الأسهم المحلية حققت الأسبوع الجاري مكاسب مجزية بعد 10 جلسات من تراجع المؤشر. تصوير: دينيس مالاري

قرارات «خليفة» تدعم عودة النـشاط إلى الأسهم المحلية

قال محللون ماليون إن قرارات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، التي جاءت بمناسبة الاحتفالات باليوم الوطني الـ40 للدولة ستظهر آثارها الإيجابية بوضوح على أسواق الأسهم المحلية على المدى الزمني الطويل، إذ إنها ستدعم الثقة بالاقتصاد، وهي أولى الخطوات الضرورية لعودة المستثمرين إلى التداول النشط.

وأضافوا أن تخصيص 10 مليارات درهم لتسوية قروض المواطنين ذوي الدخل المحدود سينعكس إيجاباً وبشكل غير مباشر على أسواق الأسهم المحلية، عبر تقليل مخصصات الديون في البنوك، وعودتها للإقراض النشط، فضلاً عن زيادة أرباحها في المستقبل، ما ينعكس على زيادة القيمة السوقية لأسهمها المتداولة في أسواق الأسهم، ومن ثم على الأسهم الباقية.

وأشاروا إلى أن توافر مصدر جديد للسيولة بعد زيادة الرواتب، حتى إن كانت سيولة ضئيلة، سيتيح للمستثمرين من العاملين في الدولة الاستفادة من الصفقات المحتملة وشراء مزيد من الأسهم في حال ما إذا شهدت الأسواق موجات بيع قوية، ما يعني استقرار الأسعار الذي يحفز السوق على الصعود، لافتين إلى أن بشائر القرارات الإيجابية التي أصدرها رئيس الدولة ظهرت سريعاً في أسواق الأسهم فور الإعلان عنها، إذ تمكنت الأسهم من الارتداد في نهاية تعاملات جلسة الأربعاء، مستفيدة من مستويات السيولة المرتفعة التي وفدت في الساعة الأخيرة عقب الإعلان.

تعزيز النمو

أشار الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي، هاني الهاملي، إلى أن «حزمة القرارات والمراسيم التي أصدرها رئيس الدولة ستسهم في تعزيز عملية النمو الاقتصادي للإمارات».

وأضاف أن «قرار زيادة رواتب موظفي الحكومة الاتحادية يستهدف رفع مستوى معيشة هذه الطبقة من المجتمع، كما أنه ذو مغزى كبير من الناحية الاقتصادية، إذ إن زيادة الدخول ستترجم إلى زيادة الطلب الاستهلاكي الفعّال، وهذا بدوره سيحفز أصحاب العمل والمستثمرين على توسيع الطاقة الإنتاجية لتلبية هذا الطلب الإضافي، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على العمالة، فتزداد معدلات التوظيف وتنخفض معدلات البطالة، وبالمقابل، فإن العمالة الجديدة الموظفة كنتيجة لزيادة الرواتب (الدخول) ستقوم هي أيضاً بالإنفاق على السلع والخدمات المعروضة في السوق المحلية، وبالتبعية ستتنشط الدورة الاقتصادية وسيستفيد منها جميع أطراف النشاط الاقتصادي»، مؤكداً أن «القرار يعكس متانة الاقتصاد الوطني، لاسيما أوضاع المال العام، نتيجة للسياسات الحكيمة التي انتهجتها الدولة إزاء المستجدات الحاصلة في البيئة الاقتصادية الدولية».

ولفت الهاملي إلى أن «القرار الذي سيطبق قريباً في الإمارات يأتي في وقت لا تزال الكثير من دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء تعاني براثن الأزمة المالية العالمية، ودخول بعضها في نفق ركود ثان، كما هو حال دول منطقة اليورو، ما استدعى من دوائر صنع القرار فيها اتخاذ سياسات تقشفية تنأى عن زيادة الدخول، وبالتالي تؤدي إلى انخفاض مستوى معيشة الأفراد، وانعكاس ذلك على معدلات الاستثمار إلى جانب انخفاض مستوى التوظيف».

قرارات محفزة

وتفصيلاً، أكد المحلل المالي علاء الدين علي، أن «قرارات رئيس الدولة، التي جاءت بمناسبة الاحتفالات باليوم الوطني الـ40 للدولة، ستصبح عاملاً محفزاً لعودة النشاط لأسواق الأسهم، لكن على مدى زمني طويل نسبياً».

وفسر ذلك بالقول إن «تدعيم الثقة بالاقتصاد هي أولى الخطوات الضرورية لعودة المستثمرين للتداول النشط في أسواق الأسهم، وهذه القرارات ستكون سبباً في بداية عودة الثقة لأطراف السوق كافة، لأن توافر السيولة التي تمكن دولة ما من اتخاذ قرارات بزيادة رواتب العاملين في مثل هذا التوقيت الصعب، يعني بلا شك أن اقتصاد هذه الدولة بخير، وأنه لا يعاني أي مشكلات».

وأشار إلى أن «تضمن قرارات رئيس الدولة تخصيص 10 مليارات درهم لتسوية قروض المواطنين ذوي الدخل المحدود سينعكس إيجاباً وبشكل غير مباشر على أسواق الأسهم المحلية».

وسوغ ذلك بأنه في حال إتمام هذه التسويات ستقل نسبة الديون المعدومة لدى البنوك، وتالياً تقل مخصصات تلك الديون، وتتمكن البنوك من العودة للإقراض، فضلاً عن تمكن المواطنين أنفسهم من الحصول على تمويلات جديدة، ما يقضي على مشكلة السيولة التي تعانيها الأسواق، سواء التجارية أو أسواق الأسهم»، لافتاً إلى أن «تخفيض البنوك مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها سيظهر في صورة أرباح في ميزانياتها للفترات المالية المقبلة، وبالطبع فإن نمو أرباح البنوك سينعكس على أسهمها المتداولة في أسواق الأسهم ما سينعكس إيجاباً على الأسهم الباقية».

تدفق السيولة

من جهته، قال الخبير المالي والاستشاري، الدكتور سمير شاكر، إن «بشائر القرارات الإيجابية التي أصدرها صاحب السمو رئيس الدولة ظهرت سريعاً في أسواق الأسهم فور الإعلان عن تلك القرارات، إذ تمكنت الأسهم من الارتداد في نهاية تعاملات جلسة الأربعاء، مستفيدة من مستويات السيولة المرتفعة التي وفدت في الساعة الأخيرة عقب الإعلان عن تلك القرارات».

وأضاف أن «مؤشر سوق دبي المالي نجح في الحفاظ على مسار الصعود لليوم الثالث على التوالي بدعم من أجواء التفاؤل والثقة في أوساط المستثمرين بعد إعلان تلك القرارات، إذ صحح المؤشر مساره الهابط خلال الجلسة، وساد اللون الأخضر شاشات التداول كافة، فور الإعلان عن قرارات صاحب السمو رئيس الدولة».

وأشار إلى أن «وجهة نظر السوق والمحللين حول هذه القرارات تمثلت في أنها ستوفر مصدراً للسيولة في الأسواق التجارية، وتالياً سيتمكن القطاع الخاص من التغلب على مشكلة نقص السيولة التي يعانيها حالياً، لاسيما وأن هذه القرارات ستحفز البنوك على العودة للإقراض من دون مخاوف من زيادة التعثر المصرفي».

وأوضح أن «توافر سيولة جديدة، حتى وإن كانت ضئيلة، لدى المستثمرين من العاملين في الحكومات الاتحادية والمحلية بعد زيادة الرواتب سيتيح لهم الاستفادة من الصفقات المحتملة وشراء مزيد من الأسهم، خصوصاً إذا ما شهدت الأسواق موجات بيع قوية، ما يعني استقرار الأسعار الذي يحفز السوق على الصعود»، لافتاً إلى أن «من الأخبار الإيجابية التي تم الإعلان عنها، أخيراً، ما ورد في تقرير أعدته (بلومبيرغ)، وأفاد بأن سندات (طيران الإمارات) المقومة بالدولار، التي تستحق في أكتوبر 2015 باتت أفضل بنحو 72 نقطة أساس من سندات الخزانة الأميركية التي تستحق في عام ،2016 وهو أكبر فارق منذ بيع (طيران الإمارات) سندات في يونيو الماضي».

التخفيف الكمي

قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «التخفيف الكمي يعتبر البديل الأفضل لكل الإجراءات الاحترازية التي يمكن أن تتخذ لحفز الاقتصاد وتعزيز السيولة مجدداً»، معرفاً سياسة التخفيف الكمي النقدية، على أنها تلك التي تتبعها السلطات النقدية وسيلة غير تقليدية في السياسات النقدية، بهدف تحفيز الاقتصاد الوطني عندما تعجز السياسات التقليدية أو الوسائل النقدية التقليدية عن أداء هذه المهمة.

وبين أن «ذلك يتم عن طريق شراء البنك المركزي الأصول المالية من المصارف ومؤسسات وشركات القطاع الخاص بأموال جديدة مصنوعة إلكترونياً وليس بأموال مطبوعة ورقياً، أي أن التمويل هنا يتم بصورة حسابية تماماً كما في حالة وحدة حقوق السحب الخاصة التي يصدرها صندوق النقد الدولي».

وذكر أن «هذا النوع من التمويل يختلف عن الإصدار النقدي الجديد من العملة للتداول، إذ إن النقود الإلكترونية أو الحسابية التي ستدخل في حسابات المصارف لن ترفع من قدرة المصارف على توفير نقود الودائع».

وأوضح أن «تطبيق هذه السياسة في الإمارات لا ينطوي على مخاطر تضخمية بقدر ما يواجه عقبة عدم وجود سندات خزينة تحتفظ بها المصارف يمكن أن تشتريها السلطة النقدية منها».

وأكد أن «هناك دلائل قوية على نجاح سياسات التخفيف الكمي في العديد من دول العالم، ومنها اليابان، والولايات المتحدة التي تمكنت بفضل هذه السياسة من معالجة الكثير من جوانب الخلل التي تولدت في أعقاب الأزمة المالية العالمية»، مقترحاً أن «تتم عملية التخفيف الكمي عبر شراء المصرف المركزي سندات دين تصدر عن حكومات كل إمارة، ويتم إطفاء قيمة هذه السندات خلال فترة مناسبة على أن تقوم كل حكومة بشراء ديون المصارف التابعة لها وبما يجعل هذه المصارف تعاود الإقراض، خصوصاً لأغراض تمويل شراء الوحدات العقارية».

تعويض الخسائر

بدوره، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «أسواق الأسهم المحلية نجحت خلال الأسبوع الجاري في تحقيق مكاسب مجزية بعد 10 جلسات من تراجع المؤشر، والذي تطابق مع تراجع قيم التداول، إذ ارتدت الأسواق المحلية على وقع ارتداد الأسواق العالمية».

وأضاف أن «ارتداد مؤشرات الأسواق المحلية الاثنين الماضي تمكن من تعويض نسبة 23٪ من خسائر الجلسات الـ،10 التي كانت أفقدت السوق نسبة 3.03٪ من قيمتها التي تراجعت بقيمة 10.7 مليارات درهم استعادت منها ما قيمته 2.4 مليار درهم في جلسة الاثنين».

وأوضح أنه «في المقابل، فإن مؤشر (داوجونز) عوض 51٪ من خسائره في الـ10 جلسات التي سبقت ارتداد جلسة الاثنين الماضي، في حين محا مؤشر (كالك كارنت) الأوروبي خسائر 10 جلسات في يوم واحد، وعوض خسائره بنسبة 128٪، فيما عوض مؤشر (داكس) نسبة 90٪ من خسائره ومؤشر (فوتسي) نسبة 68٪، وكذلك عوضت السوق اليابانية 58٪ من خسائرها»، لافتاً إلى أن «هذه الأرقام تظهر أن الأسواق العالمية استطاعت أن تعوض معظم خسائرها التي تكبدتها في الأسبوعين اللذين سبقا ارتداد يوم 28 نوفمبر، فيما لم تعوض الأسواق المحلية سوى أقل من ربع الخسائر».

واعتبر الشماع أن «المحاكاة التي سارت عليها الأسواق في الآونة الأخيرة ليست متصلة بالمخاوف التي تسود الأسواق العالمية، بقدر ما كونها دلالة ضعف ناجم عن خلو الأسواق من المستثمرين واقتصارها على وجود المضاربين الساعين لأرباح هامشية»، مدللاً على ذلك بانخفاض المتوسط الشهري لقيمة صفقة التداول الواحدة إلى 70 ألف درهم هبوطاً من 224 ألف درهم في أكتوبر الماضي وبنسبة 68٪، وأيضاً بانخفاض المتوسط الشهري لقيمة السهم الواحد المتداول من قرابة سبعة دراهم إلى 35.1 درهماً وبنسبة تراجع تزيد على 08٪ خلال الفترة ذاتها».

وأوضح أن «التراجع في قيمة الصفقة الواحدة، الذي يؤشر إلى تدني قيم التداول، نجم عن تراجع نسبة تداولات المواطنين لإجمالي التداول، إذ إن كبار المستثمرين من المواطنين، الذين فقدوا نسبة كبيرة من قيمة أسهمهم وعلقوا في قروض يعجزون عن سدادها، أصبحوا خارج الأسواق وانخفضت نسبة تداولاتهم من 74٪ إلى 58٪ خلال الفترة من أكتوبر 2007 وحتى الآن».

وقال إنه «في المقابل ارتفعت نسبة تداولات الأجانب وغالبيتهم من المقيمين خلال فترة المقارنة من 26٪ إلى 42٪»، مؤكداً أن «تراجع نسبة تداولات المواطنين وانخفاض قيمة الصفقات التي يبرمونها هو مؤشر آخر إلى تدني مستويات السيولة لدى القطاع الخاص الإماراتي، إذ إن المستثمرين من أفراد ومؤسسات لم تعد لديهم السيولة التي توجه إلى المحافظ المالية، وأصبح جُل اهتمامهم في هذا الظرف الاستثنائي هو إدامة وتثبيت أعمالهم وأنشطتهم الرئيسة، التي تعاني هي الأخرى شح السيولة».

الأكثر مشاركة