مستثمرون كبار يعودون إلى أسواق الأسهم المحلية

جلسات تداول الأسبوع المنقضي شهدت حركة نشاط قوية وبداية دخول المحافظ الاستثمارية على غالبية الأسهم. تصوير: إريك أرازاس

أجمع محللون على أن أسواق الأسهم المحلية شهدت بدء دخول المحافظ الاستثمارية وكبار المستثمرين، ما منحها فرصة لمواصلة الصعود والتغلب على عمليات المضاربة وجني الأرباح. وأكدوا أن ارتفاعات الأسبوع المنقضي، التي لم تحدث منذ ما يزيد على تسعة أشهر، ذكّرت المستثمرين بجلسات التداول في نهاية عام ،2007 وفي ما قبل تطورات الأزمة المالية العالمية وانهيار الأسواق المالية على أثرها.

وذكروا أن أسواق الأسهم أعطت إشارة واضحة إلى الاتجاه نحو الانتهاء من ظاهرة «الأسهم تحت الدرهم»، وفي القريب الاتجاه نحو الانتهاء من ظاهرة «الأسهم تحت قيمتها الدفترية». وأشاروا إلى أن التطورات الجارية تشير بوضوح إلى بدء انتعاش الأسواق خلال الربع الثاني من عام ،2009 باعتبارها تعكس التوقعات المستقبلية وتسبق في حركتها حركة الاقتصاد الحقيقي.

دخول الكبار

أفاد مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور محمد عفيفي، بأن «جلسات تداول الأسبوع المنقضي شهدت حركة نشاط قوية وبداية دخول المحافظ الاستثمارية وكبار المستثمرين على غالبية الأسهم في كلا السوقين».

وقال إن «التركيز كان منصبّاً في بداية جلسات الأسبوع على الأسهم الصغيرة القيمة أو أسهم ما تحت الدرهم، في إشارة واضحة إلى الاتجاه نحو الانتهاء من ظاهرة الأسهم تحت الدرهم، وفي القريب الاتجاه نحو الانتهاء من ظاهرة الأسهم تحت قيمتها الدفترية».

وأضاف «امتد ذلك التركيز مع جلسات منتصف الأسبوع ليشمل الأسهم القيادية، ليحقق المؤشر العام لسوق الإمارات بذلك ارتفاعات استمرت لخمس جلسات تداول متتالية، محققة مكاسب أسبوعية بلغت 19 مليار درهم لأول مرة منذ فترة طويلة نسبيا»، لافتاً إلى أن «الأسبوع لم يشهد إغلاق جلسة تداول واحدة على انخفاض نتيجة عمليات جني الأرباح التي بدأت في التضاؤل تدريجياً خلال الأسبوعين الماضيين، إلى أن تلاشى تأثيرها تماماً في أداء المؤشر اليومي خلال الأسبوع المنقضي نتيجة ازدياد واتساع شريحة المتعاملين وارتفاع درجة الثقة لديهم بأداء الأسواق المحلية خلال الفترة المقبلة».

وأشار إلى أن «جلسات تداول الأسبوع توضح بما لا يدع مجالاً للشك أن عدداً كبيراً من المضاربين بدأ في تغيير استراتيجيته في المضاربة من اليومية ومضاربة الفلس والفلسين إلى مضاربة أسبوعية وربما أكثر، وإلى أهداف ربحية أعلى من مجرد الفلس والفلسين».

مؤشرات التعافي

وحول إمكانية الحكم على تعافي الأسواق المالية، أكد عفيفي أن «التطورات الجارية تشير وبوضوح إلى بدء انتعاش أسواق الأوراق المالية خلال الربع الثاني من عام 2009 باعتبارها تعكس التوقعات المستقبلية وتسبق في حركتها حركة الاقتصاد الحقيقي».

ودلّل على ذلك بأن «جلسات تداول الأسبوع لم نر مثلها منذ ما يزيد على تسعة أشهر، وذكّرت المستثمرين بجلسات التداول في نهاية عام ،2007 وفيما قبل تطورات الأزمة المالية العالمية وانهيار الأسواق المالية على إثرها».

واستطرد «تطورات الأسبوع الماضي تعد بمثابة إعلان عن انتهاء فترة الاستقرار أو التداول الأفقي المائل إلى الارتفاع، التي استمرت نحو شهرين تقريباً، وبدء مرحلة جديدة من الارتفاعات مع بدء عودة المحافظ الاستثمارية وكبار المستثمرين إلى جلسات التداول، وكذلك بدء العودة التدريجية الهادئة للاستثمارات الأجنبية، التي بدأت في التحول من السلبية، كصافي استثمار أجنبي، إلى الايجابية لتصل قيمتها منذ بداية شهر أبريل وحتى الآن إلى 244 مليون درهم، منها 109 ملايين درهم خلال الأسبوع المنقضي».

وبيّن أن «سوق الإمارات سبق أسواق المنطقة في التحول من الخسائر أو العائد السلبي إلى العائد الايجابي بقيادة سوق أبوظبي الذي يحتل المرتبة الأولى الآن بين جميع أسواق منطقة الشرق الأوسط بمعدل عائد 13٪».

ولفت إلى أن «تأخر دخول السيولة الاستثمارية، وامتداد عمليات التجميع في سوق دبي، وتواريخ استحقاق التوزيعات النقدية أو أسهم المنحة لبعض الشركات القيادية في سوق دبي، عوامل أعاقت تقدم السوق الإماراتي ككل، وأعادته إلى المرتبة الثالثة بعد كل من السوق السعودي ثم المصري».

وحدد عفيفي عددا من المقومات التي تكفل استمرار صعود أسواق الأسهم المحلية، ومنها «تصريحات محافظ مصرف الإمارات المركزي حول ظهور بوادر لانتهاء أزمة السيولة في الإمارات، وبدء العديد من البنوك العاملة في الدولة العودة مرة أخرى إلى التخفيف من قيود الإقراض في ظل اتجاه أسعار الفائدة بين البنوك إلى المزيد من الانخفاض، فضلاً عن ارتفاع مستويات التفاؤل بمستقبل الاقتصاد الإماراتي مع الإعلان عن بدء توافر السيولة في بنوك إمارة دبي، وتحقيقها معدل نمو بلغ 2٪ خلال الربع الأول من عام 2009».

واختتم عفيفي بتأكيد «ضرورة ابتعاد المستثمرين في السوق المحلي عن عمليات المضاربة في أثناء ذلك الاتجاه الصعودي، وكذلك عدم الخوف أو الانزعاج في حال حدوث تراجعات صحية بسيطة للمؤشرات حتى تستطيع المؤشرات استكمال مسيرة الاتجاه الصاعد لأطول فترة ممكنة».

ثقة وتفاؤل

من جهته، قال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع، إن «حالة الثقة بأداء أسواق الأسهم الخليجية تعززت بحالة التفاؤل التي عمّت الأسواق العالمية، وبدأ العديد من المستثمرين الطويلي الأجل بالدخول إلى الأسواق بتأن وحذر في بداية الأسبوع، ثم بدأ الحذر يتناقص تدريجياً خلال أيام الأسبوع وصولاً إلى يوم الخميس حيث كان التفاؤل قويا».

وأضاف أن «الأسبوع الماضي بأكمله شهد صعوداً متواصلاً، ولم تشهد السوق عمليات جني أرباح متواصلة في جلسة كاملة، كما عبّرت معدلات التداولات المتزايدة عن الدخول التدريجي للمستثمرين، الذين ارتفعت نسبتهم بالمقارنة مع أعداد المضاربين الذين كانوا أغلبية مطلقة في الأسابيع الفائتة».

وتابع «مع استمرار روح التفاؤل يصبح تراجع أعداد المضاربين، الذين سينتقلون إلى الاستثمار، مؤكَداً، لإدراكهم أن عائد الاستثمار هو أعلى من عائد المضاربة التي تحمل في طياتها احتمالات الربح بقدر احتمالات الخسارة».

معطيات إيجابية

وأوضح الشماع أنه «على الرغم من تراجع الأسواق العالمية يوم الأربعاء، إلا أن أسواق الأسهم المحلية تغلبت على عمليات جني الأرباح التي نفذها المضاربون، ما رفع من درجة الثقة في أن حالة التفاؤل بدأت تنطلق من معطيات الاقتصاد الإماراتي، خصوصاً بعد أن أصدر صندوق النقد الدولي تقريره الخاص بتوقعات أداء الاقتصاد، حيث تحفزت الأسواق يوم الخميس مع بداية الجلسة لتعبر عن مرحلة جديدة من الأداء المتناسب مع المستويات المغرية لمضاعفات الربحية».

مشيراً إلى أن «الأسواق تفاعلت أيضاً بصورة إيجابية مع عدد من المعطيات الجديدة، التي كان من أهمها تأكيد محافظ مصرف الإمارات المركزي ظهور بوادر انتهاء الأزمة وتحسن معدلات السيولة نتيجة حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الاتحادية والمحلية».

وأكمل الشماع أن «ثاني المعطيات الإيجابية تمثل في مطالبة معظم المصارف الوطنية، المصرف المركزي بتمديد المهلة المتاحة لمعالجة اختلال نسبة القروض إلى الودائع، وذلك للاستفادة من السيولة المالية وضخها في الاقتصاد الوطني عن طريق تمويل الشركات والمشروعات المحلية بمختلف فئاتها، ما رسخ القناعة بأن مشكلة السيولة انتهت وأن ما تبقى منها لا يعدو كونه مسألة تنظيمية».

واستطرد أن «ثالث هذه المعطيات تمثل في أن البنوك تلقّت تطمينات من العديد من المؤسسات الحكومية ومن شركات خاصة تؤكد فيها المحافظة على موظفيها وعدم نيتها الاستغناء عن خدماتهم، الأمر الذي دفع العديد من البنوك إلى تيسير الشروط المتشددة على القروض الشخصية عبر تخفيض الحد الأدنى للرواتب المطلوبة».

لافتاً إلى أن «رابع هذه المعطيات هو الاطمئنان الذي دب في نفوس المستثمرين بعد سريان أخبار عن بدء مؤسسات دبي بالإعلان تباعاً عن تسديد ديونها المستحقة لهذا العام».

وتابع «إضافة لذلك، يمكن اعتبار التقرير الذي أصدره صندوق النقد الدولي رداً على كل الشائعات المغرضة التي حاولت الإساءة إلى اقتصاد الدولة».

 عوامل التحفيز

رصد المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع، ستة عوامل إيجابية تناولها تقرير صندوق النقد الدولي وهي «نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي الحقيقي للدولة بنحو 4.4٪ هذا العام مقارنة بنحو 8.6٪ في العام الماضي، وهو معدل نمو سيستقطب اهتمام المستثمرين الأجانب الباحثين عن فرص استثمار جذابة في مختلفة أنحاء العالم».

وقال إن «ثاني الايجابيات تمثل في توقع وصول إجمالي الناتج المحلي الاسمي للدولة إلى 936.6 مليار درهم هذا العام، مقارنة بنحو 970.9 مليار درهم في العام الماضي، الأمر الذي يعني تراجع مستويات التضخم في ظل استمرار النمو الحقيقي، وكذا نمو عائدات الدولة من القطاعات الاقتصادية غير النفطية إلى ما يوازي 10.8٪ من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بنحو 8.6٪ من الناتج المحلي في 2008».

وأضاف أن «من أهم العوامل الإيجابية كذلك، توقع أن يصل الإنفاق الحكومي وصافي الإقراض إلى نحو 29٪ من الناتج المحلي، مقارنة بنحو 24٪ من الناتج المحلي في ،2008 وهو ما يؤشر إلى استمرار جهود الدولة في رفد الاقتصاد بالسيولة الضرورية لمعالجة آثار الأزمة العالمية».

وتابع «كذلك من المتوقع أن تسجل الإمارات هذا العام فائضاً في الموازنة يصل إلى 12.1٪ من إجمالي الناتج المحلي، على الرغم من تراجع عوائد النفط مقارنة بفائض وصل إلى 23.2٪ في العام الماضي، وأيضا على الرغم من تراجع متوسط سعر النفط المتوقع لهذا العام إلى 50 دولاراً هبوطاً من متوسط 100 دولار، فإن فائض الحسابات الجارية للدولة هذا العام سيصل إلى 22.3 مليار دولار (81.84 مليار درهم) أي ما يوازي 8.7٪ من إجمالي الناتج المحلي، وذلك مقارنة بنحو 45.4 مليار دولار (31.92 مليار درهم) أي ما يوازي 17.2٪ من إجمالي الناتج المحلي في 2008».

واختتم الشماع بالقول إن «كل هذه العوامل ستنعكس إيجابا على أداء الشركات المدرجة ومن ثم على ارتفاع أسعار أسهمها».
تويتر