لم تفرق بين إعادة الهيكلة وإعادة التمويل.. وتجاهلت نمو الناتج المحلي
تقارير غربية تعيد المخاوف إلى أسـواق الأسهم
التجارة والسياحة والنقل أسهمت بقوة في نمو اقتصاد دبي في .2011 الإمارات اليوم
هدّأت الأخبار التي نشرتها وسائل إعلام غربية عن مسألة استحقاقات ديون دبي، من قوة الارتفاعات التي شهدتها أسواق الأسهم المحلية في بداية الأسبوع الماضي، تفاعلاً مع قرارات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، الخاصة بزيادة رواتب العاملين في الحكومة الاتحادية، وتخصيص 10 مليارات درهم لإطفاء ديون بنكية على المواطنين.
ووفقاً لمحللين، فإنه على الرغم من عدم دقة ما ورد بتلك الأخبار، من حيث عدم التفرقة بين عمليات إعادة الهيكلة وعمليات إعادة التمويل، إلا أن الأخبار المتعلقة بمسألة ديون دبي أصبحت مصدراً رئيساً لمخاوف المستثمرين في أسواق الأسهم المحلية، خصوصاً بعد الربط بين سداد تلك الاستحقاقات ونقص السيولة في الأسواق بشكل عام، وفي أسواق الأسهم التي تعاني تلك المشكلة حالياً على وجه الخصوص.
وقالوا إن دبي فعلت كل ما يمكن فعله لمواجهة استحقاقات الديون، وإن ارتفاع ناتجها المحلي الإجمالي سيمكّنها من مواجهة مشكلة استحقاقات الديون في الأعوام المقبلة.
وأشاروا إلى أن نمو قطاعات مثل التجارة والسياحة والتجزئة والبنى التحتية والنقل، سيساعد دبي على الوفاء بالتزاماتها في الموعد المحدد، لافتين إلى أنه ليس هناك ما يستوجب القلق حيال قدرة الشركات المحلية على إعادة تمويل ديونها.
مواجهة الديون
وتفصيلاً، قلّل كبير الاقتصاديين في بنك ستاندرد تشارترد، فيليبي بانتانتشي، من المخاوف التي سيطرت على أسواق الأسهم بعد خروج الأخبار المتواترة عن ديون دبي، فقال إن «ديون دبي لم تختفِ بالتأكيد، لكن الإمارة بدأت تواجه مشكلات ديونها عبر كل السبل الممكنة مثل إعادة الهيكلة، وإعادة التمويل، وبيع الأصول»، مضيفاً أن «دبي يمكنها أن تواجه ذلك بكل بساطة نتيجة ارتفاع إجمالي الناتج المحلي الذي يحسن مؤشر نسبة الديون إلى إجمالي الناتج المحلي».
وأكد بانتانتشي أن «ديون دبي لم تثنِ القطاعات الأساسية من النمو، إذ أسهمت القطاعات التقليدية في دبي، ومنها التجارة والسياحة والتجزئة والبنى التحتية والنقل، بقوة في النمو المحقق في عام 2011».
إعادة الجدولة
من جهته، ذكر المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، أنه على الرغم من أن المؤشرات النقدية والمصرفية لشهر أكتوبر الماضي، تشير إلى بدء تحسن، كان يمكن أن يتواصل في ظل التأثير الذي يتوقع أن تحدثه قرارات زيادة الرواتب وإطفاء ديون بنكية على المواطنين، إلا أن الأسواق تفاعلت بقوة يوم الثلاثاء، مع أخبار تم تناقلها عن صحيفة (فايننشال تايمز) ذكرت أن دبي أثارت احتمال إعادة جدولة بعض سنداتها التي تستحق السداد العام المقبل مع مواجهة الإمارة والشركات التابعة لحكومتها مدفوعات ديون بقيمة 10 مليارات دولار (36.7 مليار درهم)».
وأكد الشماع أنه «على الرغم من عدم دقة الخبر، الذي لم يميز بين إعادة التمويل وإعادة الجدولة، فإن البيع الذي سارع إليه المتداولون في افتتاح جلسة يوم الثلاثاء يعبر عن شعور بعمق المشكلة التي تواجهها أسواق الأسهم من خلال التخوف من احتمالات تفاقم مشكلات السيولة لو تم اتخاذ حزمة الإجراءات التي تعوض الاقتصاد عن السيولة التي سيتم سحبها من دورة الدخل القومي في عام 2012 وما بعده، نتيجة سداد الالتزامات المترتبة على الحكومات المحلية والشركات المرتبطة بالحكومات، وكذلك على الشركات العامة المدرجة في الأسواق».
وأضاف أن «هناك شعوراً لدى كثير من المتداولين مفاده أن الأسواق في عام 2012 لن تكون أفضل حالاً مما كانت عليه في ،2011 وهو أمر ينسجم مع ما سبق أن ألمح له محافظ المصرف المركزي عندما أشار إلى أن أوضاع المصارف في العام 2012 ستكون مشابهة لعام 2011»، مضيفاً أن «الواقع دعم هذا الشعور، إذ إن الأسواق المالية كانت في تراجع متواصل منذ ما بعد الأزمة المالية في ،2008 فعام 2011 أسوأ من العام السابق، الذي كان أسوأ من العام الذي سبقه، وهكذا كان أداء ما بعد الأزمة المالية العالمية تنازلياً، سواء من حيث أداء المؤشر أو من حيث قيم التداول».
ودلل الشماع على صحة حديثه بالقول إن «المؤشر العام لسوق الإمارات تراجع بنسبة 61٪ في نهاية نوفمبر الماضي، مقارنة مع نهاية يونيو ،2008 وبنسبة 58٪ في نهاية 2010 مقارنة مع يونيو ،2008 وبنسبة 54٪ في نهاية 2009 مقارنة مع يونيو 2008»، مشيراً إلى أن «قيم التداول تراجعت بنسبة 93٪ و91٪ و82٪ في نهاية السنوات 2011 و2010 و2009 على التوالي، مقارنة مع نهاية يونيو 2008».
حلول مبتكرة
اقترح الشماع لتسهيل إعادة التمويل، اتباع أسلوب مبتكر يمكن أن يتمثل في شراء المصرف المركزي الإماراتي سندات دين تصدر عن حكومات كل إمارة، حيث يشتريها ويتم إطفاء قيمة هذه السندات خلال فترة مناسبة، أسوة بما تم عملياً ولكن بالدولار، عندما اكتتب «المركزي» في سندات لحكومة دبي بقيمة 10 مليارات دولار».
وأشار إلى أن «الخيار الأكثر ملاءمة لحل مشكلة المبالغ المستحقة، وهو خيار التخفيف الكمي من خلال الاعتماد على القدرات الكامنة في اقتصاد الإمارات، المتمثلة في وجود بنية تحتية هائلة غير مستغلة بالكامل تم استكمالها بالأموال المقترضة خلال الطفرة وبعدها، وبوجود خزين غير مباع من العمران العقاري».
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة «دويتشه بنك» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هنري عزام، في تصريحات صحافية، إنه «على الرغم من الصعوبة التي قد تجدها الشركات الإماراتية بوجه عام في الحصول على التمويل خلال هذه الفترة جراء الأزمة الأوروبية وغلق نوافذ الائتمان في أوروبا، فإن هذه الشركات قادرة على إيجاد الحلول المبتكرة لمعالجة الاستحقاقات الجديدة».
وأشار إلى أنه «ليس هناك ما يستوجب القلق حيال قدرة الشركات المحلية على إعادة تمويل ديونها على الرغم من تبعات الأزمة الراهنة وتأثيرها المباشر في البنوك الأوروبية».
تسديد الاستحقاقات
إلى ذلك، استبعد البنك الاستثماري «إي إف جي هرميس»، في تقرير له صدر أخيراً، أن تواجه دبي مشكلات في سداد استحقاقاتها القصيرة المدى، لكنه أشار إلى أن المخاطر تبقى موجودة إذا ما حصل تدهور ملحوظ في إمكانية الحصول على التمويل الخارجي لمدة طويلة.
وأشار إلى أن دبي تبرز في المنطقة مستفيدة من وضعها ملاذاً آمناً، لاسيما في قطاعات مثل السياحة والتجارة وتدفق الودائع المصرفية.
ورصد تقرير البنك الاستثماري عدداً من المؤشرات الإيجابية، فقال إن «نسبة قدوم السياح لدبي ارتفعت بنسبة 14٪ في النصف الأول من عام ،2011 فيما زادت نسبة الإشغال في الفنادق إلى نحو 80٪، كما سجل قطاع التجارة في دبي نمواً ملحوظاً»، مشيراً إلى ارتفاع نسبة مناولة الحاويات بنسبة 11٪ في النصف الأول من العام، نتيجة استفادة الموانئ المختلفة في دبي من تغيير خطوط الملاحة بسبب الاضطرابات في المنطقة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news