المعطيات المحلية تحدّد مسـار أسواق الأسهم قريباً
تحسّن وضع السيولة وانخفاض أسعار الأسهم سيعزّزان أداء السوق. تصوير: دينيس مالاري
قال محللان ماليان إن المعطيات الاقتصادية المحلية ستكون هي المحدد الأول لمسار أسواق الأسهم الإماراتية في المرحلة المقبلة، بعد ظهور مؤشرات على بدء تعافي الاقتصاد العالمي، كان أهمها انحسار وتراجع حدة انكماش الاقتصاد الأميركي في يوليو الماضي.
|
تقرير شركة شعاع
ذكر التقرير الأسبوعي لشركة «شعاع للأوراق المالية»، أن «الأسواق المالية شهدت تداولات نشطة وإيجابية منذ مطلع الأسبوع، لتعكس التأثير الايجابي للتصريحات الرسمية، عن مستويات السيولة المحلية، التي سجلت زيادة كبيرة عما كانت علية منذ أربعة شهور مضت، ليمتد تأثيرها إلى ارتفاع نسبة الإقراض البنكي أيضا». وقال التقرير إنه «على الرغم من مرور بعض جلسات التداول من الاسبوع الماضي بموجة من جني الأرباح، فإن الأسواق أظهرت تماسكاً إيجابياً وقوياً، مدعومة بزيادة الاستثمار المؤسساتي المحلي والأجنبي الذي اتخذ طابع (التجميع الهادئ والمتزن) لأسهم من قطاعات مختلفة في كلا السوقين، ما يؤكد أن الوقت بدأ ينفد أمام المستثمرين والمحافظ، لاتخاذ مراكز جديدة لمواجهة الارتفاعات التي ستحدث مع اقتراب انتهاء الربع الثالث من العام الجاري». ولفت إلى أن «نتائج أعمال الشركات عن الربع الثاني، عززت أيضا متانة الأسواق المحلية، وأسهمت في زيادة أسعار الأسهم، حيث أظهر معظمها اتجاهات إيجابية لتحقيق أرباح للعام الجاري، تطابق توقعات المحللين التي تأخذ بالحسبان إعلانات الشركات عن المستويات التي وصلت إليها نسب الإنجاز للمشروعات القائمة حالياً، ليؤكد ذلك حقيقة عدم وجود أية عراقيل أمام الشركات العقارية المحلية لتنفيذ المشروعات القائمة حالياً، حيث أطلق عدد من الشركات المحلية مشروعات جديدة سيتم البدء فيها خلال المرحلة المقبلة». وتوقع التقرير أن «تكون الأسواق المحلية في مقدمة الأسواق المالية في المنطقة التي ستسجل تعافياً تدريجياً للقطاعات كافة، وفي مقدمتها القطاع العقاري من خلال زيادة ثقة الاستثمار المحلي والأجنبي في أسواق الأسهم المحلية». |
وأكد المحللان الماليان أن علاقة تتبع واستنساخ أداء الأسواق العالمية التي تجري حالياً، لن تستمر، وأن الأسباب الموضوعية والنفسية التي تقف وراء الترابط القوي الحالي ستختفي، لتعاود الأسواق المحلية أداءها المستقل الذي تحدده مؤشرات الأسواق والشركات المدرجة فيها.
وأوضحا أن تقارير ودراسات رسمية، مثل تقرير «غرفة تجارة وصناعة أبوظبي» أشارت إلى معطيات محلية يتوقع أن تنعكس إيجاباً على أسواق الأسهم، مثل توقع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي من دون النفط خلال العام الجاري بنسبة 7٪.
وأشارا إلى أن القطاع العقاري سيلقى دعماً من الزيادة السكانية، حيث توقع تقرير الغرفة ارتفاع عدد سكان الدولة من 5.7 ملايين نسمة في العام الماضي، إلى ما يزيد على ستة ملايين نسمة في العام الجاري.
جاذبية الأسهم
وتفصيلاً، عزا الشريك في شركة «الفجر للأوراق المالية»، نبيل فرحات، استقرار وتحسن الأسواق المالية المحلية، خلال الأسبوع المنقضي، إلى «ظهور عوامل ايجابية، تتمثل في تحسن أسعار النفط، فضلاً عن إفصاحات الشركات عن نتائجها المالية، والتي جاءت في مجملها أفضل من المتوقع، رغم تقلص الأرباح، مقارنة مع الفترة نفسها من العام المالي السابق».
وقال إن «هذه العوامل جعلت أسعار الأسهم المدرجة أكثر جاذبية، خصوصاً بعد زيادة التوقعات بانخفاض سعر صرف الدولار، مقابل العملات الرئيسة العالمية، ما سيحسن مستقبلا من جاذبية الأصول الإماراتية خصوصا العقارية منها، المقومة بالدرهم المرتبط بدوره بالدولار، ما سينعكس على منح دعم لأسعار العقارات لاحقا».
وخلص فرحات إلى أن «تحسن وضع السيولة تدريجياً داخل الدولة، والانخفاض الحاصل في أسعار أسهم شركات مدرجة حالياً في السوق المالي، سيؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى تعزيز أداء السوق في المرحلة المقبلة، لاسيما مع ظهور تقارير عالمية ترجح استمرار بيئة الفوائد العالمية المنخفضة حتى نهاية العام المقبل، ما سينعكس إيجابا على الاقتصاد المحلي».
توقّعات
من جهته، أفاد المستشار الاقتصادي، خبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع بأن «المحللين توقعوا في نهاية الأسبوع قبل الماضي، معاودة الأداء الجيد لأسواق الأسهم، وتسجيل ارتفاعات قوية في أول أيام التداول من الأسبوع الجديد، مستندين في ذلك إلى توقع ارتفاع أسعار النفط، الذي بدوره يستند إلى توقع تراجع الدولار أمام العملات الرئيسة، ما يقود إلى تزايد الرغبة في (ركوب المخاطر)، والخروج من (مظلة الدولار)، والتوجه نحو أسواق الأسهم والسلع بما فيها النفط».
وأضاف أن «ارتفاعات قوية تحققت بالفعل في كل الأسواق الخليجية يومي الأحد والاثنين وحتى الثلاثاء، تتبعاً لمسار الأسواق العالمية التي كانت أغلقت على ارتفاعات قوية، صاحبتها عودة أسعار النفط لمستويات الـ70 دولار»، موضحاً أن «عمليات جني الأرباح التي حدثت الثلاثاء، وتمكن (سوق دبي) خصوصاً، من استيعابها، بسبب مؤسسات أجنبية قوية دخلت إليه، كانت متوقعة إلى حد بعيد، لكون الغالبية العظمى من المتعاملين في الأسواق تحولوا إلى مضاربين، بفعل التقلبات الحادة للأسواق المحلية، فضلاً عن أنهم تتبعوا ما آلت إليه الأسواق الأميركية في اليوم السابق، وراقبوا أداء الأسواق الآسيوية قبل بدء الجلسة، ليقرروا في ضوء ذلك الدخول أو الخروج من السوق».
وأكمل الشماع أن «أداء الأسواق المحلية الأربعاء الماضي، والذي حاكى أيضا الأداء الضعيف للأسواق الأميركية، والتراجع في الأسواق الآسيوية والأداء الضعيف المتقلب للأسواق الأوروبية، اتجه نحو (إعادة التوازن) بين سوقي أبوظبي ودبي، من خلال جني أرباح في (سوق ابوظبي)، فيما عوض (سوق دبي) ذلك، بارتفاع طفيف بعد أن تذبذب بنحو 33 نقطة انخفاضا وارتفاعا».
وأشار إلى أنه «إثر ارتفاع أسعار نفط برنت إلى ما فوق 75 دولاراً، وهو أعلى مستوى تسجله أسعار النفط المرجعية، منذ أن تهاوت سوق النفط في العام الماضي، ارتفعت أسواق الأسهم الإماراتية في آخر أيام الأسبوع، مدعومة بارتفاع الأسهم الآسيوية والأوروبية»، لافتاً إلى أن «علاقة التتبع والاستنساخ عن أداء الأسواق العالمية، التي نحن عليها حالياً، لن تستمر بعد أن تزول وتتراجع أزمة السيولة العالمية».
وقال إن «الأسباب الموضوعية والنفسية التي تقف وراء الترابط القوي الحالي، ستختفي لنعود إلى سابق عهدنا، بأداء مستقل تحدده مؤشرات أداء الأسواق المحلية والشركات المدرجة فيها».
معطيات محلية
ونبه الشماع إلى أنه «في ضوء توقع بدء تعافي الاقتصاد العالمي، وظهور العديد من المؤشرات الايجابية التي كان آخرها انحسار وتراجع حدة انكماش الاقتصاد الأميركي في يوليو، تبرز أهمية المعطيات الاقتصادية المحلية، ودورها في تحديد مسار أسواق الدولة في المرحلة المقبلة».
وذكر أن «أول هذه المعطيات استمرار تحسن أداء الاقتصاد الكلي للدولة وهذا ما تؤكده التقارير والدراسات الرسمية، ومنها تقرير (غرفة تجارة وصناعة ابوظبي) الذي أشار إلى توقع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي خلال العام الجاري، بنسبة 7٪، ليصل إلى 565.7 مليار درهم، مقارنة مع 528.7 مليار درهم في العام الماضي».
واستطرد، قائلا إن ارتفاع القطاعات السلعية والخدمية، دون قطاع النفط، يعني أداء تشغيلياً أفضل للوحدات الاقتصادية. وهذا ما تؤكده إفصاحات العديد من الشركات، التي تحسن أداؤها التشغيلي في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بالربع الأول منه، بما في ذلك الشركات العقارية التي حققت نسب نمو تراوح بين 4.5٪ لشركة «أرابتك»، تدرجاً إلى 86٪ لشركة «إعمار». وأوضح أن «الخسائر التي نجمت عن الأزمة المالية، التي أدت إلى استنفاد مخصصات عالية ظهرت في شركة «إعمار»، لا تشكل خللاً كبيراً في ظل عمق الأزمة التي ضربت أقوى اقتصادات العالم، وتسببت في خسائر لا يمكن مقارنتها بالأضرار التي تكبدتها الشركات المحلية».
وأشار الشماع إلى أن «العبرة في الأداء التشغيلي الايجابي، تمثلت أيضا في قطاع المصارف، إذ حققت البنوك نمواً في أرباحها قبل احتساب المخصصات، بنسبة تزيد على 7٪ في النصف الأول من هذا العام، مقارنة مع نظيره من العام الماضي، على الرغم من أن المقارنة مع النصف الأول من العام الماضي تعتبر ظالمة جدا لتقييم الأداء للشركات»، مفسراً ذلك بأن «العام الماضي في نصفه الأول، كان (عام طفرة) على كل المستويات، حتى إن النصف الثاني من العام الماضي لم يظهر كل النتائج والتعثرات التي ترتبت على الأزمة، بما في ذلك تعثر (مجموعتي سعد والقصيبي) السعوديتين».
وأعرب عن اعتقاده بأن «قدرة اقتصاد الدولة على التعافي ستكون أكبر، بعد أن بدأ في تجاوز آثار الأزمة، عبر الدعم الحكومي القوي للنظام المالي، والإجراءات الحثيثة التي اتخذها ويتخذها «المصرف المركزي»، والتي كان آخرها السعي لإيجاد سعر فائدة مرجعي للدرهم، فضلاً عن أن معظم الشركات نظفت دفاترها من التعثرات التي واجهتها في العام الماضي وبداية العام الجاري».
وأشار إلى أن «التحسن سيشمل أيضا القطاع العقاري الذي سيلقى الدعم من الزيادة السكانية التي أشار إليها تقرير الغرفة، بعد أن توقع ارتفاع عدد السكان من 5.7 ملايين نسمة في العام الماضي، إلى ما يزيد على ستة ملايين نسمة في العام الجاري، بزيادة تصل إلى أكثر من 340 ألف نسمة، وبنسبة زيادة 6٪».
واختتم الشماع بالقول إن «هذه الزيادة كفيلة بدعم استقرار أسعار العقارات، والتي أكدها تقرير شركة (كولييرز إنترناشونال)، الذي توقع استقرار الأسعار نهاية العام الجاري، على أساس أن الزيادة السكانية يمكن أن تساعد على استقرار الإيجارات، وبدورها تدعم أسعار العقار وتحول دون المزيد من تراجع أسعاره، وهو ما أدى اخيرا إلى تراجع أنشطة التطوير العقاري».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
