أوروبا تواجه أسوأ أزمة في تاريخها

ميركل تواجه ضغوطاً كبيرة بعد الهجوم الأخير في برلين

ميركل تواجه امتحاناً صعباً قبل أشهر من الانتخابات. أ.ف.ب

لم تكن تلك هي المفاجأة التي تنتظرها المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، مع نهاية العام، فقد كانت حادثة الدهس المتعمد في برلين، الأسبوع الماضي، ضربة موجعة لسياسة المستشارة التي تستعد لولاية خامسة. وتتعرض ميركل حالياً لضغوط متزايدة بسبب سياستها المُساندة للاجئين. وقد أسفر الهجوم الدامي بشاحنة على سوق للميلاد في العاصمة الألمانية، عن مقتل 12 شخصاً وإصابة العشرات بجروح. ويقول محللون إن هذا الهجوم كان يخشاه الجميع في ألمانيا، خصوصاً في صفوف المستشارة الألمانية التي طالما تعرضت سياستها باستقبال اللاجئين لانتقادات شديدة، بعد اعتداءات عدة اتهم فيها طالبو لجوء.

أوروبا باتت الآن في قلب المخططات الإرهابية، إذ استهدفت برلين بعد نيس وباريس وبروكسل ومدريد.

أوروبا أصبحت أكثر عرضة للخطر بسبب النقص الملحوظ في القيادات القوية التي يمكن الاعتماد عليها.

وتعلم ميركل جيداً أن مستقبلها السياسي على المحك، قبيل تسعة أشهر فقط من الانتخابات المقبلة. وقد انتقلت إلى مكان الهجوم الإرهابي في برلين مع وزير الخارجية، فرانك فالتر شتاينماير، وهي خطوة فريدة من نوعها في ألمانيا. وبدا التفاف حزبها من حولها هشاً في الواقع، بداية الأسبوع الفائت.

باتت أوروبا الآن في قلب المخططات الإرهابية، إذ استهدفت برلين بعد نيس وباريس، وبروكسل ومدريد. ولأن القارة أصبحت مركز استهداف للمخططات الإرهابية، فكل بلد أوروبي يكثّف الإجراءات الأمنية، في محاولة للاستعداد من أجل الرد على هذه التهديدات، مثل فرنسا التي اعتمدت إجراءات استثنائية لاستيعاب الخطر. ومنذ وقوع الهجوم في برلين كثف العديد من الدول الأوروبية من إجراءاته الأمنية المشددة أصلاً. في حين طالب قادة جيوش أوروبية بدعم ميزانية الدفاع أمام تنامي المخاطر الإرهابية.

وفي ذلك يقول قائد أركان الجيوش الفرنسية، بيار دو فيلييه، إن الخطة الأمنية بلغت حدودها القصوى، وإن الوحدات الأمنية استُهلكت في عملها من أجل حماية الفرنسيين أمام تنامي التهديدات الإرهابية. وطالب دو فيلييه بدعم ميزانية الدفاع لتسليح الجيش بأفضل الوسائل لمجابهة التحديات الجديدة، في وقت يتميز بزيادة الطلب على المعدات العسكرية المتطورة. ويعتبر المسؤول العسكري ذلك ضرورياً لدعم الحرب على الإرهاب، وتمكين الوحدات الأمنية في بلاده من الوسائل الكافية لعملها لحماية الفرنسيين والسياح الأجانب.

في المقابل، يرى محللون أن أوروبا في حالة سيئة لصد خطر الإرهاب، الذي انتقل من الشرق الأوسط إلى قلب العواصم الأوروبية. الانقسامات السياسية واستياء الرأي العام والضعف الاقتصادي، والافتقار إلى القيادة وعدم الاستقرار الدولي، كل هذه العوامل تجعل الديمقراطيات الغربية في حالة ضعف غير مسبوقة. تنظيم «داعش» والمتعاطفون معه في أوروبا يدركون تماماً قدرة الاعتداء المؤقت بشكل جيد على التسبب في إيجاد اضطرابات سياسية، من خلال استغلال مخاوف الناس، وعدم القدرة الواضحة من المؤسسات السياسية لحمايتهم. يترتب على ذلك، زيادة جرائم الكراهية ضد المسلمين (وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية) وهو مكسب ثمين للإرهابيين.

من ناحية أخرى، التوقعات بأن الناخبين يصابون بالذعر من العنف فيردون بدعم التطرف السياسي، تقلل من التضامن الديمقراطي الذي يظهر في كثير من الأحيان عقب الفظائع الإرهابية.

وإذا أخذنا ميركل على حدة، باتت أوروبا أكثر عرضة للخطر بسبب النقص الملحوظ في القيادات القوية، التي يمكن الاعتماد عليها. ففي فرنسا يعتبر فرانسوا هولاند الرئيس الأقل شعبية على الإطلاق، في حين استقال رئيس الوزراء الإصلاحي في إيطاليا، ماثيو رنزي. أما الإسبان فهم عاجزون عن الاتفاق على من ينبغي أن يقود البلاد. وفي بريطانيا أصبحت تيريزا ماي رئيسة للوزراء من دون تصويت.

هذا العجز في الشرعية السياسية امتد إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، حيث فقد رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر صدقيته، أخيراً. وشهدت الانتخابات الأوروبية الأخيرة إقبالاً منخفضاً للغاية. في وقت ألقى خروج بريطانيا بالاتحاد الأوروبي في حالة من الاضطراب السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

تويتر