كاد يفوز بالرئاسة في الانتخابات الأخيرة

اليمين يثير ذعر اللاجئين والمهاجرين في النمسا

صورة

عَبَر آلاف اللاجئين الأراضي النم.ساوية، العام الماضي، في اتجاه ألمانيا والبلدان الاسكندنافية، فيما قرر الكثير منهم البقاء في هذا البلد. وتقول سلطات الهجرة في فيينا إن نحو 100 ألف مهاجر تقدموا بطلبات لجوء، الأمر الذي استثمره حزب الحرية اليميني ليحشد أنصاره ويقدم الوافدين الجدد على أنهم تهديد حقيقي للنمسا. ويقول المهاجر السوري الشاب، مهند محمد (27 عاماً)، إن الجميع كان يتخوف من تفوق مرشح الحزب المتطرف، نوربرت هوفر، في الانتخابات الأخيرة، «كنا نخشى أن يطرد جميع اللاجئين في حين ليس بإمكاننا العودة إلى سورية»، موضحاً «لقد وُصفنا بمقاتلي (داعش). وسيمارس أنصاره المسلك نفسه في حال فاز بالصدارة».

وبعد فوز المرشح المستقل، ألكسندر فان دير بيلين (72 عاماً)، بفارق طفيف مقابل خصمه هوفر (45 عاماً)، بدا كأن النمسا كانت قاب قوسين من تولي يميني متطرف الرئاسة، لتكون سابقة خطيرة في تاريخ البلاد والقارة الأوروبية بأكملها.

• يؤكد محللون أوروبيون أن النمسا ليست يمينية، ولا حتى محافظة كما يتمنى البعض في ألمانيا، وغيرها من البلدان التي تفشت فيها الحركات القومية المتطرفة. والرئيس الجديد يجسد الجانب الإيجابي والمتسامح في النمسا من خلال رفضه الانصياع لإملاءات القوميين وأصحاب الأموال.

وقال مراقبون إن أوروبا تلقت إشارة واضحة إلى أن خطاب الكراهية والخوف ليس حلاً للتحديات والمشكلات التي تواجهها القارة. ويقول المحلل النمساوي، فلوريان كلينك، إن بلاده شهدت استقطاباً رهيباً في انتخابات هيمنت عليها مسألة الهجرة، وباتت الشغل الشاغل للسياسيين، «الأمر المثير أنه حتى في المناطق الريفية حيث عدد المهاجرين قليل، هناك خوف من عدد كبير من اللاجئين، وقد صوت أغلب سكان القرى والأرياف لمصلحة المعادين للهجرة»، أما سكان المدن فقد صوتوا لرجل يريد أن يبقي حدود النمسا مفتوحة.

وأظهرت انتخابات الرئاسة في النمسا مدى انقسام السكان، وحقيقة حصول «الشعبوي» اليميني على نصف أصوات الناخبين، يجب أن يفهم لدى كل البلدان الديمقراطية أنه إشارة تحذير، إن هزيمة هوفر بفارق بسيط تشير إلى تنامي قوة اليمين الشعبوي في أنحاء أوروبا، ففي ألمانيا هناك حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يرى في «حزب الحرية» النمساوي حليفاً له، كما أنه أقام قنوات تواصل مع الجبهة الوطنية في فرنسا. وكل هذه القوى تدعي أنها بعيدة عن التطرف.

يرى مراقبون أن أولئك الذين صوتوا لحزب الحرية إنما قاموا بذلك نتيجة خشيتهم من فشل الخطط المعلنة لدمج اللاجئين في المجتمع، الأمر الذي يجب أن تستوعبه الأحزاب الفاعلة في النمسا.

ومع ذلك يؤكد محللون أوروبيون أن «النمسا ليست يمينية، ولا حتى محافظة كما يتمنى البعض في ألمانيا وغيرها من البلدان، التي تفشت فيها الحركات القومية المتطرفة»، والرئيس الجديد يجسد الجانب الإيجابي والمتسامح في النمسا من خلال رفضه الانصياع لإملاءات القوميين وأصحاب الأموال.

ويقول المحلل فلوريان كلينك «صوتت القرية التي أنحدر منها (في النمسا السفلى)، لمصلحة بيلين، مع أنها استقبلت أعداداً كبيرة من اللاجئين، في حين اختارت قرية مجاورة التصويت لليميني هوفر مع أنها لم تستقبل سوى عدد قليل جداً من المهاجرين»، هذا التناقض، وفقا للمحلل، يشير إلى حالة الخوف غير المبرر من اللاجئين، ونجاح التصعيد الذي انتهجه الساسة المتطرفون.

ويقول (مصطفى)، الذي قدم من مصر قبل 16 عاماً «هناك العديد من الأجانب الذين عاشوا هنا قبل أن يولد هوفر بعقود، جاؤوا لبناء النمسا بعد الحرب العالمية الثانية؛ لكن حزبه اليميني حول الرأي العام ضدهم، وجعلهم يعيشون أجواء قاتمة في الوقت الذي يتوجب شكرهم».

وبعد أن لحقت به الهزيمة، قال هوفر لمناصريه إن حزبه (حزب الحرية) ليس حركة متطرفة، بل «يميني وسطي» يلتزم بمسؤوليته الاجتماعية. ومهما يكن فإن اقتراب حزب الحرية من الفوز يعد تحذيراً للنمساويين والأوروبيين، على حد سواء، إذ يتعين عليهم إعادة النظر في آليات مواجهة التحديات الرئيسة التي تواجههم.

تويتر