أهمها رسوم البلدية وعمولة الوسطاء
رسوم الوحدات السكنية في دبـــي تمثل 25٪ من إيجار السنة الأولى
رسوم السكن تعد الأعلى قيمة بين الرسوم التي يدفعها مستأجرو الوحدات السكنية في دبي. تصوير: أشوك فيرما
أفاد خبراء وعقاريون بأن رسوم الوحدات السكنية باتت تستحوذ على نحو 25٪ من القيمة الإيجارية السنوية للوحدات السكنية في دبي، خصوصاً في السنة الأولى من عقد الإيجار، الأمر الذي زاد من الضغوط المالية على المستأجرين، ودفع شريحة ذوي الدخول المتوسطة إلى التفكير في الانتقال إلى وحدات أرخص لخفض التكاليف.
وبينوا أن الرسوم تنقسم إلى: رسوم السكن التي تحصلها البلدية، عمولة شركات الوساطة، رسوم خدمات، مبالغ الضمان أو التأمين، التي تدفع للمالك، والكهرباء والتكييف، وأحياناً يدفع المستأجرون رسوم الصيانة، وغيرها من الرسوم البسيطة.
وأشاروا إلى أن رسوم السكن تعد الأعلى قيمة بين الرسوم كلها، كما أنها تزداد بازدياد قيمة العقد، موضحين أن مقارنة رسوم السكن في دبي مع نظيرتها في إمارات أخرى تؤكد ارتفاعها نسبياً، عدا عن الرسوم الأخرى التي يتكبدها المستأجرون، مؤكدين ضرورة مراجعة الجهات المعنية لتلك الرسوم ومحاولة توحيدها، أو النظر إليها بشكل إجمالي وليس كل رسم على حدة.
وأفادوا بأن هناك عاملين باتا يحددان قرارات المستأجرين اليوم، هما القيمة الإجمالية المدفوعة للإيجار وجودة الوحدة السكنية، لافتين إلى أن القطاع العقاري لا يتحمل أي ضغوط إضافية في الوقت الحالي، بل يريد مزيداً من المحفزات لاستكمال تعافيه.
من جانبهم، أكد مستأجرون أن كثرة الرسوم الخاصة بالوحدات السكنية باتت تمثل عبئاً مالياً ثقيلاً، وضغوطاً حقيقية للتفكير في الانتقال وتغيير السكن، حلاً بديلاً للتخلص من الزيادات في الرسوم التي تستقطع نحو ربع قيمة الإيجار.
تكاليف
|
رسوم السكن يشير الموقع الإلكتروني لهيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) على صفحته الرئيسة، إلى أنه تمت إضافة رسوم السكن التابعة لبلدية دبي إلى فاتورة الدفع التابعة للهيئة، بناء على التعليمات الصادرة من بلدية دبي، وسيتم احتسابه بنسبة 5٪ من رسوم عقد الإيجار السنوي. فيما ذكرت «بلدية دبي» أن رسوم السكن يتم تحصيلها منذ عام ،1962 استناداً إلى قانون العوائد لبلدية دبي، كما أن الربط مع هيئة كهرباء ومياه دبي، يأتي في إطار الشراكة الاستراتيجية مع البلدية، واستكمالاً للمرحلة الأولى ضمن خطة تحصيل تلك الرسوم بواقع 5٪ من القيمة الإيجارية على مستوى إمارة دبي، إذ تقوم البلدية بالتنسيق مع الهيئة بتحصيل رسوم خدمات السكن من خلال فواتير الاستهلاك الشهرية الصادرة من الهيئة، وكانت المرحلة الأولى بدأت خلال عام 2005 من خلال تحصيل الرسوم من قبل المسجلين الجدد للعقود لدى الهيئة، وعملت البلدية على تطوير هذا النظام بالتنسيق مع هيئة كهرباء ومياه دبي، من خلال المرحلة الثانية، وذلك على ضوء دراسة الملاحظات على تطبيق النظام في المرحلة الأولى، وتحقيقاً لرضا المتعامل حرصت البلدية على تطبيق نظام إلكتروني شامل يغطي جميع المستأجرين بالإمارة. أعباء مالية قال مدير الأصول في شركة «آي بي» العقارية، ماثيو تيري، إن «ارتفاع وتعدد رسوم الوحدات السكنية، باتا من أكثر الأعباء المالية الملقاة على عاتق المستأجرين، وهو ما يحرمهم جزئياً من الاستفادة من التراجع الكبير في أسعار التأجير، إذ تصل نسبة استقطاعات الرسوم والتأمينات إلى ما يجاوز 25٪ من قيمة عقد الإيجار». وبين أن «رسوم البلدية التي أُلزم بها المستأجرون من خلال فواتير الكهرباء، تعد واحدة من أكبر الرسوم، إذ تستقطع 5٪ من قيمة الإيجار، تليها رسوم العمولة، التي تصل إلى 5٪ حداً أقصى، ثم الرسوم الأخرى، ويستثنى غالباً المستأجرون من رسوم الصيانة، إلا أن بعض الملاك يحملون المستأجرون بعضاً منها، لاسيما الصيانة الداخلية للوحدة». ولفت تيري إلى أن «المستأجرين أصبحوا يضعون في اعتبارهم قيمة الرسوم عند قرار الاستئجار، وهو ما يتحكم حالياً في قراراتهم». |
وتفصيلاً، قالت المستأجرة، هبة عبدالحافظ، إن «إجمالي قيمة الرسوم التي تنفق على وحدتها السكنية القائمة في منطقة أبراج بحيرات جميرا خلال عام، تمثل ما يتجاوز 25٪ من قيمة الإيجار، الأمر الذي بات يزيد من كلفة وأعباء الحياة ».
وأشارت إلى أن «المستأجر أصبح يضع حالياً نصب عينيه إجمالي قيمة الرسوم جزءاً أصيلاً من القيمة الإيجارية، وبات يبحث عن متوسطات إيجار تتناسب مع تلك الرسوم»، لافتة إلى أن «الوحدة التي يبلغ إيجارها 60 ألف درهم سنوياً تصل إلى نحو 85 ألف درهم فعلياً، وذلك ما يعده الكثيرون زيادة في الإيجار لا مفر منها».
تراجع الجاذبية
من جانبه، قال المستأجر مصطفى ياسر، إن «رسوم الوحدات السكنية في مناطق التملك الحر، تكلف المستأجرين نحو 30٪ من قيمة الإيجار، خصوصاً في السنة الأولى من عقد الإيجار، إذ يدفع رسوماً للخدمات في المشروع، وأخرى للبلدية، وثالثة لشركة الوساطة، ثم رسوم الصرف الصحي والكهرباء، وتسجيل العقود، وغيرها من الرسوم، فضلاً عن دفعات ضمان التي تدفع للمالك، والكهرباء والتكييف».
من جهته، قال المستأجر عمر عبدالدايم، إنه عند مقارنة الرسوم الحالية بما كانت عليه قبل 10 سنوات، سنجد أنها نمت بما يعادل 5٪ من قيمة العقد آنذاك، إلى أكثر من 20٪ خلال العامين الماضيين»، لافتاً إلى أن «هذه الزيادة في قيمة الخدمات، تمثل زيادة في قيمة الإيجار، إذ يحتسب المستأجر إجمالي ما أنفقه، وليس قيمة الإيجار المعلنة».
وذكر أن «هذه الرسوم غالباً ما تمثل نسبة من الإيجار، أي أنها قابلة للزيادة في حال زيادة قيمة الإيجار، وهو ما يمثل خطراً في المستقبل على المستأجرين، الأمر الذي يدفع عدداً منهم إلى الانتقال لإيجاد حل بديل لخفض القيمة الإجمالية للإيجار».
انتقال
من ناحيته، قال المستأجر أحمد جلال، إن «الرسوم المفروضة على الوحدات السكنية ترفع من قيمة الإيجار بمعدلات تراوح بين 7000 و10 آلاف درهم سنوياً، خصوصاً في السنة الأولى للتعاقد، من خلال رسوم البلدية البالغة 5٪، إضافة إلى عمولة الوساطة وتسجيل العقد، وغيرها من الرسوم، الأمر الذي أثقل كاهل المستأجرين بالمزيد من النفقات».
وأضاف أن «فرض رسوم السكن الخاصة ببلدية دبي ضمن فاتورة الكهرباء أصاب الكثير من ساكني دبي بالإحباط، وأعاد إلى الأذهان فكرة الانتقال إلى إمارات أخرى، ففي الوقت الذي شهدت أسعار التأجير تراجعاً كبيراً في دبي، سجلت أسعار الخدمات والرسوم زيادات ملحوظة».
ترابط الخدمات
بدوره، قال المستأجر عمر خليل، إن «رسوم السكن أصابت حياة الكثيرين من سكان دبي بالإرباك، إذ أصبح إجمالي الرسوم التي تدفع بشكل ثابت، يشكل رقماً كبيراً على مدار العام، من رسوم بلدية وكهرباء وصيانة وخدمات، وغيرها من الرسوم التي تدفع سواء كانت الوحدة مغلقة أو مستخدمة».
وأشار إلى أن «جميع إجراءات السكن والإيجار مترابطة، فلا تستطيع توصيل خدمة أو إنهاء معاملة دون غيرها، ما يلزمك بدفع جميع الرسوم مرة واحدة، فتوصيل الكهرباء يلزمك بتسجيل العقد في نظام (إيجاري)، وتسجيل العقد يلزمك بدفع رسوم البلدية، بحيث لا تجد مفراً من دفع كل الرسوم».
من جهته، أكد المستأجر أحمد عبدالعال أن «هناك رسوماً عدة غير مبررة تُفرض على المستأجرين، فرسوم السكن تتجاوز حجم استهلاك الكهرباء في أشهر عدة من السنة، فضلاً عن رسوم التكييف المفروضة، خصوصاً في مناطق التملك الحر، إضافة إلى رسوم الخدمات والصيانة»، موضحاً أن «إضافة هذه الرسوم إلى القيمة الإيجارية تعيد مستوى الإيجار إلى ما كان عليه قبل حدوث حركة التصحيح السعري في أسعار العقارات قبل أربع سنوات تقريبا».
إلى ذلك، قال رئيس قسم خدمات إدارة الأصول في شركة «جونز لانغ لاسال» للاستشارات العقارية، غراهام هوت، إن «إجمالي الرسوم التي يدفعها المستأجرون في دبي تصل إلى نحو 30٪ من حجم الإيجار السنوي، خصوصاً في السنة الأولى للتعاقد»، مشيراً إلى أن «هذه الرسوم تنقسم إلى رسوم بلدية، وخدمات، إضافة إلى عمولة شركات الوساطة، وأحياناً يتم تحميل المستأجر رسوم الصيانة، وغيرها من الرسوم المتوسطة والبسيطة».
وأشار إلى أن «هذه الرسوم تمثل جزءاً كبيراً من الإنفاق السنوي للسكن، الأمر الذي يحمل المستأجرين أعباء مالية كبيرة، وأصبح يشكل حصة ليست بالقليلة من حسابات القيمة الإيجارية، نظراً لأنها تستحوذ على نسبة مؤثرة في تحديد مستويات الإيجار».
وأوضح هوت أن «أكثر أنواع الرسوم التي تستقطع جزءاً كبيراً من الإنفاق على السكن هي رسوم البلدية، التي تمثل 5٪ من قيمة عقد الإيجار، ما يعني أنها تزداد كلما ارتفعت قيمة العقد»، لافتاً إلى أن «تراجع معدلات الإيجار لايزال يمثل عامل جذب للكثيرين على الرغم من ارتفاع قيمة الرسوم».
أنواع الرسوم
من جانبه، قال مدير قسم بيع وتأجير العقارات السكنية في «كلاتونز» العقارية، ماريو فولبي، إن «هناك نوعين رئيسين من الرسوم التي يدفعها المستأجرون في دبي، الأول أجور الوكالات العقارية (الوساطة)، التي تمثل 5٪ من قيمة الإيجار السنوي، وثانياً رسوم السكن التي تحصلها البلدية، البالغة 5٪ من قيمة الإيجار، تتوزع على 12 شهراً».
وأضاف أن «على فرض أن قيمة إيجار وحدة سكنية نحو 100 ألف درهم سنوياً، فهناك 5000 درهم عمولة وساطة، وأخرى مثلها رسوم السكن التي تدفع للبلدية، ونحو 160 درهماً لتسجيل رسوم العقد يتحملها المستأجر مناصفة، ونحو 4000 درهم رسوم التكييف (في مناطق التبريد المركزي)، إضافة إلى رسوم الماء والكهرباء المعتادة، التي يدفعها المستأجر، فضلاً عن الضمان أو التأمين الذي يدفع لمالك الوحدة»، مشيراً إلى أن «معظم هذه الرسوم تنطبق في السنة الأولى للتعاقد فقط».
وحول رسوم الصيانة، أكد أنها «لا تفرض على المستأجرين مطلقاً، ويكون مالك العقار مسؤولاً عن جميع خدمات الصيانة الرئيسة، التي يفرضها المطورون العقاريون، وتتضمن خدمات الصيانة الرئيسة كل من المصاعد، الخدمات الميكانيكية والكهربائية، الأمن، النظافة، إدارة النفايات، فضلاً عن إدارة المرافق كالحدائق وأحواض السباحة، ويتبقى أعمال الصيانة الداخلية، التي يتحملها بعض الملاك أو تترك للمستأجرين أحياناً أخرى».
وبين فولبي أن «رسوم البلدية قد تكون الأكثر عبئاً على المستأجرين، إذ تعد هي الأكبر مقارنة بالرسوم الأخرى، تليها رسوم الوساطة»، لافتاً إلى أن «الرسوم التي يدفعها المستأجرون في دبي لا يمكنها أن تؤثر في سوق الإيجار أو الطلب على العقارات».
واستطرد: «ما يحدد قرارات المستأجرين اليوم عاملان أساسيان: القيمة السعرية لإجمالي الإيجار المدفوع، والجودة، إذ لمسنا خلال الفترة الأخيرة نزوح المستأجرين لمناطق أفضل مع سعيهم نحو تأجير وحدات سكنية أعلى جودة تضم مرافق متطورة».
ضغوط إضافية
إلى ذلك، قال المدير في شركة «قصر الملوك العقارية»، أشرف دياب، إن «الرسوم التي تتقاضاها البلدية وتلزم المستأجرين بدفعها تزيد من الضغوط على المستأجرين، ففي الوقت الذي تتراجع فيه معدلات الإيجار وتقدم العديد من التسهيلات في طرق الدفع، تفرض العديد من الرسوم على المستأجرين».
وأضاف أن «هذه المبالغ ستدفع شريحة من المستأجرين لتغيير أماكن سكنهم إلى مناطق أقل من حيث الرسوم والإيجار، فضلاً عن أن العديد من المستأجرين الراغبين في الانتقال إلى دبي سيعيدون التفكير في ذلك بسبب هذه الرسوم».
وأشار دياب إلى أن «من الضروري أن تشكل الجهات المعنية لجنة لمراجعة الرسوم المفروضة على السكن، خصوصاً في مناطق التملك الحر، التي باتت تشهد ازدواجية في الرسوم، ودراسة جميع الرسوم التي يدفعها المستأجر ككل، وكم تمثل من حجم الإيجار، إذ من المفترض أن تتناسب تلك الرسوم مع معدلات الإيجار الحالية».
واتفق معه مدير شركة «عوض قرقاش للعقارات»، رعد رمضان، مضيفاً أن رسوم السكن الخاصة ببلدية دبي باتت تمثل حاجزاً نفسياً أمام المستأجرين، واصفاً تلك الرسوم بـ«غير المبررة».
وأوضح رمضان أن «مقارنة تلك الرسوم بالإمارات الأخرى تؤكد ارتفاعها نسبياً، فضلاً عن الرسوم الأخرى التي يتكبدها المستأجرون، لذلك على الجهات المعنية مراجعة تلك الرسوم ومحاولة توحيدها، أو النظر إليها بشكل إجمالي، وليس كل رسم على حدة، الأمر الذي سيظهر الصورة كاملة أمام تلك الجهات، ويبين الوضع الحقيقي لتلك الرسوم».
وذكر أن «المستأجرين باتوا يدفعون نوعين من الرسوم: الأول يفرضه بعض الملاك، والثاني عبارة عن رسوم حكومية، وهو ما بات يمثل ازدواجية في الرسوم، فكل طرف يسعى إلى تحصيل رسومه الخاصة من دون النظر إلى الطرف الآخر».
من جهته، أيد مدير مكتب السعدي للعقارات، أحمد السعدي، ما ذهب إليه رمضان، مشيراً إلى أن «القطاع العقاري في الوقت الحالي بحاجة ماسة إلى محفزات تدفع أكبر قدر من المستأجرين للاستمرار في عقودهم وجلب مستأجرين جدد، وأنه ليس بحاجة إلى أي ضغوط على حركة الاستئجار، حتى يكتمل تعافيه»، لافتاً إلى أن «زيادة الرسوم وعدم مراجعتها وتنظيمها، تزيدان من هذه الضغوط التي لن تصب في مصلحة القطاع بشكل عام».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news