مصرفيون يطالبون بنظام للعمليات الداخلية يؤمّن مستويات عدة لمراجعة المعاملة
ضعف الرقابة يغري موظفي بنوك بالاختلاس
أرجع مصرفيون انتشار حالات اختلاس داخل البنوك من قبل موظفين إلى ضعف الرقابة الداخلية، وتقاعس إدارة المخاطر عن القيام بمهامها، مؤكدين أن انتقاء الموظف والتأكد من سيرته الذاتية خطوة أولية غير كافية، تجب متابعتها لاحقاً من قبل إدارة البنك، للوقوف على مدى نزاهة الموظف، وقدرته على التعامل مع أموال المودعين بأمانة.
ولفتوا إلى ضرورة الالتزام بالقواعد المتعارف عليها في الجانب الرقابي ، مثل منع دخول الموظفين إلى حسابات المتعاملين، دون وجود طلب مقدم من المتعامل بإجراء معاملة على حسابه، مشددين على ضرورة اتخاذ إجراء قانوني بحق أي موظف ترك جهاز الكمبيوتر الخاص به مفتوحاً أو احتفظ بمستندات المتعاملين، مثل صور جوازات السفر أو غيرها، بعد الانتهاء من المعاملة وإتمامها.
من جهته، أوضح المصرف المركزي عدم اختصاصه بنظر مثل هذه الشكاوى، موضحاً أن البنوك تُجري تحقيقاً داخلياً يفترض ألا تتجاوز مدته 24 ساعة، ثم تبلغ الشرطة مباشرة عن المشتبه فيهم، لتتولى التحقيق من خلال قنواتها القانونية المعروفة. وأكد أن مثل هذه الممارسات تعد جرائم يبتّ فيها القضاء.
وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم» حالات اختلاس تمت على أموال مودعين مواطنين ومقيمين من قبل موظفي بنوك، بعضها قام البنك بتعويض المتعامل وإرجاع أمواله، وبعضها الآخر لم ينتهِ التحقيق فيه.
وقال المتقاعد علي سالم، إنه أودع مكافأة نهاية الخدمة الخاصة به وبزوجته في حساب قديم له بفرع أحد البنوك الأجنبية في أبوظبي، فطلب منه الموظف صورة جواز السفر الخاص بكفيله، وهو ابنه، وبعدها فتح حساباً باسم الابن بتوقيع مزور، وحوّل الوديعة له، ثم استخرج بطاقة ائتمان للابن، وسحب المبلغ كاملاً، و«عرفنا لاحقاً أنه غادر الدولة»، مؤكداً أن «الموظف استغل ثقتي به وعدم معرفتي باللغة الإنجليزية، ولم أعرف حقيقة ما قام به إلا بعد ذهابي لتسلّم أرباح الوديعة الشهرية، إذ اكتشفت أن الرصيد يساوي صفراً». وفي السياق ذاته، قالت المواطنة شيماء عبدالله، إن موظف البنك استغل عدم معرفة والدتها باللغة الإنجليزية، وأخذ منها توقيعاً واستخرج بطاقة ائتمان باسمها بقيمة 150 ألف درهم، وسحب جزءاً منها في المطار واشترى بالباقي ساعات ومجوهرات من السوق الحرة، وسافر. وأضافت «مع الأسف كان التوقيع صحيحاً، والبنك لم يعتد بما قالته أمي، فسددنا البطاقة وأغلقنا الحساب من البنك نهائياً».
من جهته، قال رئيس الخدمات المصرفية الإلكترونية في بنك أبوظبي الوطني، أحمد النقبي، إن «البنوك يُفترض أن تضع نظاماً للعمليات الداخلية يؤمّن مستويات عدة لمراجعة المعاملة المصرفية، سواء كانت تحويل أموال عبر (الإنترنت) أو ببطاقات الائتمان أو الصراف الآلي، ما يعني عدم تركز الاختصاصات في إدارة واحدة، ما يسهل اكتشاف الأخطاء والمتسبب فيها»، موضحاً أن «إجراءات الأمان يُفترض ألا تتعارض مع سهولة وسرعة خدمة المتعاملين، وهذا هو التحدي أمام البنوك، إذ يجب إيجاد توازن بين الأمرين».
من جانبه، قال الخبير المصرفي، محمود عياد، إن «ضعف الرقابة الداخلية وتساهل إدارة المخاطر أهم سببين لاختلاس الموظفين من حسابات المتعاملين بشتى الطرق»، موضحاً أن «هناك قواعد متعارفاً عليها في الجانب الرقابي، منها عدم ترك جهاز الكمبيوتر الخاص بالموظف مفتوحاً طالما ابتعد عنه لأي سبب، ولو لدقائق قليلة، فضلاً عن عدم السماح باحتفاظ الموظف بمستندات المتعاملين، مثل صور جوازات السفر أو غيرها، بعد الانتهاء من المعاملة وإتمامها، كذلك يجب أن يُمنع تماماً دخول الموظفين إلى حسابات المتعاملين، طالما أنه لا توجد معاملة مقدمة بطلب من المتعامل نفسه، وبناءً على هذا يجب أن يتعرض للمساءلة كل من يخالف ذلك».
من جانبه، قال مستشار مكافحة الجرائم المالية والمصرفية، حسام العابد، إن «الدراسات واستطلاعات الرأي تشير إلى تزايد حالات الاختلاس في دول الخليج عموماً، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الاحتيال الداخلي على البنوك أخطر من الخارجي بكثير».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news