الأسواق المحلية لم تعد تتأثر بدخول الأجانب وخروجهم
خبيران: عائد الاستثمار في الأسواق الناشئة سيفوق البورصات العالمية
ارتفاع أسعار النفط وعائدات السندات الإقليمية يشجعان على تدفق رؤوس الأموال إلى أسواق المنطقة. تصوير: إريك أرازاس
توقع خبيران اقتصاديان أن تفوق العائدات التي سيحققها المستثمرون في البورصات الناشئة، (ومن بينها أسواق الإمارات)، العائدات المحققة من الاستثمار في البورصات العالمية، لاسيما البورصات الأميركية، مشيرين إلى أن التقييم المتدني نسبياً للأسواق الناشئة سيجذب رؤوس أموال عالمية ضخمة إليها في المستقبل القريب، ما سيدعم ارتفاعات الأسهم.
وأضافا أن احتمالات التصحيح المتزايدة في الأسواق الأميركية من الممكن أن تدفع الصناديق والمحافظ العالمية للتوجه نحو الأسواق الناشئة، بسبب انخفاض مضاعفات الربحية هناك.
وأوضحا أن مؤشر «داوجونز» ارتفع بنسبة وصلت إلى أكثر من 13٪ منذ نهاية أغسطس الماضي، منذ أن لوّح الفيدرالي الأميركي بإمكان تدخله بحزمة إنعاش قوية لتحفيز الاقتصاد، وهي مستويات لم يبلغها منذ أغسطس ،2008 وقبل انهيار بنك «ليمان براذرز».
وأكدا أن استمرار أسعار النفط عند مستوياتها المرتفعة، وكذلك العائدات المرتفعة للسندات المتاحة حالياً في الأسواق الإقليمية، سيشجعان تدفق المزيد من رؤوس الأموال إلى المنطقة وأسواقها، مادام أن المستثمرين سيحققون عائدات أكبر على استثماراتهم.
عائدات قوية
وتفصيلاً، أكد الرئيس التنفيذي للاستثمار، المدير العام بالإنابة للخدمات المصرفية الخاصة في بنك الإمارات دبي الوطني، غاري دوغان، أن «توقعات البنك تؤكد أن العائدات التي سيحققها المستثمرون في الأسواق الناشئة، (ومنها أسواق الامارات)، ستفوق الأسواق المتقدمة، إذ يتوقع أن تحقق هذه الأسواق مستقبلاً المزيد من التفوق في الأداء على الأسواق المتقدمة»، داعياً المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى ترجيح ملكية الأصول في محافظهم الاستثمارية لمصلحة الأسواق الناشئة على حساب العالم المتقدم.
وقال دوغان: «لدينا قناعة قوية بأن العديد من الأسواق الناشئة باتت تقتضي من المستثمرين تخصيص نسبة مئوية أكبر من محافظهم لهذه الأسواق»، مضيفاً أن «أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستستفيد من تخصيص المستثمرين العالميين حصة أكبر من استثماراتهم للأسواق الناشئة».
وعزا دوغان، توقعاته المتفائلة لأسواق الشرق الأوسط إلى «التقييم المتدني نسبياً لهذه الأسواق، والذي سيجذب رؤوس أموال عالمية ضخمة في المستقبل القريب».
وأكمل: «من شأن استمرار أسعار النفط المرتفعة، وكذلك العائدات المرتفعة للسندات المتاحة حالياً في الأسواق الإقليمية، أن تشجع تدفق المزيد من رؤوس الأموال إلى المنطقة، طالما أن المستثمرين سيحققون عائدات أكبر على استثماراتهم».
وأوضح أن «التيسيرات الكمية الأخيرة من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي، ستؤدي أيضاً إلى المزيد من المكاسب في أسهم الأسواق الناشئة وسندات السوق والعملات»، مسوغاً ذلك بأن «السيولة الناجمة في الولايات المتحدة ستتدفق إلى الأصول المالية في العالم الناشئ».
وكان مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي أعلن في الثالث من نوفمبر الجاري أنه سيضخ 600 مليار دولار إضافية في الاقتصاد الأميركي على مدى الأشهر الثمانية المقبلة، في محاولة لتسريع النمو وخفض مستويات البطالة.
وأضاف دوغان: «فيما يتوقع لهذه الزيادة في المعروض النقدي إبقاء أسعار الفائدة منخفضة جداً، وحفز أنشطة الاقتراض والإنفاق في الاقتصاد، فإن جزءاً كبيراً من هذا الفائض النقدي سيتجه إلى اقتصادات الأسواق الناشئة، خصوصاً أن هذه الدول تتمتع بوضع أفضل من نظيراتها المتقدمة، من حيث النمو الاقتصادي، والنمو الفائق لأرباح الشركات، فضلاً عن التوقعات الأكثر استقراراً على المدى البعيد»، محذراً من أن «آفاق النمو في الأسواق الناشئة قد تتأثر سلباً، إذا ما فرضت بعض هذه الدول المزيد من القيود الشديدة على رأس المال، سعياً منها إلى كبح سرعة ارتفاع قيمة عملاتها».
التأثر بالأجانب
من جهته، رصد المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، في تقريره الأسبوعي عن أسواق المال، تراجعاً في أهمية تأثير حركة الأجانب غير العرب في أداء مؤشرات أسواق الأسهم المحلية خلال الأسبوع المنقضي، وقال «رصدنا حركة عكسية لكل من المؤشر وصافي حركة الأجانب غير العرب، ونعتقد أن هذا التعاكس يعبر عن قوة وتماسك في حركة المستثمرين المحليين».
وأضاف أن «الأسواق المحلية لم تعد ترتفع بدخول الأجانب وتنخفض بخروجهم كما هي الحال في فترات سابقة، ما يعد ظاهرة إيجابية تدل على أن ارتفاعات السوق تعتمد على دخول السيولة المحلية الجديدة بأكثر من اعتمادها على السيولة الأجنبية»، مدللاً على ذلك بـ«تماسك الأسواق خلال الأسبوع المنقضي، وإقفالها على تراجع طفيف، وذلك على الرغم من الخسائر التي فاقت التوقعات لشركات عقارية قيادية مثل (الدار) و(الاتحاد)».
ونبّه الشماع إلى أنه «بسبب أن معظم الارتفاعات في الأرباح كانت متركزة في سوق أبوظبي، التي ارتفعت أرباح شركاتها بنسبة 16٪، بينما تراجعت أرباح شركات دبي بنسبه 6.6٪، فإن سوق أبوظبي أغلق الأسبوع الماضي على ارتفاع طفيف جداً وبنسبة 0.28٪، بينما أغلق سوق دبي على تراجع بنسبة 2.65٪».
وأكد أنه «في الوقت الذي لاتزال فيه محفزات وعوامل دفع السوق نحو الارتفاع كامنة، فإن احتمالات التراجع والتصحيح هي الأخرى موجودة تحت ضغوط التسييل التي من الممكن أن تتأتى تحت ظروف الحاجة الملحة للسيولة لبعض من حملة الأسهم».
|
محفزات ولكن.. قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع: «على الرغم من وجود عوامل دافعة لتحسين أداء الأسواق، لاتزال الأسواق وقبلها الاقتصاد، بحاجة إلى التحفيز وإعطاء دفعة مساعدة للعوامل المحفزة الحالية». وفسر ذلك بالقول إنه «في الوقت الذي تتجه دول العالم في ظل أزمة الركود ونقص الطلب الكلي إلى التركيز على العوامل التي تحفز الطلب، وخصوصاً على الصادرات، فإن السياسة النقدية لاتزال تحصر نفسها في إطار ضيق من الاهتمام، إذ لم نشهد جهوداً تبذل في مجال السعي لتقليل العجز التجاري الكبير عند استبعاد الصادرات النفطية». وأضاف أن «انخفاض سعر صرف العملة المحلية يقود إلى ارتفاع أسعار السلع المعدة للتصدير، خصوصاً أن معظم مستلزمات الإنتاج مستوردة من دول أوروبية وآسيوية». داعياً إلى ضرورة «تعويض ارتفاع كلفة استيراد مستلزمات الإنتاج للسلع المعدة للتصدير، من خلال تخفيض كلفة الاقتراض لأصحاب المشروعات التصديرية، وهذا يمكن أن يتم من خلال التخفيف الكمي الذي ييسر النقد لدى المصارف، ويؤدي إلى تخفيض أسعار الفائدة ما بين المصارف، والذي يحدد أسعار الفائدة للإقراض وللودائع». |
وذكر الشماع أن «من العوامل التي قد تسهم في دفع أسعار الأسهم المحلية نحو الارتفاع، هي احتمالات التصحيح المتزايدة في الأسواق الأميركية، التي قد تدفع الصناديق والمحافظ للتوجه نحو الأسواق الناشئة، حيث مضاعفات الربحية لاتزال منخفضة»، وعزا ذلك إلى «ارتفاع مؤشر (داوجونز)، منذ أن بدأ الفيدرالي الأميركي بالتلويح حول إمكان تدخله بحزمة إنعاش قوية لتحفيز الاقتصاد، بنسبة وصلت إلى أكثر من 13٪ منذ نهاية أغسطس الماضي، وهي مستويات لم يبلغها المؤشر منذ أغسطس ،2008 وقبل انهيار بنك (ليمان براذرز)».
واستطرد: «إذا كانت احتمالات التصحيح في الأسواق الأميركية واردة وممكنة من الناحية النظرية، فإنها قد تكون مؤجلة من الناحية العملية، بسبب التخفيف الكمي الذي سيتواصل لمدة ثمانية أشهر متتالية بضخ 75 مليار دولار شهرياً، وهو ما قد يغذي الأسواق بالسيولة الجديدة التي قد تؤجل أمد عملية التصحيح»، منبهاً إلى أنه «على الرغم من ذلك، فإن التصحيح أصبح من الناحية المنطقية ممكناً في أي وقت، الأمر الذي قد يدفع صناديق التحوط الأميركية للبحث عن الفرص الاستثمارية في الأسواق ذات المضاعفات المنخفضة».
إضاعة الفرصة
ونبّه الشماع إلى أن «عدم محاكاة الفيدرالي الأميركي بتيسير السياسة النقدية الأميركية هو إضاعة للفرصة التي يتيحها هذا التيسير للاستفادة من الانخفاض غير المبرر للدرهم، الذي سينجم عن تراجع الدولار بسبب الارتباط بين العملتين».
وأشار إلى أن «تراجع الدرهم سيكون محتماً في ظل التوسع الكمي في السياسة النقدية الأميركية، وإذا لم تقم السلطة النقدية الإماراتية بالتوسع كمياً في المجال النقدي، فإن الدرهم سيصبح مقوماً بأقل من قيمته تجاه الدولار، وبالتالي تجاه العملات الدولية الأخرى».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news