الانتهاء من مشروع تعديلات قانون مدققي الحسابات

خبراء: «المحاسبة» تواجه ضعــف الموارد والتشريعات و«شكوك» الأزمــة العالمية

أزمات أسواق المال وانهيار كبرى الشركات العالمية وجهت الشكوك والاتهامات إلى مهنة المحاسبة. غيتي ـ أرشيفية

كشفت وزارة الاقتصاد، عن الانتهاء من إعداد مشروع تعديلات قانون تنظيم مهنة مدققي الحسابات رقم (22) لسنة 1995 ولائحته التنفيذية، مؤكدة أن هذه التعديلات تتضمن مواد لتشجيع عملية التوطين في القطاع.

وذكرت خلال مؤتمر «المحاسبة والمراجعة واستشراف آفاق المستقبل»، الذي نظمته وزارة الاقتصاد، بالتعاون مع جمعية المحاسبين ومدققي الحسابات، في أبوظبي أمس، أنه تم الانتهاء من مناقشة الصيغة المعدلة لمشروع قانون النظام الموحد لمزاولة مهنة مراجعة الحسابات لدول مجلس التعاون الخليجي، ومن المنتظر إقراره خلال العام المقبل.

بدورهم، أشار متخصصون مشاركون في المؤتمر إلى التحديات التي تواجه مهنة المحاسبة، ومنها تأهيل واعتماد المحاسبين، وضعف الموارد، وغياب التشريعات، فضلاً عن الشكوك والاتهامات التي وجهت إليها بسبب الأزمة المالية العالمية، وانهيار كبرى الشركات العالمية، والمعايير المتطورة عالمياً مقارنة مع احتياجات دول الخليج.

وذكروا أنه تم الانتهاء من إقامة أول معهد خليجي لتدريب وتأهيل المحاسبين، يمنح دبلومات في المحاسبة للمواطنين الخليجيين.

أهمية مهنة المحاسبة

وتفصيلاً، قال وزير الاقتصاد، المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، إن «هناك تحديات عدة تواجه مهنة المحاسبة، يتصدرها تأهيل واعتماد المحاسبين، وضعف الموارد، وغياب التشريعات والقوانين الداعمة لمهنة المحاسبة»، لافتاً إلى أن الوزارة قطعت شوطاً كبيراً يتعلق بمعايير المحاسبة، وإحراز تقدم في تبني معايير المحاسبة العالمية.

وأفاد في كلمة ألقاها نيابة عنه أمس، وزير العدل، الدكتور هادف بن جوعان الظاهري، في افتتاح المؤتمر، بأن «مهنة المحاسبة والتدقيق من المهن التي تقوم بدور رئيس ومؤثر في الاقتصاد الوطني، إذ إنها تعتبر عصب الاقتصاد، وينبثق من ميزانياتها وبتحليلاتها المالية المختلفة الإحصاءات الاقتصادية والمالية كافة، فضلاً عن بيان حجم التعاملات المالية الاستثمارات، والتدفقات النقدية، ومن ثم الميزان التجاري، وميزان المدفوعات للدولة».

وأكد أن «الدولة تعي أهمية تطوير مهنة المحاسبة ودعمها بالأطر القانونية والإدارية اللازمة لدعم البيئة الاستثمارية»، مشيراً إلى حرص الوزارة بصورة دائمة على دعم أداء هذه المهنة من خلال إدارة مدققي الحسابات التي تتولى تنفيذ أحكام القانون الاتحادي رقم 22/،95 في شأن تنظيم مهنة مدققي الحسابات ولائحته التنفيذية، وتقوم الإدارة بالقيد والتجديد والتأشير لمزاولي مهنة المحاسبة والمراجعة، وفق أرقى المعايير الدولية المتبعة في هذا المجال.

وبيّن أن «الوزارة تلقت منذ العمل بالقانون عام ،1996 944 طلب قيد، من بينها 562 طلب مدقق حسابات، 295 منهم مواطنين، كما تلقت 68 طلباً من شركات وطنية من خلال 86 فرعاً لها داخل الدولة، و11 طلباً من شركات اجنبية من خلال 33 فرعاً لها داخل الدولة، لافتاً إلى أن الوزارة أطلقت خلال العام الجاري أول دليل للرقابة على مكاتب تدقيق الحسابات العربية.

ودعا المنصوري إلى نشر الوعي بأهمية مهنـة المحاسـبة ودورها في الإسهام بتطـوير الاقتصاد الوطني، مؤكداً الحاجة الماسة لوجود مناهج تعليمية متطورة مدعمة بتكنولوجيا المعلومات والنظم المحاسبية المؤتمتة في تدريس المناهج المحاسبية.

تشجيع التوطين

من جانبه، قال وكيل وزارة الاقتصاد، المهندس محمد بن عبدالعزيز الشحي، إن «مشروع القانون الجديد لتنظيم مهنة المحاسبة في الدولة يتضمن مواد عدة لتدعيم عملية التوطين في هذا القطاع، من خلال منح المواطنين المتخصصين مرونة أكبر في التفرغ لممارسة هذه المهنة، في ظل التزام معظمهم بوظائف حكومية، كما يتضمن معايير إضافية للحصول على الترخيص اللازم لممارسة المهنة سواء للشركات أو الأفراد، إضافة إلى تشديد العقوبات والغرامات على المكاتب والأفراد الذين يخالفون معايير العمل المعتمدة والموضحة في القانون».

وأضاف أن «عدد المواطنين العاملين في مهنة التدقيق والمحاسبة في الدولة يبلغ حالياً 418 مواطنا»، لافتاً إلى أن «الوزارة انتهت من إعداد دليل توضيحي لمتطلبات المهنة ومعايير العمل، ونوع وطبيعة المعلومات المالية المطلوب توضيحها من جانب المكاتب وشركات التدقيق، وستوزعه مطلع العام المقبل، على أن تبدأ بعد ذلك في تنفيذ خطتها الخاصة بالرقابة والتفتيش على عمل مزاولي هذه المهنة عبر حملات دورية.

وأوضح الشحي أن «مشروع القانون القانون الجديد يلقى اهتماماً كبيراً من قبل الجهات المعنية، نظراً لما ينطوي عليه من أهمية كبرى في تنظيم هذه المهنة، ما يدعم عملية النمو وتطوير الأداء الاقتصادي، وتعزيز تنافسية الدولة».

تحديات المهنة

من جانبه، أكد رئيس جمعية المحاسبين رئيس المؤتمر، الدكتور عبدالكريم احمد الزرعوني، في تصريحات صحافية، الانتهاء من قانون تنظيم مهنة المحاسبة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، متوقعا صدوره خلال العام المقبل، بالتعاون مع الهيئة الخليجية للمحاسبة.

وقال إن «الجمعية عقدت شراكات استراتيجية مع جهات مشرعة ومنظمة للمهنة من داخل الدولة وخارجها، كان أبرزها التعاون مع وزارة العدل في تحديث قانون الخبراء المحاسبين، ومع وزارة الاقتصاد في تعديل وتحديث قانون مهنة مدققي الحسابات، ومع هيئة الأوراق المالية والسلع وغرف التجارة والصناعة في الدولة والجامعات والكليات والمجامع المهنية المختلفة.

وأوضح أن «التحديات التي تواجه المهنة لم يسبق لها مثيل من قبل، إذ إن تداعيات الأزمة المالية العالمية متمثلة في أزمات أسواق المال وانهيار كبرى الشركات العالمية وجهت الشكوك والاتهامات لمهنة المحاسبة».

ولفت إلى أن «الأزمة نبهت إلى بعد جديد في المهنة، يتعلق بالمتغيرات المتوقعة تسمى محاسبة الاستدامة، والتي تتعلق بالتكاليف الاجتماعية والبيئية عند قياس أداء المنشآت».

وأكد أن «هذا البعد سيؤسس تحدياً جديداً لمهنة المحاسبة مستقبلاً، كما سيكون لهذه المهنة الدور في إعداد استراتيجيات لخفض التكاليف البيئية والاجتماعية، فضلاً عن بناء نظم محاسبية تساعد على قياس وتطوير هذا المبدأ، والتأكيد على أنه يمكن لمشروعات الأعمال تحقيق النجاح الاقتصادي والاجتماعي في آن واحد».

معهد تدريب خليجي

بدوره، قال المدير التنفيذي لهيئة المحاسبة والمراجعة لدول مجلس التعاون الخليجي، الدكتور محمد عبدالله عباس، في تصريحات صحافية، إنه «تم الانتهاء من اقامة أول معهد خليجي لتدريب وتأهيل المحاسبين وخريجي كليات التجارة في دول مجلس التعاون الخليجي»، مشيرا إلى أن الهيئة تسلمت المعهد الجديد في العاصمة السعودية الرياض، وسيبدأ عمله اعتباراً من مطلع العام المقبل.

وأفاد بأن «المعهد سيمنح دبلومات في المحاسبة للمواطنين الخليجيين، فضلاً عن شهادة جديدة هي شهادة (فاحص لجودة الأداء المهني)، تم الإعلان عنها في المؤتمر، وهي شهادة دولية تؤهل الحاصل عليها للعمل في أي مكاتب أجنبية أو وطنية للمحاسبة».

ولفت إلى وجود تـفاوت كبـير بين معايير المحاسبـة والتدقيق المعمول بها في كل دولة خليجية، إضافة إلى أن بعض المعايير غير واضـحة في دول عدة، لذلك فإن الهيئة عملت على إقرار مشـروع بمعايير متكاملة لمهنة المحاسبة وتدقيق الحسابات، يمكن تعميـمها على مسـتوى دول الخليج، إلا ان صعوبات تمـويلية حـالت دون تحقيقها.

وأكد أن «المشكلة التي نواجهها حالياً تتمثل في أن معايير المحاسبة الدولية متطورة ومتقدمة جداً مقارنة باحتياجات دول الخليج، لذلك تعمل الجمعية على إيجاد توافق بين هذه المعايير وبين احتياجات دول الخليج».

وذكر أن «الهيئة تتعاون حالياً مع البنك الدولي لإعداد منظومة موحدة للتقارير المالية، وتشمل ما يتعلق بالأنظمة والشركات والترخيص»، لافتاً إلى تلقيها مقترحـات من الإمارات، وقطر، وعُمان، حول تلك المنظومة التي ستنضم إليها السعودية والكويت واليمن لاحقا.

تويتر