ترقـب نتائج «إعمار» يقلل الأثر الإيجابي لضخ «سيولة أبوظبي»
استمرار «البيع التعثري» الذي يمارسه المستثمرون يسهم في تراجع الأسهم. تصوير: إريك أرازاس
تحول المؤشر العام لسوق الإمارات مرة أخرى إلى اتجاهه السلبي خلال الأسبوع المنقضي، حيث انخفض بنسبة 4.06٪، وذلك في أعقاب انخفاض مؤشر سوق أبوظبي بنسبة 3.61٪، وكذلك انخفاض سوق دبي بنسبة 5.73٪؛ كما انخفضت قيمة التداولات الأسبوعية لتصبح 1.48 مليار درهم مقارنة بـ 2.11 مليار درهم في الأسبوع السابق، الأمر الذي يعني انخفاض متوسط قيمة التداول اليومية من 422 مليون درهم تقريبا إلى 297 مليون درهم.
إلى ذلك، ارتفع صافي الاستثمار الأجنبي السالب خلال الأسبوع الماضي ليصل إلى 97.27 مليون درهم مقارنة بـ54.52 مليون درهم خلال الأسبوع السابق، وبذلك تنخفض القيمة السوقية للأسهم المدرجة بالسوق مع نهاية هذا الأسبوع لتصل إلى 327.8 مليار درهم.
تجاوزات
من جهته، أشاد الشريك في شركة «الفجر للأوراق المالية» نبيل فرحات، بقرار حكومة أبوظبي بدعم القطاع المصرفي في أبوظبي بمبلغ 16 مليار درهم لتعزيز الملاءة المالية، ما سيحسن الوضع المالي للبنوك ويدعم التصنيف الائتماني المستقبلي لها.
وقال إن «هيئة الأوراق المالية والسلع اتخذت خطوة ايجابية وضرورية من حيث التعميم على الوسطاء بمنع أي عمليات للبيع على المكشوف، نظراً لعدم قانونيتها ولكونها تقوض الجهود التي تبذلها الحكومة لدعم الجهاز المالي في الدولة، ما يؤخر انتعاش الاقتصاد الإماراتي ويطيل عمر الأزمة».
ودعا فرحات المصرف المركزي لمخاطبة الشركات المالية المرخصة من قبله والتعميم عليها بمنع توثيق وإنشاء عقود جانبية ومشتقات مالية على أسهم مدرجة في سوقي أبوظبي ودبي نظراً لعدم قانونيتها.
محذراً من «احتمال حدوث تجاوزات من قبل بعض المؤسسات المالية المدرجة في بعض المناطق المالية الحرة في الدولة، التي تجاوزت حدودها الجغرافية وأصبحت تعمل داخل الإمارات، من حيث استقطاب مستثمرين بهدف إنشاء مشتقات مالية على أسهم مدرجة في السوقين».
لافتاً إلى أن «مثل هذا الأمر يمثل مخالفتين، الأولى تعني تجاوز حدود العمل الجغرافية، والثانية تتعلق بمزاولة نشاط غير مرخص له (طرح مشتقات مالية على أسهم مدرجة في الأسواق المالية المحلية)».
وأكد فرحات «أهمية عدم توثيق المحاكم المحلية لهذه العقود نظراً لعدم قانونيتها، لأنها مبنية على أساس باطل».
وأضاف أن «عمليات البيع على المكشوف (شورت سيلينغ) تعد مخالفة للقوانين المحلية من حيث توفير الشفافية والعدالة في التعامل في الأوراق المالية المدرجة، حيث إن عقد صفقات جانبية خارج الأسواق من خلال عقود موثقة عند المحاكم، التي تحتفظ بها البنوك والمؤسسات الاستثمارية العاملة في الدولة، وخصوصاً المناطق المالية الحرة؛ هي عقود غير شفافة لأنها ليست معلنة للجمهور، كما أنها مبنية على أسهم يتم تداولها خارج الأسواق المالية».
وتابع «هذه العقود أساساً غير عادلة، حيث إنها توفر التداول على مشتقات مالية تؤثر في أسعار الأسهم المدرجة في الأسواق المالية المحلية، ويتم تداولها خارج هذه الأسواق، وهذه المشتقات متوافرة لفئة معينة من جمهور المستثمرين وليست للجميع».
وأشار إلى «أهمية إصدار قانون يمنع طرح مشتقات مالية على الأسهم المدرجة في الأسواق المالية المحلية وتداولها إلا بعد الحصول على ترخيص وموافقة الهيئة».
إفصاح «إعمار»
بدوره، أفاد مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر للأوراق المالية» الدكتور محمد عفيفي، بأنه «على الرغم من الارتفاعات البسيطة التي حدثت خلال الأسبوع الماضي وما نتج عنها من انحسار جزئي ـ لدرجة التشاؤم لدى المستثمرين ـ إلا أن أسواق الأسهم المحلية وجدت نفسها أمام موجات بيع كثيفة مع بداية الأسبوع قام بها مجموعة من كبار المستثمرين والمَحَافظ سواء المحلية أو الأجنبية».
وعزا عفيفي موجات البيع تلك إلى «محاولة الاستفادة من استراتيجيات البيع على المكشوف في ظل توقع عدم قدرة الأسواق المحلية على كسر حالة التذبذبات الضيقة والاندفاع بقوة إلى أعلى، نظراً لحالة الترقب والتريث التي تعيشها الأسواق المحلية انتظاراً لإفصاح (اعمار) عن نتائجها المالية لعام ،2008 التي ستكون نقطة مفصلية في مسيرة الأسواق المحلية، فإما تقود الأسواق المحلية إلى مزيد من الانهيار في الأسعار أو إلى الاستقرار ثم الارتفاع». وأكد أن «هذه الحالة التي تعيشها أسواق الأسهم المحلية تشير إلى أهمية أن تبادر (اعمار) بالإعلان عن موعد قيامها بالإفصاح عن نتائجها المالية، وأن تسرع في ذلك الإفصاح حتى تستطيع الأسواق المحلية أن تتحرر من ضغوط انتظار المجهول وتستجيب بفاعلية للمحفزات الايجابية التي بدأت تظهر في الأفق».
محفزات إيجابية
وحدد عفيفي أول هذه المحفزات الايجابية في «إعلان حكومة أبوظبي ضخ 16 مليار درهم في بنوكها الخمسة لتعزيز ملاءتها المالية وتحفيزها على العودة مرة أخرى إلى نشاطها الإقراضي المعتاد»، وتابع «تلك الخطوة قد تكون بداية الإعلان عن مجموعة من الإجراءات التنظيمية الاستباقية الضرورية لمواجهة الأزمة بفاعلية في الأجل القصير، والتي نأمل أن يكون من بينها إعلان المصرف المركزي عن ضخ شريحة جديدة من الأموال لمواجهة أزمة السيولة داخل الاقتصاد الإماراتي».
وقال «نأمل أن يكون من بين تلك الإجراءات التشجيعية إلغاء الحد الأقصى لنسبة نمو الإقراض بالقطاع المصرفي، واستبدالها بعدم تجاوز الإقراض لقيمة الودائع، مضافاً إليها القروض الحكومية المحلية الممنوحة من الدولة».
وأضاف أنه «في ظل إحجام البنوك عن ضخ الأموال إلى القطاعات الاقتصادية المختلفة أصبح سوق الأوراق المالية القناة الوحيدة التي يمكن من خلالها توليد الكاش، حتى ولو بخسارة كبيرة، ما يمثل ضغطاً مستمراً على سوق الأسهم قد يؤدي في النهاية إلى نضوب تلك القناة». وطالب عفيفي بـ«الإعلان عن تشكيل لجنه طوارئ من جانب كل من هيئة الأوراق المالية والسلع وإدارة سوقي أبوظبي ودبي الماليين، يكون هدفها المتابعة اليومية لما يجري من أحداث داخل السوقين، ومراجعة كافة العمليات التي تتم داخل السوقين، والتأكد من أن هذه العمليات لا تنطوى على محاولة التأثير في الأسعار».
مقترحا أن «تضع تلك اللجنة الضوابط لوقف التراجع المستمر الذي تعاني منه الأسواق المحلية في الأجل القريب والعاجل، وقد يكون من بينها توحيد نسبة التذبذب السعري بين السوقين، مع خفض الحد الأدنى لنسبة التذبذب إلى 5٪، وإلغاء الحد الأعلى لنسبة التذبذب، وأيضاً وضع حدود قصوى على كميات أوامر البيع للعميل الواحد في اليوم الواحد لسهم شركة واحدة».
قرارات إيجابية
وقال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية الدكتور همّام الشمّاع، إن«أسواق الأسهم المحلية لم تستطع أن تقتفي أثر الأسواق العالمية والسوق السعودية، التي تحسن فيها أداء بعض المؤشرات التي أظهرها الاقتصاد الأميركي، خصوصاً في مبيعات المنازل القائمة ومؤشر قطاع الخدمات».
وأضاف «كان يفترض أيضاً أن تتفاعل الأسواق صعوداً مع القرارات الايجابية التي صدرت وتضمنت التأكيد على منع البيع على الهامش، وضخ سيولة إضافية في خمسة مصارف في أبوظبي بقيمة 16 مليار درهم، إلا أن سوق دبي لم تستطع أن تتعقب العوامل الايجابية، ربما لأنها لم تستوعب المغزى المالي والأبعاد الخاصة بقرار ضخ سيولة في الشق الأول من رأسمال خمسة مصارف، الذي اقتصر أثره على هذه المصارف تقريباً، حيث سجلت ارتفاعات إلى الحد الأقصى».
وتابع أن «اتخاذ المتداولين قراراتهم في ضوء توقعاتهم بزيادة القروض لشراء الأسهم، إنما يعكس تصورات ضيقة الأفق مؤسسة على فكرة أن سوق الأسهم هي سوق للمضاربات السريعة أو المتاجرة اليومية لأعداد كبيرة ممن لديهم حسابات في سوقي دبي أبوظبي، وبالتالي فهم لا يفكرون في الدخول بكميات أكبر ما لم يتم توفير سيولة من مصادر مقرضة».
وبين الشماع أن «ما يؤدي إلى استمرار تراجع الأسهم هو البيع التعثري الذي يمارسه المستثمرون في أسواق المال، الذي كان في المرحلة الأولى بسبب بيع المستثمرين المدينين لقروض مولت شراء أسهم، وفي المرحلة الثانية بيع تعثري لسداد التزامات في القطاع العقاري، وفي المرحلة الثالثة بيع تعثري ناجم عن ضغوط شح السيولة المصرفية، وهذا ما يفسر استمرار تراجع الأسهم القيادية في سوق أبوظبي الخميس الماضي رغم تحقيقها ارتفاعاً يزيد على 2٪».
قال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية الدكتور همام الشمّاع، إن«قرار ضخ 16 مليار درهم لم يكن يستهدف زيادة السيولة لغرض التمويل المباشر للأسهم، وإنما استهدف رفع الملاءة المالية للمصارف إلى مستويات آمنة جداً ورفع تصنيفها الائتماني، بما يجعلها قادرة على استقطاب السيولة الإقليمية والعالمية، إضافة إلى المدخرات المحلية، في ظل ظروف عدم ثقة دولية بأداء معظم المصارف العالمية».
وأوضح «مثل هذه النتائج عندما تتحقق فإنها لا شك ستسهم في توفير السيولة على مستوى الدولة بأسرها، وربما سيكون بإمكان مصارف أبوظبي أن تقدم قروضاً للشركات والمؤسسات المالية التي تعاني من شح السيولة ومن التزامات بتسديد قروض ومستحقات، بما سيؤدي إلى إرخاء الجمود في سياسات الإقراض البنكية المتشددة، ليس في إطار وحدود إمارة أبوظبي فحسب، وإنما على مستوى الدولة بأكملها».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news