يريد ترك بصمة قبل انتهاء فترة رئاسته

زيارة أوباما إلى إفريقيا رفع للعتب لا غير

صورة

نالت زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما اهتمام الكثيرين في إفريقيا وخارجها، وكانت زيارته إلى كينيا، موطن والده، حدثاً تاريخياً بالنسبة لهذا البلد، لكن العديد من سكان القارة يسألون السؤال نفسه الذي يسأله الأميركيون من أصل إفريقي هنا (في الولايات المتحدة): «هل حقق أوباما جميع آمالنا التي راودتنا عندما انتخب رئيساً لأميركا؟»، الجواب هو لا. تماماً كما اكتشف الأميركيون من أصول إفريقية أن أول رئيس أسود في البيت الأبيض لا يملك عصا سحرية ليضع حداً للتمييز العنصري في الولايات المتحدة. كما أدرك القادة في القارة السمراء أن وجود رئيس يتحدر من قارتهم على رأس هرم السلطة التنفيذية في أميركا، لن يعطيهم أولوية أو مكانة، خصوصاً عند صناع القرار الأميركيين.

الإشارات والمبادرات الرمزية في هذا السياق مهمة بالتأكيد، والمشاهد البهيجة التي رأيناها في شوارع نيروبي والرسالة التي حاول أوباما أن يمررها هناك، وتركيزه على مكافحة الفساد وتحديث المجتمع الكيني، كل ذلك قد يكون ذا أهمية بالنسبة للرئيس الأميركي على المدى الطويل. كما أن زيارة الرئيس الأميركي لبلدان إفريقية بعد كينيا، من شأنها أن تفند الانتقادات التي طالما وجهت لأوباما بأنه يهمش القارة السمراء ولا يضعها ضمن جدول أعماله الرسمي. وأوباما يسعى للوفاء ببعض الوعود التي أعطاها لإفريقيا في حملته الانتخابية، خصوصاً أنه لم يحقق الكثير منها، بالنظر إلى أن الرؤساء السابقين لأميركا كانوا أكثر فاعلية منه. الجولة الإفريقية تأتي بعد انتهاء واشنطن من جدل واسع حول البرنامج النووي الإيراني والتوقيع على اتفاق مهم.

يبدو أن ذلك صحيح، فخلال فترة حكمه الأولى، أجرى أوباما زيارة واحدة فقط إلى إفريقيا، إضافة إلى زيارته القصيرة جداً لجمهورية غانا على الساحل الغربي، وهذه هي المرة الثالثة التي تطأ قدم المسؤول الأميركي الرفيع أرض القارة السمراء. ولا ننسى كلمته التاريخية أثناء تأبين زعيم جنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، ومع ذلك، فإن سجله في هذا السياق لا يختلف عن سلفه الرئيس جورج بوش الابن، الذي فاجأ الكثيرين بالتزامه بمكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) والملاريا اللذين تفشيا في القارة. إذا كان الناس هناك سيتذكرون بوش، فذلك يعود إلى جهوده في تحسين الظروف الصحية المتردية في إفريقيا، أما أوباما فسيتذكرونه لمشروعه «باور إفريكا» الذي يهدف إلى توفير الطاقة الكهربائية لملايين الناس في مختلف البلدان الإفريقية الذين لم تصلهم هذه الخدمة بعد، باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، حيث كان ذلك ممكناً.

لكن الواقع يعترض طريق التوقعات مرة أخرى. الأمر الحيوي لمشروع «باور أفريكا» هو دعم «البنك الأميركي للصادرات والواردات» الذي يضمن القروض الممنوحة للشركات الأجنبية التي تشتري المنتجات الأميركية. ومن بين السبعة مليارات دولار التي وضعت جانباً لإنجاز المشروع، سيشرف البنك على خمسة منها. إلا أن الكونغرس الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون عمل على ترك هذه الصفقة جانباً حتى انتهت صلاحيتها، قبل أشهر، وكان إنهاء هذه المنحة شغل الجمهوريين الشاغل منذ فترة.

إذاً، فليست المرة الأولى التي يعتمد فيها أوباما على «قوة» كلماته و«رمزية» إرثه العرقي، من أجل توطيد العلاقات بين الولايات المتحدة والقارة السمراء، لقد أبلى بلاء حسناً في نيروبي ويبدو أن الشباب الكيني قد تقبل ذلك. لكن إذا لم يكتب النجاح لمشروع جلب الكهرباء لملايين المحرومين من هذه الخدمة الأساسية، فإن رئاسة أوباما ستبدو في نهاية الأمر، بالنسبة لإفريقيا، تجربة تافهة أبعد من أن تحمل تغييراً حقيقياً في حياة شعوب هذه القارة.

ديفيد أوسبورن محلل متخصص في الشؤون الأميركية.

 

تويتر