خبراء يصفون التراجع بالإيجابي والداعم للقطاعين السياحي والاستثماري

تكاليف المعيشة في دبي أرخص من 80 مدينة عالمية

دبي تراجعت 26 مركزاً في «تكاليف المعيشة». الإمارات اليوم

أظهر الاستطلاع العالمي لتكاليف المعيشة لعام ،2011 تراجع ترتيب دبي 26 مركزاً خلال عام لتحتل الإمارة المركز 81 عالمياً، في التصنيف العالمي لغلاء تكاليف المعيشة، في الوقت الذي جاءت أبوظبي في المرتبة .67

وبين المسح، الذي أجرته شركة «ميرسر للاستشارات»، ونشرت نتائجه أمس، أن دبي شهدت انخفاضاً في تكاليف السكن منذ عام ،2009 حيث أدت زيادة العرض الكبيرة للعقارات الجديدة المنضمة إلى سوق الإيجارات إلى تخفيض النقص، الذي استمر سنوات عدة قبل عام ،2008 كما أعلنت الحكومة أيضاً عن خططها للسيطرة على التضخم في قطاعات رئيسة أخرى، مثل المواد الغذائية.

ترتيب الغلاء: لواندا أولاً وكراتشي في المرتبة الأخيرة

يغطي استطلاع «ميرسر» 214 مدينة عالمية، ويقيس الكلفة المقارنة في كل مدينة لأكثر من 200 سلعة وخدمة، بما في ذلك السكن والمواصلات والطعام والملابس والمواد المنزلية ووسائل الترفيه.

ويعد هذا المسح لتكاليف المعيشة الأكثر شمولية في العالم، ويهدف إلى مساعدة الهيئات الحكومية والشركات متعددة الجنسيات في تحديد البدلات والتعويضات المناسبة لموظفيها المغتربين.

ويعتمد الاستطلاع مدينة نيويورك كمدينة معيارية، بحيث تتم مقارنة جميع المدن الأخرى بها، أما تحركات العملات فتقاس مقارنة بالدولار، وتلعب تكاليف السكن، وهي الكلفة الأكبر في غالب الأحيان للمغتربين، دوراً مهماً في تحديد ترتيب المدن.

ووفقاً لاستطلاع عام ،2011 صنفت العاصمة الأنغولية لواندا للسنة الثانية على التوالي المدينة الأكثر غلاءً في العالم بالنسبة للوافدين، ويرجع ذلك أساساً إلى ارتفاع التكاليف المتعلقة بالسلامة والسكن الآمن، كما حافظت مدينة طوكيو على ترتيبها في المركز الثاني عالمياً، وكذلك العاصمة التشادية نجامينا في المركز الثالث.

وجاءت موسكو في المركز الرابع، تليها جنيف في المركز الخامس، وأوساكا في المركز السادس، أما زيورخ فارتفعت مرتبة واحدة لتحل في المركز السابع، في حين انخفضت هونغ كونغ إلى المركز التاسع. أما المدن الجديدة التي انضمت إلى قائمة أغلى 10 مدن في العالم، فهي: سنغافورة، التي ارتفعت من المركز 11 إلى المركز الثامن؛ وساوباولو، التي قفزت 11 مركزاً من تصنيف العام 2010 لتحل في المركز 10 لهذا العام.

ووجدت الدراسة أن تكاليف المعيشة في لواندا، المصنفة في المرتبة الأولى عالمياً، أغلى بأكثر من ثلاثة أضعاف عما هي عليه في كراتشي، التي جاءت في المركز 214 كأرخص مدينة في العالم.

وكان للأحداث العالمية الأخيرة، بما فيها الكوارث الطبيعية والاضطرابات السياسية، تأثير في تصنيف العديد من المناطق، وذلك من خلال تقلبات أسعار العملات وتضخم تكاليف السلع والخدمات والتغيرات في تكاليف السكن.

 وقالت الشركة إنه من المتوقع أن تحصد الإمارات آثاراً إيجابية على الصعيد الاقتصادي، إذ يستفيد المغتربون وأرباب عملهم من الانخفاض في تكاليف المعيشة وممارسة الأعمال، خصوصاً مع ترافق هذا الانخفاض في كلفة المعيشة مع الاستقرار السياسي والمستويات المرتفعة من الأمن.

وأكدت «ميرسر» أن كل من أبوظبي ودبي تعززان مكانتهما كمدن مفضلة للعيش والعمل بالنسبة للوافدين بفضل هبوط تكاليف المعيشة، موضحة أن البيئة الاستثمارية الجاذبة والخالية من الضرائب، إلى جانب تراجع تكاليف المعيشة، ستتركان أثراً إيجابياً في الاقتصاد الوطني.

إلى ذلك، أبدى خبراء وعاملون في القطاع الاستثماري والسياحي نظرة إيجابية إلى هذه المؤشرات، لافتين إلى أنها تعزز من جاذبية السوق الاستثمارية والمستثمرين العقارين، وتجعل خدمات دبي السياحية في متناول شرائح أوسع، وبالتالي استقطاب المزيد من السياح.

محلياً وخليجياً

وتفصيلاً، أظهر المسح، الذي شمل 214 مدينة تتوزع على القارات الخمس، أن أبوظبي تعد المدينة الأكثر غلاءً في الإمارات بالنسبة للوافدين واحتلت المرتبة 67 عالميا بعد أن كانت في المركز الـ 50 خلال العام السابق، في حين انخفض ترتيب دبي 26 مركزاً عن العام الماضي، لتحتل الآن المركز 81 عالمياً، بعد أن كانت تحتل المرتبة 55 العام الماضي.

وجاء تصنيف بعض المدن الأخرى في دول الخليج على النحو التالي: الرياض في المرتبة ،135 ثم العاصمة البحرينية المنامة ،157 ومدينة الكويت ،159 والدوحة ،164 ومسقط ،184 وجدة في المرتبة .185

وقالت «ميرسر» إن «تواصل تكاليف السكن توجهها نحو الانخفاض في سائر أنحاء الشرق الأوسط، يدفع مدنه نحو مراتب أدنى في التصنيف العالمي لغلاء تكاليف المعيشة، ويسهم في جعلها أماكن أكثر جاذبية للعيش بالنسبة للوافدين، خصوصاً في البلدان المستقرة سياسياً مثل الإمارات».

وقال مدير مكتب «ميرسر» في دبي، كالم بيرنز غرين، إن «دبي شهدت على وجه الخصوص انخفاضاً في تكاليف السكن منذ العام ،2009 إذ أدت زيادة العرض الكبيرة للعقارات الجديدة المنضمة إلى سوق الإيجارات إلى تخفيض النقص، الذي استمر لسنوات عدة قبل العام ،2008 كما أعلنت الحكومة أيضاً عن خططها للسيطرة على التضخم في قطاعات رئيسة، مثل المواد الغذائية».

وأضاف «تدرك الشركات متعددة الجنسيات منذ أمد بعيد الميزة التنافسية للقوى العاملة المتنقلة عبر العالم، ويتلخص التحدي الدائم الماثل أمامها في الموازنة الدقيقة لتكاليف خططها المتعلقة بالموظفين المغتربين وتنقلاتهم».

وأوضح أن «هناك الكثير من العوامل التي تلعب دوراً مؤثراً في تكاليف ومستويات المعيشة للمغتربين، مثل تقلبات أسعار العملات، التضخم، الاضطرابات السياسية، الكوارث الطبيعية وغيرها، ومن الضروري جداً لأرباب العمل أن يفهموا جيداً تأثير هذه العوامل، وذلك بهدف ضبط واحتواء التكاليف من جهة، ومن جهة أخرى ضمان احتفاظهم بموظفيهم الموهوبين من خلال منحهم بدلات وتعويضات تنافسية مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات المغتربين على أرض الواقع». وتابع «خلال فترة جمع بيانات الاستطلاع لهذا العام، شهد العالم عدداً هائلاً من الكوارث الطبيعية والاضطرابات السياسية التي أثرت جميعها وبدرجات متفاوتة في حياة العاملين المغتربين، وكل ما نتج عن هذه الأحداث، من تقلبات أسعار العملات وتبعات التضخم على أسعار السلع والخدمات كان له تأثير في التغييرات التي طرأت على ترتيب العديد من المدن في جدول تكاليف المعيشة».

وأشار إلى إن «البيئة الاستثمارية الخالية من الضرائب، إلى جانب تراجع تكاليف المعيشة ستترك آثاراً إيجابية في الاقتصاد الإماراتي»، لافتاً إلى أن «تكاليف المعيشة تعد واحدة من القرارات المهمة للاستثمار».

السياحة

إلى ذلك، قالت رئيس قسم إقليم أوروبا الشمالية والجنوبية، بإدارة الترويج الخارجي والوفود في دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي، أسماء محمد علي، إن «انخفاض تكاليف المعيشة، فضلاً عن تنوع الخدمات السياحية، وخصوصاً بالنسبة للغرف الفندقية، جعل من الخدمة السياحية في متناول شريحة واسعة جداً من السياح، سواء من دول الخليج أو من أوروبا، التي تشهد في الوقت الراهن إقبالاً متزايداً على دبي»، لافتة إلى أن «عامل كلفة الخدمات السياحية يلعب دوراً مهماً في اتخاذ القرارات السياحية».

بدوره، قال رئيس شركة «العابدي القابضة للسياحة والسفر»، سعيد العابدي، إن «تراجع كلفة المعيشة في دبي سيترك أثراً إيجابياً في قطاع السياحة، سواءً من زيادة إقبال السياح على الإمارة، أو إطالة فترات الإقامة فيها»، موضحاً أن «التراجع يمكن وصفه بالإيجابي، خصوصاً إذا ما تمت مقارنته بالتكاليف المرتفعة في مرحلة ما قبل الأزمة المالية العالمية».

وأوضح أن «انخفاض كلفة المعيشة سينعكس على بيئة العمل والاستثمار، خصوصاً بعد القرارات التي اتخذت أخيراً بشأن القطاع العقاري».

جذب الشركات

بدوره قال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «فرانكلين تمبيلتون للاستثمارات»، محي الدين قرنفل، إن «هذه المؤشرات ستساعد في جذب المزيد من الشركات إلى السوق في دبي، وخصوصاً في ظل بيئة الأعمال الخالية من الضرائب».

ولفت إلى أن «تكاليف السكن والإيجار تشكل جزءاً كبيراً من النفقات التي يتكبدها السكان والمستثمرون، إذ تستحوذ على نسبة تصل إلى 30٪ من الدخل الشهري للأسر».

تويتر