مؤجرون أرجعوها إلى سدادهم التزامات مصرفية
مستأجرون: غرامات «الشيــك المــــــرتد خطأً» مبالغ فيها
الأخطاء الفنية مثل عدم تطابق التوقيع أحد أسباب الارتداد غير المتعمد لشيكات الإيجار. تصوير: دينيس مالاري
شكا مستأجرون مطالبة مكاتب عقارية ومؤجرين لهم بسداد غرامات على شيكات الإيجار المرتدة من دون تعمّد تصل إلى 2000 درهم.
وقالوا إن المؤجرين وملاك العقارات يضيفون بنوداً خاصة في عقود الإيجار تنص على تحصيل هذه الغرامات بحجة ضمان جدية المستأجر، لكن تلك البنود لا تفرق بين المستأجر غير الملتزم والمستأجر الذي ارتد شيكه لأسباب خارجة عن إرادته.
وأشاروا إلى أن بعض المؤجرين يستغلون بند غرامة الشيك المرتد لتحصيل مبالغ إضافية تعوضهم عن تراجع الإيجارات، لافتين إلى أنهم أحياناً ما يفاجأون برفض المؤجر تحصيل قيمة الشيك المرتد نقداً أو صرفه من البنك بعد كفاية الرصيد، استغلالاً للغرامات المنصوص عليها في عقد الإيجار.
في المقابل، عزا ملاك عقارات ومسؤولو مكاتب عقارية تحصيلهم غرامات على الشيكات المرتدة من المستأجرين إلى مطالبة البنوك لهم بسداد رسوم على تلك الشيكات، ما يجعل مطالبتهم للمستأجرين بتحمل تلك الرسوم أمراً طبيعياً.
وأضافوا أن هناك مخاوف فرضتها تداعيات الأزمة المالية العالمية، الأمر الذي اضطر الملاك إلى زيادة التحوط من خلال فرض غرامات على الشيكات المرتدة، ما يحفظ للمؤجر حقوقه، ويلزم المستأجر أداء الالتزامات الواقعة عليه، لافتين إلى أن تطبيق الغرامات يتم وفق كل حالة على حدة، إذ إن وضع الغرامة بالأساس يأتي لعدم جدية الدفع، لكن في حالات الأخطاء غير المتعمدة فإنه ينظر في عدم تغريم المستأجر.
|
ارتجاع ونزاعات أفادت تقارير وأبحاث بأن حجم الشيكات المرتدة خلال الفترة الماضية شهد ارتفاعاً كبيراً، إذ قدّر مصرف الإمارات المركزي عدد الشيكات المرتجعة منذ مطلع العام الجاري حتى نهاية أغسطس الماضي، بنحو مليون و45 ألف شيك، بلغت قيمتها 35 مليار درهم، استحوذت على نحو 5.5٪ من إجمالي عدد الشيكات خلال الفترة نفسها، التي تبلغ 18 مليوناً و847 ألفاً و123 شيكاً، بقيمة إجمالية بلغت 769 ملياراً و400 مليون درهم. وأشارت دراسة حديثة لشركة «كلاتونز» للاستشارات العقارية، إلى أن الشيكات المرتجعة الخاصة بالنزاعات الإيجارية مثلت نحو 50٪ من إجمالي نزاعات عقود الإيجار في الفترة بين بداية 2009 حتى نهاية ،2010 التي سجلت أعلى معدلاتها في العام ،2009 وعلى الرغم من تراجعها منذ بداية عام ،2011 إلا أنها لاتزال تحقق معدلات عالية نسبياً. وأوضحت أن هناك جهوداً كبيرة تبذل من قبل المالك وشركات إدارة العقارات للوصول إلى حلول ودية، يدور معظمها لمد فترة الدفع أو خصم جزء من المتأخرات تصل إلى 50٪ في بعض الحالات، إلا أن نسبة حالات التعثر التي تنتهي بحلول ودية لا تتجاوز 30٪ من إجمالي النزاعات. |
إلى ذلك، أقر مصرفيون بأن المستأجر الذي يرتد شيك مستحق عليه يتعرض لغرامة مزدوجة، إذ إن المؤجر يطالبه بسداد غرامة الشيك المرتد الواردة في عقد الإيجار، وأيضاً يطالبه البنك بسداد رسوم الشيك المرتد والمقدرة بـ100 درهم.
وأشاروا إلى أن من أهم أسباب ارتداد الشيك المصرفي من دون تعمد، تأخر تحويل الراتب، وتغير القسط المستحق على التمويلات طويلة الأجل ذات الفائدة المتحركة، ووجود أخطاء فنية في كتابة الشيك، مثل عدم تطابق التوقيع أو كتابة تاريخ خطأ للشيك.
كفاية الرصيد
وتفصيلاً، قال مستأجر لوحدة سكنية في الشارقة، عماد الدين مصطفى، إنه استأجر شقة من مكتب عقاري منذ أكثر من عامين، ووقع على شيكات بواقع أربع شيكات سنوية، ووجد أن المكتب أضاف بنداً في العقد يقضي بتحصيل 500 درهم غرامة في حال ارتداد أي من الشيكات.
وأضاف أنه استفسر من المكتب عن ذلك الشرط، فأخبره الموظف بأن تلك الغرامة لن تحصل إلا في حالات تكرار ارتداد الشيك، وأن المكتب يتصل بالمتعامل وقتها لتحصيل قيمة الشيك المرتد قبل مطالبته بسداد الغرامة.
وأكد أنه طوال العامين الأولين لعقد الإيجار لم يرتد أي شيك، وبعد ذلك تلقى مكالمة من مكتب الإيجار يخبره بارتداد أحد الشيكات لعدم كفاية الرصيد، ويطالبه بسداد غرامة الشيك المرتد المنصوص عليها في عقد الإيجار.
وأشار إلى أنه راجع رصيده في البنك، فاتضح أن البنك جمّد عن طريق الخطأ أموالاً تعادل قيمة القسط الشهري للقرض الشخصي، على الرغم من تحصيل القسط فعلياً في ذلك الشهر، لافتاً إلى أن البنك صحح الخطأ فور تقديم شكوى، وأصبح الرصيد كافياً للشيك، لكن المكتب العقاري أصر مع ذلك على تحصيل غرامة الشيك المرتد.
معاقبة المستأجر
من جانبه، قال مستأجر شقة في دبي، وائل عبدالله، إن المكتب العقاري الذي يتعامل معه طالبه بسداد 1000 درهم غرامة على شيك مرتد على الرغم من كفاية الرصيد.
وأوضح أنه أثناء توقيع شيكات الإيجار كتب عن طريق الخطأ تواريخ الشيكات الأربعة في عام 2010 على الرغم من أن شيكين منهما كانا يستحقان السداد عام ،2011 وبالفعل تنبه المسؤول في المكتب العقاري للخطأ فطالبه بتصحيح التاريخ، دون أن يطالبه بالتوقيع بجوار التاريخ الذي تم تصحيحه.
وأشار إلى أن المكتب العقاري قرر معاقبته بسبب خلاف حدث بينهما جراء مطالبته المكتب بتحمل تكاليف عمليات الصيانة الدورية في الوحدة السكنية، فاستغل المكتب ارتداد الشيك ووجود بند بالغرامة المستحقة على الشيك المرتد وألزمه بسداد تلك الغرامة، مؤكداً أنه قرر الانتقال لشقة جديدة وعدم التعامل مع ذلك المكتب العقاري مجدداً.
غرامة ارتداد
أما الموظف في إحدى الشركات التجارية، هشام البحيري، فأكد أن مالك الشقة التي يقيم فيها طالبه بسداد 1000 درهم غرامة بسبب ارتداد أحد الشيكات لعدم كفاية الرصيد.
وأقر بأن المشكلة حدثت بسبب عدم احتسابه بشكل صحيح المبلغ المستحق على بطاقته الائتمانية، ما أدى إلى ارتداد الشيك لعدم كفاية الرصيد.
وأشار إلى أنه طلب من المالك أن يتوجه للبنك لصرف الشيك المرتد بعد زيادته الرصيد، أو أن يسدد قيمة الشيك نقداً، لكن المالك رفض، وأخبره بأن قيمة غرامة الشيك المرتد والمنصوص عليها في العقد الموقع بينهما هي تعويض عن الانخفاض الحادث في الإيجارات.
تطابق التوقيع
في السياق ذاته، قال المستأجر عبدالله علي محمد، إنه استأجر شقة في الشارقة مدة عام، على ست دفعات تتم من خلال شيكات بنكية، وارتدت من هذه الشيكات ثلاث دفعات، على الرغم من وجود رصيد في البنك، وبمراجعة البنك جاء الرد أن التوقيع على الشيك غير مطابق للتوقيع الموجود في نظام البنك.
وأضاف أن «هذه الشيكات المرتدة كلفتني إلى الآن 3300 درهم، إذ يفرض المؤجر غرامة مالية تقدر بـ1000 درهم، في حال ارتداد شيك الإيجار، فضلاً عن غرامة البنك التي تقدر بـ100 درهم».
وتساءل عن سبب تحمله كل هذه الغرامات على الرغم من عدم تعمده ارتداد أي من شيكاته، داعياً إلى ضرورة مراعاة الشركات العقارية أسباب ارتداد الشيك، خصوصاً عندما يكون الخطأ الذي أدى إلى ارتدادها حصل من دون سوء نية.
من جانبه، قال أحد قاطني منطقة «ديسكفري غاردنز»، ويدعى أحمد عادل، إنه تعرض خلال الشهر الماضي لغرامة تصل قيمتها إلى 2000 درهم من قبل الشركة العقارية التي تدير المشروع، بسبب ارتداد شيك الإيجار، والناتج عن شكوك موظف البنك حول التوقيع.
وأضاف أنه حاول التفاوض مع الشركة لإلغاء الغرامة والدفع نقداً، إلا أن طلبه قوبل بتعنت، وخيرته الشركة بين الغرامة أو مقاضاته بناء على بنود العقد الموقع بينهما.
وطالب عادل الجهات المعنية بضرورة مراجعة هذه الأخطاء، وعدم فرض غرامات حتى يتم التأكد من سبب الارتداد، فضلاً عن ضرورة خفض قيمة الغرامات، إذ يكلف الشيك الواحد أكثر من 2000 درهم.
تهرب المستأجرين
إلى ذلك، قال مدير شركة الجرف العقارية، محمد الأحمد، إن «فكرة فرض الغرامات على الشيكات المرتدة، تطبقها معظم الشركات العقارية، إن لم تكن جميعها، إذ يعتمد المؤجر بشكل كبير على عائد الإيجار لاستكمال أعماله، سواء كانت شركة عقارية كبرى، أو مالك بناية».
وأوضح أن «هذا العائد الإيجاري يمثل النقطة الأهم في دائرة السوق العقارية، خصوصاً في ظل تراجع حجم المبيعات بشكل عام، لذلك فإن معظم المؤجرين حريصون على عدم تأخر الإيجار».
وبين الجرف أنه «يجب على المؤجرين، سواء كانوا أفراداً أو شركات، وضع شروط تلزم المستأجرين بمواعيد الدفع، لعدم التهرب من الأقساط الإيجارية، إذ واجه مؤجرون هروب الكثير من المستأجرين دون دفع مستحقاتهم خلال فترة ما بعد الأزمة العالمية، الأمر الذي أصاب العديد من الشركات بتراجع عائداتها الشهرية».
سبب الارتداد
من جانبه، قال مدير شركة «عوض قرقاش» للعقارات، رعد رمضان، إن «تطبيق غرامات على شيكات الإيجار المرتدة أمر ضروري، إلا أنه يجب ألا يطبق عشوائياً»، لافتاً إلى أن «هناك شركات تأجير عدة تطبق هذا النظام، وأخرى لا تطبقه إطلاقاً».
وبين أن «الشركات العقارية تكون متسامحة للغاية مع المستأجرين الذين يطلبون تأجيل تاريخ استحقاق الشيك قبل موعده، الأمر الذي تتقبله الشركات بصدر رحب، ولا تفرض غرامات عليه، وهناك البعض الآخر لا يستقطع رسوماً في حال ارتداد الشيك إلا لسبب واحد هو عدم كفاية الرصيد».
ولفت إلى أن «ملاك البنايات والشركات العاملة في مجال التأجير والوساطة عندها التزامات بنكية، وهي الأخرى معرضة لدفع غرامات حال تأخرها عن السداد نتيجة تعثر المستأجرين».
تحوط للمخاطر
في السياق ذاته، قال المدير في شركة «قصر الملوك» العقارية، أشرف دياب، إن «فترة ما بعد الأزمة المالية شهدت زيادة كبيرة في أعداد شيكات الإيجار المرتدة، الأمر الذي أثر جلياً في عائدات الشركات العقارية»، مضيفاً أن «هذه المخاوف زادت من تحوط الشركات العقارية لهذه المخاطر، من خلال فرض غرامات على الشيكات المرتدة، الأمر الذي يحفظ للمؤجر حقوقه، ويلزم المستأجر أداء الالتزامات الواقعة عليه في وقتها».
وبين دياب أن «تطبيق الغرامات لا يتم بتعنت، وينظر في كل حالة على حدة، وفي حالات الأخطاء غير المتعمدة لا يغرم المستأجر».
وأشار إلى أن «هناك الكثير من المؤجرين على اختلاف طبيعتهم لديهم التزامات بنكية، تحصل مقابل شيكات الإيجار، وفي حال تأخر تلك الشيكات تقع الغرامة على المؤجر، الأمر الذي يستوجب تغريم المستأجر غرامة المالك».
حالات الارتداد
من جانبه، حدد نائب رئيس أول، رئيس إدارة الفروع ومجموعة الخدمات المصرفية للأفراد في البنك العربي المتحد، رامي نزار جودة، عدداً من الحالات التي يمكن أن يرتد فيها الشيك المصرفي حتى في حال توافر رصيد كاف في حساب المتعامل الذي أصدر الشيك.
وقال إن «معظم حالات الارتداد التي تأتي دون وجود نية مسبقة وعلم بارتداد الشيك، تحدث بسبب امتلاك المتعامل بطاقة ائتمانية أو أكثر وسداده أقساطاً شهرية لتمويلات أو قروض حصل عليها».
وفسر ذلك بأن «المتعامل عادة ما يعتقد أن الرصيد كاف وينسى أن دفعة البطاقة الائتمانية أو القسط الشهري للقرض أو التمويل تستحق في تاريخ سابق لتاريخ تحصيل شيك الإيجار».
وأضاف جودة أن «من الأسباب الأخرى لارتداد الشيك أن بعض التمويلات طويلة الأجل تعتمد على فائدة متحركة، خصوصاً للتمويلات العقارية، ففي مثل هذه الحال قد يختلف القسط الشهري للتمويل كل ثلاثة أشهر مع تغير سعر (إيبور) الذي يحدده المصرف المركزي».
وأشار إلى أنه «في بعض الحالات قد يرتد الشيك لعدم وجود رصيد كاف بسبب خصم البنوك بعض الرسوم المستحقة على المتعامل كغرامات تأخير يكون المتعامل لم يأخذها في الحسبان عند حساب الرصيد المتوافر في الحساب»، مؤكداً ضرورة مراجعة المتعاملين أرصدتهم بدقة وبصفة دورية عبر مختلف القنوات التي يوفرها البنك للتواصل مع متعامليه».
ونبه جودة إلى أن «الشيك قد يرتد لوجود خطأ في كتابة تاريخ الاستحقاق أو في التوقيع، إذ يمتلك بعض المتعاملين أكثر من توقيع، وهنا يجب على المتعامل تحديث توقيعه ومراجعة تفاصيل الشيك بدقة مع الاحتفاظ بدفتر الشيكات في مكان آمن».
وأوضح أنه «وفقاً لتعليمات المصرف المركزي التي بدأ تطبيقها في مايو الماضي، تم توحيد رسوم الشيكات المرتدة المسحوبة على الحساب المصرفي في جميع البنوك لتصبح 100 درهم».
وأشار إلى أنه «في حال وجود خطأ من قبل البنوك تسبب ارتداد الشيك (مثل تجميد القسط الشهري مرة أخرى خطأ) فيمكن للمتعامل التقدم بشكوى للبنك، وغالباً ما يتم فك التجميد على المبلغ في الوقت نفسه عبر الاتصال بالبنك مع المطالبة بإيداع الشيك من جديد لتحصيله»، لافتاً إلى أن «البنوك تهتم بالشكاوى التي ترد إليها عبر مركز الاتصال، ويتم تصعيدها للمستويات العليا للبنك عبر النظام الإلكتروني، بحيث يحصل المتعامل على حقه كاملاً لو كان الخطأ تم من قبل البنك».
غرامة مزدوجة
من جهته، أكد عضو المجلس الوطني والخبير المصرفي، علي عيسى آل معين، أن «المستأجر الذي يرتد شيك مستحق عليه يتعرض لغرامة مزدوجة، فالمؤجر يطالبه بسداد غرامة الشيك المرتد الواردة في عقد الإيجار، وأيضاً يطالبه البنك بسداد رسوم الشيك المرتد، فضلاً عن أن واقعة ارتداد شيك لعدم كفاية الرصيد تضر بالتاريخ والتصنيف الائتماني للمستأجر بوصفة متعاملاً مع البنوك».
وقال إن «تحصيل المكاتب العقارية ومؤجري الوحدات السكنية غرامات على الشيكات المرتدة يرجع إلى أن البنوك تحصل رسوم الشيك المرتد من مالك العقار ذاته، وهنا يكون من الطبيعي أن يطلب من المستأجر سداد غرامة الشيك المرتد».
وأضاف أن «ارتداد الشيكات يكون لأسباب عدة أهمها عدم كفاية الرصيد، الذي ينتج في معظم الأحوال من عدم معرفة المستأجر صاحب الشيك الاستحقاقات الواجبة عليه أو لتأخر تحويل راتبه، فضلاً عن ذلك قد يرتد الشيك لأسباب فنية مثل أن يصبح منتهي الصلاحية، لأن صاحبه أخطأ في كتابه تاريخ الاستحقاق، لاسيما عام الاستحقاق».
وأوضح أن «المستأجر في هذه الحالة، وفي حال تأخر تحويل الراتب عن الموعد المعتاد، يمكنه أن يطلب من المؤجر إعفاءه من غرامة الشيك المرتد لأنه غير مسؤول، ولم يتعمد ارتداد الشيك»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news