الحذر يسيطـر على أسواق الأسهم المحلية رغم ارتفاع المؤشرات

عودة الاقتصاد الإماراتي للنمو خلال العام المقبل ستجعله جاذباً للاستثمارات الأجنبية. تصوير: لؤي أبوهيكل

عزا محللون ماليون الارتفاعات التي حققتها مؤشرات أسواق الأسهم المحلية في الأسبوع المنقضي إلى شعور المستثمرين بأن الأسواق العالمية أنهت سريعاً عملية التصحيح التي كان متوقعاً أن تكون عنيفة.

 
روح التفاؤل والسيولة الجديدة

قال المستشار الاقتصادي لشركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همام الشماع إن «من الأسباب التي ستدفع إلى ارتفاع الأسواق في الفترة المقبلة، روح التفاؤل التي يتمتع بها المستثمر الإماراتي ورغبته في ضخ السيولة الجديدة للأسواق، حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز معلومات «مباشر» أن 42.8٪ من المستثمرين الإماراتيين سيضخون سيولة جديدة في السوق، بالمقارنة مع نسبة 31٪ فقط من إجمالي المستثمرين في البلاد العربية ممن يفضلون ضخ سيولة جديدة في الأسواق المالية».

واستطرد أن «هذه الأرقام تعني أن الأسواق مقبلة على ارتفاعات قد تفوق تلك التي حدثت في أكتوبر عندما أدت سيولة أجنبية غير عربية دخلت إلى السوق، بصافي مشتريات فاق 1.4 مليار درهم، إلى ارتفاع في المؤشر العام لسوق الإمارات بنسبة 10٪».

وأكد أن «أعداد المستثمرين في سوقي الإمارات تقارب مليون مستثمر، وإذا ما توقعنا أن يقوم نسبة 42.8٪ منهم بضخ سيولة جديدة بمعدل 10 آلاف درهم لكل واحد منهم، فإن إجمالي السيولة الجديدة التي ستدخل إلى الأسواق سيكون في حدود أربعة مليارات درهم».

وأضاف «إذا افترضنا أن المؤشر العام لسوق الإمارات سيرتفع بنسبة 10٪، فإن القيمة السوقية سترتفع بالنسبة نفسها وبنحو 45 مليار درهم، ما يعني أن كل من كان لديه استثمارات عالقة في السوق بقيمة مليون درهم، على سبيل المثال، فإنها ستزداد بـ10 أضعاف المبلغ الجديد المستثمر، أي الى100 ألف درهم».


وقالوا إنه على الرغم من الشعور الإيجابي وارتفاع المؤشرات، إلا أن معظم المستثمرين لم يتخلوا عن حالة الحذر التي لازمتهم، بسبب الخسائر التي تكبدوها الأسبوع الماضي جراء التقلبات اليومية الحادة.

وأضافوا أن تصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، كان لها دور كبير في تأكيد تعافي اقتصاد الإمارات من مرحلة التباطؤ الاقتصادي التي شهدها بداية العام نتيجة الأزمة العالمية، ما انعكس إيجاباً على أسواق الأسهم، لافتين إلى أن عودة اقتصاد الإمارات للنمو خلال العام المقبل ستجعله اقتصاداً جاذباً للاستثمارات الأجنبية، ما سيكون له انعكاسات إيجابية على أداء الشركات، وبالتالي أسعار أسهمها في الأسواق المحلية.

حذر المستثمرين

وتفصيلاً، ذكر المستشار الاقتصادي لشركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همام الشماع، أن «التذبذبات القوية التي شهدتها أسواق الأسهم المحلية في الأسبوع قبل الماضي أجبرت المتعاملين على اتباع الحذر، على الرغم من تلاشي المخاوف من إمكانية حدوث تصحيح قوي في الأسواق العالمية».

وقال إن «الأسواق المحلية ارتدت صعوداً منذ أول جلسة في الأسبوع المنقضي، إثر الشعور بأن الأسواق العالمية أنهت سريعاً عملية التصحيح التي كان من المتوقع أن تكون عنيفة، وعلى الرغم من ذلك، فإن غالبية المستثمرين لم تتخل عن حالة الحذر التي لازمتها، إثر الخسائر التي تكبدوها في الأسبوع الماضي بسبب التقلبات اليومية الحادة».

ولفت إلى أن «الحذر استمر حتى في يوم الثلاثاء الذي كان من المفترض أن يشهد تحسناً كبيراً، بعد أن ارتدت الأسواق الأميركية في جلسة الاثنين بنسبة زادت على 2٪، وبعد أن ارتفعت الأسواق اليابانية والأوروبية في جلسة الثلاثاء».

وأوضح أن «مؤشر «داو جونز» الأميركي الذي تحاكيه كل أسواق المنطقة لم يتعرض لمثل ما تعرضت له الأسواق المحلية وحتى الخليجية، فمنذ تراجعه بنسبة 2.5٪ في جلسة الجمعة قبل الماضي، ارتفع المؤشر بشكل هادئ ومتواصل ليسجل حتى الاثنين الماضي ارتفاعاً بنسبة 3.2٪، فيما انخفضت أسواق الأسهم المحلية خلال الفترة نفسها بنسبة 2.3٪».

وبيّن أنه «فيما لم تتغير قيمة التداولات في الأسواق الأميركية كنسبة مئوية خلال الفترة المناظرة السابقة، تراجعت قيمة التداولات في الأسواق الإماراتية خلال فترتين متساويتين بنسبة تصل إلى 29٪».

أسباب الارتفاع

وحدد الشماع عدداً من المستجدات التي تدعو للاعتقاد بأن السوق المحلية مقبلة على ارتداد قوي في الفترة المقبلة، وربما حتى نهاية العام، وأهمها الصورة الإيجابية التي رسمتها إفصاحات الشركات عن أرباح الربع الثالث، والتي بفضلها أصبحت توقعات الأرباح السنوية للعام الجاري أكثر جاذبية للمستثمـرين، وأسعـار الأسـهم أكـثر رخـصاً مقارنة مع الأسواق العالمية والإقليمية».

وأشار إلى أن «مستويات الأرباح السنوية لسوق أبوظبي، تجاوزت مستويات عام ،2007 كما لامست مستويات سنة الطفرة الكبيرة في نصفها الأول ،2008 أما سوق دبي الذي كان السبب في تخفيض مستويات أرباح السوقين، فقد تمكن من تجاوز المستويات المتدنية من الأرباح للربع الثاني، التي نجمت عن خسائر في الأسواق الخارجية، لتحقق أرباحاً في الربع الثالث تصل إلى 56٪ من قيمة أرباح سنة الطفرة ،2008 وإلى قرابة 43٪ من أرباح سنة 2007».

معتبراً أن «هذه المستويات تعد جيدة، وقد نفاجأ برؤية إفصاحات الربع الثالث لشركات دبي تفوق التوقعات، حيث من الممكن أن تصل إلى قرابة 12 مليار درهم إذا ما استطاعت أرباح الربع الثالث أن تنمو بنفس نسبة نموها في الربع الثالث عن الثاني وهي 40٪».

عكس الاتجاه

من ناحيته، ذكر الرئيس التنفيذي لشركة «شعاع للأوراق المالية»، محمد علي ياسين، أن «أسواق المال المحلية عكست اتجاهها التنازلي، وعادت مؤشرات الأسعار للصعود بعد ثلاثة أسابيع من التراجعات السعرية، لتعطي إشارات إلى أن مرحلة التصحيح التي بدأت منذ منتصف شهر أكتوبر الماضي بدأت بالانحسار، وأن عمليات التجميع التدريجي للأسهم عادت للظهور بشكل أوضح على أسهم منتقاة، خصوصاً على أسهم قطاع العقار».

وقال «بدا واضحاً من الإحصاءات الأسبوعية عودة الاستثمار المؤسساتي الأجنبي للشراء، حيث كان صافي الاستثمار الأجنبي في الأسواق موجباً خلال الأسبوع وبقيمة 75 مليون درهم تقريباً، ليعيد إلى الأذهان المرحلة التي مرت بها الأسواق في أغسطس الماضي، عندما كان صافي الاستثمار الأجنبي موجباً وأحجام التداولات منخفضة قبل أن تشهد الأسواق مرحلة انتعاش كبيرة».

وأكد ياسين أن «من غير المستبعد عودة مثل هذه الدورة خلال الأسابيع المقبلة، لاسيما أن نتائج الشركات خلال الربع الرابع من العام الجاري ستكون إيجابية بشكل واضح، إذا ما تمت مقارنتها بمثيلتها من العام الماضي الذي تأثر سلباً ببداية تبعات الأزمة العالمية على المنطقة».

وأوضح أن «التصريحات الرسمية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، كان لها دور كبير في تأكيد تعافي اقتصاد الإمارات بشكل عام، وإمارة دبي بشكل خاص، من مرحلة التباطؤ الاقتصادي التي شهدها بداية العام الجاري نتيجة الأزمة العالمية».

ولفت إلى أن «عودة اقتصاد الإمارات للنمو خلال عام 2010 ستجعله اقتصاداً جاذباً للاستثمارات الأجنبية، وعنصراً مهماً في تعافي اقتصادات المنطقة بشكل خاص واقتصادات الأسواق الناشئة بشكل عام خلال السنوات المقبلة، ما ستكون له انعكاسات إيجابية على أداء الشركات، وبالتالي أسعار أسهمها في الأسواق المحلية».

صدمة أميركية

أما الرئيس الأول للاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة في «الإمارات دبي الوطني»، غاري دوغان، فقال إن «التقرير حول البطالة في الولايات المتحدة الأميركية شكّل الصدمة الأبرز للبيانات الاقتصادية للأسبوع الماضي، إذ حدد معدّل البطالة الأميركية بـ10.2٪، مقابل التوقّعات التي حددتها عند نسبة 9.9٪».

وأكد أن «المحلّلين الاقتصاديين أشاروا إلى أن معدل البطالة هذا لم يُقدّر على حقيقته، إذ بقي الكثير من الأشخاص خارج نطاق البيانات الوظيفية، إما لانتهاء منافع التأمين الخاص بالبطالة، أو لكونهم استسلموا وتخلّوا عن فكرة البحث عن وظيفة».

وأضاف أن «أسواق الأسهم تقبّلت أخبار البطالة المخيّبة للأمل بأن أنهت الأسبوع مع نتيجة متفائلة بشكلٍ عام، وعلى الأرجح ستحافظ بيانات سوق العمل على توتّر المستثمرين حيال الالتزام بشكلٍ كبير تجاه أسواق الأسهم». وأشار إلى أن «هناك تركيزاً مبالغاً فيه في أسواق الأسهم على الظروف الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية، على الرغم من أنه في المقابل أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة، في ألمانيا واليابان وأستراليا تراجعاً لمعدّل البطالة».
تويتر