باريس أعطت الدوحة مزايا مالية لا تصدق

فرنسا تريد مراجعة علاقاتها السياسية والاقتصادية مع قطر

قطر استفادت من امتيازات مالية في فرنسا. رويترز

رداً على سؤال حول الأزمة الدبلوماسية التي تجتاح الخليج هذه الأيام، قال وزير العدل الفرنسي، فرانسوا بايرو، إنه مع وقف المزايا الضريبية التي تتمتع بها قطر في فرنسا منذ 2008 من خلال المعاهدات الضريبية، التي تنص على أن قطر وهيئاتها الحكومية معفاة من الضريبة، على الأرباح العقارية التي تحصل عليها في فرنسا. وتابع المسؤول الفرنسي «في ظل حكم نيكولا ساركوزي، أعطت الجمهورية الفرنسية قطر مزايا مالية لا تصدق». ووعد بايرو بوضع حد لهذه الممارسات، «هل ستستمر هذه الممارسات؟ لا أعتقد ذلك. أعتقد أنه من المهم جداً أن يكون لدينا في فرنسا عدالة ضريبية».

موقف مبدئي

ويبدو هذا الموقف المبدئي متناغماً مع تصريحات أدلى بها إيمانويل ماكرون في الـ10 من أبريل الماضي، عندما كان مرشحاً لمنصب الرئاسة، أكد فيها الأخير رغبته في وضع حد لهذا «النظام الخاص» التي تتمتع به الدوحة. وأوضح الرئيس الفرنسي، «سأنهي الاتفاقات التي تمنح تفضيلاً لقطر في فرنسا»، متابعاً «أعتقد أن هناك الكثير من لين الجانب خلال فترة حكم نيكولا ساركوزي على وجه الخصوص».

هذا وقد طالب سياسيون آخرون، قبله، بإلغاء الاتفاق الضريبي، ومن بين هؤلاء عضو مجلس الشيوخ رئيسة مجموعة الصداقة الفرنسية الخليجية، ناتالي غوليت، التي طالبت بالتخلي عن هذا التفضيل المالي، منذ عام 2009، أي بعد سنة من توقيع الاتفاقية بين باريس والدوحة.

ملاذ ضريبي

• يمتلك أمير قطر فندق «أفرو» في ساحة «فاندوم» الباريسية العريقة، كما يمتلك شقيقه فندق «لمبار» في جزيرة سانت لويس.

• خلال عهد ساركوزي، أعطت فرنسا قطر إعفاءات ضريبية على الأرباح العقارية.

تقول غوليت، «يجب أن نضع على الطاولة المعاهدات الضريبية بين فرنسا وقطر، لأن الظروف تغيرت». مضيفة «لفترة طويلة وأنا أقول إن هذه الاتفاقية الضريبية تجعل من فرنسا ملاذاً ضريبياً لدولة قطر».

وعلى الرغم من اتهام بايرو وماكرون له، لم يخف الرئيس السابق (نيكولا ساركوزي) صداقته مع شخصيات بارزة في قطر. وكان الأخير حاضراً في جميع مباريات فريقه المفضل (باريس سان جارمان)، الذي أصبح منذ 2011 تحت راية قطرية، وكان ساركوزي يتابع المباريات جنباً إلى جنب مع رئيس النادي ناصر الخليفي. كما أن للرئيس السابق علاقة عمل بسلسلة «فنادق أكورد»، الذي تعتبر جوهرة أخرى في الاقتصاد الفرنسي، والتي تملك فيها الدوحة حالياً حصة تقدر بنسبة 10.4٪ من رأس المال.

وتعتبر قطر المساهم الثاني في هذه السلسلة، كما أنها تمتلك آلاف الأقدام المربعة من العقارات في شارع «شانزليزيه» في قلب باريس، كما يمتلك أمير قطر فندق «أفرو» في ساحة «فاندوم» الباريسية العريقة، ويمتلك شقيقه فندق «لمبار» في جزيرة سانت لويس. ولدى الدوحة حصص في الكثير من الشركات الكبرى الفرنسية منها «توتال» و«طفينسي» و«فيوليا أوفرنومون» وكذا محال راقية في أنحاء متفرقة من البلاد. وعلى الصعيد العسكري، تعتبر قطر زبوناً ممتازاً بالنسبة للفرنسيين، فقد طلبت من شركة «داسو» 24 طائرة مقاتلة من نوع «رافال» في 2015، مقابل 6.3 مليارات يورو.

صندوق الضواحي

في الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2012، كانت قطر قد أثارت مسألة صندوق الضواحي، التي تسببت في جدل كبير في فرنسا، وكان ذلك كافياً لإثارة فضول العديد من الصحافيين. ففي عام 2013، أشار الصحافيان نيكولا بو، وجاك ماري بورجيه، في كتاب مشترك، إلى تمويل الدوحة عدداً من المساجد في فرنسا. وفي 2016، نشر صحافيان فرنسيان آخران كتاباً يكشف سعي مسؤولين فرنسيين إلى الاستفادة من أموال قطرية بطرق غير شرعية، من خلال طلب هدايا في مناسبات مختلفة.

ويوضح الصحافي جورج مالبرينو، الذي شارك في تأليف كتاب 2016، سبب التفضيل الذي تحظى به قطر من قبل الطبقة السياسية في فرنسا، «لقد ذكرنا 10 أسماء لسياسيين فرنسيين، ولدينا كل الأدلة على تورطهم، وهذا أمر مثير للصدمة»، متابعاً «إنهم يجعلون أنفسهم رهن المساومة»، ويعتقد الكاتب الصحافي أن مسؤولين في باريس يقولون أشياء إيجابية عن قطر، لكن ليس مجاناً. وذكر مالبرينو أن رشيدة داتي، التي عملت وزيرة العدل في عهد ساركوزي، طلبت من السلطات القطرية مبلغ 400 ألف يورو لمصلحة إحدى جمعياتها. وعندما قوبل طلبها بالرفض، يتابع الصحافي، هددت بأن تهاجم قطر علناً. وهذا ما فعلته بالفعل. في حين عرض العضو في الحزب الاشتراكي، جان ماري لوغين، على السفير القطري في باريس، خدمات شركة لإدارة الاتصالات في قطر. وفي المقابل، وعد بعرقلة كل ما يسيء للدوحة من جانب نواب حزبه.

وعلى الرغم من عدم اتضاح الموقف الرسمي في ما يخص مستقبل العلاقات مع الدوحة، إلا أن الرئيس الفرنسي الجديد كان قد صرح خلال حملته الانتخابية، بأنه ستكون لديه مطالب كثيرة إزاء قطر في مجال السياسة الدولية، ومن أجل أن تكون هناك شفافية جديدة في ما يتعلق بالدور الذي تؤديه في مجال التمويل، أو في الأعمال التي يمكنهما القيام بها تجاه المجموعات الإرهابية التي هي عدوتنا.

تويتر