تتضمن اتهامات بالكذب وتهديدات بالتشهير وإزعاجاً بـ « الاتصال الآلي »

متعثرون: أقسام التحصيل في البـــنوك تلاحقنا بـ « مكالمات مسيئة »

مصرفيون أكدوا أن المتعامل المتعثر يفرض على مسؤول قسم التحصيل أسلوب التعامل معه. الإمارات اليوم

شكا متعاملون مع بنوك محلية تلقيهم اتصالات هاتفية من موظفي أقسام التحصيل في البنك تطالبهم بسداد مستحقات القروض والتمويلات المتأخرة بأسلوب غير لائق، مؤكدين أن المكالمات عادة ما تتضمن توجيه اتهامات لهم بالكذب، وتهديدات باتخاذ الإجراءات القانونية أو بالتشهير بهم في أماكن عملهم، فضلاً عن وضع هواتفهم الجوالة على جهاز «اتصال آلي» خاص بالبنك، بحيث يتلقى المتعامل رسائل صوتية طوال اليوم عبر مكالمات تتم بطريقة آلية تطالبه بالسداد في أوقات مبكرة نهاراً ومتأخرة ليلاً.

وإلى ذلك، ابتكرت بنوك أخرى أسلوباً جديداً لإجبار المتعثرين على السداد عبر التعاون مع شركات تحصيل محلية في الوطن الأصلي للمتعثر، بحيث تتولى الاتصال بأهله وذويه للتشهير به، وتهديدهم بأنه معرض للسجن في الإمارات إذا لم يقم بسداد مستحقات البنك.

وفي الوقت الذي أقر فيه موظف بقسم التحصيل في بنك محلي، بأنه يتم في بعض الأحيان التعامل بأسلوب غير لائق مع المتعامل المتعثر غير الجاد لتحقيق النسبة المستهدفة لكل موظف، وإلا تم الاستغناء عن خدماته؛ استبعد مصرفيون أن يكون الأسلوب غير اللائق هو أسلوب تعامل العاملين في أقسام التحصيل في البنوك مع المتعاملين المتعثرين.

وقالوا إن المتعامل المتعثر هو الذي يفرض على مسؤول قسم التحصيل أسلوب التعامل معه، فإذا كان جاداً وملتزماً بالتسوية أو ساعياً إليها، فلا يمكن أن يتم التعامل معه بأسلوب غير لائق.

وأضافوا أنه في حال تلقى المتعامل اتصالاً بأسلوب غير لائق أو يتضمن سباباً أو إهانات فيمكنه التقدم بشكوى للبنك الذي يتأكد من صحة الأمر عبر مراجعة تاريخ وتوقيت المكالمة، لافتين إلى أن مطالبة البنوك بالتغاضي عن تحصيل مستحقاتها لدى المتعثرين لأسباب إنسانية، غير منطقية، لأن البنوك لا يمكنها قانوناً التنازل عن حقوقها، التي هي في الأساس أموال مساهمين لابد من المطالبة بها.

وأكد المصرفيون أن البنوك عادة ما تدرس حالة المتعثر، فإذا ما وجدت أنه تعثر لأسباب خارجة عن إرادته مثل المرض أو فقدان الوظيفة، تمنحه مهله للسداد وتتساهل معه من ناحية إطالة فترة السداد وتقليص قيمة الأقساط الشهرية، موضحين أن هناك بنوكاً أطلقت خدمة الاستشارات المالية لمساعدة المتعاملين على تجاوز التحديات المالية التي تواجههم، إذ توفر حلولاً مالية لهم، تم تصميمها خصيصاً لمساعدتهم على إعادة هيكلة التزاماتهم المستحقة، وتخفيف الأعباء المالية المترتبة عليهم.

إهانات

تحقيق النسبة المستهدفة

أقر موظف في قسم التحصيل في أحد البنوك، طلب عدم ذكر اسمه، بأن «الموظفين في أقسام التحصيل في البنوك قد يضطرون أحياناً إلى التعامل بأسلوب غير لائق مع المتعامل لأسباب عدة، منها أن يخلف المتعامل وعوده المتكررة بتسديد المستحقات، أو أن يكذب في سرد المعلومات والحقائق، أو أن يتجاهل محاولات البنك للتسوية ظناً منه بأن البنك لن يستطيع اتخاذ إجراءات ضده».

وقال إن «الموظفين في أقسام التحصيل مضطرون إلى الإلحاح على المتعاملين المتعثرين، لأن البنك يطلب منهم تحقيق نسبة معينة من تحصيل الديون المتعثرة، بمعنى أن يتوصلوا لاتفاقات تسوية وتحصيل رقم شهري معين، وإلا يتم الاستغناء عن خدماتهم». وأشار إلى أن «الاعتقاد بأن المتعامل يمكنه أن يشكو الموظف في قسم التحصيل استغلالاً للمكالمات الهاتفية المسجلة على نظام الاتصال الخاص بالبنك، اعتقاد خاطئ، لأن إدارة البنك تعرف أن أسلوب الضغط على المتعثر عادة ما يثمر، ولولاه ما استعاد البنك أي مستحقات لدى المتعاملين المتعثرين»، لافتاً إلى أن «من ينتقدون أسلوب تعامل الموظفين في أقسام التحصيل عليهم أن يدركوا أن التعامل بهذا الأسلوب لا يتم إلا مع متعامل متعثر يرفض سداد مستحقات البنك، وأنه لو كان المتعامل صادقاً وأميناً وتعامل بحكمة مع القروض لما تعثر من الأساس».

وتفصيلاً، عرض المواطن أحمد عبدالله محمد، تجربته مع أقسام التحصيل في البنوك، فقال إنه حصل على قرض شخصي من بنك محلي، وكان ملتزماً بالسداد طوال أربع سنوات، ثم تأخر في سداد قسط شهري لظروف خارجة عن إرادته، فتلقى اتصالاً من موظف في قسم التحصيل يطالبه بالسداد، فأخبره بأنه سيسدد القسط بعد أيام.

وأضاف «ظننت أن الأمر انتهى عند ذلك، لكن في اليوم التالي اكتشفت أن البنك وضع رقم هاتفي الجوال على جهاز (اتصال آلي) بحيث أتلقى رسائل صوتية طوال اليوم عبر مكالمات تطالبني بالسداد في أوقات مختلفة».

وأوضح أنه «بعد أن زاد الأمر على حده وأصبحت المكالمات تتم في أوقات مبكرة صباحاً ومتأخرة مساءً، تقدمت بشكوى إلى البنك فردت إدارة خدمة المتعاملين بأن المكالمات لن تتوقف إلا عند السداد، ثم تقدمت بشكوى إلى المصرف المركزي، لكن لم يحدث شيء»، لافتاً إلى أنه قرر التوجه إلى الشرطة لفتح بلاغ إزعاج ضد البنك، محاولةً لحل المشكلة.

من جهته، قال متعامل مع بنك وطني، يوسف أبورية، إن «أقسام التحصيل في البنوك تتعامل بطرق غير لائقة وبأسلوب يستفز المتعامل من أجل أن تجبره على السداد، من دون أن تمنحه فرصة للتفاوض أو تسوية الأمر».

وأضاف أنه تقدم بطلب لتسوية مديونية مستحقة تراكمت على بطاقته الائتمانية بعد أن كان يسدد الحد الأدنى، فاكتشف أن البنك أضاف فوائد طائلة، فطلب أن تتم التسوية على أن يسدد المبلغ كاملاً.

وأشار إلى أنه خلال تلك الفترة تلقى مكالمات هاتفية عدة من موظفة في قسم التحصيل تهدده باتخاذ الإجراءات القانونية وتتهمه بالكذب لأنه لم يطلب التسوية، مؤكداً أنه اضطر إلى إنهاء المكالمة معها بعد أن تطور الأمر إلى توجيه السباب له.

وتساءل عن قانونية تعامل موظفي قسم التحصيل في بنوك بأسلوب غير لائق، ولماذا لا تتخذ البنوك الإجراءات القانونية ضد المتعامل المتعثر من دون أن توجه له الإهانات.

بدوره، لخص متعامل مع أحد البنوك العربية العاملة في الدولة، محمد عوض، مشكلته مع البنك فقال إن «إهانات أقسام التحصيل في البنك وصلت إلى تهديده بالتشهير به في وطنه من خلال التعاون مع شركة تحصيل محلية هناك لتهديد أسرته والاتصال بزملائه في العمل».

وأشار إلى أن «أسرته في مصر تلقت اتصالات بالفعل من الشركة تهددهم بأنه سيتعرض للسجن إذا لم يسدد أقساط قرض السيارة المستحق عليه بعد أن تعثر في السداد لتعرضه لإصابة طبية جعلته عاجزاً عن العمل».

وذكر متعامل مع بنك محلي، أشرف حميد، أن «أقسام التحصيل في البنوك تتعامل بأسلوب غير لائق مع المتعاملين، خصوصاً في حالة وجود أحكام قضائية ضد المتعامل، إذ لا تقبل بأي تسوية من دون أن تحصل على مستحقات البنك كاملة»، مشيراً إلى أن «التوصل إلى تسوية مع المتعامل المتعثر يخضع إلى المزاج الشخصي ومدى رضا مدير قسم التحصيل».

أسلوب تعامل

من جهته، استبعد نائب الرئيس التنفيذي لمصرف عجمان، محمد أميري، أن يكون الأسلوب غير اللائق هو أسلوب تعامل العاملين في أقسام التحصيل بالبنوك مع المتعاملين المتعثرين، مؤكداً أن «المتعامل المتعثر هو الذي يفرض على مسؤول قسم التحصيل أسلوب التعامل معه، فإذا كان جاداً وملتزماً بالتسوية أو ساعياً لها، فلا يمكن أن يتم التعامل معه بأسلوب غير لائق».

وقال إنه «في المقابل عادة ما يجد مسؤول قسم التحصيل المتعامل المتعثر يتهرب ويتجاهل الاتصالات والرسائل التي ترده وتطالبه بالسداد أو الحضور لعمل تسوية، وهنا يكون من الطبيعي أن يتم التعامل معه بأسلوب أكثر حدة، لكن من دون توجيه إهانات أو تعد بالألفاظ».

وأوضح أن «المصارف بشكل عام عادة ما تدرس حالة المتعثر، فإذا ما وجدت أنه تعثر لأسباب خارجة عن إرادته مثل المرض أو فقدان الوظيفة أو مصدر الدخل، تمنحه مهله للسداد وتتساهل معه من ناحية إطالة فترة السداد وتقليص قيمة الأقساط الشهرية»، لافتاً إلى أن «مطالبة البنوك بالتغاضي عن تحصيل مستحقاتها لدى المتعثرين لأسباب إنسانية هي مطالبة غير منطقية، لأن البنوك لا يمكنها قانوناً التنازل عن حقوقها، التي هي في الأساس أموال مساهمين لابد من المطالبة بها».

وأضاف أميري أن «البنوك تدرك أن موظفي قسم التحصيل يتعاملون في مناخ خاص ومع نوعية خاصة من المتعاملين، بعكس موظفي خدمة المتعاملين، لذلك يتم انتقاؤهم وتدريبهم على أسلوب الحديث مع المتعامل وكيفية متابعته، وكذا تشدد البنوك دائماً على ضرورة أن يمنح المتعامل كل الفرص، وألا تتخذ الإجراءات القانونية ضده قبل أن تستنفد كل الخيارات المتاحة للحل».

ونبه إلى أن «البنوك تراقب جميع المكالمات الهاتفية التي ترد من جميع العاملين في البنك، بمن فيهم موظفو قسم التحصيل، فإذا ما تم التعامل بأسلوب غير لائق يمكن للمتعامل أن يراجع البنك ويتقدم بشكوى يحدد فيها تاريخ وتوقيت المكالمة»، مشيراً إلى أن «موظفي قسم التحصيل ليسوا مثل موظفي التسويق، لكي يطالبوا بتحقيق نسبة مستهدفة من الديون المتعثرة، لكن البنوك تحدد لهم المتعاملين الذين يتم التواصل معهم وتطالبهم بتحقيق قدر معين من النجاح في حل مشكلات التعثر».

تذكير المتعامل

من جهته، قال متحدث رسمي باسم بنك المشرق، إن «إجراءات التعامل مع المتعامل المتعثر تبدأ عند تأخره عن سداد المستحقات المترتبة عليه، إذ يرسل البنك رسائل له من خلال عدد من القنوات، مثل البريد الإلكتروني أو رسائل نصية عبر هاتفه الجوال، لتذكيره بتأخر دفعاته لأكثر من مرة»، مضيفاً أنه «عند تجاهل المتعامل هذه الرسائل يتصل قسم التحصيل به بشكل مباشر ويتابع قضيته».

وأكد لـ«الإمارات اليوم»، في رد عبر البريد الإلكتروني، أن مهمة قسم التحصيل في «المشرق» لا تقتصر على تحصيل الأموال من المتعامل، وإنما تشمل متابعة وتحليل وتيرة الدفعات التي يسددها لإيفاء المستحقات المترتبة عليه، وكذا متابعة مدى التزامه».

وأوضح أنه «عندما لا يتمكن المتعامل المقترض من الالتزام بدفعاته، يبحث قسم التحصيل الطرق الملائمة معه ليتمكن من دفع المستحقات، وبطريقة تضمن الفائدة لكلا الطرفين».

وأشار إلى أنه «في حال إبداء المتعامل رغبته في سداد الدفعات المترتبة عليه، يقدم قسم التحصيل خطط السداد الميسرة الممكنة، التي تتلاءم ووضعه المالي، سواء بإطالة فترة السداد أو تقليص قيمة الأقساط الشهرية، وعند تعذر ذلك ينصح العميل بالاستعانة بخدمة (المشرق للاستشارات المالية)، التي تقدم له أقصى مساعدة ممكنة تضمن له الإيفاء بالمستحقات المترتبة عليه ضمن الحدود الممكنة»، لافتاً إلى أنه «في حال عدم التزام المتعامل بالسداد بشكل كلي، يلجأ البنك حلاً نهائياً إلى إحالة قضيته إلى القسم القانوني ليتخذ الإجراءات القانونية المناسبة».

ونفى المتحدث أن يكون أسلوب تهديد المتعامل المتعثر أو التعامل معه بشكل غير لائق، هو السائد في قسم التحصيل بالبنك، مؤكداً أنه «بالنسبة إلى موظفي التحصيل، يتم تدريبهم بشكل يضمن التعامل الراقي والمناسب مع المتعاملين، بحيث يتم التواصل والتعامل معهم بطرق احترافية تضمن تحقيق مصلحة الطرفين (البنك والمتعامل)»، مشدداً على ضرورة أن يتمتع موظفو قسم التحصيل بالخبرات اللازمة التي تؤهلهم لمعالجة كل حالة تعثر على حدة، وبشكل يتناسب مع الوضع المالي للمقترض.

ونبه إلى أنه «في ظل الأزمة المالية العالمية التي ظهرت انعكاساتها بشكل واضح على الأفراد والشركات، فإن البنوك يجب أن تأخذ بعين الاعتبار صعوبة الوضع الاقتصادي الذي يعانيه المتعاملون، المتمثل في خسارة بعضهم أعمالهم وخسارة البعض الآخر شركاتهم وأملاكهم».

تسجيل المكالمات

من جهته، قال الخبير الاستشاري والمصرفي الدكتور سمير شاكر، إن «أقسام التحصيل في البنوك يجب أن تكون مهمتها الرئيسة تحصيل مستحقات البنك لدى المتعاملين المتعثرين، والتوصل إلى حلول مرضية تحقق مصلحة الطرفين».

وأضاف أن «تعامل بعض الموظفين بأسلوب غير لائق مع المتعامل المتعثر أمر مرفوض تماماً، ولا يجب أن يتم تعميم الأحكام، لأنه مقابل كل متعامل تم التعامل معه بأسلوب غير لائق فهناك آلاف الحالات التي تم التوصل إلى حلول مرضية معها»، مؤكداً أنه «في حال تلقي المتعامل اتصالاً بأسلوب غير لائق أو يتضمن سباباً أو إهانات، يمكنه التقدم بشكوى إلى البنك الذي يتأكد من صحة الأمر عبر مراجعة تاريخ وتوقيت المكالمة التي تتم عبر نظام البنك، الذي يسجل جميع المكالمات التي تتم».

تويتر