قيم تداولات «أبوظبي» و«دبي» تأثرت بها وتراجعت إلى مستويات أغسطس الماضي

ديون أيرلندا أحدث المؤثرات السلبية في أسواق الأسهم المحلية

الأسواق المحلية تأثرت سلباً بارتفاع أسعار الفائدة بين المصارف بسبب الأزمة الأيرلندية. تصوير: جوزيف كابيلان

تأثرت أسواق الأسهم المحلية سلباً خلال الأسبوع المنقضي بأزمة الديون الايرلندية التي أثرت سلباً في أسواق الإقراض الدولية.

وبحسب محللين، فإنه على الرغم من أن ايرلندا بعيدة جغرافياً واقتصادياً عن الخليج، فإن تفاعل أسواق الأسهم الخليجية عموماً مع أزمتها جاء بسبب مخاوف انتابت المستثمرين من إمكانية أن تؤدي الأزمات المتعاقبة لديون الدول الأوروبية إلى مزيد من ارتفاع أسعار الفوائد، وبما يزيد من صعوبات الحصول على التمويل، ويرفع من كلفة الإقراض الحالية المرتفعة أصلاً.

وقال المحللان إن إقبال المستثمرين العالميين على الأصول الأكثر خطورة، وهي الأسهم والسلع، زاد بعد استئناف إجراءات التيسير الكمي (طباعة المزيد من الأوراق النقدية) في الولايات المتحدة الأميركية وضخ الأموال في الأسواق، لكنهم حذروا من تزايد احتمالات حدوث عملية تصحيح في أسعار الأسهم، لافتين إلى أن التحركات الاستباقية لمديري صناديق الاستثمار العالمية (لتوقعهم أن يكون أداء الاقتصاد العالمي أفضل في العام المقبل)، قد تترك المستثمرين ضعفاء أمام مخاطر الأحداث مثل تعمّق أزمة الديون السيادية الأوروبية (آخرها أزمة ديون ايرلندا) أو ارتفاع الدولار.

التحوط الدفاعي

وتفصيلاً، أكد المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، أن أداء الأسواق المحلية تأثر سلباً بأزمة الديون الايرلندية التي أثرت سلباً في أسواق الإقراض الدولية.

وقال إن «قيم التداولات في سوقي أبوظبي ودبي انخفضت بعد أزمة الديون الايرلندية، إذ عادت إلى مستويات أغسطس الماضي، وبلغ معدل التداول اليومي 240 مليون درهم منخفضة من متوسط تداول يومي خلال الشهرين الماضيين قارب 250 مليون درهم»، مضيفاً أن «تراجع قيم التداولات كان نتيجة لاستشعار الوضع المالي العالمي من قبل الأسواق المحلية، وهو نوع من التحوط الدفاعي الذي بدأ يميز سلوك المستثمرين».

وأوضح الشماع أنه «على الرغم من أن ايرلندا بعيدة جغرافياً واقتصادياً عن الخليج، فإن تفجر أزمتها بعد أزمة اليونان كرّس حالة حذر من أن تؤدي هذه الأزمات المتعاقبة إلى مزيد من ارتفاع أسعار الفوائد، وبما يزيد من صعوبات الحصول على التمويل ويرفع كلفة الإقراض الحالية المرتفعة أصلاً، ليس بسبب المخصصات العالية التي أخذتها المصارف، وإنما بسبب ارتفاع كلفة الحصول على الأموال».

واستطرد «أدى توقع المستثمرين لمزيد من ارتفاع أسعار الفائدة العالمية نتيجة ارتفاع أسعار التأمين على الديون في منطقة اليورو، وذلك بعد فشل مزاد السندات الايرلندية وارتفاع أسعار مقايضة الائتمان لخمس سنوات بمقدار 159 نقطة، إلى ارتفاع أسعار الفائدة ما بين المصارف عالمياً»، لافتاً الى أنه «نظراً لأن الأسواق المحلية تستند في حركتها إلى حركة أسعار الفائدة ما بين المصارف، فقد تباطأ أداء الأسواق بتأثير من ذلك».

وذكر أن «أزمة ايرلندا زادت من التوقعات بوجود صعوبات جديدة أمام فرص الاقتراض من الأسواق الدولية»، واستشهد على ذلك بأن «أسعار الفائدة ما بين المصارف الإماراتية تراجعت بنسبة 4.6٪ خلال الفترة من بداية أكتوبر الماضي حتى منتصفه، ثم عادت للارتفاع في الثالث عشر من نوفمبر الجاري بنسبة 1.5٪، غير أنها عادت وتراجعت بشكل طفيف مع موافقة الاتحاد الأوروبي على طلب ايرلندا بدعمها بمبلغ 90 مليار يورو».

الاستثمار عالمياً

ذكر تقرير صدر عن إدارة الأصول في بنك «بي إن واي ميلون» الأميركي، أخيراً، أنه «على الرغم من أن النمو الأسرع للناتج المحلي الإجمالي وتوافر الفرص الأفضل لزيادة الإنتاجية يتوقع أن يساعدا على تفوق أسهم الأسواق الناشئة على أسهم الأسواق المتقدمة، فإن توجه المستثمرين الخليجيين إلى الاستثمار عالمياً يمكن أن يوفر عائدات أفضل وتنويعاً أكبر للتعرض للمخاطر، بدلاً من اقتصار مخصصات رأس المال على الأسواق المحلية».

وأشار التقرير إلى أن «توافر أسباب منطقية للاستثمار عالمياً لا يعني عدم وجود مخاطر»، إذ حدد التقرير مجموعة من المخاطر المحتملة المرتبطة باستثمار الأفراد خارج السوق المحلية بما في ذلك «زيادة تعقيدات عملية إدارة مخاطر تحويل العملة، والمشكلات المتعلقة بالسيولة، فضلاً عن عوامل عدم الاستقرار المالي والسياسي في بعض الدول».

وبحسب نائب رئيس بنك «بي إن واي ميلون»، المسؤول عن إدارة الأصول والثروات، كيرتيس أرليدج، فإن «الاستثمار عالمياً يمكن أن يساعد المستثمرين على تنويع مخاطرهم وتهيئة أنفسهم من أجل تحقيق عائدات أفضل عبر مجموعة من السيناريوهات الاقتصادية».

وأضاف «يبدو أن العديد من المستثمرين في الدول المتقدمة لا يفضلون تماماً هذا النهج، إذ تظهر الدراسات اعتماداً أكبر على الاستثمار المحلي». وأشار الى أن «من بين الاتجاهات التي تقود الاتجاه نحو الاستثمار العالمي صعود الدول الناشئة باعتبارها محركات نمو للاقتصاد العالمي، وزيادة حصة رأس المال السوقي العالمي خارج مراكز الاستثمار التقليدية مثل الولايات المتحدة، والاتجاه نحو الشركات العالمية التي تحصل على حصص كبيرة من عائداتها من الدول والأسواق البعيدة عن مقارها المحلية».

خياران

وقال الشماع: «عندما تكون أبواب الاقتراض الخارجي مغلقة أو تنتابها العديد من الصعوبات والمعوقات - كما هو متوقع أن يحدث في ظل أزمة ديون ايرلندا، التي من المتوقع أن تتفاقم إذا ما ظهرت أزمات مديونية أخرى حول العالم ــ فإنه لا بديل عن خيارين: الخيار الأول هو زيادة الإنفاق الممول بموارد غير مقتطعة من دورة الدخل، مثل المال المتأتي من الصادرات أو من قروض خارجية، أما الخيار الثاني فهو إيجاد زيادة صافية في السيولة التي لا تقتطع من دورة الدخل، وإنما من إصدار نقدي جديد يتيحه النظام النقدي الائتماني، وهو ما يسمى بالتخفيف الكمي الذي يعني زيادة في السيولة النقدية»، مشيراً إلى أنه «من المهم في كلا الطريقين أن تكون السيولة الإضافية التي يتم ضخها في الاقتصاد متأتية إما من مصادر خارجية (إيرادات النفط أو القروض الخارجية)، أو من مصادر محلية إضافية، وليست من أرباح أو من مصادر مدورة في الاقتصاد».

التصحيح قريباً

من جهته، قال كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم العالمية في شركة «بنك أوف أميركا ميريل لينش للبحوث العالمية»، مايكل هارتنت، إن «إقبال المستثمرين على الأصول الأكثر خطورة، وهي الأسهم والسلع، زاد بعد استئناف إجراءات التيسير الكمي وضخ الأموال في الأسواق»، محذراً من أن «عملية التصحيح قد تكون قريبة المنال».

وأضاف أن «الاستبيان الشهري لآراء مديري صناديق الاستثمار لشهر نوفمبر الجاري، أظهر أن 35٪ من المستثمرين يرون أن الاقتصاد العالمي يتجه نحو مزيد من القوة في العام المقبل، مقارنة بـ15٪ توقعوا ذلك قبل شهر»، موضحاً أن «هذه التوقعات الإيجابية أدت إلى إقبال 41٪ من مديري المحافظ الاستثمارية على الاستثمار في الأسهم، مقارنة بـ27٪ في أكتوبر الماضي».

وأشار هارتنت إلى أن «التوقعات بقوة الاقتصاد العالمي العام المقبل، وزيادة الإقبال على الأسهم أخيراً، تؤشر جميعها إلى أن تحركات مديري صناديق الاستثمار العالمية وقراراتهم الاستثمارية التي كانت ستتخذ في أواخر العام الجاري ربما تكون حدثت بالفعل، ما يترك المستثمرين ضعفاء أمام مخاطر الأحداث مثل تعمّق أزمة الديون السيادية الأوروبية، (آخرها أزمة ديون ايرلندا)، أو ارتفاع الدولار».

تويتر