التمويل الإسلامي يسلك طريق العولمة

التباين في آراء علماء الشريعة وتطوير انظمة لتقييم الأداء أبرز التحديات أمام المنتجات الإسلامية.   أ ف ب

أكد خبراء في قطاع المال والصيرفة أن مستقبل التمويل الإسلامي يبدو مشرقاً، لكن مدى اشراقته سيعتمد على قدرة الصناعة على تطوير منتجات جديدة، فمع نمو القطاع، يجب أن يقر التمويل الإسلامي بالأخطار الفعلية في المجتمع والاقتـصاد، وأن يطور أساليب أفـضل لتقيـيم وإدارة المخاطر، وأشاروا إلى الحاجة إلى مشتقات إسلامية، كما دعوا إلى تطوير صناديق التحوط التي تتوافق مـع أحكـام الشريعة.

وقالوا إن التمويل الإسلامي يشهد ازدهاراً مطرداً، فهو يعـد صناعة مالية مهمة تنمو بمعدل يراوح ما بـين 10 إلى 15٪ سنوياً، ومع توسع الصناعة خـارج إطار دعامات القوة التقليدية التي تتمتع بها، يواجه اللاعبون الرئيسون تحديات عديدة، في حين تشكل الشفافية والصدقية أسساً رئيـسة كمبادئ للشريعة، وتلتقي مؤسسات التمويـل التقليدية عند مفترق طرق التجارة الدولية.

مركز مرموق

وتفصيلاً، قال الرئيس التنفيذي في «الكازار كابيتال»، نيكولاس باكون، إن «صناعة التمويل الإسلامي تحتل مركزاً مرموقاً يتيح لها مواجهة تحدي المنتجات الجديدة، والهدف الآن بات يدور حول إنشاء مصارف إقليمية تستطيع أن تجمع بين الخدمات المميزة من الدرجة الأولى، والتسهيلات المتوافقة مع الشريعة»، موضحاً أنه «كلما كان حجم المصرف أكبر، ستتمكن المصارف الإسلامية من النمو والتوسع خارج إطار الشرق الأوسط، وبلوغ المسلمين الموجودين فـي منـاطق أخرى، وكذلك العملاء التقليديين».

ولفت إلى أن «التمويل الإسلامي يحتاج زخماً قوياً من خلال توفيره حلولاً ومنتجات جديدة»، مشيراً إلى أن «امتناع التمويل الإسـلامي عـن استنساخ منتجـات مالية قياسية لا تتوافق مع أحكام الشريعة من دون توفير البديل قد يشكل عائقاً لفرص النمو خارجياً».

ازدهار وتوسع

إلى ذلك، قال المدير التنفيذي لقسم الأسواق الرأسمالية في «مورغان ستانلي»، فار مواني، إن «الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أصبحتا تضمان مؤسسات تتقيد بأحكام الشريعة، حيث يشهد قطاع الخدمات المالية الإسلامية ازدهاراً وتوسعاً نحـو كنـدا وأوروبا، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى استقطاب عملاء جدد».

وتابع «وافق المجتهدون على تعديل بعض المنتجات التي تهم العملاء في الغرب بما يتوافق مع قيم الشريعة، لكن بشرط أن تتم الموافقة عليها من خلال لجان فتوى لا تقل عن ثلاثة من علماء الدين المتخصصين في هذا القطاع، وهي محاولة جيدة لعولمة الخدمات المالية الإسلامية، لكي تلبي احتياجات الغرب بمنهجية إسلامية».

وأضاف مواني أن «بإمكان التمويل الإسلامي أن يصوغ هويته الخاصة بالابتكار، وليس بالنسخ الموجود فعلاً في عالم التمويل، خصوصاً أن الوقت مناسب للمستثمرين الجدد خارج هذه الأسواق، حيث إن هناك فرصاً عدة واعدة تدعو إلى إنتاج بدائل تتقيد بأحكام الشريعة وتدر إيرادات أفضل من العروض القائمة، ويمكننا أن نتوقع نمواً مستداماً عبر ابتكار منتجات جديدة تلبي احتياجات العملاء، خصوصاً أن التنافس المتزايد بين البنوك الإسلامية والبنوك الأخرى سيقود إلى تطـوير وابتكار منتجات جديدة».

وأوضح أن «تلبية تحديات التفاعل بين التمويل الإسلامي والقانون القائم يجب أن تتوافر بها مساحة مستوية توفر للبنوك أو شركات التمويل الإسلامية بيئة قانونية لتيسير عملها، كالتي تتمتع بها البنوك التقليدية، لتكون قادرة على المنافسة».

واستطرد «ثمة معايير أساسية ثلاثة لنجاح مؤسسات التمويل الإسـلامية، أولها تـوافر بيئـة مناسبة لها، ثانيها قابلية تطبيـق العقود، وأخيراً فرضية أن تكون هناك آلية صحيحة لتسوية النزاعات».

مميزات الصكوك

بدوره، أكد الرئيس التنفيذي في «سيراج كابيتال»، إبراهيم مردام، أن «حجم الأصول من أهم العوامل المحفزة التي بإمكانها أن تضع التمويل الإسلامي على خريطة الأدوات المالية العالمية، لاسيما أن الصكوك التي أصبحت أحد أهم أدواتها لاتزال في طور نشأتها وتدعو إلى الابتكار، إذ إن لديها العديد من المزايا، كونها أوراقاً مالية مميزة، فهي تتمتع بسيولة عالية، كما أنها قابلة للتحويل والتداول، إضافة إلى كونها قابلة للتصنيف، فضلاً عن إمكانية تعزيزها ائتمانياً بسهولة كبيرة، إذ من شأنها أن تصبح مهيكلة لتحقيق نسب مستهدفة من العوائد».

وأضاف أن «الصكوك تتمتع بميزات أخرى مثل إمكانية إصدارها في نطاقات قانونية ومالية مختلفة، مثل نظام جزر كايمان أو ديلوير في الولايات المتحدة، إضافة إلى تحقيقها عوائد ثابتة أو متأرجحة، وأيضاً موافقتها للأنظمة المالية العالمية في أميركا وغيرها، وأخيراً أن تكون ذات قيمة تنافسية مقابل السندات».

وأضاف مردام أن «الصكوك لا تعد ديوناً، لكنها أصول نقدية، فهي متوافقة مع الشريعة لأنها لا تجني الأموال من الأموال، وهناك نفقات محددة متعلقة بالأصول ترتبط بها، وخلال السنوات السبع الماضية نمت أسواق الصكوك بنحو 10 أضعاف، وتصدرت ماليزيا الطليعة من حيث الإصدارات بـ 140 إصداراً، ثم البحرين 20 إصداراً، تلتها الإمارات وبقية دول الخليج الأخرى، وكانت معظم الصكوك صادرة عن مؤسسات، إلا أن الإصدارات المستقلة ستزداد أهمية في المستقبل، حيث نشهد إصدارات جديدة قصيرة الأجل».

وأشار إلى أن «هناك عدداً من التحديات التي تواجه الصكوك في منطقة الخليج، حيث تمثل إصداراتها عدداً محدوداً مقارنة بالسندات، لكن نجاحها يؤكد أن هناك مزيداً من فرص النمو مستقبلاً، خصوصاً مع ظهور الصكوك ذات الأجل القصير»، وتابع «التحدي الثاني يتمثل في استراتيجية المستثمرين للشراء أو الإمساك، التي تتراجع في حال اقتناء تلك الصكوك».

عولمة المنتجات

وقال رئيس الخدمات المالية الإسلامية ببنك «ستاندرد تشارترد»، آفاق خان «إننا في بداية موجة رئيسة من التغير إلى عولمة المنتجات المالية الإسلامية التقليدية، إذ يسجل القطاع نمواً بنحو 15٪ سنوياً، ومع مظاهر الازدهار التي تكتسح مختلف أنحاء آسيا، يتزايد الوعي الاجتماعي ونزعة المسلمين وغير المسلمين على حد سواء للإقبال على تلك المنتجات بدوافع الاستثمارات التي تتوافق مع قيمهم».

وأشار إلى أن «هذا القطاع الناشئ يواجه تحديات سواء من حيث التطورات الداخلية، أو من ناحية تكامله مع الأسواق العالمية، لكن على الرغم من ذلك ساعدت موجة التغير في ثروات دول الخليج في دفع نمو هذا القطاع خلال السنوات الخمس الماضية، ومن المحتمل أن نشهد هذا يتكرر في السنوات الخمس المقبلة».

واستطرد «هناك تحديات أخرى تقف عقبة أمام القطاع، على رأسها نقص الشفافية، والتباين في آراء علماء الشريعة، كما أن القطاع لم يطور نظاماً من شأنه أن يساعد العملاء على تقييم الأداء».

تويتر