مساحة حرة

دروس مستفادة

حصد قطاع العقارات في الشارقة، خلال جائحة «كوفيد-19»، جملة من الدروس المستفادة التي تسهم في رسم صورة جديدة للقطاع خلال السنوات المقبلة، حيث تمثل تلك الدروس خبرات أخرى للتعامل مع الأزمات، تضاف إلى سجل الخبرات المتراكمة على مدار السنوات الماضية، التي عاصرت مزيجاً من التحديات والفرص صبّت جميعها في مصلحة المستثمرين والمستأجرين والعاملين في القطاع بشكل عام.

والأمر المؤكد أن القطاع العقاري في الشارقة، استفاد بقوة من الجهود الحكومية الكبيرة، والطفرات الاقتصادية التي شهدتها الإمارة والدولة ككل، على مدار السنين الماضية، كما استفاد من سمعة الشارقة، التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، عبر خط فريد من الرصانة والمحافظة على تقاليد الإمارات وتراثها العربي الأصيل، وذلك باستقطاب العائلات العربية من جميع الجنسيات الراغبة في العيش والعمل والاستقرار.

ولقد كان درس «الحفاظ على المستأجر» خلال الجائحة أبرز دروس الأزمة، الذي تمتع خلالها بفرص كبيرة لانتقاء المسكن أو العقار المناسب بالسعر والخدمات والتسهيلات الأفضل، مقارنة بالسابق، حيث قيم الإيجارات المرتفعة نسبياً، إضافة إلى قلة المعروض وغياب التسهيلات والخدمات الاحترافية، لاسيما المتعلقة بالصيانة وغيرها من الخدمات.

وأسهمت أزمة «كوفيد-19» في إعادة القطاع العقاري بالشارقة إلى مستويات أفضل، مثلت مزيداً من الجاذبية للمستثمرين الراغبين في الاستثمار من جميع الجنسيات، حيث معدلات العائد الاستثماري التي تعد من الأفضل، كما أعادت مكانة العقار الجاهز لوضعه اللائق في معظم مواقع الشارقة، خصوصاً المواقع الأكثر رغبة في الاستثمار والسكن.

كما رفعت الأزمة من سقف التنافس بين الملاك، سواء في القطاع التجاري أو السكني، لتقديم ميزات إضافية للمستأجرين، كان أبرها المنافسة في تخفيض أو تقديم تسهيلات سداد الإيجارات على فترات أطول، فضلاً عن الإعفاء من العمولات ورسوم مواقف السيارات، إضافة إلى تقديم العقار بأفضل صورة ممكنة من حيث اكتمال الخدمات والصيانة، مع تقديم خدمات التوثيق والإجراءات الحكومية حتى الباب.

ورسخت أزمة «كورونا» مفهوم «المستأجر أولاً»، الذي يعد العمود الفقري لعملية الاستثمار العقاري السكني والتجاري، لتعود المنظومة العقارية إلى التركيز على تلبية متطلبات المستأجر، للحفاظ على استقراره وأمانه في المنزل لفترة أطول مقارنة بالسابق، التي كانت تشهد خروج مستأجر لكن عشرات أو مئات ربما يقفون في طابور الانتظار، وهو الوضع الذي يصعب عودته في المستقبل القريب، وبالتالي بات على أطراف العملية العقارية إعادة دراسة هذه المستجدات، والعمل وفق آليات جديدة لمواصلة النمو في القطاع لمصلحة الجميع.

إن التركيز على المستأجر وعلى المستثمر الراغب في شراء العقار، أياً كان نوعه، هو عنوان المرحلة الحالية، لذا تجب إعادة دراسة معطيات السوق المستقبلية من خلال إعادة دراسة الأسعار والقيم الإيجارية، على أسس جديدة تناسب وتحفظ حقوق جميع الأطراف، ما يعود بالفائدة على استقرار القطاع ونموه وجاذبيته الاستثمارية خلال السنوات المقبلة.

لقد أسهم القطاع العقاري في الشارقة، على مدار عقود، في رفد اقتصاد الإمارة الكلي باستثمارات وعائدات كبيرة، ولايزال يشكل أحد أهم مكونات الدخل الإجمالي للإمارة سنوياً، وبالتالي تدعونا المرحلة الحالية إلى البحث عن مسارات جديدة للمحافظة على مكتسبات هذا القطاع، وتطوير آليات مبتكرة من شأنها تعزيز الطلب على الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، الذي يمرض لكنه لا يموت كما هو معروف.

الرئيس التنفيذي لشركة «سلطان بن علي العويس للعقارات»

تويتر