اعتادوا عليها جزءاً من حياتهم المدرسية

طلاب ثانويـة أميركيـون يتعرّضـــون لإجراءات أمنية مشدّدة يومياً

طلبة المدرسة الثانوية بروشستر ينتظرون التفتيش والعبور من كاشف المعادن. أرشيفية

قام الطالب نوسيم تيلمون بصورة اعتيادية بنزع حذائه وحزامه، وإخراج السائل الموجود في حقيبته المدرسية، وقدم هاتفه النقال إلى الحراس الأمنيين، وراح ينتظر في طابور إلى حين وصول دوره أمام كاشف المعادن.

يبدو الأمر وكأنه يستعد لبدء رحلة جوية، ولكن بالنسبة لهذا الصبي الذي يدرس في الصف الحادي عشر، فإن مثل هذه الإجراءات أصبحت اعتيادية ولا تدعو للدهشة، بل إنها جزء من الروتين اليومي الذي يبدأ قبل الساعة 7.30 صباحاً، أي قبل دخول الصفوف الدراسية في المدرسة الثانوية بمدينة روشستر بولاية نيويورك. ويقول نوسيم إنها تجربة يمكن اختصارها في كلمة «السجن»، مضيفاً «بدلاً من جعل بيئة التعليم آمنة مثل بيئة المنزل، فإنها تجعل المرء يتساءل ما الذي يجعلني أغادر منزلي للقدوم إلى هذا المكان؟».

إطلاق نار في مدرسة

إثر حادثة إطلاق النار في مدرسة ساندي هوك الابتدائية عام 2012، بولاية كونكتيكت، يقول الخبراء الأمنيون إن ثمة زيادة كبيرة في الاستثمار لاستخدام اجراءات ووسائل أمنية مرئية، مثل كواشف المعادن، وكاميرات المراقبة، وأفراد الشرطة المدرسية. وبالرغم من أن هذه الاجراءات تأتي من رغبة صادقة في الحفاظ على طلبة المدرسة آمنين، إلا أن ثمة دليلاً، حسب ما يقوله الخبراء، على أن الاجراءات الأمنية الأكثر فاعلية للحفاظ على الطلبة، هي الإجراءات غير المرئية.

ويرغب هذا الشاب، البالغ عمره 16 عاماً، في أن تقوم إدارة المدرسة بتغيير تجهيزات المراقبة والأمن بمزيد من المستشارين المدرسيين والمعلمين الأكثر صبراً وخبرة. ولكن أمه مونيكا لا توافقه على رأيه، وهي تقول إنه على الرغم من أنها يمكن أن تبادل ابنها مشاعره، لو أنها كانت تلميذة في المدرسة، إلا أنها تحب الكاشفات المعدنية. لأنها تمنحها راحة الأعصاب حول سلامة أبنائها الصغار، الذين يتعلمون في المدرسة ذاتها، في مدينة انتشرت فيها الجريمة إلى معدل يساوي ثلاثة أضعاف المعدل الوطني في الولايات المتحدة.

ويلخص نوسيم، وإن بطرق عدة، طرفي المعادلة، وهما حسب الخبراء: ضرورة أن يعمل مديرو المدارس على الموازنة ما بين الحفاظ على المدارس آمنة، وأن يوفروا بيئة مساعدة على التعلم. ولكن الدراسة الأخيرة أظهرت أن مديريات التربية باتت مهتمة أكثر بكثير باستخدام إجراءات الرقابة المشددة، في المدارس العامة التي تتعدد فيها الأعراق والألوان، مثل مدرسة نوسيم، وإن هذا الانحياز الواضح يمكن أن يلعب دوراً في تحديد الأماكن التي تستخدم فيها مثل هذه الإجراءات.

ووفقاً للنتائج التي توصل إليها البروفيسور جاسون نانس، أستاذ القانون في كلية ليفين للقانون، التابعة لجامعة فلوريدا، فإن نوسيم ليس الطالب الوحيد الذي يشعر وكأنه يعامل كمجرم في السجن، قبل دخوله إلى صفه الدراسي صباحاً. وتظهر الأبحاث أن مشاعر التلاميذ الذين يعيشون تحت الحصار في المدارس، تعيق احساس الطلاب بالأمان والثقة، وتؤثر في مستوى التحصيل.

ويدافع الآباء عما يعرف بأسلوب استخدام الأجهزة التي يقول البعض إنه «لا معنى لها»، والذي يترافق عادة مع بيئة انضباطية لا تسامح فيها، حيث أظهرت الدراسات أنها تؤثر سلباً، على نحو كبير جداً، في الطلاب الملوّنين. ولكنّ آخرين يعتقدون أن مثل هذه الاجراءات، تخلق بيئة قاسية على الطلبة، الذين يستفيدون بصورة أفضل على الصعيد الاجتماعي والعاطفي والتعليمي عن طريق صنع علاقات قوية في ما بينهم، إضافة إلى الاستثمار في مزيد من تدريب المدرسين والمستشارين.

ويقول مستشار أمني عمل لمدة طويلة في المدارس، إن الجدل المتعلق بالأمن تم اختطافه من قبل العديد من الأطراف، مثل شركات تصنيع أجهزة المراقبة الأمنية من ناحية، وناشطي الحقوق المدنية من الناحية الأخرى. ويضيف المستشار الأمني للمدارس المستقلة، والذي عمل في هذا المجال 30 عاماً «عندما يبدأ المرء بتسييس أمن المدارس، كما حدث فعلاً خلال العقدين الماضيين، يشكل ذلك ضرراً على أفضل الممارسات لصنع الأمن في المدارس».

تويتر