تزامن رمضان مع شهر العطلات دفع معدلات التداول إلى التراجع
«الفجر»: «اتفاقات المبادلـة» وتنشيـط الإقــــراض يعوضان نقص سيولة أسواق الأسهم
تراجع التداولات رغم المؤشرات الاقتصادية الإيجابية. تصوير: دينيس مالاري
قال محللون ماليون إن أسواق الأسهم المحلية شهدت تراجعاً حاداً في معدلات التداول، ضمن ظاهرة خليجية نجمت عن تزامن شهر رمضان المبارك مع شهر العطلات في أغسطس، والذي دفع معظم المتداولين للسفر في العطلة السنوية قبل حلول رمضان. وأوضحوا أن تراجع معدلات التداول في أسواق الإمارات كانت الأكثر حدة بين الأسواق الخليجية، إذ بلغ متوسط قيمة تداولات الأسواق الإماراتية خلال أيام الأسبوع نسبة 4.76٪ من قيمة تداولات السوق السعودية، ونصف تداولات السوق الكويتية، ودعوا الجهات القائمة على شؤون أسواق الأسهم المحلية إلى الاستفادة من تجربة السوق السعودية في تطبيق نظام «اتفاقات المبادلة»، الذي يوفر للأجانب إمكانية الاستثمار في الأسواق المالية (دون التملك النهائي للأسهم ودون حق التصويت)، من خلال قيام شركة الوساطة بشراء الأسهم نيابة عن المستثمر الأجنبي، مع احتفاظها بملكية تلك الأسهم، مقابل حصوله على المنفعة الاقتصادية فقط من التوزيعات النقدية أو أسهم المنحة التي توزعها الشركات المساهمة.
سفر المتداولين
وتفصيلاً قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «الأسبوع الماضي تميز بتراجع حاد في قيمة التداول، ضمن ظاهرة خليجية نجمت عن تزامن شهر رمضان المبارك مع شهر العطلات في أغسطس، والذي دفع معظم المتداولين للسفر في العطلة السنوية قبل حلول رمضان»، مضيفاً أن «تراجعات أسواق الإمارات كانت الأكثر حدة من بين الأسواق الخليجية، إذ بلغ متوسط قيمة تداول الأسواق الإماراتية خلال أيام الأسبوع 1/21 (4.76٪) من قيمة تداولات السوق السعودية، ونصف تداولات السوق الكويتية، وذلك بعد أن كانت هذه النسبة هي ثلث التداولات في السعودية، و125٪ من السوق الكويتية خلال الربع الأول من 2008».
واكد أن «أسواق الأسهم المحلية فقدت ولاتزال تفقد عمقها، نتيجة لخروج المستثمرين المحليين والأجانب، لأسباب أهمها تراجع السيولة أو الأموال المتاحة لهم للاستثمار في أسواق الأسهم».
وأوضح أنه «نتيجة لذلك فإن التقلبات في المؤشر وفي القيمة السوقية أصبحت تتم في ظل غياب شبه كامل للعرض والطلب، نتيجة لغياب المستثمرين وغياب الصناديق والمحافظ، بل حتى غياب أعداد كبيرة من المضاربين»، لافتاً إلى أنه «في مثل هذه الظروف، يمكن لصفقة واحدة ببضعة آلاف أن ترفع المؤشر والقيمة السوقية، خصوصا إذا ما تمت الصفقة على سهم له وزن ثقيل في المؤشر العام مثل «إعمار» و«اتصالات».
ونبه الشماع، إلى أن «الواقع الفعلي لأسواق الأسهم المحلية حالياً في ظل ظروف تراجع وتدني قيم التداول يظهر أن الأسعار والقيمة السوقية هي دون قيمتها الحقيقية فيما لو كان للسوق عمق كاف، بحيث يجعل العرض والطلب على الأسهم أكثر تعبيرا عن المعطيات الأساسية للأوراق المتداولة، وعن تفضيلات المتداولين من حملة الأسهم».
وأشار إلى أن «هذا الوضع أدى إلى أن يصبح ارتفاع في القيمة السوقية بمليار درهم، لا يعدو عن كونه تغيراً في الأرقام، بدليل عدم إمكانية خروج مستثمر من السوق بصافي مبيعات، وإن بنسبة منخفضة جدا من اصل الارتفاع في القيمة السوقية»، مفسراً ذلك بأن «قيمة الأموال المتداولة لا تعبر كلياً ولا تعكس وحدها قيمة التداول، إذ إن الأموال أو السيولة يمكن أن تدور مرات عدة في اليوم بيعاً وشراء، فترتفع قيمة التداول دون أن تزداد الأموال المتداولة في السوق».
اتفاقات المبادلة
وطالب الشماع، الجهات القائمة على شؤون أسواق الأسهم المحلية بالاستفادة من تجربة السوق السعودية في تطبيق نظام «اتفاقات المبادلة»، الذي أسهم في إبقاء كفاءة التداولات مرتفعة في السوق، نتيجة لدوره في التخفيف من حدة تراجع قيم التداول، وبالتالي في الإبقاء على نسبة القيمة السوقية إلى قيمة التداول منخفضة ما يعني ارتفاع كفاءة التداول».
وشرح ذلك بأن «اتفاقات المبادلة» التي أقرتها السعودية في أغسطس 2008 وفرت للأجانب إمكانية الاستثمار في الأسواق المالية (دون التملك النهائي للأسهم ودون حق التصويت)، مع توفير الفرص كافة التي يتوخاها المستثمر الأجنبي وهي تحقيق الأرباح الرأسمالية».
وقال إن «عمليات الاستثمار الأجنبي في الأوراق المالية السعودية تتم بقيام شركة الوساطة بشراء أسهم في السوق المالية السعودية نيابة عن المستثمر الأجنبي، مع احتفاظها بملكية تلك الأسهم، فلا تُنقل ملكيتها للمستثمر الأجنبي، بل يحصل على المنفعة الاقتصادية فقط من التوزيعات النقدية أو أسهم المنحة التي توزعها الشركات المساهمة، ومن حق المستثمر الأجنبي أيضاً تحديد قرار بيع السهم أو الشراء من خلال تعاقده مع الوسيط».
وأضاف أن «هذا الأسلوب الذي وازن بين المتطلبات الشكلية للمحافظة على الملكية ومتطلبات زيادة عمق السوق ورفع من كفاءتها، يعد هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع الاستثمار الأجنبي دون إلغاء الحد الأدنى من التملك الحر، إذ يمكن للشركات التي تحظر على الأجانب التملك فيها (مثل اتصالات) تطبيق هذا الأسلوب».
وأشار إلى أن «نظام (اتفاقات المبادلة) يمكن تطبيقه بعد الحد الأعلى الذي تحدده الشركات لحصة للأجانب، فإذا ما وصلت حصة الأجانب في شركة ما مثل (الدار العقارية) أو(صروح)، إلى حدها الأعلى، فيمكن للأجانب الاستثمار بأسلوب اتفاق المبادلة مع الأسهم التي تجاوز الأجانب فيها حصتهم العليا»، موضحاً أن «المستثمر الأجنبي المشتري يحل بموجب هذا الأسلوب محل الأجنبي الذي يبيع أسهم حرة التملك، وبهذا نضمن هامش أوسع للاستثمار الأجنبي دون الإخلال بحصة المواطنين من التملك في الأسهم».
ونبه الشماع، إلى أن «تداولات الأجانب ودخولهم بيسر إلى الأسواق، قد لا تكون وحدها كافية لجعل نسبة القيمة السوقية إلى قيمة التداولات منخفضة»، مؤكداً أهمية تنشيط الإقراض المصرفي كأحد أهم الآليات لاستعادة أسواق الأسهم المحلية عافيتها ونشاطها».
سيطرة الصغار
من جهته، قال المحلل المالي مازن سلهب، إن «أسواق الأسهم المحلية تمر بحالة من التذبذب مع الميل إلى الانخفاض»، مسوغاً ذلك بسيطرة صغار المضاربين على مجريات الأمور في الأسواق، ما جعلها غير مستقرة، خصوصاً أنهم يبيعون ما يشترونه من أسهم في اليوم التالي، ولا تكاد الأسهم التي تشترى يحتفظ بها أكثر من أسبوع، فضلاً عن العشوائية التي تزداد يوماً بعد يوم في الأسواق». وأكد أن «معظم المحافظ متوقف حالياً عن الدخول إلى الأسواق، بعد أن أصبح تعاملها على الأسهم محفوفاً بالمخاطر، بسبب ما تعانيه الأسواق من سلبيات وسيطرة صغار المضاربين على التعاملات».
وأوضح أنه «على الرغم من ظهور تقارير عدة تؤشر إلى أن معظم القطاعات في الإمارات تشهد تحسناً، فضلاً عن الوضع العام الجيد لاقتصاد الإمارات، إلا أن جميع هذه المؤشرات الإيجابية لم تكن كافية لإقناع المستثمرين بالتداول النشط على أسس سليمة»، لافتاً إلى أن «تراكم السلبيات والتجارب السيئة السابقة لفترة طويلة، جعلت أسواق الأسهم الإماراتية تتحرك ضمن نطاقات ضيقة وبمعدلات تداولات ضئيلة جداً، نتج عنها خروج كبار المستثمرين والمحافظ المحلية والأجنبية».
لا جديد
أما المحلل المالي في إحدى شركات الوساطة الإسلامية مصطفى حسن، فقال إن «تداولات أسواق الأسهم الإماراتية في الأسبوع الماضي رفعت شعار (لا جديد)، إذ واصل المتداولون تجاهلهم لأسواق الأسهم وغابت الأخبار الإيجابية أو السلبية التي تحفز على التداول، وكذا واصل مستثمرون أجانب بيعهم الأسهم المحلية».
وأضاف أن «حالة الجمود التي حلت بأسواق الأسهم المحلية في فصل الصيف جعلت أسعار الأسهم تميل بشكل عام للانخفاض، إذ انخفض سهم (إعمار) دون مستوى الثلاثة دراهم، ومازال يحاول الصعود لذلك المستوى مجدداً، إلا أن ضعف معدلات التداول لم يساعد على ذلك».
وأشار إلى أنه «على الرغم من حالة الجمود وتدني معدلات التداول، إلا أن الجميع يدرك أن مثل هذا الأمر طبيعي في فصل الصيف، لاسيما أن المتداولين جميعهم فضلوا السفر في الشهر الحالي بدلا عن السفر خلال شهر أغسطس، كما كان يحدث في الأعوام الماضية نتيجة تزامن شهر رمضان مع بداية شهر أغسطس».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news