خطها التحريري يدعم التطرف ويؤجج الصراعات في المنطقة

قناة الجزيرة الإخبـارية أسـاس أزمــة قطر

صورة

تعيش قطر حالياً أكبر أزمة تشهدها في تاريخها منذ استقلالها عام 1971. وتواجه هذه الدولة حالياً مقاطعة من دول عدة، هي المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ومصر، اليمن، والمالديف. وبدأت هذه الأزمة نتيجة أخبار ملفقة من جانب الدوحة، قبل بضعة أسابيع، حيث تعرضت قطر لما زعمت أنه قرصنة على موقع وكالة الأنباء القطرية، تسببت في تغيير طبيعة نشرة صحافية طبقاً لزعمها، حيث أوردت خطاباً للأمير تميم بن حمد آل ثاني وهو ينتقد دول الخليج، ويعلن صراحة عن دعمه لمنظمات إرهابية، مثل «حزب الله» و«حماس»، ويمجد العلاقة مع إيران، وهي الرواية التي لم تصدقها دول المقاطعة، لأنه لا يوجد ما يؤيدها من أدلة.

• إجراء مقابلات مع المتطرفين من أجل نشرات الأخبار أمر، ومنحهم وسيلة إعلام تمولها الحكومة ليقولوا ما يشاؤون أمر آخر مختلف تماماً.

• يعتقد البعض أنه لم يفت الأوان على تحويل (الجزيرة) إلى محطة شرعية تنقل الأخبار بصورة نزيهة عن قطر والمنطقة، وليس مجرد منبر للمتطرفين.

• أصبحت محطة الجزيرة المتحدث باسم تنظيم الإخوان المسلمين، والمجموعات الإرهابية الأخرى، مثل تنظيمي (القاعدة) و(داعش). وهي تستضيف بصورة منتظمة عناصر من المتطرفين الذين يدعون إلى العنف، ليس في العالم العربي فحسب، وإنما في شتى أنحاء العالم.

وحاولت قطر حشد التعاطف معها في هذه الورطة. وزعم بيان حكومي، بعد تكشف هذه الأخبار، أن الحكومة القطرية هي ضحية لحملة تشويه تستهدف سمعتها. وبالطبع فإن نجاح حملة التشويه يعتمد على نشر معلومات قابلة للتصديق. وتكشف المعلومات، التي قيل إنها ملفقة، عما يعتقد العديد من دول الخليج، والوسط السياسي الأميركي، أنها أهداف السياسة الخارجية لقطر، التي تتلخص في دعم الإرهاب، والعلاقة الحميمة مع إيران.

لكن قطر لم تفعل أي شيء يذكر لتخفيف هذه المخاوف لدى جيرانها من دول الخليج، ولا حتى الأميركيين، وأخذ أمير قطر تميم بن حمد يبحث عن الدعم من إيران خلال الأزمة، وتلقت قطر دعماً دبلوماسياً وتطمينات تتعلق بوصول الإمدادات الغذائية من طهران.

وهذه المعلومات، التي اعتبرتها قطر ملفقة، قابلة للتصديق، لأنها كانت تمثل بصورة دقيقة الخط التحريري لقناة الجزيرة الإخبارية، التي تديرها الحكومة القطرية. ولهذا السبب بالذات، فإنه ليس من المستغرب أن دولة الإمارات والسعودية والبحرين ومصر انضمت جميعها لمقاطعة الجزيرة وحجب مواقعها. وربما كان ثمة زمن، كانت الجزيرة تستطيع الادعاء فيه أنها منظمة إعلامية شرعية، لكن هذه المحطة الإعلامية المثيرة للجدل أصبحت تصدر، وبصورة منتظمة، سيلاً كبيراً من الأخبار الملفقة، إذ إن خطها التحريري وتوجهاتها باتت متماهية مع وجهات نظر آل ثاني تجاه العالم. وكانت وجهات نظر المحطة وخطها الإخباري لا تحددهما رئاسة تحرير الأخبار في المحطة، وإنما وزارة الإعلام القطرية، حسبما أوضحت الأزمة الأخيرة في الخليج العربي.

لقد أصبحت محطة الجزيرة المتحدث باسم تنظيم الإخوان المسلمين، والمجموعات الإرهابية الأخرى، مثل تنظيمي «القاعدة» و«داعش». وهي تستضيف بصورة منتظمة عناصر من المتطرفين، الذين يدعون إلى العنف، ليس في العالم العربي فحسب، وإنما في شتى أنحاء العالم.

وفي واقع الحال، إذا كانت الأخبار التي قالها الأمير تميم، والتي أدت إلى نشوب الأزمة، قابلة للتصديق، فإن ذلك يرجع إلى أن محطة الجزيرة أمضت سنوات عدة وهي تنشر مثل هذه الآراء في برامجها الناطقة باللغة العربية. وإضافة إلى ذلك، فقد كان يوسف القرضاوي، الذي اتسم بالدعوة إلى الكراهية بسبب تعليقاته وتأييده الهجمات الانتحارية، يحصل على أوقات مفتوحة خلال الأحاديث التي كانت تجرى معه على المحطة. ويعتبر القرضاوي المثل الأكثر فجاجة ورعباً للتدليل على الأهداف التي يصبو إليها آل ثاني. ويقيم أيضاً في قطر عدد من قادة حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، إضافة إلى عدد من الإخوان المسلمين الهاربين من بلادهم، وعدد من ممثلي حركة «طالبان» الأفغانية، وجميعهم يتلقون الدعم من قطر.

منبر للنقاش

وكان رد قطر على من ينتقد سلوك محطة الجزيرة أن وسائل إعلام الدوحة تريدها أن تكون منبراً للنقاش والجدل بين الآراء. وفي حقيقة الأمر، فإن إجراء مقابلات مع المتطرفين من أجل نشرات الأخبار أمر، ومنحهم وسيلة إعلام تمولها الحكومة، يقولون عبرها ما يشاؤون، أمر آخر مختلف تماماً. وإذا وضعنا ذلك في السياق الأميركي، فإنه شبيه بالسماح لأحد قادة المتطرفين البيض العنصريين، وهو ريتشارد سبنسر، بحشد المسيرات في الشوارع حسبما يريد، باعتبار ذلك حقه كمواطن أميركي، لكن ذلك يختلف تماماً عن منحه برنامجاً أسبوعياً على محطة «بي بي إس» أو «فويس أوف أميركا»، حيث يستطيع من خلالهما نفث كل سمومه العنصرية، ووجهات نظره التي تنشر الكراهية.

واستثمرت قطر أموالاً كثيرة في قناة الجزيرة كمنبر للحكومة، بحيث إنها يمكن أن تتوقف عن تمويلها إذا تعرضت للضغط من دول الخليج ومصر. ويعتقد البعض أنه لم يفت الأوان على تحويل الجزيرة إلى محطة أخبار شرعية، تنقل الأخبار بصورة نزيهة عن قطر والمنطقة بأكملها، وليس مجرد منبر للمتطرفين والمتشددين.

وخلال القمة الأخيرة في الرياض، تعهد قادة العالم الإسلامي للولايات المتحدة بمحاربة الإرهاب في المنطقة. وألقى الرئيس الأميركي ترامب خطاباً مطولاً، ناشد فيه العالم الإسلامي الانضمام إلى الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب. وأخيراً، انتقد ترامب قطر، واتهمها بأنها تمول الإرهاب، في إحدى تغريداته. ولكن الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الابن، كان الأوضح في تعبيره بالنسبة للإرهاب، حيث قال «إما أن تكون معنا أو مع الإرهابيين».

تويتر