الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات مفتاح الخروج من الركود

الاستثمار الحكومي في مجال الاتصالات يساعد على خلق ملايين من فرص العمل. تصوير: أريك أرازاس

قال المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط في شركة «إنتل»، سمير الشماع، «إن الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يمثل مفتاح الخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية والركود، وإن الخبرة المتراكمة من التعامل مع فترات الركود المتعاقبة تثبت أن الشركات التي توفر خلال فترات الركود، تموت خلال فترات الازدهار».

وأوضح أن «الشركة مرت عبر 40 عاماً من عمرها بفترات ركود كثيرة، واستطاعت في كل مرة أن تخرج من الركود أقوى مما كانت عليه، وذلك بفضل الاستثمار في رفع الكفاءة وتحقيق ميزات تنافسية تكنولوجية تمكنها من التفوق على منافسيها في السوق».

وأضاف أن «خفض النفقات لتوفير السيولة خلال الركود لا يحل مشكلة الشركات على المدى الطويل، وإنما يجعلها في موقف أضعف أمام منافسيها، خصوصاً بعد أن ينتهي الركود وتكتشف أن الآخرين في وضع أفضل للاستفادة من الفرص المتاحة»، مشيراً إلى أن «إنتل» «كانت تطبق تكنولوجيا المعالجات 45 ملليمترا في الوقت الذي كان المنافسون يشقون طريقهم نحو تكنولوجيا المعالجات 65 ملليمترا، وعندما سيصل المنافسون إلى تكنولوجيا المعالجات 45 ملليمتر، ستكون إنتل قد انتقلت إلى تكنولوجيا المعالجات 32 ملليمترا».

وكشف الشماع أن «أكثر من 31 دولة في مختلف أنحاء العالم أعلنت حتى الآن عن خطط لتحفز اقتصاداتها بقيمة تصل إلى ثلاثة تريليونات دولار، وجميع هذه الخطط تنطوي على استثمار مكثف في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات باعتبارها محوراً أساسياً من محاور خطط التحفيز».

وأوضح أن «الاستثمار الحكومي في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يساعد على خلق ملايين من فرص العمل التي تشتد الحاجة إليها في أوقات الركود، فضلاً عن أنه يؤدي إلى تنمية طاقات الابتكار والتخصص وزيادة الإنتاجية والكفاءة، وتسريع عملية الانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد القائم على المعرفة». ولفت إلى أن «زيادة عدد المشتركين الذين تتوافر لهم خدمة «النطاق العريض»، الإنترنت العالي السرعة، في الولايات المتحدة بنسبة 7٪ فقط، أدى إلى خلق نحو 2.5 مليون وظيفة بقيمة 92 مليار دولار، أضافت نحو 134 مليار دولار من النشاط الاقتصادي، كما أدت إلى خفض نفقات نظام الرعاية الصحية بمقدار 662 مليون دولار، فضلاً عن وفورات أخرى بقيمة 6.4 مليارات دولار نتيجة تقليص الحاجة إلى قيادة السيارات وانخفاض نسبة التلوث».

وأضاف أن «الاتحاد الأوروبي استثمر 300 مليار يورو في خدمات النطاق العريض، وأدى ذلك إلى زيادة في قيمة إجمالي الناتج المحلي بمقدار 900 مليار يورو، فضلاً عن خلق 2.1 مليون وظيفة».

وأردف قائلاً «الصين وضعت خطة بقيمة 570 مليار دولار، في حين وضعت اليابان خطة بقيمة 270 مليار دولار، وأستراليا بقيمة 55 مليار دولار، والبيرو بقيمة 14 مليار دولار، والهند بقيمة 10 مليار دولار للاستثمار في خدمات النطاق العريض».

وأوضح أن «تقرير التنافسية الدولية ـ الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي ـ يثبت الارتباط العضوي بين الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبين الزيادة في ترتيب الدول، من حيث القدرة التنافسية، وبالتالي في حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية».

وأضاف أن «علاقة الربط بين معدل انتشار خدمات النطاق العريض ومعدل النمو في إجمالي الناتج المحلي ومتوسط نصيب الفرد من الدخل تنطبق على الدول النامية مثلما تنطبق على الدول المتقدمة، وعلى سبيل المثال استطاعت البرازيل أن ترفع متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى 8000 دولار سنوياً، نتيجة رفع عدد المنازل التي تتوافر لها خدمة النطاق العريض بنسبة 20٪؛ كما استطاعت الهند رفع متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى 1400 دولار سنوياً، نتيجة رفع عدد المنازل التي تتمتع بخدمة النطاق العريض بنسبة 0.3٪».

ودعا الشمّاع الدول العربية إلى «سرعة إنشاء صناديق لتطوير وتمويل خدمة النطاق العريض لنقل البيانات عبر الإنترنت»، مشيراً إلى أن «دول نامية عديدة سبقت الدول العربية في هذا المجال، مثل تركيا ونيجيريا وتشيلي ورومانيا وفيتنام وكولومبيا». وقال إن «معدل انتشار الكومبيوتر والإنترنت في الدول العربية مازال بعيداً عن المعدلات العالمية، وبالتالي فإن الاستثمارات التي تضخها الحكومات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سيكون لها مردود عالي مقارنة مع الدول التي قطعت شوطاً طويلاً في هذا المجال».

ولفت إلى أن «الإحصاءات تشير إلى أن الدول التي استطاعت تحقيق أعلى معدل لانتشار خدمات النطاق العريض، مثل الدانمارك (37٪)، هي صاحبة أعلى مستوى في الدخل (دخل الفرد في الدانمارك يعادل 90 ألف دولار سنوياً)، في حين أن الدول التي تحظى بأقل معدل لانتشار النطاق العريض، هي الدول صاحبة أعلى الأسعار في تقديم الخدمة، حيث يصل سعر الخدمة الشهري في تركيا إلى ما يقرب من 100 دولار، في حين يصل سعرها في اليابان إلى ثلاثة دولارات فقط».

وأوضح أن «تكنولوجيا المعلومات والاتصالات متغلغلة في نسيج خطط التحفيز، سواء في قطاعات التعليم والصحة والطاقة والنقل والبنية الأساسية، وحتى القضاء على البيروقراطية، وخفض المدة الزمنية لبدء المشروعات الجديدة»، مشيراً إلى أن «تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تمثل أهمية خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل الرافد الأهم لاستيعاب العمالة، والتي تحتاج إلى مساعدة خاصة للصمود في وجه عاصفة الركود».

وبين أن «خفض النفقات وإصلاح أوضاع المؤسسات المصرفية لا يمكن أن يشكلا بحد ذاتهما مخرجاً من أزمة الركود، وإنما يجب أن يترافق ذلك مع الاستثمار في التكنولوجيا لرفع الكفاءة في استغلال الموارد وتقليل الهدر والفاقد». واختتم الشماع قائلا«إن تعطيل الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدعوى أن ظهور نتائجها يحتاج إلى فترات، ربما تكون أطول من الركود ذاته، يفتقر إلى الدقة، وبصفة خاصة خلال فترة الركود الحالية التي تحتاج إلى الاستثمار المكثف في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لخفض استهلاك الطاقة وزيادة القدرة التنافسية، ورفع مستوى الكفاءة والإنتاجية».

تويتر