سيكون بداية فترة أكثر رعباً

سقوط حلب لن ينهي الصراع فـــي سورية

قوات النظام السوري تسترد كامل مدينة حلب وتُخرج قوات المعارضة. أرشيفية

لن يكون سقوط حلب نهاية الصراع، ولن يجلب مزيداً من الاستقرار إلى الدولة. وأدى الهجوم الشامل، الذي يقوم به النظام السوري للسيطرة على بقية القسم الشرقي من حلب، إلى استعادة كل المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة. ولكن التقدم السريع للنظام، خلال الأيام القليلة الماضية، طرح العديد من الأسئلة حول تأثير سقوط حلب في الصراع السوري بصورة عامة.

تهدف روسيا إلى الحفاظ على كل من النظام والدولة، في حين تهدف إيران إلى إنقاذ النظام، لكن مع بقاء دولة ضعيفة للحفاظ على نفوذها هناك، في صورة مشابهة للحال في لبنان والعراق.

الصراع المسلح ربما يستمر لمدة أطول بعد سقوط حلب في إيدي النظام، حتى إن اتخذ أشكالاً عسكرية مختلفة، على الرغم من الدعوات المطالبة بوقف إطلاق النار.

وبالطبع فإن سيطرة النظام السوري على المدينة سيكون إنجازاً مهماً بالنسبة للنظام وحلفائه، وتراجعاً كبيراً بالنسبة للمعارضة. ونتيجة لذلك ثمة افتراض مفاده أن سقوط حلب سيكون إشارة إلى بدء حل عسكري كبير، للصراع السوري لمصلحة النظام، لكن قدر المدينة المحاصرة لوحدها لن يكون العامل الحاسم في الصراع السوري. ولافتراض ذلك لابد من تجاهل حقيقة أن النظام يسيطر على أقل من ثلث أراضي الدولة، وأن الظروف المعينة، التي أدت إلى سرعة تقدم القوات الحكومية في حلب، لا يمكن أن تتوافر في مكان آخر.

وكان القصف الروسي المتواصل على شرق حلب، والعدد الكبير من الميليشيات المدعومة من إيران، قد سمحا للنظام السوري بمحاصرة شرق حلب وتطبيق تكتيك التجويع على 250 ألف شخص، منذ منتصف يوليو الماضي، لكن نقص الدعم للجماعات المعارضة في شمال سورية أعاق محاولة فك الحصار.

وأدى الانقسام الداخلي بين المجموعات المعارضة، إضافة إلى الصراع الداخلي في ما بينها، خلال قيام النظام بهجومه الشامل، إلى ضعف مقاومة المعارضة، وساعد على تقدم قوات النظام التي استفادت أيضاً من فراغ السلطة الناجم عن الانتخابات الأميركية، لتشديد هجومها الحاسم.

ويقدر عدد قوات المعارضة، التي لاتزال تحارب النظام في الدولة، بـ150 ألفمقاتل. ويشير رفض المجموعات المعارضة المبدئي مغادرة حلب، على الرغم من تراجعها وخروجها من شرق المدينة بعد ذلك، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار والتبادل الذي تم التفاهم حوله بين تركيا وروسيا وإيران، إلى المدى الذي ستلتزم به المجموعات المعارضة الأخرى بحماية مناطقها. وإضافة إلى ذلك، فإن القوى الإقليمية لاتزال تقدم المساعدة لمعارضي نظام الأسد، وترفض أي حل يفضي إلى بقائه في السلطة. ونتيجة لذلك فإن الصراع المسلح ربما يستمر لمدة أطول، حتى وإن اتخذ أشكالاً عسكرية مختلفة، على الرغم من الدعوات المطالبة بوقف إطلاق النار.

ومن غير الواضح شكل السياسة التي سينتهجها الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إزاء سورية، لكن محاولة الكونغرس الأخيرة للسماح بتسليح المعارضين السوريين بصواريخ مضادة للطائرات، للمرة الأولى، تشير إلى وجود رغبة من أجل سياسة أكثر حزماً نحو سورية. ويمكن استغلال إصرار ترامب على إضعاف إيران، وهو الأمر الذي لا يمكن حدوثه من دون تقليص نفوذها في الشرق الأوسط، خصوصاً في سورية، لزيادة الدعم الأميركي للمعارضة. وبالطبع فإن التقدم السوري يقوي من المجموعات المتطرفة، مثل تنظيم «داعش» وجبهة «النصرة»، التي تواصل استغلال معارضتها للنظام السوري ذريعةً لتجنيد المقاتلين. ولابد أن تلعب هذه الحقيقة دوراً في التأثير في أي قرار للولايات المتحدة، كي تكون أكثر حزماً في إيجاد حل في سورية.

وتهدف روسيا إلى الحفاظ على كل من النظام والدولة في حين تهدف إيران إلى إنقاذ النظام، لكن مع بقاء دولة ضعيفة للحفاظ على نفوذها هناك، في صورة مشابهة للحال في لبنان والعراق، وبالطبع فإن متابعة الحل العسكري في سورية تخدم الهدف الإيراني، إذ إنه يحول سورية إلى دولة فاشلة.

تويتر