مجلس التعاون يؤكّد مساندة الدولة.. وينفي وجود دعم محدّد للقطاع

الإمارات تشكو الرسوم الأوروبــية على الـ «بولي إيثلين» لـ «منظمة الـتجارة»

«بولي إيثلين تيري فيثاليت» يدخــــــــــــــــــــــــــــــــــل في صناعة عبوات المياه وعبوات حفظ الأطعمة. أرشيفية

تقدمت الإمارات بشكوى رسمية إلى منظمة التجارة العالمية، في سابقة هي الأولى من نوعها، في مسعى يستهدف إلغاء الرسوم التي فرضها الاتحاد الأوروبي على الصادرات الإماراتية من مادة الـ«بولي إيثلين»، زعماً بأن الدولة تدعم منتجي هذه المادة مالياً، ما يستوجب تدخل الاتحاد لحماية منتجيه عبر فرض تلك الرسوم.

النظر في الشكوى

وأكد مستشار شؤون الصناعة في وزارة الاقتصاد، عبدالله سلطان الفن، لـ«الإمارات اليوم»، أن «منظمة التجارة العالمية بدأت التحقيق في الشكوى»، لافتاً إلى أن «الإمارات عضو في المنظمة الدولية، وتمتلك حقاُ أصيلاً في التقدم بشكوى إلى المنظمة تجاه أي إجراء يتم اتخاذه من جانب أي دولة أو مجموعة دول في المنظمة».

وقال الفن إن «الوزارة تدرس حالياً التحرك على صعد عدة، من بينها التقدم بشكوى إلى لجنة التظلمات التابعة للاتحاد الأوروبي لإلغاء هذه الرسوم»، التي وصفها بأنها «ظالمة وتضر بالعلاقات الاقتصادية والتجارية مع الاتحاد الأوروبي».

وأوضح أن «الوزارة بدأت في إجراء مباحثات بشكل ثنائي مع دول في الاتحاد الأوروبي بحكم العلاقات الوثيقة التي تربط الإمارات بها»، لافتاً إلى أنه «يوجد تفهم كامل لموقف الدولة الرافض لهذه الرسوم».

وبين أن «جميع الخيارات الدبلوماسية مفتوحة أمامنا، وندرس التحرك على جميع الصعد الدبلوماسية المتاحة، من أجل إلغاء الرسوم، وفي حالة فشل أي خيار سنلجأ إلى خيار آخر».

ونفى مستشار شؤون الصناعة في وزارة الاقتصاد أن يكون تقديم الشكوى مجرد تسجيل موقف من جانب الدولة، موضحا أن «التحرك يستهدف إيجاد حل للقضية».

وأكد أن «الإمارات هي أقل الدول التي فرض عليها الاتحاد الأوروبي رسوم إغراق مقارنة بالدول الأخرى»، مشيراً إلى أن «الرسوم لم توضع على المنتجات البلاستيكية الإماراتية كافة، بل على نوعية واحدة فقط هي (بولي إيثلين تيري فيثاليت)»، الذي يدخل في صناعة عبوات المياه وحفظ الأطعمة.

ولفت إلى أن «الاتحاد الأوروبي يجري عمليات مراجعة دورية لهذه الرسوم بشكل مستمر، ما يفتح الطريق أمام إمكانية إلغائها خلال الفترة المقبلة».

وأفاد بأن «الاتجاه الأوروبي بفرض رسوم الإغراق كان متوقعاً منذ أكثر من عام، إذ كانت المفاوضات بين الطرفين تشير إلى إصرار الجانب الأوروبي على المضي قدماً في هذا الاتجاه، على الرغم من الدفوعات الإماراتية القوية المناهضة لهذا التوجه».

حمائية «الأزمة»

وقال الفن إن «الإعفاء الجمركي الممنوح بشكل عام وتلقائي للمصانع الموجودة في الدولة يعد من قبيل الدعم المسموح به على مستوى منظمة التجارة العالمية، ولا يجيز بالتالي للمفوضية الأوروبية من الناحية القانونية المضي في اقتراح فرض تدابير تعويضية ضد صادرات الدولة من مادة الـ(بولي إيثلين تيري فيثاليت)»، مشيراً إلى أن «قضايا الإغراق تزايدت خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية، إذ تمخضت الأزمة ـ في الكثير من الحالات ـ عن ممارسات حمائية مرفوضة من جانب بعض الأطراف الدولية».

وكانت المفوضية الأوروبية في بروكسل فرضت رسوماً حمائية على مستورداتها من البلاستيك الإماراتي، بواقع 211 درهماً للطن، في قرار شمل وارداتها من باكستان وإيران أيضاً، لكن برسوم أعلى مما فرض على المنتجات الإماراتية، وذلك بعد أن فتحت تحقيقاً في سبتمبر 2009 ضد الدعم على صادرات الدولة من مادة «بولي إيثيلين تيري فيثاليت»، تجاوباً مع ادعاءات بعض المصانع الأوروبية بأن مصنعي هذه المادة في الدولة ينتفعون بدعم يتمثل في الحصول على الإعفاء الجمركي على واردات المواد الأولية والمعدات بنسبة 5٪، وهو الرسم الجمركي المعمول به على مستوى الدولة، الذي يمثل التعرفة الجمركية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي.

لا تمييز

من جانبه، فند المدير العام لمكتب الأمانة الفنية لمكافحة الإغراق في دول مجلس التعاون الخليجي، ريحان مبارك، الادعاءات الأوروبية، وقال إن «المجلس أكد للاتحاد الأوروبي أن الإمارات لا تمارس الدعم لمنتجاتها من الـ(بولي إيثلين)، وأن المميزات المتاحة لهذه الصناعة متاحة لجميع الصناعات الأخرى دون تفرقة، كما أن المزايا المقدمة لهذه الصناعة تقدم للإماراتيين والأجانب من دون تمييز».

وأضاف أن «فرض أي رسوم حمائية يحد من وجود المنتجات الإماراتية والخليجية في الأسواق العالمية، بصرف النظر عن قيمة هذه الرسوم وحجمها وكمية المنتجات الخاضعة للرسوم».

واستطرد: «الإمارات وبالتعاون مع المجلس استطاعت إغلاق التحقيق في قضية إغراق السوق الأوروبية بمنتجات البلاستيك منذ أشهر عدة، إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يقتنع بالدفوع الخاصة بقضية الدعم».

 

المعاملة بالمثل

طالب الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد البنا بالتعامل بحزم مع الاتحاد الأوروبي، وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع الصادرات الأوروبية، عن طريق فرض رسوم جمركية إضافية على بعض المنتجات الأوروبية، خصوصاً أن الميزان التجاري يميل بقوة إلى مصلحة الاتحاد الأوروبي. ووصف البنا القرار الأوروبي بأنه «عشوائي وغير مدروس، ويخدم مصالح دولة واحدة أو دولتين على الأكثر، ولا يخدم مصالح الاتحاد الأوروبي ككل». وأكد أنه «بهذا القرار أثبت الاتحاد الأوروبي أنه ليست لديه نية للوصول إلى اتفاقية تجارة حرة مع دول الخليج، بعد مفاوضات مضنية استغرقت سنوات طويلة»، لافتاً إلى أن «الأوروبيين تقدموا بعد جولات عدة بقانون جديد يضرب عرض الحائط بالاتفاقية التي كانت اللجان تبحثها». وأشار إلى أن «هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها فرض رسوم جمركية من جانب الاتحاد الأوروبي على دول الخليج، خصوصاً الإمارات، إذ قامت بذلك مع منتجات الألمنيوم من قبل، وفرضت رسوما تصل إلى 6.5٪ زيادة على منتجات الإمارات من الألمنيوم».

 

بولي إيثلين تيري فيثاليت

هو أحد المشتقات النفطية، ويستخدم لتصنيع أنواع من ألياف النسيج الاصطناعية، وعبوات تغليف الماء والأطعمة والسوائل الأخرى، وفي تطبيقات تشكيل اللدائن بالحرارة، ومادة رابطة للألياف الزجاجية في المواد الهندسية.

ويستخدم معظم الإنتاج العالمي من هذه المادة في تصنيع ألياف النسيج الاصطناعية، التي حلت محل القطن والصوف في إنتاج الملابس، ومن مميزاتها أنها لا تنكمش وتجف بسرعة وتقاوم التمزق، وذلك بنسبة تتجاوز 60٪ من الإنتاج العالمي، فيما يستخدم 30٪ في تصنيع الزجاجات.

وأوضح في هذا الصدد «قضية الدعم كانت في البداية عبارة عن قضيتين، إحداهما تخص الدعم، والأخرى تخص الإغراق، إذ اقتنع الاتحاد الأوروبي بعد اجتماعات مكثفة في بروكسل وأبوظبي ودبي شارك فيها وفد موحد من الإمارات ومجلس التعاون الخليجي بالمبررات القانونية المقدمة بعدم وجود إغراق من جانب الإمارات، بينما ظل على موقفه الرافض بالنسبة لقضية الدعم، إلى أن قرر فرض رسوم أخيراً على الصادرات الإماراتية من الـ(بولي إيثلين)».

مساندة الإمارات

من جهته، قال الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في مجلس التعاون الخليجي، محمد عبيد المزروعي، إن «المجلس يساند الإمارات في جهودها لإلغاء هذه الرسوم غير المبررة».

وأضاف أن «الأمانة العامة كلفت مكتب مكافحة الإغراق التابع لها بتقديم الدعم الكامل للإمارات في هذه القضية».

ولفت إلى أنه «تتم متابعة الموقف مع الإمارات من خلال تطبيق القانون الموحد لمكافحة الإغراق الصادر عن المجلس منذ سنوات».

موضحاً في هذا الصدد أن «المجلس تمكن سابقاً من وقف بعض القضايا التي كانت دول خليجية عدة تراها إغراقاً، كما خاطب سابقاً منظمة التجارة العالمية لإيقاف العديد من الممارسات الجائرة المتعلقة بالدعم والإغراق ضد دول خليجية عدة».

تويتر