إقبال غير مسبوق من مديري الصناديق الاستثمارية على الاستثمار في البورصات العـــــــــــــــــالمية
أداء الأسهم المحلية يعاني الرتابـة..ومطالب بعودة عاجلة للإقراض
المتعاملون انصرفوا عن متابعة السوق ما انعكس على تدني معدلات التداول بصورة ملحوظة. تصوير: دينيس مالاري
أكد محللون ماليون أن أداء أسواق الأسهم المحلية أضحى باعثاً على الرتابة والملل، ما جعل المتعاملين ينصرفون عن متابعة السوق، وهو ما انعكس في النهاية على تدني معدلات التداول بصورة ملحوظة، في الوقت الذي تشهد البورصات العالمية إقبالاً غير مسبوق من قبل مديري صناديق الاستثمار العالمية على الاستثمار فيها.
وقالوا إن الدراسات العالمية أكدت أن 67٪ من مسؤولي تخصيص الاستثمارات في المؤسسات العالمية أكدوا أنهم مفرطون في الاستثمار في الأسهم العالمية، وهي أعلى نسبة من نوعها منذ أبريل .2001
وأضافوا أن أسواق الأسهم المحلية استمرت في السير على نهج واحد خلال الفترة الماضية، إذ لا يوجد اختلاف بين أداء الأسواق في الأسبوع الماضي والأسابيع السابقة، لافتين إلى أهمية أن تقتنع السلطات الاقتصادية المختصة في الإمارات بحقيقة الحاجة الملحة والعاجلة لعودة الإقراض المصرفي كشرط لابد منه لمغادرة التباطؤ الاقتصادي والتراجع الحاد في معدلات النمو السنوية، وكذا لتحسن أداء أسواق الأسهم المحلية.
|
حالة ملل
قال المحلل المالي في إحدى شركات الوساطة الإسلامية، مصطفى حسين، إن «أداء أسواق الأسهم المحلية طوال الأسابيع الماضية لم يختلف كثيراً، فالأسهم تتحرك في نطاقات ضيقة جداً ومعدلات التداول تتراجع من أسبوع لآخر». وأضاف أن «عدم وجود محفزات حقيقية لتحرك أسعار الأسهم سواء صعوداً أو هبوطاً جعل الكثير من المتعاملين (مستثمرين أفراداً ومؤسسات مالية) ينصرفون عن متابعة شاشات التداول، لأنهم باتوا يعتقدون أن الأمور لن تتغير إذا لم تتابع السوق لأيام وربما لأسابيع»، موضحاً أن «كسر حالة الملل تلك يتطلب وجود حوافز تؤشر إلى احتمالية صعود أسعار الأسهم، خصوصاً أن توزيعات الأرباح المجزية التي يتم الإعلان عنها لم تعد حافزاً مقنعاً للمستثمرين، لأنها تتطلب مزيداً من الوقت والاجراءات لتحقيقها». |
لا اختلاف
وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «أداء أسواق الأسهم المحلية أصبح يسير على نهج واحد، إذ لا يوجد أي اختلاف بين الأداء في الأسبوع الماضي والأسابيع السابقة»، مضيفاً أن «تداولات المضاربين الداخلين والخارجين من السوق هيمنت على أسواق الأسهم مع استمرار قيم التداول المنخفضة، نتيجة لأن القطاع الخاص لم يشهد إلى الآن ما يحفزه»، عازياً ذلك إلى أن «السلطات المختصة في الشؤون النقدية مهتمة فقط بجانب السلامة المالية ومفضلة لها على متطلبات الاقتصاد الحقيقي». وأكد أن «الإمارات تتمتع بوضع مالي ممتاز وليست معرضة لصدمة في النظام المالي، وفضلاً عن ذلك، فإن ضمان الودائع من قبل الدولة يحول دون أي مخاطر نظامية، لكن يبقى سؤال عن أي من الأمرين أكثر أهمية للسياسة النقدية، وهما السلامة المالية أم السلامة الاقتصادية؟».
وأشار إلى أن الترابط وثيق جداً بين أداء الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد المالي، ومن واجب القائمين على السياسة النقدية الالتفات للسلامة الاقتصادية بقدر اهتمامهم بالسلامة المالية، لافتاً إلى أن «المصرف المركزي دأب على التأكيد مراراً على أن المصارف الوطنية لا تحتاج إلى دعم بالنظر إلى معدل كفاية رأس المال المرتفع، وهو ما يؤكد تركز اهتمامه بالسلامة المالية أكثر من اهتمامه بالأداء الاقتصادي».
سيولة منخفضة الكلفة
ونبه الشماع إلى أن «(المركزي) لا يلتفت إلى حقيقة حاجة البنوك المحلية إلى سيولة منخفضة الكلفة، حتى تتمكن من زيادة حجم إقراضها وتوفير التمويلات اللازمة للشركات والمصانع، بما يضمن سرعة تعافي الاقتصاد الوطني».
وقال إن «(المركزي)، الذي أبقى سعر الفائدة بين البنوك (الريبو) مرتفعاً، يدرك أن نسبة الفائدة 4٪ على السيولة التي ضخها في المصارف سترفع النسبة التي ستتقاضاها المصارف على هذه السيولة في حال تدويرها عبر قروض إلى مستويات عالية جدا»، موضحاً أن «ارتفاع كلفة الأموال هو أحد أهم أسباب تراجع الإقراض وعزوف الشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة عن القروض ذات الفائدة المرتفعة أصلاً بسبب الأسلوب المغالى فيه في احتساب الفوائد الثابتة على أصل المبلغ المقترض»، مؤكداً أن «تفضيل السلامة المالية على الاستقرار الاقتصادي والنمو ليس الخيار الوحيد المتاح أمام السلطة النقدية».
وفسر الشماع حديثه بالقول إن «ضبط العلاقة بين الاقتصاد المالي والحقيقي يمكن أن يتم من خلال التيسير النقدي في ظروف التباطؤ في ظل توفير متطلبات الملاءة المالية».
وذكر أنه «لا يوجد تناقض بين التيسير النقدي وبين ارتفاع كفاءة رأس المال، خصوصاً أن (المركزي) قطع شوطاً ممتازاً في مجال تحديد المعايير المناسبة للقروض المتعثرة، وأن المصارف التي أخذت بهذه المعايير لم تتأثر ربحيتها على الرغم من المخصصات الكبيرة التي تجنبها». وأوضح أن «تزايد التعثر وتصاعد المخصصات الخاصة التي تجنبها المصارف، يعود في المقام الأول إلى تراجع قيم الأصول، التي بدورها نجمت عن توقف مفاجئ للقروض المصرفية وتحول تدفقاتها النقدية إلى سالبة، ما قلص مستويات السيولة الكلية المتاحة في الاقتصاد للأفراد والشركات».
وأشار إلى أنه «على الرغم من أن تجنيب المخصصات يرفع درجة السلامة المالية للمصارف والنظام المالي، إلا أن استمرار التعثر وتزايده يهدد من طرف آخر السلامة المالية نفسها، ناهيك عن تأثيره السلبي في النمو الاقتصادي بسبب ما يحدثه من تباطؤ في الاقتصاد»، لافتاً إلى أن «استمرار وتزايد التعثر من الممكن أن يعرض النظام المالي لمخاطر نظامية».
التحفيز والسلامة
ودعا الشماع إلى أهمية الموازنة بين متطلبات التيسير النقدي لتحفيز الاقتصاد، سواء بالإجراءات التقليدية كخفض الفائدة على إعادة الشراء وتخفيض الاحتياطي الإلزامي أو بإجراءات استثنائية كالتخفيف الكمي، من جهة، وبين متطلبات السلامة المالية لدرء المخاطر النظامية من جهة أخرى.
وقال إنه «في الوقت الذي نحتاج مسحاً لمعرفة التغطية للسيولة، فإن الاقتصاد بحاجة أيضاً إلى مسح يجريه (المركزي) لمعرفة حجم السيولة التي يحتاجها الاقتصاد من القروض المصرفية، كي يغادر حالة التباطؤ ويعاود النمو بمعدلات معقولة».
وأضاف أن «تأثير القروض المصرفية لا يقتصر على أسواق الأسهم، بل ينسحب على كل الاقتصاد في قطاعاته المختلفة».
وأكد أنه «في ظل استمرار غياب الأرقام التي تنفي أو تؤكد التباطؤ الاقتصادي، فليس أمامنا سوى أن نسترشد بمؤشرات أسواق المال والمؤشر المتاح من أسواق العقارات، الذي يصدر عن دائرة أراضي وأملاك دبي»، مبيناً أن «المؤشرات تدل على استمرار تباطؤ الاقتصاد الحقيقي، إذ إن مؤشر أداء أسواق العقار والمال يعكس إلى حد ما أداء مؤشرات الأسواق الأخرى، كمبيعات التجزئة والسلع المعمرة، التي يمكن الاستدلال عليها من خلال قيمة صافي الواردات بعد استبعاد قيم إعادة التصدير من الواردات».
وشدد الشماع على أهمية أن تقتنع السلطات الاقتصادية المختصة بحقيقة الحاجة الملحة لعودة الإقراض المصرفي كشرط لابد منه لمغادرة التباطؤ الاقتصادي والتراجع الحاد في معدلات النمو السنوية التي كانت تحققها الإمارات في السنوات السابقة. وبين أن «معدلات النمو في الإمارات كانت تسجل مستويات غير مسبوقة عالمياً، إذ بلغت خلال الفترة ما بين 2002 و2005 نسبة 13.4٪، وارتفع الناتج المحلي من 269 مليار درهم إلى 393 ملياراً بالأسعار الثابتة بزيادة حقيقية قدرها 124 مليار درهم، وبمعدل سنوي قدره 31 مليار درهم»، موضحاً أن «معدل النمو حالياً (وفق مصادر غير رسمية) قد لا يزيد على 2٪ بالأسعار الجارية، وبالتأكيد فإنه سلبي بالأسعار الثابتة».
إفراط في الاستثمار
من جهته، قال كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم العالمية في شركة «بنك أوف أميركا ميريل لينش للبحوث العالمية»، مايكل هارتنت، إن «الاستبيان الشهري لآراء مديري صناديق الاستثمار لشهر فبراير ،2011 أكد ارتفاع إقبال المستثمرين على الاستثمار في الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية أعلى من أي وقت مضى خلال العقد الماضي».
وأضاف أن «67٪ من مسؤولي تخصيص الاستثمارات في المؤسسات العالمية أكدوا أنهم مفرطون في الاستثمار في الأسهم العالمية، وهي أعلى نسبة من نوعها منذ أبريل 2001».
واستطرد «في الوقت نفسه، تراجع الإقبال على الاستثمار في السندات والأصول النقدية، إذ ارتفعت نسبة مسؤولي تخصيص الاستثمارات الذين أكدوا أنهم قللوا الاستثمار بالسندات من 54٪ في يـناير الماضي، إلى 66٪ في فبراير الجاري، بينما أكد 9٪ فقط منهم أنهم قللوا الاستثمار في الأصول النقدية، في أدنى نسبة من نوعها منذ يناير 2002»، لافتاً إلى أن «الزيادة في الاستعداد لتحمل المخاطر تزامنت مع تحوّلٍ غير اعتيادي في مخصصات الاستثمار في الأسواق الصاعدة العالمية، إذ أكد 5٪ فقط من مديري الصناديق أنهم مفرطون في الاستثمار في أسهم الأسواق الصاعدة العالمية، بانخفاض حاد عن نسبة 43٪ منهم أكدوا ذلك في يناير الماضي».
واعتبر هارتنت أن «الطفرة الراهنة في الإفراط في الاستثمار في الأسهم والسلع الأساسية، والمستويات فائقة الانخفاض للاستثمار في الأصول النقدية بالتزامن مع الارتفاع المتوقع في معدلات التضخم وتدهور مخصصات الاستثمار في الأسواق الصاعدة، تشير إلى أننا لم نعد نعمل في بيئة معتدلة»، معرباً عن اعتقاده أن ارتفاع أسعار الفائدة أو انخفاض معدلات النمو سيشكلان العنصرين المحفزين الأكثر ترجيحاً لحركة تصحيحية قد تحدث في الربيع المقبل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
