خبراء: «التطبيق» يجمع البيانات دون إذن المستخدم ويربطها بتطبيقات التواصل الاجتماعي

«سياسة الخصوصية» تضع «تيك توك» في مرمى الملاحقة والحظر دولياً

صورة

فرضت العديد من دول العالم، أخيراً، حظراً على تطبيق «تيك توك TikTok» الصيني، بسبب «سياسة الخصوصية»، ومن أبرزها الولايات المتحدة، التي سبق أن حظرت التطبيق على الهواتف الحكومية، وكذلك فعلت بريطانيا وكندا وبلجيكا والدنمارك ونيوزيلندا، وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، وكان آخر عمليات الحظر إعلان الجيش السويدي منع أفراده من تنزيل التطبيق على أجهزة العمل بسبب مخاوف أمنية واتهامات بجمع بيانات المستخدمين.

كما أعلنت الحكومة اليابانية، أخيراً، حظر استخدام تطبيق «تيك توك» لمشاركة المقاطع المصورة على الأجهزة الإلكترونية الحكومية في اليابان، عندما يتم التعامل مع المعلومات السرية عليها.

وقالت إن تطبيق «تيك توك» غير مثبت على أي من الهواتف الذكية، وغيرها من الأجهزة الحكومية التي يستخدمها الوزراء ووزراء الدولة ونواب الوزراء.

وفي عام 2020، فرضت الهند حظراً على «تيك توك»، وعشرات التطبيقات الصينية الأخرى، بما في ذلك تطبيق المراسلة (WeChat)، بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية والأمن. وفي عام 2021 أعلنت هيئة تنظيم الاتصالات الباكستانية، حظر التطبيق بسبب بعض المحتوى غير الأخلاقي الموجود عليه. وفي أبريل الماضي، قررت السلطات في أفغانستان حظر التطبيق، وبعدها في ديسمبر، فرضت تايوان حظراً على تحميل التطبيق بأجهزة القطاع العام. وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي، إن التطبيق يشكل خطراً على الأمن القومي.

كما حظر البرلمان النرويجي، تنزيل التطبيق على الأجهزة التي يمكنها الوصول إلى نظام البرلمان، كما منعت فرنسا موظفي القطاع العام، من تنزيل «التطبيقات الترفيهية» على هواتف العمل بما في ذلك «تيك توك».

وأبلغت المفوضية الأوروبية، والبرلمان الأوروبي، المسؤولين، أنه لا يمكنهم استخدام «تيك توك» على أجهزة العمل، بسبب مخاوف من صلات التطبيق بالحكومة الصينية.

من جانبه، قال مستشار أمن المعلومات وحماية البيانات في لندن، الدكتور عمرو محمد شكري، إن «شركة التكنولوجيا الصينية (Bytedance) المالكة لتطبيق (تيك توك) هي شركة رائدة في التكنولوجيا، وتقوم حالياً بتنفيذ مشروع لتخزين بيانات المستخدمين في ولاية تكساس الأميركية»، مضيفاً أن «الشركة تؤكد أنها تدار بشكل مستقل عن الحكومة الصينية، ولا تشارك أي بيانات، مع أي من الجهات، سواء الحكومية أو غير الحكومية».

وأضاف شكري، لـ«الإمارات اليوم»: «وعلى الرغم من هذه الدعاية التي تقوم بها الشركة، اتخذت الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا ونيوزيلندا، التي تشكل مع أستراليا، ما يسمى بشركاء تبادل المعلومات الاستخباراتية (العيون الخمس)، قراراً بحجب تطبيق (TikTok) كلياً على سند بأن هذا التطبيق له أثر سلبي في جمع المعلومات والبيانات الخاصة بالمشتركين عليه، وخاصةً البيانات التي يمكن الحصول عليها من الأجهزة الحكومية، بالمخالفة لقوانين حماية البيانات المطبقة في هذه البلدان، لاسيما أن هذا التطبيق يجمع البيانات دون إذن من المستخدم، ويربطها ببقية تطبيقات التواصل الاجتماعي، من خلال هواتفهم النقالة بما يؤثر في تصنيف البيانات وتجميعها بطريقة تعرّض بيانات الدولة والمواطنين للخطر».

وتابع: «عند تفعيل هذا التطبيق على الهواتف النقالة، يمكنه جمع بيانات المستخدم وتعديل (الخوارزميات) للتلاعب بمحتواه الإخباري، بما يؤثر بالسلب في استقرار الدول اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً».

وبين شكري، أن «تحديث هذا التطبيق، أثبت أنه يحتوي على برنامج ذي قدرة على التجسس، وهذا ما اتجهت إليه الولايات المتحدة، عندما حظرت التطبيق كلياً على الأجهزة والأنظمة الفيدرالية، على أساس أن الشركة المالكة تقوم بمشاركة بيانات مستخدمي (TikTok) مع الحكومة الصينية، وأن الأبحاث الحديثة أثبتت أن المحتوى الذي يقدمه هذا التطبيق، له آثار سلبية وأضرار خطرة جداً على صحة المراهقين العقلية».

ولفت إلى أنه على الرغم من المخاوف التي تفرضها أغلب التطبيقات التي نستخدمها الآن، إلا أنه يجب ألا نضع قيوداً صارمة على استخدام التكنولوجيا، لأن هذا من شأنه أن يؤثر في حجم الاستثمارات الهائلة والأرباح الضخمة التي تنتج من هذا النوع من الصناعة، بخلاف أن تقليص العمل بالتكنولوجيا له أثر سلبي في التطور التكنولوجي، وفي حق المستخدمين في حماية حقهم في حرية التعبير والإبداع، لهذا يجب على الحكومات، بدلاً من المنع والحجب المطلق، أن تفرض قيوداً صارمة تحقق بها مبدأ «الكفاح من أجل مستقبل المواطن مع حماية بياناته».

من جهته، قال خبير تكنولوجيا المعلومات، الدكتور معتز كوكش، إن «حصار تطبيق (تيك توك) عالمياً، خلال الآونة الأخيرة، يرجع إلى قضية الخصوصية وحقوق البيانات، وهو ما فعلته بريطانيا أخيراً، بفرض غرامة ضخمة تقدر بـ16 مليون دولار على التطبيق، بسبب اتفاقيات المستخدمين».

وأضاف: «المشكلة الرئيسة تكمن في أن نظام (تيك توك) ليس مثل الأنظمة الثابتة عالمياً بشأن سياسة الاستخدام، فكثير من الدول لديها تخوف من قضية الخصوصية، كما أن التطبيق يعمل دون رقيب»، مشيراً إلى أن «(فيس بوك)، على سبيل المثال، وضع شروطاً واضحة يلتزم بها، كاستحالة نشر مقاطع تحوي تعرياً أو دعماً للإرهاب، لكن (تيك توك) لا يطبق مثل هذه المعايير بالصورة ذاتها، فسياسة الخصوصية وشروط الاستخدام ليستا موجودة، وتكاد تكون (صفراً)».

وتابع كوكش: «كما أن تطبيق (تيك توك) لا يراعي حقوق الملكية الفكرية مثلما تراعيها تطبيقات تواصل أخرى»، لافتاً إلى أن سياسة الخصوصية واضحة في «غوغل» و«ميتا»، لكنها غير واضحة في «تيك توك». ورأى أن من بين سلبيات التطبيق أيضاً عدم الالتزام بالسن القانونية للاستخدام، لذلك تزيد نسبة حظره حول العالم.

من جانبه، قال خبير منصات التواصل الاجتماعي، محمد فتحي، إن «عمليات الحظر المتلاحقة لتطبيق (تيك توك) لا تخلو من وجود مواءمات سياسية بالدرجة الأولى، لاسيما أن أميركا وأوروبا واليابان في جبهة واحدة، مقابل جبهة الصين وروسيا».

وأضاف فتحي: «(تيك توك) يعمل منذ سنوات طويلة، لكنه انتشر بعد أزمة كورونا، وتصاعدت حدة ملاحقته أخيراً، بعدما أثارت الولايات المتحدة لغطاً حول حقوق البيانات في التطبيق».

وأوضح أن هناك فرقاً بين قوانين حقوق المستخدمين والاحتكار من دولة لأخرى، وبالتالي «تيك توك» يستخدم البيانات مثل أي تطبيق آخر، لكن معايير الخصوصية تختلف باختلاف الدول، لافتاً إلى أن أميركا لم تقدم دليلاً واضحاً حتى الآن، يثبت مخاوفها الأمنية من التطبيق.

وتابع: «السؤال المطروح حالياً هو: هل أميركا قادرة على حظر (تيك توك) نهائياً؟ والجواب: لا، لأنه تطبيق عالمي يعمل في كل الدول، ويتخطى قدرات الحكومات على حظره، وإذا تم حظره في دولة ما، فيمكن فتحه باستخدام (vpn)، وبالتالي فإن الحل في التوعية بطرق الاستخدام الأمثل للتطبيق».

تويتر