أمستردام انتقدت التساهل المالي في دول اليورو سابقاً ووقعت ضحيته لاحقاً

نجاح المعاهدة المالية الأوروبية يصطدم بمشكلات هولندا وإسبانيا

هولندا توقعت أن يبلغ العجز في موازنتها 3.3٪ في عام .2013 أرشيفية

وقعت 25 دولة أوروبية، أمس، معاهدة انضباط مالي جديدة بهدف منع الانزلاق في العجز، لكنها بدأت تطرح للتو مشكلات كبيرة لعدد من هذه الدول، التي وقعت مجدداً في الأزمة الاقتصادية، وفي مقدمها إسبانيا وهولندا.

وتبنت المعاهدة، التي طالبت بها ألمانيا مقابل تضامنها المالي مع شركائها في منطقة اليورو، 25 دولة من أصل الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ذلك أن بريطانيا والجمهورية التشيكية لم توافقا عليها. واعتبر رئيس الاتحاد الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، أثناء حفل التوقيع في اليوم الأخير من قمة أوروبية في بروكسل، أن الاتفاقية تمثل «مرحلة مهمة لتعزيز الثقة في اتحادنا الاقتصادي والنقدي».

وتنص المعاهدة على «قواعد ذهبية» تفرض توازن الحسابات العامة، إضافة إلى عقوبات تفرض بصورة تلقائية ضد الدول التي تتساهل حيال تخطي عجزها السنوي العام حدود 3٪ من إجمالي الناتج المحلي.

لكن حتى قبل دخول هذه المعاهدة حيز التطبيق، فإن الظروف الاقتصادية التي تزداد تدهوراً والانكماش في منطقة اليورو، يثيران الشكوك حيال قوة الموازنة التي تعتزم المعاهدة فرضها.

ووجدت دول عدة نفسها مرغمة على مواجهة تجاوز مالياتها العامة حدود التوازن المطلوب، إذ أعلنت إسبانيا الاثنين الماضي ارتفاع عجزها العام إلى 8.51٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام ،2011 في حين تعهدت بجعل هذا العجز العام عند 4.4٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام ،2012 و3٪ في ،2013 وتحاول الحصول على تخفيف الهدف الذي التزمت به.

وأعلن وزير المالية الإسباني، لويز دو غيندوس، أن «مدريد ستحترم كل تعهداتها في مجال تصحيح الموازنة، لكن الظروف تغيرت»، مضيفاً أن «الوضع الاقتصادي مختلف جداً عما كان عليه العام الماضي».

لكن المفاجأة الحقيقية أتت من هولندا، التي كانت سباقة في انتقاد التساهل المالي لشركائها، والتي تجد نفسها الآن مع ذلك ملزمة بدورها القيام بتوفير مالي إضافي بسبب تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية فاق ما كان متوقعاً.

ودعت المفوضية الأوروبية، أول من أمس، بحزم الحكومة الهولندية الليبرالية برئاسة مارك روت إلى احترام تعهدها في هذا المجال، بعد قيام المكتب المركزي للتخطيط في هولندا بنشر توقعات اقتصادية تدل على التراجع إثر إعادة النظر فيها.

وبات المكتب يتوقع أن يبلغ العجز نسبة 4.5٪ من إجمالي الناتج المحلي العام الجاري، فيما توقع أن تبلغ نسبة العجز 3.3٪ في عام .2013 وأعلن متحدث باسم المفوضية أن «هولندا دولة أسمعت صوتها كثيراً عندما كان الأمر يتعلق بتعزيز قواعدنا لمراقبة الموازنات في منطقة اليورو، ومن الطبيعي التفكير بالتالي أنها ستطبق المقاربة نفسها في سياستها الخاصة». وإضافة إلى إسبانيا وهولندا، قد تواجه دول أخرى قريباً صعوبات في جعل مالياتها العامة تسلك الطريق المستقيم في الوقت المحدد، مع إمكانية أن تذكرها بروكسل بالعودة إلى النظام، وهذه هي حالة فرنسا، وقد رأى ديوان المحاسبة بالفعل في بداية فبراير الجاري أن الهدف المتمثل في جعل العجز عند 4.5٪ العام الجاري سيكون «صعب المنال»، وأن العودة إلى 3٪ في عام 2013 ستكون «أكثر صعوبة أيضاً».

وإذا كان لابد من تليين القواعد، ولو بشكل طفيف لهولندا وإسبانيا، فإن ذلك قد يؤدي إلى نتائج غير محسوبة، ويمكن حتى أن يثير غضب دول مثل بلجيكا، التي وجدت نفسها مرغمة على وضع موازنات تصحيحية في ظروف مؤلمة جداً، ما يؤدي إلى إضعاف المعاهدة. ولفت دبلوماسي أوروبي إلى أنه «لو تخلينا أن إسبانيا تمكنت من تحقيق ما تريد، فإن ذلك سيضر بصدقية تطبيق المعاهدة بالكامل».

وقال رئيس مجموعة «يوروغروب»، جان كلود يونكر: «من الواضح أنه يتعين على إسبانيا أن تقوم بكل ما في وسعها لتثبت للخارج أنها تبقى ملتزمة بحزم بإرادتها في عدم الخروج عن طريق تعزيز ماليتها».

تويتر