أوباما يتهرب من تحمّل مسؤولية قتـل الأبرياء
أوباما ألقى باللوم على «الكونغرس» في عدم إغلاق «غوانتانامو». رويترز
كوني قد عملت لسنوات في قضايا تتعلق بالطائرات من دون طيار وبسجن غوانتانامو، شعرت بالسعادة لحضور خطاب الرئيس باراك أوباما في جامعة الدفاع القومي، وقرأت العديد من المنشورات الصحافية التي توقعت أن يكون لها علاقة بخطاب الرئيس، وكان هناك الكثير من الحديث عن التغيرات الكبيرة في السياسة، والتي تتضمن الشفافية مع العامة، والدليل الإرشادي الجديد حول استخدام الطائرات من دون طيار، وإبعاد صلاحيات استخدامها من يد المخابرات المركزية (سي آي إي)، وفي حال سجن غوانتانامو استحضرت «نظام الاعفاء» للبدء في نقل السجناء الذين تمت تبرئتهم الى عالم الحرية.
وبالنظر إلى أني كنت أجلس في مؤخرة المدرج الذي كان الرئيس يلقي فيه كلمته، كنت أركز على كل كلمة يقولها، وكنت انتظر لأسمع أي إعلان عن التغيرات التي تمثل تغيرا مهما في السياسة، ولكن لسوء الطالع، سمعت كلمات منمقة، وليس تغييرا لسياسات فاشلة، بدلاً من إعلان نقل صلاحيات تنفيذ ضربات الطائرات من دون طيار من يد المخابرات المركزية إلى إحدى الإدارات العسكرية، حتى إن الرئيس أوباما لم يأت على ذكر المخابرات المركزية، وكذلك الاعتراف بموجة القتل التي تقوم بها المخابرات المركزية في باكستان خلال إدارته. وعلى الرغم من التوقعات بأنه سيعلن عن نهاية الضربات التي تستند فقط إلى سلوك المشتبه فيه والتي نجم عنها قتل العديد من المدنيين، إلا انه حتى مثل هذا الإعلان لم يحدث.
وكان جل الخطاب مركز على تبرير الضربات، وصدمت عندما ادعى الرئيس أن إدارته فعلت ما بوسعها لاعتقال المشتبه فيهم بدلاً من قتلهم. وهذا ليس صحيحاً، وكان اعتماد أوباما على الطائرات من دون طيار، بالضبط لأنه لم يكن يريد أن يكلف نفسه عناء اعتقال المشتبه فيهم وجلبهم الى المحكمة. وإذا أخذنا قضية الشاب الباكستاني طارز عزيز البالغ من العمر 16عاماً، الذي كان من الممكن اعتقاله عندما كان يحضر مؤتمراً في فندق كبير في العاصمة إسلام آباد، إلا أنه بدلاً من ذلك جرى قتله بضربة من طائرة من دون طيار، إضافة الى ابن عمه البالغ من العمر 12 عاماً، الذي قتل بالطريقة نفسها بعد يومين، أو حتى الشاب اليمني فريح المسلمي البالغ من العمر 23 عاماً، الذي شهد أمام الكونغرس، وقال إن الرجل الذي استهدفته الطائرات من دون طيار في قريته ويساب، كان يعرفه الجميع، والذي كان يلتقي بانتظام مع المسؤولين الحكوميين وكان يمكن اعتقاله والتحقيق معه بسهولة.
وعندما وصل الرئيس إلى نهاية خطابه، بدأ الحديث عن غوانتانامو، وكما فعل في الماضي، تحدث عن رغبته في إغلاق السجن، لكنه ألقى باللوم على الكونغرس، وعندها شعرت برغبة عارمة في الحديث. وبالنظر الى أن نزلاء غوانتانامو يضربون عن الطعام، كونهم يتعرضون لطريقة وحشية في إطعامهم، وكونهم يفتقرون الى أي أمل في الحياة، فإني قررت ألا أدع الرئيس يواصل الادعاء بأنه مسؤول «مغلوب على أمره ويعيش تحت رحمة الكونغرس».
فقلت له «اعذرني سيدي الرئيس، لكنك القائد العام، وأنت تستطيع أن تغلق غوانتانامو غداً، وتطلق سراح السجناء الـ86 الذين تم تحضيرهم لإطلاق سراحهم». وعلى الرغم من أني تلقيت وابلاً من الدعم إلا ان آخرين ومن بينهم الصحافيون دعوني بـ«الوقحة»، لكن ترويع القرى الآمنة بالصواريخ التي تقتل الابرياء «عمل وقح» أيضاً. وانتهاك سيادة الدول مثل باكستان «عمل وقح» أيضاً. والاحتفاظ بـ86 سجيناً في غوانتانامو بعد أن تم الاعلان عن براءتهم والاستعداد لإطلاق سراحهم «عمل وقح» أيضاً، وإدخال الانابيب الى حلوق السجناء من أجل اطعامهم بالقوة، بدلاً من منحهم العدالة بالتأكيد «عمل وقح» أيضاً.
وخلال لحظة من الخطاب، قال الرئيس أوباما إن موت الأبرياء بسبب الطائرات من دون طيار سيظل ينتابه طوال حياته، لكنه لايزال غير مستعد للاعتراف بحالات الوفيات هذه، والاعتذار لأسرهم، او تعويضهم. وفي أفغانستان، ثمة سياسة لدى الجيش الاميركي تتمثل في تعويض عائلات الضحايا الذين يقتلون أو يصابون عن طريق الخطأ، وأن ذلك لا يحدث دائماً وإن كانت بعض العائلات ترفض أخذ هذه التعويضات، لكن على الاقل إنها تمثل نوعاً من الاعتراف بقتل شخص بريء. ولكن لماذا لا يطرح الرئيس سياسة مشابهة عندما تقوم الطائرات من دون طيار بضرب الدول التي لا يوجد بيننا وبينها أي حرب؟ وهناك العديد من الاشياء التي يستطيع الرئيس أن يقوم بها، ويجب أن يقوم بها، لكنه لا يفعل، ولهذا علينا أن نتحدث ونوجه انتقادنا.
ميديا بنجامين
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news