كان يتسحّر مع «كفاية» ويفطر مع «الوطني».. ومبارك يخاف عليه من الأجهزة

كتاب يكشف ارتباط حسام بدراوي بالحكومة والمعارضة أثناء «ثورة يناير»

صورة

كشف كتاب جديد يحمل اسم «رجل العاصفة»، تفاصيل مثيرة للجدل حول د.حسام بدراوي، الشخصية السياسية التي كان يتطلع إليها ملايين المصريين أثناء أحداث ثورة يناير 2011، بوصفه الرجل الذي يملك ثقة الحكومة والمعارضة، والسلطة والشارع، والرئاسة والقوى السياسية بالدرجة نفسها، كما أنه كان الوسيط الموثوق به لإنجاز الحل السياسي للأزمة، وبإقناع الرئيس السابق مبارك بالرحيل الهادئ، وتأمين خروج آمن له ولأسرته، وقد تمكن من إنجاز ذلك، لولا تدخل قوى مجهولة، وقطع الطريق. وكشف الكتاب، الذي أعده الصحافي الشاب محمد مبارك، أن بدراوي لم يتصدر المشهد من فراغ، حيث اقترب من الواقع السياسي بعد عودته من دراسة الطب في أميركا، عبر علاقته بوالد زوجته وزير داخلية مصر السابق، اللواء حسن أبوباشا، الذي كانوا يطلقون عليه لقب «وزير الداخلية السياسي»، لاعتماده على السياسة أكثر من القبضة الأمنية في إدارة ملف الإسلام السياسي، ثم لإطلاقه، رغم اقترابه من الحكومة، ودخوله الحزب الوطني، جمعية «النداء الجديد» الليبرالية، مع د.سعد الدين إبراهيم ود.سعيد النجار، ومعارضين آخرين من حزب الوفد.

وكشف الكتاب أن بدراوي قرر من داخل صفوف «الوطني»، أن يمارس السياسة على طريقة تشكيل معارضة من الداخل، فأسس عام 1993 أسرة «أحفاد الفراعنة»، ثم عام 1995 أسرة «الحالمون بالغد»، وهي أسر تقوم على تربية الشباب على أسس سياسية، ولا تربي فيهم فكرة أنهم «أبناء السلطة»، وتجهزهم للقيادة والمنافسة، على أسس الكفاءة والإبداع والابتكار، وهو نهج «لم يلقَ ترحيباً من الأجهزة في عهد مبارك، بحسب الكتاب، وبدأت الأذرع الإدارية بتضييق الخناق عليه»، ما حدا به في عام 2000 إلى أن ينقل معركته إلى خارج أسوار الجامعة، فيترشح في الانتخابات البرلمانية تحت شعار «التغيير» من باب الحزب الوطني.

• الطريف في سيرة حسام بدراوي، أنه دخل عالم السياسة بعد أن رفض الانخراط في عالمين حقق فيهما تميزاً ملحوظاً، الأول هو الأكاديمي والطبي، والثاني هو عالم كرة القدم، حيث لعب في النادي الأهلي، وانضم إلى فريقه في الأشبال عام 1969، وكان أمامه مستقبل واعد، بعد أن اكتشفه الكابتن الجوهري.

فاز بدراوي بوكالة لجنة التعليم بعد دخوله البرلمان، واختار لنفسه موقع «الإصلاحي»، الذي لا ترتاح له لا الحكومة ولا المعارضة، ووصف هو بنفسه في الكتاب حيثيات هذا الوضع بالقول «انضممت للحزب الوطني بهدف أن الإصلاح من الداخل، اكثر تأثيراً منه في الخارج، وفي النهاية كلها آليات»، لكن هذا الوضع لم يدم طويلاً حيث «تم إسقاطه في انتخابات 2005»، وقال عنه الصحافي الراحل مجدي مهنا، «هل سقط بدراوي لأنه قاد حملة التغيير داخل الحزب، وقاد تيار الإصلاح ضد الحرس القديم؟». وطبقاً للكتاب فقد سعت في تلك اللحظة «الحركة المصرية للتغيير ــ كفاية» لاستقطابه، وذهب إليه جورج إسحق لإقناعه بالانضمام إليها، فاعتذر، معتبراً أن أي إصلاح لن يمر إلا عبر الحزب الوطني.

وبناء عليه، واصل مسيرته ودعم مطالب المعارضة بالتعديلات الدستورية، وبتعديل المادة 77، الخاصة بقبول التنافس على انتخابات الرئاسة، وبقبول رقابة الانتخابات، وبرفض قانون الطوارئ، وانضم لمجلس حقوق الإنسان، ودعا إلى تعيين وزير لهذه الحقوق، ووصل ذروة التميز بقبوله دعوة سحور على مائدة الحركة المصرية للتغيير (كفاية)، التي كانت في خصومة واضحة مع مبارك.

خلال أزمة يناير 2011، جاءت لحظة الاختيار في تاريخ بدراوي، حيث أصبح القشة التي يتعلق بها الجميع في الأحداث، وعلى رأسهم الرئيس مبارك، الذي اتصل به وعينه أميناً للحزب الوطني، ودعاه للقاء خاص معه. وقال له أغرب عبارة: «لا تغضب لأنني لم أعيّنك وزيراً، فقد فعلت ذلك خشية عليك من التعرض للإيذاء».

ويروي الكتاب تفاصيل مكوكيات حسام بدراوي بين شباب الثوار والرئيس مبارك، التي انتهت بإقناع الأخير بالتنحي، لولا أن قوى، لم يكشف هويتها وتفاصيلها، تدخلت لاحقاً لتفسد الاتفاق.

تنتهي بعدها فترة سياسية يخسر فيها متنفذون كثيرون مقاعدهم، بينما يكسب د.حسام بدراوي تاريخاً وسمعة، وربما مستقبلاً محتملاً. كما يختم بشهادات معارضين ومستقلين مصريين بحق أمين الحزب الوطني الحاكم السابق، تصديقاً لما ورد في الكتاب، نافياً بذلك ما رددته حملات إعلامية موالية اعتبرته «معارضاً متنكراً»، وموالية ارتأته «ضمن تقسيم الأدوار» من بينهم القيادي بحركة كفاية جورج إسحق، والمعارض اليساري د.رفعت السعيد، والروائي محمد المخزنجي، ومساعد رئيس الجمهورية السابق د.مصطفى الفقي.

تويتر