منازعات قضائية حول عقود المشــروعات العقارية

مطورون طالبوا شركات مقاولات بإعادة النظر في أسعار العقود اعتماداً على تراجع أسعار مواد البناء. تصوير: دينيس مالاري

قال مطورون عقاريون ومقاولون إن «منازعات قضائية بدأت تنشب أخيراً بين شركات تطوير عقاري وشركات مقاولات، بسبب مطالبة مطورين لشركات مقاولات بخفض قيمة عقود تشييد المشروعات المبرمة بينهم بعد تراجع تكلفة البناء أخيراً بنسبة تصل إلى الثلث، عقب تراجع أسعار مواد البناء وانخفاض أسعار النقل والشحن».

وأوضح مقاولون أن «غالبية المطورين العقاريين لم يوافقوا على رفع أسعار التعاقدات في أوقات سابقة كان ارتفاع أسعار مواد البناء فيها يسبب خسائر للمقاولين، في الوقت الذي يطالبون فيه حالياً بالتعديل عند انخفاض الأسعار». وطالب مقاولون ومطورون «بتشكيل لجنة لفض المنازعات قبل اللجوء للقضاء لرفع دعاوى قضائية للفصل فيها».

وقال رئيس لجنة المقاولات عضو مجلس إدارة غرفة الصناعة والتجارة في أبوظبي خلفان الكعبي إن «الغرفة تجري مباحثات حالياً مع جهات حكومية وممثلين للقطاع الخاص لتطبيق عقد العمل الموحد (الفيديك) على العقود التي تبرمها شركات التطوير العقاري والمقاولات، التابعة للقطاع الخاص، والتي تنفذ مشروعات كبيرة، حيث إن هذه العقود مطبقة حالياً فقط على العقود التي تبرمها الشركات الحكومية». واعتبر الكعبي أن «هذا العقد هو السبيل الأمثل لحفظ حقوق جميع الأطراف». موضحاً أن «العقد لا ينهي المنازعات بين الأطراف بشكل كلي».

فارق الأسعار
وتفصيلاً، رأى المدير العام لشركة دار البناء للمقاولات محمد خالد أنه ليس من حق المطور المطالبة بفارق الأسعار طالما لا ينص العقد المبرم بين الطرفين على هذه المطالبة في حال انخفاض كلفة البناء نتيجة لانخفاض الأسعار»، ولفت الى «من الصعوبة إثبات هذا التغيير لأن بعض المقاولين اشتروا كميات كبيرة من الحديد وقت ارتفاع أسعاره إلى 6000 درهم للطن لأن التوقعات كانت تشير إلى أن الأسعار ستستمر في الارتفاع قبل الأزمة المالية». وأضاف ان «مقاولين خسروا كثيراً لان سعر الحديد انخفض بنسبة تزيد على الثلثين ما وضع هؤلاء المقاولين في موقف مالي صعب للغاية».

وقال المدير العام لشركة بني ياس للتطوير العقاري المهندس وائل الطويل «لا توجد حالياً منازعات بيننا وبين شركات المقاولات لأننا لجأنا لإبرام عقود متغيرة مع شركات المقاولات لتجنب حدوث منازعات، بحيث إذا ارتفعت كلفة البناء يتحمل المطور هذا الارتفاع ويتم تعويض المقاول، وإذا انخفضت الأسعار يتحمل المقاول فارق الأسعار». لافتاً إلى أن «العقود الثابتة تتضمن مخاطر كثيرة لان المطور العقاري والمقاول يتحملان الربح أو الخسارة في حال تغير الأسعار سلباً أو إيجاباً». وطالب الطويل بتشكيل لجنة لفض المنازعات بين شركات التطوير العقاري وشركات المقاولات تضم ممثلين عن القطاع الخاص لتحديد الخسائر وإصدار حكمها بدلاً من اللجوء للمحاكم».

ولفت إلى أن «عدد المنازعات القضائية بين الجانبين محدودة حالياً، لكن من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من حالات اللجوء للمحاكم بعد انخفاض تكلفة البناء بعد أن شهدت الأشهر الماضية لجوء عدد كبير من المقاولين للمحاكم لتعويض الارتفاع في تكلفة البناء، ما يتطلب الاستعداد لذلك، وتشكيل لجنة فض المنازعات لان المحاكم تستنزف وقتاً وجهداً وأموالاً كثيرة من الأفضل تجنبها».

وقال المدير العام لشركة كونتيننتال للعقارات، بلال بسيسو إن «معظم المطورين والمقاولين تعلموا من دروس ارتفاع التكلفة في الفترة الماضية، وقاموا بإبرام عقود متغيرة تتضمن بنوداً تتماشى مع تغير أسعار مواد البناء، بحيث يتم تعويض الطرف المتضرر في حال تغير التكلفة هبوطاً أو صعوداً بعد أن أفلست شركات مقاولات عدة عقب ارتفاع أسعار مواد البناء».

وأعرب عن اعتقاده بان «ظاهرة المنازعات القضائية بين الجانبين لاتزال محدودة ولم تصل بعد إلى مستوى الظاهرة». وأضاف أن «بعض العقود تنص على اللجوء إلى التحكيم لحل النزاعات». وقال «اللجوء للقضاء ليس في صالح الجميع لان إصدار الحكم يستغرق فترة طويلة للغاية يتأثر فيها العمل لدى الجانبين». واستطرد أن المقاول الذي يصر على عدم تعويض المطور سيخسر كثيراً على المدى الطويل لأنه سيفقد جانباً من سمعته وسيعاني من عدم إسناد عقود له بعد ذلك».

وقال رئيس لجنة المقاولات عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة في أبوظبي خلفان الكعبي إن «الغرفة تجري مباحثات حالياً مع جهات حكومية وشركات القطاع الخاص من اجل تطبيق العقد الموحد الجديد «الفيديك»، حيث يقتصر تطبيقه حالياً على العقود التي تبرمها جهات حكومية».

ولفت إلى أن «هناك اتجاهاً نحو تطبيق العقد الموحد باعتباره الحل الأمثل لتقليل هذه النزاعات». وقال «رغم أن العقد يحفظ حقوق الجميع إلا انه لن ينهي كلياً جميع حالات النزاع».

ارتداد الأسعار
وأوضح العضو في جمعية المقاولين عمر رامز فاخرة، أن «شركات التطوير العقاري لا يحق لها المطالبة بتخفيض أسعار العقود مع المقاولين من دون أن تتضمن العقود شروطاً خاصة بذلك»، مشيراً إلى أن «المطورين وقعوا غالبية تلك العقود في فترات سابقة وفي أوقات كانت فيها أسعار مواد البناء تسبب خسائر للمقاولين ولم يتم التعديل وقتها للعقود». وقال إن «مبدأ (العقد شريعة المتعاقدين) هو الذي يحكم شروط العقود في تلك الحالات». لافتاً إلى أن «انخفاض أسعار مواد البناء حالياً لا تعد انخفاضاً بالمعنى المفهوم بقدر ما يمكن وصفه بالارتداد للأسعار الطبيعية والسابقة لذلك الارتفاع، وبالتالي لا يمكن اعتبارها انخفاضات حقيقية». وأشار إلى أن «تطبيق عقود (الفيديك) يساهم في حل تلك المشكلات والتي غالباً ما يكون القضاء هو الفاصل الحقيقي لها».

بدوره، أشار المدير العام في شركة العروبة للمقاولات المهندس أحمد المصري إلى أن «أسواق المقاولات في الفترة الأخيرة شهدت مطالبات متعددة لبعض المطورين بإعادة النظر في أسعار العقود اعتماداً على انخفاض أسعار مواد البناء»، لافتاً إلى أن «غالبية شركات المقاولات لم ترضخ لتلك الطلبات بسبب عدم وجود انخفاضات كبيرة تساهم في خفض أسعار التعاقدات بشكل فعلي».

وأضاف أن «أسعار الحديد هي التي حققت انخفاضات ملموسة في الأسعار مقارنة بالفترات السابقة، وبالتالي لا يمكن القياس على هذا الانخفاض فقط». ملمحاً إلى أن «بعض شركات المقاولات توافق على إجراء خفض الأسعار في العقود تحت ضغوط ظروف الأزمة العالمية، وللحفاظ على وجودهم في الأسواق بغض النظر عن معدلات أرباحها المنتظرة».

وأضاف أن «مطالبات شركات التطوير العقاري بتعديل الأسعار في عقود الإنشاءات تخضع في غالبية الأوقات للتفاوض مع المقاولين للوصول لحلول وسط ترضي جميع الأطراف من دون المساس بحقوق أي منهم». مشيراً إلى أن «العديد من المناقصات يعاد طرحها مرة أخرى على شركات المقاولات للاستفادة بأكبر قدر ممكن من الأسعار الحالية لمواد البناء».

العقد الموحد
من جانبه، رأى المدير العام للمركز الهندسي في أبوظبي المهندس عادل زكريا أن «تطبيق العقد الموحد الجديد الذي أقرته حكومة أبوظبي يعد الضمانة الأساسية لعدم حدوث منازعات بين الجانبين تؤثر في السوق العقارية بشكل كبير». ولفت «هناك دائماً مطالبات من جانب المقاولين عندما ترتفع أسعار مواد البناء بالتعويض، وهناك أيضاً مطالبات من جانب المطورين عندما تنخفض الأسعار وهو ما يتطلب تطبيق برنامج عادل للمطالبات في الحالتين يستند إلى عقد العمل الموحد الذي أقرته حكومة أبوظبي والمعروف باسم عقد (الفيديك) والذي ينص على تعويض الارتفاع والانخفاض في كلفة البناء شهرياً، بحيث يتم تعديل العقد وتعويض المتضرر بشكل قانوني وعادل».

ولفت الى أن «القضية الآن أن هذا العقد الموحد الجديد يتم تطبيقه فقط في العقود التي تبرمها الجهات الحكومية، ولكن لا يتم تطبيقه على شركات التطوير العقاري الكبرى التابعة القطاع الخاص والتي قد تنفذ عقود بمئات المليارات من الدراهم». وأشار زكريا إلى أن العديد من أصحاب المطالبات يلجأون إلى التحكيم أحيانا إذا كان العقد الثنائي ينص على ذلك ويلجأا آخرون إلى القضاء».

خفض الأسعار
بدوره، قال نائب رئيس اللجنة الفنية للاستشارات في جمعية المقاولين، مدير عام شركات «المشرق» عماد الجمل إن «المطورين يطالبون بخفض الأسعار في التعاقدات وفقاً لظروف الأسواق حاليا، بينما كان البعض منهم ينكر ذلك على شركات المقاولات في أوقات ارتفاع أسعار مواد البناء».

واعتبر أن «حل المنازعات بين المطورين حول أسعار مواد البناء يكمن في الاتجاه لتطبيق عقود «الفيديك» المطبقة في عدد من الدول، وتراعي وجود معامل ضمن العقود المبرمة يراعي تغير أسعار مواد البناء بنسب معينة وأسعار التكاليف والتضخم سواء بالانخفاض أو بالارتفاع، وبما يحفظ حقوق جميع الأطراف».

وأشار إلى أن «البنود الموجودة في العقود المبرمة بين شركات المقاولات والمطورين تكون ملزمة ولكن المنازعات لو وصلت للجمعية يتم حلها بشكل وسط بين الطرفين وبما لا يسبب الضرر لكليهما، وإن كان بعضها وصل للمحاكم فيتم الحكم فيها وفقاً لرأي القضاء في تلك المنازعات».

العقود القديمة
طالب الخبير الهندسي المدير العام للمركز الهندسي في أبوظبي المهندس عادل زكريا بسرعة التوصل إلى اتفاق بشأن تطبيق العقد على القطاع الخاص، حيث إن أغلب العقود الخاصة بالقطاع الخاص تطبق عقد (الفيديك87) القديم الذي ينص على ثبوت العقد وعدم قابليته للتغيير مما يعطي فرصة لزيادة المنازعات».

وأكد «لابد من توفير قاعدة بيانات محددة وصادقة عن كل ما يتعلق بتكلفة البناء مثل أسعار مواد البناء وحجم العمالة ومستوى مرتباتها وكلفة المعدات وغيرها في أوقات زمنية محددة».

تويتر