لندن تفتتح قاعدة بحرية جديدة في البحرين للمرة الأولى منذ 40 عاماً

بريطانيا تعود إلى الوطن العربي لدعم حلفائها

صورة

تستعد المملكة المتحدة لفتح قاعدة بحرية جديدة في البحرين، لتكون أول وجود عسكري دائم في الشرق الأوسط منذ أكثر من 40 عاماً. وبموجب اتفاق وقعته لندن مع الحكومة البحرينية، الأسبوع الماضي، سيتم إدخال تحسينات على ميناء سلمان، الذي يستخدم من قبل سفن مكافحة الألغام. وحسب وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون فإن القاعدة الجديدة ستساعد على إرسال تعزيزات بهدف ضمان استقرار الخليج العربي. وتعد هذه الخطوة تحولاً كبيراً في الاستراتيجية الدفاعية البريطانية.

وتراجعت بريطانيا «الإمبريالية» في المنطقة التي كانت تسمى «شرق السويس» في الخمسينات بسبب ضغوط دولية، وفي ما بعد انسحبت بشكل رسمي، وكان ذلك في عام 1971. ويرى مراقبون أن عودة البريطانيين إلى «شرق السويس»، ربما يكون بسبب طموحات إمبريالية جديدة على الرغم من تراجع المملكة كقوة عظمى. إلا أن بريطانيا بقوتها العسكرية الصغيرة لا تستطيع أن تراقب منطقة باتت أكثر توتراً مما كانت عليها في السبعينات، الأمر الذي يثير التساؤلات عن الأسباب التي دفعت حكومة لندن لاتخاذ قرار العودة الآن. ومع ذلك فإن هناك أسباباً واضحة بالنسبة لبريطانيا لإقامة قاعدة عسكرية دائمة في الشرق الأوسط، ليس أقلها الوضع الأمني في العراق وسورية وازدياد قوة تنظيم «داعش». وفي ذلك ألمح السفير البريطاني السابق لدى الأمم المتحدة، جيريمي غرينستوك، في سبتمبر الماضي، إلى أن القضاء على التنظيم المسلح سيكون دافعاً رئيساً لوجود عسكري أكبر في المنطقة، الأمر الذي سيكون رادعاً لكل المجموعات التي تفكر في إثارة الفوضى في بلدان المنطقة، بحسب السفير البريطاني. ويعتقد الخبراء العسكريون، أن نية الوجود الدائم في الشرق الأوسط كانت في أذهان المخططين الاستراتيجيين في المملكة المتحدة منذ فترة ليست بالقصيرة، وقبل أن يصبح صعود «داعش» مصدر قلق كبير للمجتمع العالمي. كما يعتقد خبراء عسكريون أن مسألة عودة بريطانيا إلى الشرق الأوسط كانت قيد الدراسة منذ فترة ومحل اهتمام مسؤولي الاستراتيجية الدفاعية في لندن، قبل ظهور التنظيم وسيطرته على مناطق واسعة في العراق وسورية. ويقول الخبير في القوات البحرية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، كريستيان لوميار، إن «قيادة البحرية البريطانية تمتلك مقراً رئيساً في البحرين منذ 2001، والعمل على إنشاء مقر قيادة جديد بدأ في أبريل 2014»، موضحاً أن القاعدة في البحرين هي «ببساطة آخر التطورات، خلال السنوات الأخيرة، في ما يخص تحولاً شاملاً للاستراتيجية البريطانية لوجود دائم في الخليج». وفي الوقت الذي تقوم به بريطانيا بخطوة غير مسبوقة، يعتقد الخبير العسكري في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بيتر روبرتس، أن لندن لديها هدف آخر. فمن خلال التصريحات المتتالية التي أدلى بها مسؤولون بريطانيون، كان آخرها الأسبوع الماضي، تأمل بريطانيا تطمين حلفائها في المنطقة التي تعد مصدر الطاقة والاستثمارات الضخمة، بأنها تأخذ مسألة أمن الخليج على محمل الجد. ويقول روبرتس، إن «إعلان القاعدة الجديدة له دوافع سياسية بشكل كبير»، موضحاً أنه «رسالة لحلفائها الخليجيين مفادها نحن ندعمكم»، كما أن الرسالة تؤكد أيضاً «أننا (نحن البريطانيون) نعتمد بقدر كبير على الشرق الأوسط سواء من الناحية الاستراتيجية أو في ما يتعلق بالمصادر وعلى رأسها الطاقة». ويشير الخبير العسكري إلى أن كلفة القاعدة المقدرة بنحو 15 مليون جنيه إسترليني يعد أقل بكثير مقارنة بالأموال التي تنفقها الولايات المتحدة (25 مليون جنيه) سنوياً لإمدادات قاعدتها البحرية في البحرين. وعلى الرغم من أن بريطانيا لم تمتلك قاعدة عسكرية دائمة في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، فإن هذا لا يعني أنها لم تكن نشطة في المنطقة في فترة من الفترات، فقد كانت هناك سفينة حربية بريطانية واحدة على الأقل في الخليج في جميع الأوقات منذ السبعينات، وفقاً لروبرتس، ناهيك عن الأفراد العسكريين المتمركزين بالفعل في المنطقة. هذا من دون أن ننسى الوجود العسكري البريطاني في كل من أفغانستان والعراق حتى وقت قريب.

تويتر