وسط تصعيد خلافه مع الإعلام

ترامب لن يحضر العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض

صورة

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلافه الحاد مع وسائل الإعلام، أول من أمس، معلناً أنه لن يشارك في العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض، غداة إشكال بشأن السماح لصحافيين بالمشاركة في لقاءات البيت الأبيض الإعلامية.

أول رئيس 

ترامب هو أول رئيس جمهوري منذ عهد الرئيس السابق، رونالد ريغان عام 1981، الذي يحضر مؤتمر العمل السياسي المحافظ في السنة الأولى من ولايته. وكرر خلال المؤتمر العديد من الموضوعات التي تحدّث فيها من قبل.

ويشكل امتناع ترامب عن حضور حفل 29 أبريل خرقاً لتقليد يكون فيه الرئيس ضيف الشرف الذي يتعرض لانتقادات حادة من الصحافيين في قالب كوميدي، في إطار حفل يحضره الكثير من المشاهير.

وكتب الرئيس الأميركي في تغريدة «لن أشارك في عشاء رابطة مراسلي البيت الأبيض هذا العام». وأضاف «أطيب التمنيات للجميع، و(أرجو) أن تمضوا ليلة سعيدة!».

وأكدت رابطة مراسلي البيت الابيض، التي بدأت تنظيم هذا العشاء السنوي في 1921 بهدف جمع أموال من أجل منح صحافية، أن العشاء سيعقد كما كان مقرراً.

وقال رئيسها، جيف ميسون، على «تويتر» إن العشاء «كان وسيبقى احتفالاً بالتعديل الأول (للدستور، يضمن حرية الصحافة)، والدور المهم الذي تلعبه صحافة إخبارية مستقلة في جمهورية سليمة».

وبنى ترامب حملته الرئاسية على انتقاد وسائل الإعلام الأميركية الرئيسة، التي عارضت هيئاتها التحريرية باغلبيتها ترشيحه، ثم كثف هجومه منذ توليه الرئاسة متهماً الإعلام بالتحيز، والمبالغة في تصوير نكساته، والتقليل من حجم إنجازاته.

احتجاح قوي

يأتي إلغاء ترامب مشاركته غداة قرار للبيت الابيض أثار ردود فعل غاضبة، قضى بمنع وسائل إعلام أميركية رئيسة عدة، بينها «سي إن إن» و«نيويورك تايمز»، من حضور المؤتمر الصحافي اليومي الجمعة الماضية.

لكن المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، أجاز حضور مؤسسات محافظة صغيرة على غرار «برايتبارت» و«وان أميركا نيوز نتوورك»، التي قدمت تغطية مؤيدة لإدارة ترامب.

وأفادت رابطة المراسلين بأنها «احتجت بقوة» على الانتقائية في منع مشاركة الاعلام، وستبحث الأمر مع الإدارة الجمهورية.

ووصفت «نيويورك تايمز» قرار الادارة الاميركية بانه «إهانة لا لبس فيها للقيم الديمقراطية»، كما اعتبرته شبكة «سي إن إن» الاخبارية «تطوراً غير مقبول»، فيما أفادت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، بأنه «صعّد حرب البيت الابيض على الصحافة الحرة» الى مستوى غير مسبوق.

واحتج رئيس تحرير صحيفة «نيويورك تايمز»، دين بانكويت، على هذه الخطوة، التي قال انها لم تحدث أبداً خلال الإدارات السابقة. وقال رئيس تحرير صحيفة «واشنطن بوست»، مارتي بارون، إن إدارة ترامب تسير على «مسار غير ديمقراطي».

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، قال البيت الأبيض إن رئيس موظفيه، رينسي بريبوس، كان قد تحدث إلى اثنين من كبار مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي حول تقارير إعلامية بشأن التحقيق. انتهكت هذه المحادثات التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي المبادئ التوجيهية للبيت الأبيض ووزارة العدل، والتي تم وضعها ليتجنب أفراد البيت الابيض أي تدخل سياسي في إنفاذ القانون. ويقول الخبير في السياسة بجامعة فيرجينيا، لاري ساباتو، إنه من الصعب تقييم دوافع البيت الأبيض، ويضيف أن ترامب «يمثل مسرحية أمام قاعدة إدارته، وليس هناك ما يثير ويرضي قاعدته أكثر من تقريع وسائل الإعلام».

وكان ترامب قد هاجم قبل إجراء الجمعة بساعات قليلة، أثناء كلمة القاها في المؤتمر السنوي للتيار المحافظ، وسائل الإعلام الاميركية، واعتبرها «عدوة الشعب» و«طرفاً معارضاً»، واتهمها باصدار «أخبار زائفة».

كما توقع كبير استراتيجيي ترامب، ستيف بانون، الذي كان مديراً لموقع برايتبارت اليميني، أثناء المؤتمر أن العلاقات مع الصحافة ستصبح «أسوأ يومياً».

ويعد ترامب أول رئيس جمهوري منذ عهد الرئيس السابق رونالد ريغان عام 1981، الذي يحضر مؤتمر العمل السياسي المحافظ في السنة الأولى من ولايته. وكرر خلال المؤتمر العديد من الموضوعات التي تحدّث فيها من قبل - من بناء الجدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك إلى تعزيز الجيش الاميركي والتعامل مع الإرهاب - في حين أخبر الجمهور أن «الوقت قد حان للعمل»، وأنه الآن يقاتل من أجل الأميركيين وليس بلداناً أخرى. ويواصل حديثه «الوقوف جنباً إلى جنب مع دول أخرى أمر جيد»، ويضيف «لكن لا يوجد شيء اسمه النشيد العالمي، العملة العالمية أو العلم العالمي، هذه هي الولايات المتحدة الأميركية التي أمثل، أنا لا أمثل العالم».

يفتقر إلى الحكمة

ليس نادراً أن تحدّ الادارات الجمهورية او الديمقراطية الأميركية من عدد الصحافيين الذين يحضرون اللقاءات الصحافية لموضوعات محددة.

لكن مؤتمر الجمعة كان يفترض أن يكون لقاء عادياً مفتوحاً للمراسلين المعتمدين، قبل ان يصبح لقاء مغلقاً مع عدد مختار من المشاركين عقد في مكتب سبايسر.

حضر المؤتمر أيضاً عدد من وكالات الأنباء، التي تغطي بانتظام أعمال البيت الأبيض، بينها «رويترز» و«بلومبرغ». وقاطعت وكالة «أسوشييتد برس» المؤتمر احتجاجاً على استبعاد عدد من زميلاتها، بينها «لوس أنجلوس تايمز» و«بوليتيكو».

كذلك لم تُدعَ وكالة «فرانس برس»، رغم أنها ضمن حلقة تغطية مشتركة، فاحتج صحافيوها وحضروا المؤتمر من دون دعوة.

وخلال المؤتمر دافع شون سبايسر عن القرار، قائلاً إن البيت الأبيض «أبدى سخاء في اتاحة التغطية»، مضيفاً «لقد سهلنا الوصول الينا، والى فريقنا وغرفة مؤتمراتنا، أكثر من أي إدارة سابقة على الأرجح»، لكنه لم يقدم أي تبرير لاختيار وسائل الاعلام.

وسط الاحتجاجات التي أثارها القرار، تم تداول مقابلة أكد فيها سبايسر لـ«بوليتيكو» أن البيت الابيض لن يحظر ابداً أي وسيلة إعلامية. وأكد ذلك «سواء كانت محافظة او ليبرالية أو غيرهما، اعتقد ان هذا ما يعرف الديمقراطية على نقيض الديكتاتورية».

اعتبر آري فلايشر، المتحدث السابق باسم الرئيس جورج دبليو بوش، أن موقف البيت الابيض «يفتقر الى الحكمة ويأتي بعكس أهدافه»، لافتاً في آن الى ضرورة التقليل من شأن حدث الجمعة.

وقال لشبكة «سي إن إن» معلقاً: «على المتحدثين باسم البيت الأبيض ان يلتقوا بجميع الوسائل الإعلامية (...)، لكن ليس مستغرباً ان يلتقي رؤساء بعدد محدد من المراسلين المختارين، وهذا ما يفعله موظفو البيت الأبيض على الدوام».

تويتر