وقف إعانات البطالة وانتهاء المدفوعات الشهرية.. إجراءات مؤلمة

معدل التضخم المرتفع يُرهق العائلات الأميركية

خبيرة اقتصادية: العائلات الأميركية في وضع أسوأ مما كانت عليه قبل أشهر. من المصدر

لم تتوقع كات جونستون، التي تعيش في ولاية تكساس الأميركية، أن تتسبب جائحة كورونا في تخفيف قلقها بشأن دخلها السنوي؛ فرغم فقدان وظيفتها فإنها مثل العديد من الأميركيين خفضت إنفاقها وادخرت بعض الأموال عندما بقيت في المنزل خلال أشهر الإغلاق، وحصلت على تأمين بطالة وشيكات تحفيز معونة من الحكومة.

قالت جونستون (31 عاماً): «ما ادخرت من مال لا يضاهي معدل التضخم الحالي، فالمال يضيع لأن السلع أصبحت باهظة الثمن»، لافتة إلى أن الأسعار مرتفعة، في وقت تكافح فيه لدفع قروضها الدراسية،

ورغم أنها كانت تعيش في شقة «استوديو» وتأمل في الانتقال إلى شقة أكبر، فإنها الآن مع زيادة الإيجارات تفكر في السكن بغرفة مشتركة، وتبحث عن وظيفة براتب أفضل.

تباطؤ الاقتصاد

يشعر الملايين من الأميركيين بأزمة، مثل كات جونستون، مع انخفاض مدخراتهم وارتفاع تكاليف معيشتهم، فالاقتصاد يبدو مهيأ تقريباً للتباطؤ بشكل يمكن أن يحد من نمو الأجور، وفقدان الوظائف مع استمرار ارتفاع الأسعار، لكن بدلاً من التسرع في مساعدة الاقتصاد بمنح الحكومة المساعدات المالية للأميركيين، كما حدث في مارس 2020، فإن صانعي السياسة يواجهون التضخم المرتفع، بالسعي نحو التباطؤ.

 

إجراءات مؤلمة

في الخريف الماضي أوقف الكونغرس الأميركي إعانات البطالة، وفي يناير انتهت المدفوعات الشهرية للأسر التي لديها أطفال، وقد كان توقف تلك البرامج مؤلماً للعديد من الأسر.

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إنه مع نفاذ المدخرات ومعاناة المستهلكين تحت وطأة ارتفاع أسعار السلع، وأسعار الفائدة، بدأت الفجوات المالية بالظهور، فقد تراجعت الأجور عن معدلات التضخم، وازدادت أرصدة الديون في بطاقات الائتمان، إذ يتأخر المقترضون من أصحاب الدرجات الائتمانية الضعيفة بشكل متزايد عن سداد أقساط القروض. وقالت الخبيرة الاقتصادية في كلية بارنارد، والتي درست تأثير الجائحة على الأسر ذات الدخل المنخفض، إليزابيث أنانات: «العائلات في وضع أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل بضعة أشهر».

 

مساعدات وإعانات

وبالمقارنة فقد ظهرت الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط خلال العامين الأولين من الجائحة في شكل مالي قوي، ومع تريليونات الدولارات من المساعدات الحكومية تراجع الفقر في عام 2020، رغم فقدان الملايين لوظائفهم، كما عملت مساعدات عام 2021 على خفض مستوى فقر الأطفال والجوع، وتم مواءمة احتياجات الأسر الفردية مع احتياجات الاقتصاد الأوسع من خلال مساعدة الشركات على تجنب الإفلاس.

أما اليوم فقد انهارت تلك المقاربة، فمنح المال للناس يساعدهم على دفع فواتيرهم، لكنه قد يزيد التضخم سوءاً عن طريق زيادة الطلب، مع فشل الشركات في تلبيته، أو توظيف عدد كافٍ من العمال. وبدلاً من ذلك يحاول «الاحتياطي الفيدرالي» تهدئة الاقتصاد عن طريق رفع أسعار الفائدة، ما يرفع كلفة اقتراض الأموال لشراء منزل أو توسيع الشركات، لكن ضعف النشاط التجاري سيؤدي إلى إبطاء التوظيف، ما يؤدي إلى تباطؤ نمو الأجور، وزيادة تسريح العمال.

ويجادل صانعو السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي بأن هذه الاستراتيجية ضرورية لوضع الاقتصاد على مسار أكثر استدامة. ولكن مع تحول الأوضاع إلى الأسوأ، قد يستغرق التضخم بعض الوقت حتى يتباطأ. ويعتقد مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» أنه سيظل مرتفعاً في نهاية العام، محذرين من أن البديل بالسماح للتضخم بالبقاء مرتفعاً سيكون أسوأ.

 

خفض التضخم

قال كبير الاقتصاديين العالميين في «مورغان ستانلي»، والخبير الاقتصادي السابق في «الاحتياطي الفيدرالي»، سيث كاربنتر، إن «خفض التضخم يستغرق وقتاً طويلاً حتى بعد تباطؤ الاقتصاد، وحتى لو تمكن (الاحتياطي الفيدرالي) من تجنب الركود، فإن ضعف سوق العمل سيجلب مشقة للكثيرين».

بدورها، رأت الخبيرة الاقتصادية في جامعة نورث وسترن، ديان ويتمور شانزينباخ، أن «العمال ذوو الدخل المنخفض، والعمال ذوو المستويات التعليمية المنخفضة، هم أول من يفقد وظائفهم».

 

خطة بايدن

في غضون ذلك ألقى الجمهوريون باللوم على إدارة الرئيس جو بايدن، وخطته لإنقاذ الاقتصاد البالغة 1.9 تريليون دولار والتي أقرها الديمقراطيون في أوائل العام الماضي، وجعلت وضع التضخم أسوأ. ويتفق العديد من الاقتصاديين، ومن بينهم الديمقراطيون، على أن الإنفاق عزز التضخم، ما جعل سياسات المساعدة الاقتصادية أكثر صعوبة.

لايزال الاقتصاد قوياً في الوقت الحالي، لكن هناك مؤشرات مبكرة للتراجع، فنمو الوظائف يتباطأ، والمطالبة بإعانة البطالة تزيد، ومبيعات التجزئة تتراجع.

تويتر