متعاملون يطالبون بنظام يحمي «مكافأة نهاية الخدمة».. ويضع حدّاً لتشدد البنوك

أبدى متعاملون استياء شديداً من طريقة تعامل بنوك محلية مع «مكافأة نهاية الخدمة»، والاستحواذ عليها خلال انتقالهم من عمل قديم إلى جديد، مطالبين بضرورة وضع نظام أكثر مرونة في ما يخص التعامل مع المكافأة على مستوى البنوك كافة.

وأكدوا أن تلك البنوك تمارس أقصى درجات التعنت في ما يخص مكافأة نهاية الخدمة، إذ تتم مصادرتها لمصلحة المتبقي من رصيد قروضهم، حتى لو كان العمل الجديد براتب أعلى من القديم، وتم تحويل رواتبهم على البنك مانح القرض ذاته.

وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم» أن بعض البنوك يخصم مكافأة نهاية الخدمة، فضلاً عن نصف الراتب الجديد لأشهر عدة، بذريعة أن منح القرض الأول كان بضمان العمل القديم، في وقت لا يوجد ما يضمن الاستمرار في العمل الجديد، من وجهة نظر البنك، مطالبين بضرورة تنظيم خصم مكافأة نهاية الخدمة للموظفين.

بدورهما، قال مصرفيان إن القاعدة الأساسية في نظام العقود، الذي أعده اتحاد مصارف الإمارات ووافق عليه المصرف المركزي، تعطي البنوك الحق في ضم مكافأة نهاية خدمة المتعامل إلى رصيد القرض أو التمويل، في حال تم إنهاء خدماته، أو نتيجة انتقاله إلى عمل جديد.

وأوضحا أن سياسات البنوك الداخلية تختلف في هذا الأمر، إذا يعمد بعضها إلى تطبيق نص العقد الذي يخول البنك التصرف في مكافأة نهاية الخدمة، فيما يلجأ بعضها إلى سياسة أكثر مرونة، بهدف الحفاظ على المتعامل، لافتين إلى أن غالبية المصارف تخصم المكافأة بموجب العقد الموقع مع المتعامل.

شكاوى متعاملين

وتفصيلاً، قال المتعامل (ع.ب) إنه ترك عمله الحكومي في أبوظبي، وانتقل إلى عمل حكومي في دبي، براتب أعلى قليلاً من راتبه القديم.

وأضاف أنه قدّم للبنك نسخة من عقد العمل الجديد وشهادة راتب، وما يثبت تحويل ذلك الراتب إلى حسابه المصرفي في البنك مانح القرض، إلا أنه فوجئ بخصم كامل مكافأة نهاية الخدمة، لسداد المتبقي من رصيد قرض شخصي عليه.

وأوضح أنه سدد نحو 50% من قيمة القرض على مدار عامين، في وقت يتيح له راتبه الجديد سداد النسبة المتفق عليها للخصم على مدار العامين المتبقيين، لكن موظف البنك أبلغه بأنه لا يوجد ضمان لاستمراره في عمله الجديد، وعليه، لابد من خصم كامل مبلغ المكافأة، فضلاً عن استقطاع ما نسبته 50% من راتبه الجديد حتى سداد كامل القرض.

بدوره، قال المتعامل (م.س) إن البنك الذي يتعامل معه أبلغه بأن الجهة الجديدة التي يعمل لديها غير مدرجة في قوائم البنك، ولذلك، تم خصم كامل مكافأة نهاية الخدمة، وشهرين متتاليين من راتبه، ما أحدث له إرباكاً كبيراً في حياته العائلية.

وأضاف أنه اضطر إلى اللجوء إلى بنك آخر لشراء مديونيته من البنك القديم، حتى يتمكن من الحصول على جزء من راتبه، وهو أمر كبده فوائد جديدة تفوق الأولى.

وعرض المتعامل (ر.عادل) حالة مشابهة، قائلاً إن البنك خصم مكافأة نهاية خدمته كاملة، كما حجز 50% من راتبه الجديد لمدة ثمانية أشهر، حتى تم الانتهاء من سداد كامل القرض، على الرغم من أن الاتفاق السابق كان خصم نسبة 30% فقط من راتبه، لافتاً إلى أن البنك تذرع بأن القرض كان بضمان العمل القديم الذي استمر فيه مدة سبع سنوات متصلة.

نظام مرن

كما تلقت «الإمارات اليوم» ثلاث شكاوى متشابهة لمتعاملين من بنك في أبوظبي، أجمع أصحابها على أن موظفي البنك الذي يعد الأكبر في الإمارة، يمارسون أقصى درجات التعنت في التعامل مع المتعاملين الذين ينتقلون إلى عمل جديد، في ما يتعلق بمكافأة نهاية خدمتهم، بجانب كامل رواتبهم لمدة تراوح بين شهرين وثلاثة أشهر، لتتم بعد ذلك إعادة جدولة الدين بشروط جديدة مجحفة، خصوصاً إذا كانت جهة العمل الجديدة خاصة، حتى لو كانت مدرجة ضمن قوائم البنك.

سياسات داخلية

مصرفياً، قالت الخبيرة المصرفية عواطف الهرمودي، إن الأساس في تعامل البنوك مع مكافأة نهاية خدمة المتعاملين المقترضين، هو توجيهها لسداد جزء من الرصيد المتبقي من القرض، ولا يتم منحها كاملة للمتعامل بعد انتقاله إلى عمل جديد، وتقديمه الأوراق المطلوبة كافة.

وأضافت أن سياسات البنوك الداخلية تختلف في هذا الأمر، إذا يعمد بعضها إلى تطبيق نص العقد الذي يخول البنك التصرف في مكافأة نهاية الخدمة، فيما يلجأ بعضها إلى سياسة أكثر مرونة بهدف الحفاظ على المتعامل، ومراعاة أن انتقاله إلى وظيفة جديدة واستقراره بها، قد يستغرق وقتاً، ربما يؤثر في وضعه المادي، ويراكم التزاماتك مالية، ولذلك، يقدم له البنك بين 20 و30% من مكافأته، ويوجه المبلغ المتبقي إلى سداد القرض.

وأوضحت الهرمودي أن القروض تم ترتيبها أثناء وجود المتعامل في وظيفته القديمة، وبضمان عدد سنوات بقائه فيها، فضلاً عن كون جهة العمل الأولى مدرجة ضمن قوائم البنك، أما الوضع الجديد للمتعامل، فإنه لا يوضح مدى استقراره مستقبلاً، فيما تكون جهة العمل الجديدة أحياناً غير مدرجة ضمن قوائم البنك، أو أن الراتب أقل، وجميعها عوامل جوهرية في الموافقة على القرض.

حجز المكافأة

من جانبه، قال الخبير المصرفي مهند أبوعطوان، إن بعض البنوك، وحفاظاً على المتعاملين معها، تحجز مكافأة نهاية الخدمة فقط، ولا تتصرف فيها، حتى أول راتب للمتعامل من عمله الجديد، لتفرج بعد ذلك عن المكافأة، خصوصاً إذا كان الانتقال سريعاً، ولم يترتب عليه أي متأخرات في الأقساط الشهرية، لافتاً إلى أن هذا التعامل لا يعتبر قاعدة، إذ إن غالبية المصارف تخصم المكافأة بموجب العقد الموقع مع المتعامل.

«أبوظبي الأول»: خصم مكافأة نهاية الخدمة قانوني

أفاد بنك أبوظبي الأول، رداً على استفسارات «الإمارات اليوم»، حول مكافأة نهاية الخدمة، بأنه يحق للبنك خصم المكافأة دون إذن المتعامل، خصوصاً إذا كان ينتقل إلى عمل آخر.

وأضاف البنك أنه عند توقيع العقد الخاص بالحصول على القرض؛ فإن المتعامل يخول بنك أبوظبي الأول التصرف بمكافأة نهاية الخدمة، في حال وجود قروض سابقة.

وعمّا إذا كان يجوز قانوناً الحجز على مبلغ مكافأة نهاية الخدمة حتى نزول الراتب الجديد، وما إذا كان يحق للبنك خصمه وإدخاله في رصيد القرض إذا تقدم المتعامل بشراء مديونيته عن طريق بنك آخر، أكد «أبوظبي الأول» أن خصم مكافأة نهاية الخدمة وإدخالها في رصيد القرض، هو أمر قانوني مطبّق في القطاع المصرفي، مشيراً إلى أن المتعامل أقرّ بموافقته على خصم مكافأة نهاية الخدمة عند توقيع العقد الخاص بالحصول على القرض.

خبير: لا يجوز خصم مكافأة نهاية الخدمة إذا كان المتعامل منتظماً في السداد

قال الخبير القانوني في «مكتب خالد بن محمد القاسمي للمحاماة»، الدكتور الصباح العشري، «إذا كان المتعامل مستمراً في السداد بحسب المتفق عليه مع البنك، فإنه لا يجوز للبنك خصم مكافأة نهاية الخدمة». وأضاف أنه إذا كان المتعامل توقف عن الدفع، وكان هناك تفويض أو إقرار منه بحق البنك في مصادرة مكافأة نهاية الخدمة، فإن من حق البنك تحصيلها، أما إذا كان لا يوجد تفويض أو إقرار واضح من المتعامل للبنك بالحجز أو مصادرة نهاية الخدمة لو توقف أو تقاعس عن السداد، فليس من حق البنك هنا تحصيل هذا المبلغ، نظراً لأن البنك مثله مثل أي دائن، فإن كان له حق عند المتعامل، فيجب اللجوء إلى القضاء، ولا يحق للبنك الاستيلاء على أموال المتعامل دون إذن قضائي.

وتابع العشري: «إن خالف البنك ذلك، فإنه يكون قد خالف القانون وتعليمات ولوائح البنك المركزي، وممكن أن توجه للبنك جريمة خيانة الأمانة قانوناً».

وأكد الخبير أن هناك إجراء واحداً صحيحاً يمكن أن يقوم به البنك فقط، هو «حبس» مال المتعامل عنده، وعدم أخذه، واللجوء إلى القضاء للحصول على حكم، ثم الحجز على هذا المال، موضحاً أن هذا الإجراء من الناحية القانونية يسمى «الحق في الحبس».

الدكتور الصباح العشري. من المصدر

الأكثر مشاركة