمعروفة كذلك باسم «زهرة الزهور» باعتبار ما أحدثته هذه الزهرة إلى اليوم من ثورة حقيقية حول العالم في صناعة العطور، بعد أن ازدهرت زراعتها في جمهورية القُمر بشكل خاص بفضل ما تعرف به المنطقة من تربة بركانية ومناخ استوائي، ليستخلص منها زيت فاخر يصدر لتستخدمه أشهر دور العطور حول العالم، فيما يعيش جزء كبير من سكان هذه الدولة الجزرية الصغيرة على زراعتها، متمسكين بنشاطهم، رغم تحديات التغير المناخي، مراهنين على المستقبل وعلى الاستفادة من مواردهم بشكل مستدام.

أغلى التوابل

في الجانب المقابل لهذا المهرجان العابق بالسحر البصري والحسي الأخّاذ لزهور «الإيلانغ لانغ» المتدلية من سقف الجناح، لا يمكن لزائر الجناح مغادرته قبل الغوص في تجربة اكتشاف زهرة الفانيلا بمراحلها المتعددة، وصولاً إلى قرون الفانيلا السوداء التي «لا تكتسب نكهتها إلا بعد موتها» لتتصدر فخر الزراعات المحلية وصادرات البلاد الأساسية، وتحتل من ثم قائمة ثاني أغلى التوابل حول العالم بعد الزعفران، بما تتميز به «فانيليا» جمهورية القُمر من رائحة ونكهة استثنائية، اكتسبتها من أنماط زراعتها الخاصة المبتعدة عن الإنتاج الضخم من جهة، ومحاصيلها التي تنمو بطريقة طبيعية لا تستخدم أي مواد كيميائية. من جهة أخرى، في تجسيد حي لاعتناء أرخبيل شرق آسيا البركاني مرة أخرى، بموضوع الاستدامة الفرعي، الذي ينتصر له «إكسبو 2020 دبي».

كنوز محفوظة

كما يمكن للزوار اكتشاف المزيد عن طبيعة جمهورية القُمر وكائناتها البحرية المتنوعة ورفع النقاب عن قائمة لا حصر لها من الثروات الحيوانية المهددة بالانقراض وبرامج حماية بيئاتها التي يستعرضها الجناح من خلال معرض مرئي مصغر وجاذب صمم لحيوانات بحرية ساحرة، مثل أسماك الكهوف الشوكية النادرة، المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره، والتي تصدرت مدخل المعرض.

فيما استحوذت تجربة اكتشاف السلاحف البحرية الخضراء المهددة بالانقراض، على اهتمام أغلب مكتشفي المعرض، نتيجة التدهور البيئي الملاحظ لمواقع تمركزها، التي يستعرضها الجناح بالصور، فضلاً عن عمليات الصيد الجائرة التي تتعرض لها هذه الكائنات، ما دفع «القُمر» إلى تعزيز جهود حمايتها في ملاذات آمنة جنباً إلى جنب مع «الحيتان الحدباء» العملاقة، وسمكة «سيلاكانث» ذات الزعانف الثمانية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، والتي يندر مشاهدتها حول العالم إلا في المحيط الهندي قبالة ساحل جمهورية القُمر فقط، وكان يعتقد أنها انقرضت حتى عام 1938.

الاستدامة أولاً

لا تغيب جمهورية القُمر في تفاصيل جناحها الحاضر بقوة على قائمة الأجنحة الأكثر جذباً في المعرض، عن مشهد الاستدامة، أحد أهم الموضوعات الأساسية في «إكسبو 2020 دبي»، إذ تسجل هذه الدولة الجزرية النامية بثبات دورها في تعزيز التعاون الدولي المشترك، لمعالجة بعض قضايا الاستدامة، لاسيما في إفريقيا، فمن خلال منصة الاجتماعات وتطوير الشراكات التي يطرحها المعرض العالمي على الدول المشاركة، ينضم جناح جمهورية القمر المتحدة إلى جهود «بناء مستقبل مستدام» من خلال مشاركة التحديات المشتركة مثل حماية البيئة، والحفاظ على كوكب الأرض من التهديدات ومن ثم التخفيف من بعض الآثار السلبية للجائحة على الاقتصادات الإفريقية وخلق بيئة أعمال مواتية بين القارة السمراء وبقية العالم.

• معرض مرئي مصغر وجاذب صمم لحيوانات بحرية ساحرة، يضمه الجناح الذي يجتذب زوار «إكسبو 2020 دبي».

• جناح «القُمر» يعكس من أول وهلة، فخر شعب هذا البلد بالهوية الثقافية والحضارية العربية والإسلامية ومن ثم الإفريقية.

• قرون الفانيلا السوداء التي «لا تكتسب نكهتها إلا بعد موتها» تحتل قائمة ثاني أغلى التوابل حول العالم بعد الزعفران. 

تويتر