800 ألف عامل ينتجون 3.5 ملايين طن سنوياً في كوت ديفوار
ثلاثية الفساد والمناخ والأمـــراض ترفع أسعار الكـاكـاو
تراجع محصول كوت ديفوار من الكاكاو أكثر من 15 ٪ خلال السنوات الخمس الماضية. غيتي
أصبحت زراعة محصول الكاكاو في كوت ديفوار «ساحل العاج» في افريقيا، مهددة بتراجع أرباحها، بسبب ثلاثية: الطقس السيئ، والأمراض النباتية، والفساد السياسي. ويعمل في مزارع الكاكاو في كوت ديفوار نحو 800 ألف مزارع، ينتجون نحو 3.5 ملايين طن من الكاكاو سنوياً. ويمثل إنتاجها مع جيرانها غانا والكاميرون ونيجيريا 70٪ من الانتاج العالمي.
إلى ذلك، تميل عقود الكاكاو الآجلة المتداولة في بورصة لندن العالمية للسلع الآجلة، إلى التراجع في أعدادها منذ مارس الماضي، بسبب محدودية العرض. ووفقاً لتوقعات المنظمة العالمية للكاكاو، فإن العجز في إنتاج محصول الكاكاو عالميا سيبلغ نحو 69 ألف طن خلال العام الجاري. وبحسب متعاملين في بورصة لندن للسلع، فإن ما يحدث في كوت ديفوار يؤثر في العالم، إذ تراجع محصول البلاد أكثر من 15٪ خلال السنوات الخمس الماضية، ما تسبب في نقص حاد في أغلبية سوق الكاكاو لأربعة عقود، ودفع الاسعار الى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 30 عاماً.
وفي سياق متصل، اجتمعت الأسبوع الماضي، كل من الدول المصدرة والمستوردة للكاكاو في جنيف برعاية مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) لوضع التفاصيل الأخيرة على اتفاق تجاري جديد يهدف إلى جعل التجارة في سلعة الكاكاو أكثر نزاهة واستدامة.
|
رسالة اعتراض أرسل ممثلو مصانع أوروبية لإنتاج الكاكاو، بما فيها متاجر ومعامل تحليل خاصة بالصناعة، برسالة إلى بورصة لندن لعقود السلع الآجلة، للاعتراض على إجراءات المضاربة في بورصة السلع. وقالت الرسالة، التي وقعتها نحو 16 منظمة، إنه «لا يمكن الاستمرار في تداول الكاكاو في سوق عقود آجلة، لا يتوافر فيها الحد الأدنى من إجراءات الشفافية والتحوط». وحذر صناعيون من أن هذا الأمر قد يضطرهم إلى إعادة النظر بشأن اتخاذ إجراءات وقائية ضدها. وقال متعاملون إن مشتريات صناديق الاستثمار هي المحرك الرئيس وراء أسعار الكاكاو في سوق لندن الآجلة، إذ بلغت الأسعار أعلى معدلاتها منذ 32 عاما. وتصاعدت أخيراً حدة الجدل حول مدى تأثير نشاط المضاربة في أسواق السلع الأساسية في السنوات الأخيرة. ورأى رئيس الرابطة الألمانية لتجارة الكاكاو، أندرياس كريستانسن، أن «بورصة لندن تفقد وظيفتها باعتبارها سوقاً تحدد أسعار الكاكاو للسوق الأوروبية». وبحسب متعاملين، فإن ما يحدث في كوت ديفوار يؤثر في العالم، إذ تراجع محصول البلاد أكثر من 15 ٪ خلال السنوات الخمس الماضية، ما تسبب في نقص حاد في معظم سوق الكاكاو لأربعة عقود، ودفع الاسعار الى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 30 عاماً. |
منهاتن إفريقيا
وتفصيلاً، اعتادت شعوب إفريقيا منذ عام ،1960 تسمية أبيدجان «منهاتن غرب القارة الإفريقية»، كونها العاصمة الاقتصادية لكوت ديغوار، تلك الدولة التي لم تفقد بريقها التجاري منذ أن استقلت عن الاستعمار الفرنسي. فالبلد الذي ازدهر لزراعته الكاكاو، وأصبح اسمه مرادفاً للاستقرار والازدهار الاقتصادي في غرب إفريقيا، مع ازدياد الطلب العالمي على الشوكولا، خصوصاً في أوروبا، أصبح مهددا بتراجع أرباحه من تصدير الكاكاو، بسبب الطقس المناخي، واستمرار هطول الأمطار، والفساد.
وكما مثل النفط مصدر ثروة لدول الخليج العربي ونيجيريا، اعتبر الكاكاو منجماً للذهب بالنسبة لكوت ديفوار، ومصدراً مستمراً لثروة البلاد منذ عقود طويلة.
ويوجد الكاكاو في أميركا اللاتينية، لكن العوامل المناخية في كوت دوفوار، والمتمثلة في خصوبة الأرض، ووفرة الأمطار طوال العام، جعلت منها مصدراً كبيراً لتلك المحاصيل، إذ تنتج مع جيرانها: غانا، ونيجيريا، والكاميرون، نحو 70٪ من إنتاج الكاكاو في العالم.
ويعمل في مزارع الكاكاو في كوت دوفوار نحو 800 ألف مزارع، ينتجون نحو 3.5 ملايين طن من الكاكاو سنوياً، إذ زاد الإنتاج بنسبة تصل إلى 300٪ خلال 30 عاماً.
لكن، وبعد ما يصل إلى نحو نصف قرن تقريباً من دون انقطاع في التوسع في إنتاج الكاكاو، فإن البلاد بدأت تتعثر، مع تراجع عائدات الإنتاج، وانخفاض مستوى نوعيتها، واعتماد الشركات المتعددة الجنسية على مصادر رخيصة من إمدادات الإنتاج في البلاد عبر سياسيين فاسدين.
تداولات الكاكاو
إلا أن تلك العوامل دفعت في سياق متصل إلى بلوغ تعاقدات الكاكاو الآجلة في بورصة لندن للسلع ذروة أسعارها منذ نحو 32 عاماً، بدعم من عمليات شراء محمومة، صاحبها ارتفاع محدود لأسعار سلع أخرى، مع تراجع المعروض من الكاكاو.
وقال رئيس قسم الوساطة في تداول الكاكاو في بنك فورتيس هولندا، إريك سيفري، إن «ارتفاع مؤشر تداول سلعة الكاكاو في بورصة لندن للسلع، دفع معه مؤشرات سلع أخرى متداولة في السوق نفسها».
وتميل عقود الكاكاو الآجلة المتداولة في بورصة لندن العالمية للسلع الآجلة، إلى التراجع منذ مارس الماضي، بسبب محدودية العرض. وكان العقد الموقع في يوليو الجاري، بأسعار أعلى من أسعارها بنحو 189 جنيها إسترلينيا عن عقدها الموقع في سبتمبر الماضي، ووفقاً لتوقعات المنظمة العالمية للكاكاو، فإن «العجز في إنتاج محصول الكاكاو عالميا سيبلغ نحو 69 ألف طن خلال العام الجاري».
ظروف الطقس والأمراض
ونتجت عن ظروف الطقس السيئة في البلاد، أمراض نباتية تصيب محصول الكاكاو، ومنها مرض تضخم الساق، والقرن الأسود، فيما يخشى مزارعو الكاكاو تفشي أمراض أخرى، ويتأثر محصول الكاكاو بشكل كبير بزيادة هطول الأمطار، وندرة سطوع الشمس.
وعلى الرغم من أن ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو بسبب الامطار، أدى الى انتفاخ القرون التي تحمل حبوب الكاكاو في معظم المزارع في المناطق المنتجة له، وهو مؤشر طيب بالنسبة إلى كمية المحصول، فإن المزارعين يخشون أن ينطوي استمرار الرطوبة بمعدلاتها الحالية على مخاطر جمة للمحصول، لاسيما في غرب البلاد.
وقال مدير مزارع الكاكاو في منطقة بوافلي، في ساحل العاج، روبرت زون، إن «انتشار مرض القرن الأسود ينتشر في المزارع بعد هطول كميات هائلة من الامطار». وتوقع محللو شؤون زراعية، استمرار هطول الامطار خلال يوليو الجاري حتى الـ20 منه، مع تضاعف فرص هبوب الرياح، وسقوط الأمطار التي تؤدي الى سقوط قرون الكاكاو، وتعفن النبات.
اتفاق دولي
ويهدف الاتفاق الجديد، الذي من المتوقع أن تتوصل إليه الدول المنتجة والمصدرة للكاكاو خلال اجتماع قريب، إلى توفير الآليات اللازمة للتوفيق بين المصالح المتضاربة أحياناً لمزارعي الكاكاو، والمصدرين والدول المستوردة، والشركات المتعددة الجنسيات التي تصنع حبوب الكاكاو، وناقش الاجتماع اتفاقاً يؤكد أهمية تطوير اقتصاد مستدام لزراعة الكاكاو يشمل الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية للتجارة.
ومن المفترض أن تنتهي مدة الاتفاق الدولي الحالي للكاكاو، الذي دخل حيز التنفيذ عام ،2005 في 30 سبتمبر .2012 ويمتاز الاجتماع عن سابقيه، بأن المفاوضات الجارية توصي بوقف الآليات التنظيمية للسوق، مثل تحديد حصص الإنتاج، والمخزون الاحتياطي وغيرهما من تدابير دعم السلع.
وسيدخل الاتفاق حيز التنفيذ عند مصادقة خمس دول مصدرة تفوق قدراتها على الإنتاج 80٪، وخمس دول مستوردة تستهلك 60٪ من السلعة.
وتتم زراعة الكاكاو في غرب إفريقيا، ووسط وجنوب أميركا وآسيا، لكن الاستهلاك الأكبر في الدول الصناعية، وتبلغ قيمة صادرات الكاكاو نحو 10 مليارات دولار.
وتصدر إفريقيا أكثر من نصف محصول العالم من الكاكاو، إذ يأتي معظم حبوب الكاكاو من ساحل العاج وغينيا ونيجيريا، إضافة إلى البرازيل التي تعتبر أكبر منتجيها في نصف الكرة الغربي.
عن «فاينينشال تايمز»، «رويترز»، «بلومبرغ»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
