جمع أكبر تأييد شعبي منذ 1000 عام خلال 15 عاماً من وجوده في السلطة

ولاء الروس لبوتين مهدد مع بدء تدهور مستوى المعيشة

صورة

يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جمع الكثير من الدعم الشعبي خلال 15 عاماً من وجوده في السلطة. ويرجع ذلك إلى الاستخدام المنهجي للحملات الإعلامية، واحتكاره للسلطة وقمع خصومه السياسيين. وترجع شعبية بوتين بصورة أساسية إلى ازدهار اقتصادي غير مسبوق حققه الشعب الروسي على مدى العقد ونصف العقد الماضيين.

ويتذكر العديد من الروس، البؤس الذي كان منتشراً أيام الاتحاد السوفييتي السابق، حيث كل شيء مفقود. وأخيراً، يتذكرون كوبونات حصص الصابون التي كانوا يحصلون عليها في سنوات البيروسترويكا، إضافة إلى الفقر والفوضى في تسعينات القرن الماضي، والتضخم المرعب، وكيف كان الملايين من الأشخاص ينتظرون أشهراً عدة للحصول على الراتب أو معاش التقاعد.

عقوبات دولية

في عام 2014 أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان 129 حكماً ضد روسيا، كما قررت أوروبا حرمان روسيا حقوق التصويت بسبب انتهاكها القانون الدولي، ومع تراكم الأحكام بدأت تشكل تهديداً لمكانة روسيا وصحتها المالية والرئيس فلاديمير بوتين نفسه، وفقاً للباحث في مؤسسة هوفر البحثية، بول رودريك غريغوري، الذي يقول إن بوتين «بالغ في تقدير عناصر قوته»، فبالإضافة إلى تعرضه للمسؤولية عن الأضرار الناجمة عن الصراع في أوكرانيا تواجه موسكو عقوبات تبلغ في مجموعها نحو 4% من ناتجها المحلي الإجمالي، وهو ما يعادل ما تنفقه على التعليم تقريباً.

ويعتبر الروس السنوات التي عاشوها تحت قيادة بوتين، باعتبارها معجزة اقتصادية حقيقية، على الرغم من الهيجان الاستهلاكي، والرهونات العقارية، والقروض البنكية للجميع، وانتشرت مراكز التسوق الكبيرة بصورة سريعة جداً، ووفرة المواد الغذائية والبضائع الاستهلاكية في المحال وزيادة الدخل المستمر.

ويقول رئيس مجلس سياسة الدفاع من أجل روسيا (منظمة فكرية مستقلة)، سيرغي كاراغانوف، إنه خلال الـ1000 عام السابقة من تاريخ روسيا لم يستمتع الشعب الروسي بهذه الوفرة في حياتهم كما حدث تحت حكم بوتين، وليس تحت حكم القياصرة ولا تحت حكم الحزب الشيوعي. وإذا أضفنا إلى ذلك الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي، وضم شبه جزيرة القرم، وبروز الخطاب المعادي للولايات المتحدة مقترناً بالعروض العسكرية المذهلة في الساحة الحمراء تكون النتيجة ان الثقة ببوتين ترتفع إلى 89%.

وبالطبع فإن كبار وصغار المسؤولين سرقوا مئات المليارات من الدولارات في العديد من الشركات والمنظمات الحكومية، وأرسلوا هذه الأموال إلى الخارج، أو حولوها إلى بضائع فاخرة ومواد غذائية ومشروبات فاخرة. ولكن الشعب الروسي حصل على الكثير من شلالات تريليونات الدولارات التي جاءت كمداخيل لبيع الغاز والنفط لسنوات. وعلى الرغم من أن الشعب الروسي يدرك جيداً أن المسؤولين الذين انتخبهم كانوا يفرون وهم يحملون مبالغ كثيرة إلا أن ذلك لم يزعجه أبداً.

وفي حقيقة الأمر، فإن ملاحقة أي من هؤلاء يعتبر مهمة صعبة وخطرة. ويعتبر الروس أنه من حق السلطات أن تقرر كيف توزع المال، وبالطبع فإن السلطات ستحتفظ بكميات كبيرة لنفسها، وهذه هي طبيعة «الخدمات العامة» في روسيا، ولكن المهم أنهم يتركون بعض الفتات للشعب العادي.

ونتيجة لشلالات الدولارات الكبيرة الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط وعوامل أخرى، ملأ المسؤولون جيوبهم كما جمعت الحكومة الكثير من احتياط الأموال الصعبة، الأمر الذي مكنها من المرور عبر الأزمة المالية في عامي 2008 و2009 من دون أضرار، ومن دون تدهور المستوى المعيشي للشعب الروسي، بل إن متوسط الدخل زاد في هذه الفترة، على الرغم من الهبوط الشديد في إجمالي الدخل العام، ولكن الآن وللمرة الأولى في حكم بوتين تغير الوضع بصورة سريعة، إذ إن الأزمة تنتشر بصورة مقلقة وليس هناك أي نهاية لها في المنظور القريب، وتبدو روسيا منحدرة نحو الأسفل في منحدر لا يعرف آخره، وهذه الحالة في روسيا بدأت منذ 18 شهراً، ولم يبدأ المواطن بالشكوى، ولكن بوتين وعدهم بإصلاح الوضع خلال عامين وهم مستعدون لتحمل عامين من الصعوبات خصوصاً أن بوتين لم يخلف وعوده في السابق.

ولكن لا يدري أحد كيف يمكن أن يتصرف المواطن الروسي العادي إذا طالت هذه الأزمة وبات الوضع غير مقبول، حيث تدهور مستوى المعيشة بصورة كبيرة. فهل يمكن أن يخرج الشعب إلى الشوارع أو ربما يخسر الحزب الحاكم؟

تويتر