مخالفة الأســواق المحلية لاتجاه البورصات الأميركـــية تحيّر الــمستثمرين
تراجع قيمة التداولات وجمود التعاملات أدّيا إلى ارتفاع حساسية المؤشر العام للسوق للعروض الصغيرة. تصوير: إريك أرازاس
تفاوتت آراء محللين حول تفسير أداء أسواق الأسهم المحلية الذي تسبب في إثارة حالة من الحيرة والقلق بين أوساط المتعاملين والمستثمرين بشأن توجهات الأسواق.
وتباينت وجهات النظر حول أسباب استقرار أسعار الأسهم المحلية مع ميل مؤشرات الأداء للتراجع لتخالف تتبعها واقتفائها أداء البورصات الأميركية التي حققت ارتفاعات ايجابية في الأسابيع القليلة الماضية.
وفي حين، اعتبر محلل مالي أن ارتفاع مؤشر «داو جونز» الأميركي بنسبة 7٪ خلال النصف الأول من نوفمبر الجاري في الوقت الذي تراجعت فيه أسواق الإمارات بنسبة ـ2.4٪ خلال الفترة نفسها ليس له تفسير يستند إلى حقائق علمية، لكنه يثير الشكوك والتساؤلات حول من يقف وراء تجميد الأسواق المحلية، أعرب محلل آخر عن اعتقاده بأن هذه المرحلة تمثل مرحلة بناء قاعدة سعرية في الأسواق قد تكون نقطة انطلاق في المستقبل القريب مع حلول شهر ديسمبر، وبدء تسارع ظهور أنباء إيجابية تسهم في تشجيع المستثمرين على ضخ سيولة في الأسواق.
حيرة المتداولين
وتفصيلاً، أفاد المستشار الاقتصادي لشركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همام الشماع، بأن «المتداولين في الأسواق الإماراتية ظلوا طوال الأسبوع المنقضي ـ كحال معظم الأسواق الخليجية ـ في حالة من الحيرة والقلق بشأن توجهات الأسواق».
وعزا ذلك إلى «عدم وضوح الرؤية وتفاوت توقعات المحللين الفنيين بشأن انتهاء موجة التصحيح وتوقعات أخرى باستمرارها، ما دفع المستثمرين إلى التزام الحذر في البيع والشراء، الأمر الذي أدى بدوره إلى استقرار مؤشر السوقين وعدم حدوث تذبذبات سعرية ارتفاعاً وانخفاضاً».
وأضاف الشماع أن «المضاربات التي يقوم بها المضاربون بشكل يومي، والتي تسهم، في حالة حدوثها، في رفع قيمة التداولات، تراجع معدلها خلال أول يومين من الأسبوع إلى قرابة 600 مليون درهم، وهي مستويات ما قبل أكثر من ثلاثة أشهر».
وتابع أن «تراجع قيمة التداولات والجمود الذي اتسمت به التعاملات، عاملان أديا إلى ارتفاع حساسية المؤشر العام للسوق لعروض البيع والشراء الصغيرة، فأي عرض للبيع مهما كان صغيراً، يحدث تراجعاً للمؤشر بسبب عدم وجود مشترين متحمسين لفكرة انتهاء التصحيح، والعكس صحيح أيضاً، إذ إن طلبات الشراء مهما كانت صغيرة فإنها كانت ترفع مؤشر السوق بسبب عدم وجود بائعين واثقين بأن موجة التصحيح ستستمر».
وأوضح أن «ارتفاع السوق الأميركية في جلستي الاثنين والثلاثاء لم يترك أثراً في أداء السوق الإماراتية يومي الثلاثاء والأربعاء، لقناعة المتداولين بأن تراجع الأسواق الآسيوية والأوروبية يومي الثلاثاء والأربعاء يعكس حالة الضعف الاقتصادي التي عبر عنها رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ويليام دادلي، فضلاً عن اعتقادهم بأن ارتداد مؤشر داو جونز الأميركي مساء الاثنين والثلاثاء كان نتيجة لهروب المستثمرين من الدولار إلى الأسهم والنفط والذهب».
ولفت إلى أن «السوق بلغت ذروتها يوم الأربعاء من حيث انخفاض قيمة التداولات وبطء الحركة بصورة غير مسبوقة، ما يمكن تفسيره بتقليص شركات وساطة لحجم التسهيلات التي تمنحها لعملائها في التداول على المكشوف، خصوصاً في سوق دبي المالي، حيث الأسهم الحرة العائمة أكثر من سوق أبوظبي».
شكوك وتساؤلات
وأكد الشماع أن «الأسواق الخليجية شذت في الأسبوع المنقضي عن قاعدة تتبع أثر الأسواق الأميركية ومحاكاتها فمؤشر داو جونز الأميركي تمكن من الارتفاع بنسبة 7٪ خلال النصف الأول من نوفمبر الجاري، بينما تراجعت أسواق الإمارات بنسبة -2.4٪ خلال الفترة نفسها».
وقال إن «هذا الاختلاف في الأداء ليس له تفسير يستند إلى حقائق علمية، لكنه يثير الشكوك والتساؤلات حول من يقف وراء تجميد الأسواق المحلية».
وأضاف «مهما كانت الأسباب التي تقف وراء ظاهرة تراجع الأسواق غير المبررة فإنه من المتصور أن الأسواق ستعود إلى مستويات التداول المعهودة خلال الربع الثالث، والتي كان متوسطها اليومي أكثر من مليار درهم، أما تتبع الأسواق المحلية للأسواق الأميركية في الارتفاع والانخفاض، فسيعود تدريجياً بعد زوال الأمور المبهمة التي سادت خلال الأسبوع».
وأشار إلى أنه «طالما أن العوامل الأساسية ستبقي على العملة الأميركية منخفضة لفترة مقبلة طويلة نسبياً، فإن الهروب منها سيستقر ويثبت ما لم تظهر بوادر ومؤشرات إلى المزيد من الضعف، فإذا لم يظهر شيء من هذا القبيل، فإنه من المتوقع أن نرى أسعار النفط تتجاوز حاجز الـ90 دولاراً، خصوصاً مع دخول الاقتصاد الأوروبي مرحلة استعادة النمو».
غياب المحفزات
من جهته، ذكر الرئيس التنفيذي لشركة «شعاع للأوراق المالية» محمد علي ياسين، أن «أسواق الأسهم المحلية شهدت تراجعاً طفيفاً خلال الأسبوع الماضي، وإن كان على أحجام تداولات قلت عن معدلاتها اليومية منذ بداية العام».
وقال «مازالت الأسواق تتحرك في نطاق سعري ضيق في ظل عدم وجود محفزات للمستثمرين للتسريع في عملية التجميع التي تشهدها السوق حالياً على أسهم منتقاة، في انتظار من يقود الأسواق أو يشجع المستثمرين على ضخ سيولة أكبر للمرحلة الحالية، حيث استمر إجمالي صافي الاستثمار الأجنبي موجباً فيما سجلت بقية فئات المستثمرين استثماراً سالباً».
وأعرب ياسين عن اعتقاده بأن «هذه المرحلة تمثل مرحلة بناء قاعدة سعرية في الأسواق قد تكون نقطة انطلاق في المستقبل القريب مع حلول شهر ديسمبر، وبدء تسارع ظهور أنباء إيجابية تسهم في تشجيع المستثمرين على ضخ سيولة في الأسواق، سواء كانت عن توقعات أرباح الشركات في الربع الرابع من العام، أو أخبار عن تسليم مشروعات لبعض الشركات، أو أخبار عن نتائج اندماجات لبعض الشركات وأخبار أخرى عن أداء الاقتصاد الإيجابي بشكل عام».
ولفت إلى أنه «حيث كان الربع الرابع من العام الماضي هو من أسوأ الأرباع المالية أداء من حيث نتائج الشركات المساهمة نتيجة كونه في خضم العاصفة المالية العالمية، فإن مقارنات المحللين عندما تظهر وتقارن في ما بين أداء الربع الرابع من العام الجاري مع قرينه من العام الماضي، فإنها تظهر نسب نمو إيجابية ما سيسهم في رفع التقييمات العادلة لأسهم تلك الشركات، وقد تمثل قوة دفع إيجابية تنعكس على أسعار أسهمها».
موجة هابطة
قال المستشار الاقتصادي لشركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همام الشماع، إنه «لا يوجد مبرر يجعل أسواق الدولة والأسواق الخليجية تنحدر في موجة هابطة كالتي حدثت خلال الأسبوع المنقضي، خصوصاً أن معامل ارتباط مؤشر السوق الإماراتية ومؤشر داو جونز الأميركي يبلغ موجب 0.84 ما يعني وجود علاقة طردية قوية بين المؤشرين».
وقال إنه «في الوقت الذي حققت فيه الأسواق الأميركية ارتفاعات قوية بلغت خلال الأسبوع المنقضي 1.5٪، تراجعت الأسواق الإماراتية بنسبة مساوية خلال الأسبوع، وفي الوقت الذي ترتفع فيه مؤشرات الأسواق الأميركية على الرغم من أنها لاتزال تعاني مشكلات سيولة وتشدداً في الائتمان ومستويات بطالة عالية، وعدم تناسب بين تحسن أداء أسواق الأسهم وأداء الاقتصاد، فإن أسواق الأسهم المحلية تتراجع على الرغم من أنها لا تعاني أي مشكلات باستثناء استمرار التشدد الائتماني في الإقراض العقاري».
وأوضح أن «التقارير والمؤشرات النقدية والمصرفية تؤشر إلى استمرار تطور هذه المؤشرات نحو الأفضل، كما أن كل مؤشرات النظام المصرفي في الدولة في تطور مستمر نحو الأفضل، ففي غضون عام واحد ازدادت أصول المصارف بمقدار 114 مليار درهم، كما ارتفعت الودائع بمقدار 99.2 مليار درهم والقروض بنحو 54.1 مليار درهم والقروض الشخصية إلى ثمانية مليارات درهم».
وبين أن «بنود الأصول والودائع والقروض والقروض الشخصية، ارتفعت بنسب 7.45٪ و28.15٪ و10.09٪ و5.30٪ على التوالي خلال عام واحد».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news