دعمه للمستوطنات وحديثه عن نقل السفارة الأميركية يثيران القلق

ترامب يحمل بصيص أمل لحلّ القضية الفلسطينية

سفير أميركا لدى إسرائيل تبرع لصالح مستوطنة في الضفة الغربية. أرشيفية

خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، فاجأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس الكثيرين، بالثناء العريض على الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتحدث عباس عن ترامب، الذي وعد بـ«التوصل» إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وفلسطين، قائلاً إنه «شجاع» وحكيم، وأشاد بـ«القدرة التفاوضية الكبيرة» للرئيس الأميركي. وختم الضيف الفلسطيني حديثه بعبارة باللغة الإنجليزية: «الآن سيدي الرئيس.. معكم لدينا أمل».

11

إعلاناً مبهماً حول السلام، لم تشر إلى حاجة إسرائيل لإنهاء بناء المستوطنات.


أسباب الفشل

منذ بدأ الإسرائيليون والفلسطينيون التفاوض، لأول مرة، تحت رعاية الولايات المتحدة في 1991، لم يكن من الصعب تفسير لماذا فشلت كل جولة من المحادثات. ومن بين أسباب الفشل، التوقيت السيئ، والمواعيد النهائية غير المقبولة؛ والاهتمام الضئيل من قبل الرئيس الأميركي. ومن بين أهم المعوقات التي حالت دون التوصل إلى اتفاق نهائي، السماح للمتطرفين بوضع جداول الأعمال، وإهمال التنمية الاقتصادية من القاعدة إلى القمة وبناء الدولة.

السؤال المطروح هو بالطبع ما إذا كان ذلك الأمل مبرراً. على كل حال، لم يشر ترامب في تصريحاته العلنية إلى حل الدولتين، ولم تتضمن إعلاناته المبهمة حول السلام (المذكورة 11 مرة) إشارة إلى حاجة إسرائيل لإنهاء بناء المستوطنات غير القانونية. في الحقيقة، تراجع ترامب في تصريحاته عن تلك الصيغة التي استخدمها في كثير من الأحيان في الماضي: «إسرائيل والفلسطينيون».

والواقع أن ترامب طالما أعطى الفلسطينيين أسباباً تدعو للقلق؛ فقد تحدث الرئيس الأميركي، خلال حملته الانتخابية، عن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، ودان قرار إدارة أوباما المنتهية ولايته بالامتناع عن التصويت على قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يدين المستوطنات الإسرائيلية. وبمجرد انتخابه، عين ترامب سفيراً أميركياً لدى إسرائيل، هو محاميه، ديفيد فريدمان، الذي لديه تاريخ طويل في دعم القضايا الإسرائيلية اليمينية؛ بما في ذلك التبرع لمستوطنة في الضفة الغربية.

عديم الخبرة

لكن عباس كان صامتاً حول هذه القضايا، وحقيقة أن ترامب قد دعاه إلى البيت الأبيض في وقت مبكر جداً من ولايته، أمر على ما يبدو يدعو إلى التفاؤل. وكان ترامب قد وجه بالفعل بعض الاهتمام لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بتكليفه صهره، جاريد كوشنر، كمستشار جدير بالثقة، وإن كان عديم الخبرة تماماً، بالوساطة في اتفاق سلام.

وبطبيعة الحال، فإن الوعود بالوساطة في عملية السلام ليست شيئاً جديداً بالنسبة لرئيس أميركي؛ لكن ترامب ليس رئيساً عادياً للولايات المتحدة. ويتشجع العديد من الفلسطينيين بحقيقة أنه لا يبدو ملتزماً بالأيديولوجيات والالتزامات، المعتادة من جانب الأحزاب السياسية الأميركية. فمن وجهة نظرهم، أن الرئيس الأميركي الذي وضع «أميركا أولاً»، بالتأكيد لن ينفق الكثير من الجهد السياسي والمال على إسرائيل، التي تقدم فائدة استراتيجية قليلة للولايات المتحدة، على حساب زيادة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

صورة ترامب باعتباره صانع صفقة تعزز هذا الطرح. وفي حين أن وعوده بعقد «صفقة نهائية» ليست مدعومة بتفاصيل كثيرة، إلا أنها لاتزال محل اهتمام فلسطينيين يزداد إحباطهم من عملية سلام، لم يكن لها تأثير يذكر عدا السماح لإسرائيل بتوسيع وتعزيز احتلالها للأرض الفلسطينية.

ثقة عمياء

هذا لا يعني أن الفلسطينيين يثقون ثقة عمياء بإدارة ترامب لتحديد مصيرهم. وعلى العكس من ذلك، عمل عباس بجد لتعزيز موقفه، والتقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خمس مرات، منذ تنصيب ترامب إلى حين زيارته البيت الأبيض. وعندما زار السيسي وعبدالله واشنطن، كرر كل منهما الموقف الوارد في مبادرة السلام العربية لعام 2002: على إسرائيل أن تنسحب تماماً من الأراضي المحتلة، مقابل تطبيع العلاقات مع دول الجامعة العربية. وفي القمة العربية التي عقدت في 29 مارس بالأردن، أكد الرئيسان وزعماء عرب آخرون ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، عاصمتها القدس الشرقية.

وبهذه الجهود، أعرب عباس عن أمله تأكيد الأهداف الحقيقية التي يجب اتباعها، ومواجهة المحاولات الإسرائيلية لتحويل مسارها. وعلى سبيل المثال، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، السلطة الفلسطينية إلى وقف المزايا الاجتماعية لأسر السجناء الذين قتلوا الإسرائيليين، في محاولة لتصوير تلك المخصصات كنوع من المكافأة. وقد يكون مديح عباس لترامب في البيت الأبيض تكتيكاً آخر، لإبقاء ترامب على الطريق الصحيح.

ومن السابق لأوانه معرفة ما إذا كان نهج عباس مع إدارة ترامب سينجح. وقد يجادل البعض بأن قرار ترامب جعل المملكة العربية السعودية، بدلاً من إسرائيل، وجهة رحلته الأولى إلى الخارج انعكاس لتبني الرئيس الأميركي وجهة نظر جديدة للمنطقة، على الرغم من أنه سيتوجه إلى إسرائيل مباشرة بعد السعودية.

داوود كتاب أستاذ سابق في جامعة «برنستون» وناشط في مجال حرية الإعلام.

تويتر